كل الناس يفرحون يوم ٦ أكتوبر من كل عام بالنصر المبين الذى حققته قواتنا المسلحة على إسرائيل وكان ذلك أول نصر على الجيش الذى أسموه الجيش الذى لا يقهر !! الكل يفرح فى مصر وسائر البلاد العربية لكن أسرة السادات تنزف قلوبهم دما على فقدان كبير العائلة رئيس جمهورية مصر العربية الرئيس محمد أنور السادات وشقيقه الأصغر الرائد طيار محمد عاطف السادات شهيد أول طلعة طيران يوم العبور العظيم الذى كان لاستشهاده واحتراق طائرته السوخوى الروسية المتينة قصة يجب ألا تنساها لأنها جديدة بأن تسجل ضمن بطولات الجيش المصرى فى ٦ أكتوبر
■ أبدأ بأن أحكى حكاية أخى الصغير عاطف (٢٤ سنة) الذى كان أكثر إخوته وسامة ولطفا وجاذبية ! كان طويلاً فارعاً أنيقاً يتمتع بشعر أسود لامع وبشرة خمرية وملامح جميلة وكان متفوقا فى دراسته وكانت تحبه وتغازله جميع بنات العائلة إلا أنه طلب من أخينا الكبير الرئيس أنور السادات أن يلتحق بكلية الطيران بعد حصوله على الثانوية العامة وغاب عنا عاطف فى كليته الكائنة ببلدة بلبيس بمحافظة الشرقية حيث كلية الطيران وكنا لانراه إلا يومى الخميس والجمعة وكانت أمنا تطهى له الطعام الذى يحبه فى الإجازة فنأكل نحن (على حسه) ونقضى أجمل الأوقات مع عاطف زينة شباب العائلة ثم تخرج عاطف بامتياز مع مرتبة الشرف واختاروه ضمن بعثة الطيارين المسافرين إلى الاتحاد السوفييتى للتدريب على قيادة الطائرة الحربية الروسية المسماة السوخوى وسافر عاطف وقضى عاما كاملا فى الاتحاد السوفييتى وعاد إلى الوطن وأقسم أمامنا أن يكون هو أول طيار يعبر قناة السويس ويفتح الطريق أمام قواتنا البرية والبحرية إلى الضفة الشرقية لقناة السويس المحتلة وتقدم بطلبه إلى قائد الطيران إذ ذاك الرئيس الأسبق حسنى مبارك وأمام إصرار عاطف على نيل ذلك الشرف وافق وكان ضمن أول مجموعة طيران تعبر قناة السويس فى الساعة الثانية إلا ربعا بعد ظهر يوم ٦ أكتوبر !! بعد استشهاده بعام كامل قال .
■ قال لنا قائد عاطف .. قلت له بعد أن عبر القناة بأمان وأصاب خط بارليف فى مقتل .
قلت له .. أحسنت يا عاطف عد فورا إلى قاعدتك..
رد قال ... أرى أمامى مطار المليس وطائرات العدو رابضة فيه وقد ضربوا طائراتنا على الأرض وسوف أتقدم وأضرب طائراتهم كما فعلوا معنا !
■ ويكمل قائد عاطف .. قلت له عد يا عاطف .. مهمتك انتهت.
■ قال اسمح لى يا سيادة العقيد هذه أمنيتى!
■ وتقدم عاطف وحطم أربع طائرات على أرض مطار المليس لكن صاروخا غاشما أصاب مؤخرة طائرته فاحترقت واستشهد أخى الصغير عاطف زينة شباب أسرة السادات كلها!!
■ أما أخى وأبى وكل شىء فى حياتنا كبير العائلة أنور السادات فقد كنا يوم ٦ أكتوبر من كل عام ننتظره فى ميت أبو الكوم بعد ثمان سنوات من استشهاد عاطف يوم ٦ أكتوبر وكانت العادة كل سنة أن نضع التليفزيون أمامنا فى مقبرة أخى عاطف وننتظر قدوم الرئيس بالطائرة الهليكوبتر إلى ميت أبو الكوم فيدخل علينا فى حضور كل أهالى القرية ويقرأ الفاتحة ويستمع إلى سورة ياسين من قراء مسجد السادات بميت أبو الكوم ثم نتوجه جميعا إلى منزل الرئيس السادات لتناول الغذاء ولكى نعرض كل أمور حياتنا على كبير العائلة لكى يتخذ هو القرار.
■ وحدث انقطاع الإرسال التليفزيونى وسألنا فى بيت الرئيس بالقرية فقالوا لا تخافوا لقد أصيب إصابة بسيطة فى ذراعه وهو بمستشفى المعادى العسكرى الآن!!
■ لا ندرى كيف وصلنا إلى المستشفى فقد كنا فى ذهول تام وعلى الباب قابلنا مدير المستشفى فقال .
- البقاء لله .. رئيس الجمهورية مات!!!
■ ذهول وبكاء ولا أحد يكلم أحداً وعودة إلى البيت الذى كان ممتلئا بالأهل والجيران والباقى يعرفه كل الناس!
■ لكن أحزان فقد الأحباء لا تنسينا نصر أكتوبر وكفاح السادات منذ أن كان طالبا فى المدرسة الثانوية وضياع شبابه فى السجون والمعتقلات.
ولم ننس مقولته عندما كنا نبكى على أخى عاطف .
■ اللهم ارزقنى الشهادة مثل أخى عاطف .. وقال لا أحد يرتدى السواد على الشهيد ولا أحد يصرخ إنه فى الجنة ليتنى أكون مثله!
واستشهد السادات من أجل مصر بعد أن استعاد أرض سيناء التى تقدر بثلث مساحة مصر كلها وعاد إلينا بترولنا المنهوب واذاق الأمرين حتى أعاد تطهير وفتح قناة السويس وجعل من يوم ٥ يونيه يوم الهزيمة يوماً للنصر وفتح قناة السويس التى كان العدو قد ألقى فيها قنابل النابالم والحجارة والسيارات المدمرة وأهم من كل شىء أنه أعاد الكرامة لمصر والعرب جميعا وأعاد للجيش المصرى نفعته وعزته وأرسى قواعد الحرية والديموقراطية والحزبيةفي مصر .
كتبت : سكينة السادات