الثلاثاء 18 يونيو 2024

سر تناول المصريين لـ«المسممات الثلاثة» في شم النسيم

تحقيقات9-4-2018 | 15:46

يحتفل المصريون كل عام بعيد شم النسيم أو ما يعرف بأعياد الربيع، وهو واحد من الأعياد الفرعونية التي مازالت قائمة حتى اليوم، بحسب علماء الآثار المصريين، ولكن لا يعلم الكثيرون سر ارتباط المصريين بالخروج إلى المنتزهات العامة وتناول وجبات الأسماك بمشتقاتها والبيض بالإضافة إلى البصل والليمون والخضروات بغزارة في هذا اليوم.

 

وخلال هذه الأيام من كل عام يزيد الإقبال على محال "الرنجة والفسيخ والبيض" وتشهد رواجا كبيرا في شتى محافظات الجمهورية، الأمر الذي يساهم في رواج وضخ كميات كبيرة من الأسماك المملحة منتهية الصلاحية والبيض الفاسد وسط الإقبال الضخم على هذه السلع بمناسبة الاحتفال بأعياد الربيع، وتضبط وزارة الصحة والحملات التموينية المئات من اللحوم والأسماك الفاسدة التي تنشط في هذه الأيام بشكل فج، كما تطلق الوزارة تحذيراتها للمواطنين مطالبة بالتأكد من تاريخ الصالحية المدون على كل منتج، فضلا عن رفع حالة الطوارئ في جميع مستشفيات الجمهورية تحسبا لوقوع أي حالات تسمم نتيجة تناول الوجبات المخصصة في شم النسيم.

 

وتعد هذه الأكلات الشعبية، رغم خطورتها، لها أصول مصرية قديمة، وكان البيض يرمز إلى خلق الحياة كما ورد في متن كتاب الموتى وأناشيد إخناتون؛ ونقش البيض وزخرفته ارتبط بعادة قدماء المصريين وهي نقش الدعوات والأمنيات على البيض ثم يعلق في أشجار الحدائق لتحقيق الأمنيات مع الشروق.

 

أما الفسيخ من بين الأطعمة التقليدية في شم النسيم منذ الأسرة الخامسة عندما بدأ الاهتمام بتقديس النيل نهر الحياة، إذ ورد في متونه المقدسة أن الحياة في الأرض بدأت في الماء ويعبر عنها بالسمك الذي تحمله مياه النيل من الجنة، وقد ذكر المؤرخ الإغريقي هيرودوت أن قدماء المصريين كانوا يأكلون السمك المملح في أعيادهم ويرون أن أكله مفيد في وقت معين من السنة وكانوا يفضلون نوعًا معينًا لتمليحه وحفظه للعيد أطلقوا عليه اسم (بور) وهو الاسم الذي حور في اللغة القبطية إلى (يور) وما زال يطلق عليه حتى الآن.

 

أما البصل ضمن الأطعمة البارزة في هذه الاحتفالات منذ أواسط الأسرة السادسة، وارتبط ظهوره بما ورد في إحدى أساطير منف القديمة أن أحد ملوك الفراعنة كان له طفل وحيد وكان محبوبًا من الشعب، وقد أصيب بمرض غامض أقعده عن الحركة وعجز الأطباء والكهنة والسحرة عن علاجه ولازم الفراش عدة سنوات واستدعى الملك الكاهن الأكبر لمعبد آمون لعلاج الطفل فعالجه بثمار البصل.

 

فيما كان الخس أحد النباتات المقدسة عند المصريين القدماء وكان رمزاً لإله الخصوبة، فكانوا يدعون أن له قدرة على زيادة القدرة الجنسية، وهذا ما تم إثباته بالفعل خاصة زيت الخس لاحتوائه على فيتامين هـ بكثرة، أما الملانة أو نبات الحمص الأخضر فقد كان دلالة على قدوم فصل الربيع، فامتلاء الثمرة كان يعني أن الربيع قد حل.

 

يعود تاريخ الاحتفال بشم النسيم إلى ما يقارب 5 آلاف عام مضت، أي إلى عهد الأسرة الفرعونية الثالثة، ويعتبر أقدم عيد غير ديني في العالم.

 

يرجح بعض المؤرخين أن شم النسيم يعود لأقدم من ذلك حيث كان يتم الاحتفال به في هليوبوليس.

 

كلمة شم النسيم هي تحريف لكلمة "شمو" في اللغة الهيروغليفية القديمة، والتي ارتبطت عند المصريين القدماء بتاريخ خلق الأرض، حيث كان قدماء المصريين يعتقدون أن شم النسيم هو أول أيام الزمان وبداية الخلق.

 

بمرور الوقت تحورت كلمة "شمو" إلى كلمة شم، ثم شم النسيم نتيجة لارتباط فصل الربيع باعتدال الجو وتفتح الزهور.

 

احتفالات الربيع ارتبطت كثيرا بالآلهة المصرية القديمة، وبالتحديد أسطورة إيزيس وأوزوريس التي اعتبرت صلب العقيدة المصرية، وفقا لموقع «حراس الحضارة» المتخصص في التاريخ المصري القديم.