نادرًا ما كان يتحدث موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب عن نجوم التلحين في عصره؛ حتى لا يغضب أحدًا منهم لو وصفه صراحةً، وحاول الكاتب لطفي رضوان أكثر من مرة أن يعرف رأي عبد الوهاب في زملائه الموسيقيين، لكنه كان يرفض كل مرة، ومع إصرار رضوان وإلحاحه بدأ في تقييم ستة موسيقيين في عصره.
بدأ عبد الوهاب حديثه بأن لكل موسيقى لون، فهذا زكريا أحمد اعتبره حجة في الموسيقى الشرقية القديمة، أمين على تراثها بلا تزيين أو تنميق، فهو لم يتغير منذ خمسين سنة مضت، إذا جاء سائح أو فنان من الخارج وأراد أن يسمع شيئًا من الموسيقى الشرقية نصحته بالذهاب إلى متحف زكريا أحمد، وهذا أحمد صدقي، صورة ثانية من فن زكريا أحمد، لا أكثر ولا أقل .
وهذا رياض السنباطي، موسيقي متزن وعاقل، يجمع بين القديم والجديد في تحفظ، وقوته لم تتغير منذ أن نزل إلى ميدان التلحين، ما تسمعه منه اليوم وفي الغد تراه في نفس القوة التي قد أسمعك إياها منذ عشرات السنين .
فريد الأطرش، أكثر ما يميزه أنه الملحن الباكي، الذي يدعو الحضور إلى الرقص على أنغامه الحزينة، وهذا شيء غريب في دنيا الموسيقى، وهو يمتاز بأنه لم يستطع إلى اليوم على الرغم من أنه يعيش في مصر أن يتحرر في ألحانه وصوته من "الشامية" التي تجري في عروقه .
كمال الطويل، ملحن جميل في جُمله الموسيقية، إذا وجد غرابة فكرة أو جمال جُملة موسيقية فضّل الجمال على الفكرة .
أما محمد الموجي، فهو مُلحن حزين، يمتاز بالجرأة في ألحانه، فإذا واتته فكرة غريبة، يعلم مقدمًا أنها قد لا تُصادف هوىً أو نجاحًا، لا يتردد بل يقدم عليها ولا يبالي .
وهنا سأله المحرر عن رأيه في عبد الوهاب، فأجاب : عبد الوهاب هو السنباطي وزكريا وكمال الطويل والموجي .
المحرر باتهام : يقولون إنك هدام، تنسف مواهب كل من يظهر على مسرح الألحان، فرد عبد الوهاب بأن الملحن الناجح لا توجد قوة على الأرض تستطيع أن تطفيء وميض فنه واجتهاده وابتكاره، وأضاف: أن محمد عبد الوهاب نفسه عاش ملحنًا وموسيقارًا ومرت عليه مواكب لا حصر لها من المجتهدين، فلم يتزعزع ولم تتأثر مكانته .