أكد وزير الخارجية سامح شكري، أن مصر تولي اهتماما كبيرا لاستعادة علاقاتها مع الأشقاء الأفارقة لتحقيق التكامل والمصالح المشتركة.
وقال شكري، في مقابلة مع قناة (اكسترا نيوز) اليوم الخميس إن الرئيس عبد الفتاح السيسي لديه توجه منذ أن تولي رئاسة مصر عام 2014 نحو أفريقيا من أجل أن تستعيد القاهرة علاقاتها الوثيقة مع الأشقاء في القارة السمراء، كما أنه مهتم بعملية تدعيم مشاريع البنية الأساسية فيما بين الدول الإفريقية لفتح مجالات التعاون وزيادة كثافة التجارة البينية، مشيرا إلى أن المصالح المشتركة والتكامل القائم مع الدول الإفريقية هو أساس لاستراتيجية كبيرة من قبل مصر.
وعن دعوة مصر للجانبين الأثيوبي والسوداني لمحادثات سد النهضة، قال شكري "إننا نأسف لعدم تلقي ردا من أثيوبيا أو السودان لهذه الدعوة، ونحن نفقد فرصة أخرى لتنفيذ التكليف الذي صدر عن القادة"، مضيفا أن مصر بذلت كل الجهود خلال جولة الخرطوم وتفاوضت بحسن نية وتقدير لمصالح الشركاء وطرحت مبادرات تلبي مصالح الجميع، مؤكدا أن على الجميع أن يعلم أنه لن يفرض على مصر وضع قائم أو مادي يتم من خلاله فرض إرادة طرف على طرف آخر.
ولفت شكري إلى أن "فقد المزيد من الوقت يجعل الزمن يدهمنا وكان التكليف بالتوصل إلى حل للتعثر الفني خلال شهر، والمتبقي من هذا الشهر 15 يوما، وهناك الكثير من الأمور العالقة"، موضحا أن مصر توافق على التقرير الاستهلالي الاستشاري أن يقدم دراسته حتى يكون هناك تنفيذ أمين للاتفاق الذي تم توقيعه بين الدول الثلاث، والاعتماد على دراسة موضوعية محايدة تبرهن على أن مصر لن تتحمل أضرارا لا تستطيع استيعابها من قبل ملء خزان السد وتشغيله فيما بعد.
ونوه وزير الخارجية بأن أثيوبيا حتى الآن لم تعتمد هذه الدراسة، وترى أنها لا تلبي احتياجاتها وهو يجعل من المسار متوقف ومتجمد، وسننتظر عندما يكون هناك رغبة من شركائنا لإثارة هذه الموضوعات مرة أخرى.
ولفت إلى أن أي مقولة حول عرقلة مصر للمفاوضات غير صحيحة، مشيرا إلى أن مصر قبلت بالخروج عن القاعدة المرتبطة باللجنة الفنية بمنع تداول أو نقل أي شيء للاستشاري إلا بتوافق الدول الثلاث، مضيفا لكننا قبلنا أن نحيد عن هذا المبدأ حتى نعطي الاطمئنان لشركائنا ونعطيهم المجال لتوفير ملاحظاتهم واستفساراتهم للاستشاري من أجل الإجابة عليها وطمأنة كل جانب.
وشدد على أن مصر تتعامل بمرونة وشفافية ولا تتعامل بالتواء، لافتا إلى أن أي مقولة غير ذلك محاولة للابتعاد عن حقيقة الموقف وحقيقة من يعيق هذا المسار.
وأضاف شكري أن مصر تسعي إلى أن يكون لديها قدرة تنافسية في الأسواق الإفريقية عبر الإنتاج والمشروعات الكبري، لافتا إلى أننا نسعى إلى فتح المزيد من الأسواق للمنتجات المصرية وكذلك الشركات في دول حوض النيل وجنوب إفريقيا، مشيرا إلى أن الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شئون الدول هو أساس هذه العلاقات القائمة على احترام القانون الدولي، لافتا إلى أن مصر دائما وأبدا حريصة على تحقيق التواصل مع الأشقاء في أفريقيا.
كما كشف وزير الخارجية أنه نقل للرئيس البوروندي بيير نكورونزيزا، رسالة شفهية من الرئيس عبد الفتاح السيسي، مفادها التأكيد على علاقات الأخوة والتضامن والاهتمام بتنمية العلاقات على المستوى الثنائي، والعمل على الاستجابة لاحتياجات بوروندي لرفع الكفاءات وتوفير الخبرات المصرية في مجال الزراعة والري والصحة والتعليم.
وأشار إلى أنه تناول مع الرئيس البوروندي ووزير خارجيته القضايا المرتبطة بالعلاقات الثنائية كافة وقضايا التعاون المشترك ما بين دول حوض النيل، مؤكدا أن هذا التعاون يجب أن يكون مبنيا على قواعد القانون الدولي المتوافق عليها.
وأوضح أن مصر تأتي برغبة أكيدة وتمد يدها للأشقاء في إفريقيا في إطار الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والإدراك بأن استقرار الدول الشقيقة يسهم في استقرار مصر والعكس صحيح، مؤكدا أن الجميع يواجه تحديا مشتركا في تحسين الأوضاع الاقتصادية للشعوب ووضع سياسيات اقتصادية رشيدة تعمل على زيادة فرص العمل، بالإضافة إلى التحدي الأمني المرتبط بانتشار الإرهاب في القارة الأفريقية وكيفية التعاون من أجل مكافحة هذه الظاهرة وحماية الشعوب من هذا الفكر المتطرف.
ولفت إلى أن الوكالة المصرية من أجل التنمية التابعة لوزارة الخارجية هي الذراع التعاوني التنموي للدولة المصرية، وتشرف عليها وزارة الخارجية، وتبذل جهودا من خلال الميزانية التي توفرها لها الدولة لبناء القدرات والدورات التدريبية وتوفير الاحتياجات الأساسية للعديد من الدول الأفريقية، مؤكدا أن هذه الوكالة تبذل كل الجهد التوثيق العلاقة على المستوي الشعبي.
وأشار شكري إلى أن مصر تبذل كل ما في وسعها رغم ندرة الموارد من أجل التواصل مع الأشقاء في أفريقيا، مؤكدا أن العلاقات المصرية الإفريقية تاريخية وممتدة منذ القدم، والقاهرة تسعي دائما إلى التعاون مع الدول الأفريقية في المجالات كافة.
وأشار شكري إلى أن بوروندي تعتبر دولة حبيسة تعتمد على ميناء "دار السلام" لتوفير احتياجاتها، لافتا إلى أن نقل البضائع يتطلب حوالي أسبوعين عن طريق البر، وهي من العقبات أمام تنمية العلاقات التجارية وتسهيلها.
وحول تكلفة وحدات الغسيل الكلوي في بوروندي، قال وزير الخارجية إن تكاليف وحدات الغسيل الكلوي تبلغ أكثر من مليون جنيه، مشيرا إلى أن هناك افتقارا في الإمكانيات وضغوطا كبيرة على الوحدتين الخاصتين بالغسيل الكلوي في بوروندي، معربا عن تطلعه لزيادة تلك الوحدات في المستقبل، مؤكدا أن مصر ترغب في تلبية احتياج فعلي وقائم مرتبط بصحة وحياة الأخوة في بوروندي، لافتا إلى أن مصر تسعى دائما إلى تدعيم هذه العلاقات وتقدم مثل هذه الخدمات في إطار مسئوليتها نحو الأشقاء.
وعن مساهمات مصر في الاتحاد الأفريقي، قال شكري "إن مصر تولي اهتماما دائما بالقضايا الإفريقية ومتابعة التحديات التي تواجه الدول الإفريقية سواء متصلة بالأمن أو بالتنمية أو مرتبط برفع القدرات في مجالات الصحة والتعليم وتمكين المرأة"، مضيفا أن مصر تساهم في إدارة الاتحاد الأفريقي وترشيد الإنفاق وإصلاحه، مشيرا إلى أن لدى مصر عدد من المبادرات سيتم طرحها لتفعيل التعاون مع دول الاتحاد ومواجهة التحديات سواء سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا.
وأشار إلى أن "التعاون الاقتصادي متاح مع الدول الإفريقية، ولكن العائق الرئيسي لفتح مجالات المزيد من آفاق التعاون مع الدول الإفريقية هو البنية الأساسية لتلك الدول"، موضحا أن تلك البنية لم تنمو خلال عقود ماضية بالقدر الكاف.
وعن قمة القدس، قال شكري "إن الأزمات في المنطقة متشعبة ومتصلة بأطراف دولية وإقليمية كثيرة، وهناك رؤية مشتركة تم بلورتها والإعراب عنها خلال القمة العربية إزاء كافة القضايا ووضع الحلول السياسية التي تخرج الأزمات من التعسر والجمود التي تتسم به"، موضحا أن العبء لا يقع فقط على الجامعة العربية، وإنما على المجتمع الدولي من خلال مجلس الأمن والدول العظمى.
وأكد أن مصر تسعى للحفاظ على مصلحة الشعب السوري والحفاظ على الحل السياسي من خلال مسار جنيف وسنستمر في التفاعل مع كافة الأطراف سواء داخل سوريا أو خارجها، من أجل الوصول إلى تحقيق الاستقرار والأمن والحفاظ على وحدة الأراضي السورية.