أعدت ورقة الحوار: إيمان رسلان
أعده للنشر: محمود أيوب - شريف البرامونى - شنودة سعد
عدسة: إبراهيم بشير
حينما ذهبنا للقاء د.عبدالوهاب عزت رئيس جامعة عين شمس للحوار معه حول قضايا الثقافة وإعداد الطالب ثقافيًا وسياسيًا حتى يكون ملمًا بتاريخه خاصة أن دار الهلال تتبنى هذا المشروع الثقافى، ظهرت لدينا فكرة تتم لأول مرة صحفيًا وهى لقاء اثنين من رؤساء الجامعة الحالى د.عبدالوهاب عزت والسابق د.حسام عيسى الرئيس الحالى للجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب للحديث حول الإدارة الجامعية وكيفية تطويرها من خلال رؤية الرئيس الحالى لها وهو كان فى نفس الوقت نائب الرئيس السابق للجامعة، وجامعة عين شمس عمرها ٦٧ عامًا وهى ثالث جامعة مصرية بعد القاهرة والإسكندرية وسميت بهذا الاسم نسبة إلى جامعة أون الفرعونية بمنطقة عين شمس. التي تعد أقدم جامعة في مصر منذ أكثر من ٣٠٠ عاماً
فى حوار الأسبوع تحدثنا أيضًا عن دور الجامعة فى خدمة المجتمع وعن اللائحة الطلابية «المنتظمة والتعليم المفتوح» وهى كلها ملفات يشرف عليها د.عبدالوهاب عزت فى المجلس الأعلى للجامعات.
اللقاء لم يخلُ من أخبار سارة مثل الدعوة لإطلاق مبادرة «اعرف تاريخك» بتعاون الجامعة ومؤسسة «دار الهلال». وافتتاح أول مستشفى جامعى فى المدن الجديدة هو «العبور التخصصي» فى إبريل المقبل. وتأسيس أول نادٍ اجتماعى ثقافى ورياضى للجامعة فى مدينة نصر.
وسألنا عن القضية الساخنة التي تهم الآلاف وكانت الإجابة من ضيفى
المصور : لم يصدر قرار بغلق التعليم المفتوح وإنما تطويره وسوف تُعقد ورشة عمل الشهر القادم لوضع الشكل النهائي للقبول به في سبتمبر القادم.
موضوعات أخرى كثيرة تهم طلاب مصر والأساتذة والتعليم العالى في السطور التالي فإلي نص الحوار الذي دار على مدار ثلاث ساعات..
المصور: فى البداية.. نُريد أن نتعرف على تاريخ ربما لا يعرفه كثيرون عن جامعة عين شمس؟
د. عبد الوهاب عزت: أنشئت جامعة إبراهيم باشا الكبير (عين شمس) بقرار ملكى من الملك فاروق عام ١٩٥٠ بثمانى كليات، كانت منها بعض كليات تاريخ نشأتها يرجع إلى قبل إنشاء جامعة عين شمس، وانضمت إلى جامعة عين شمس بعد إنشائها، وعلى سبيل المثال، لدينا كلية الألسن وتم إنشاؤها عام ١٨٣٤، وكان أول عميد لها رفاعة الطهطاوي، وكلية تربية جامعة عين شمس أنشئت عام ١٨٨١، وكلية الهندسة عام ١٨٣٤، وكلية طب العباسية عام ١٩٤٧، وما زالت مكتبة كلية الطب إلى اليوم بها كتب مختومة بختم مكتوب عليه «كلية طب العباسية»، وانضمت إلى جامعة عين شمس عام ١٩٥٠.
وفى فبراير عام ١٩٥٣ غُير اسم جامعة «إبراهيم باشا الكبير» إلى جامعة «هليوبوليس» وظلت بهذا الاسم لمدة ١٠ أشهر، ثم تّغير اسمها إلى جامعة «عين شمس»، نسبةً إلى جامعة « آون» التى كانت موجودة فى منطقة « عين شمس»، والتى تُعد أقدم جامعة فى مصر منذُ أكثر من ٣ آلاف سنة، كان يدرس فيها «فيثاغورث»، وقيل أن سيدنا يوسف درسَ فيها لكن هذا كلام غير موثق.. واليوم جامعة عين شمس بعد ٦٧ سنة من إنشائها توجد بها ١٥ كلية وأربعة معاهد عليا للدراسات، بالإضافة إلى معهدين انضما للجامعة العام الماضى وهما معهد الأراضى القاحلة، ومعهد دراسات البرديات والفنون والترميم.
وتنقسم الجامعة إلى جزأين، الحرم الرئيسى للجامعة والموجود فيه كليات «الآداب والحقوق والعلوم والحاسبات»، والجزء الآخر علي شارع الخليفة المأمون ويوجد فيه الحرم الثانى للجامعة والموجود فيه باقى الكليات، وهى كليات (التجارة، والألسن، ومعهد الطفولة، ومعهد البيئة وكلية الصيدلة، وطب الأسنان)، ولدينا كلية الهندسة فى عبده باشا، وكلية الطب فى ميدان العباسية وتبدأ من أول ميدان العباسية إلى الكنيسة الكاتدرائية، ولدينا كلية التمريض وتقع داخل حرم كلية الطب، وكلية التربية النوعية فى قصر طلعت باشا حرب، وكلية التربية موجودة فى ميدان روكسي، وكلية البنات فى شارع الميرغني، وكلية الزراعة فى شبرا الخيمة، ولدينا ١٥٠ فدانا فى مدينة العبور تابعة للجامعة ويتم فيها حاليا إنشاء كلية الحاسبات والمعلومات، ولدينا أول مستشفى جامعى فى المدن الجديدة وهو مستشفى «العبور التعليمى»، بمساحة ١٥ فداناً والذى من المقرر أن يتم افتتاحه فى أبريل المقبل.
المصور: دكتور حسين عيسى.. أنت توليت رئاسة جامعة عين شمس من قبل.. نريد أن تحدثنا عن هذا التاريخ؟
د. حسين عيسى: بالإضافة إلى التاريح الذى سرده د. عبد الوهاب عزت، فهى جامعة عريقة بالفعل لأنها تجمع بين «الأصالة والمعاصرة» وهى رقم ٢ بعد جامعة القاهرة، وعلى المستوى الإقليمى رقم (٦) بعد ثلاث جامعات سعودية وجامعة القاهرة والجامعة الأمريكية فى بيروت ودائمًا أساتذة جامعة عين شمس من سنين طويلة كان لديهم روح التحدي، بأن يكون لديهم طابع متميز للكليات التى يدرسون فيها، فتجد كليات عين شمس مختلفة وقوية جدًا عن باقى الكليات المناظرة فى الجامعات الأخرى، وهذا كان السبب فى أن تحصل جامعة عين شمس على هذه المكانة على المستوى العربى والأفريقى والدولي، وهذه مكانة تستحقها عين شمس بها أكثر من ٢٠٠ ألف طالب فى أكثر من ١٦ كلية وأربعة معاهد وثمانى مستشفيات جامعية بهم ما يقرب من ست إلى سبعة آلاف سرير، تستقبل أكثر من مليون ونصف المليون مريض سنويًا، وتجرى لهم أكثر من ٢٦٠ ألف عملية جراحية سنويًا، كما تضم الجامعة ٤٠ ألف موظف وعامل، وتقريبًا ١٥ ألف عضو هيئة تدريس، وحوالى خمس أو ستة آلاف هيئة معاونة من معيدين ومدرسين ومساعدين.. هذا كلام ضخم جدًا.
وعندما توليت رئاسة الجامعة فى ٢٤ يونيو عام ٢٠١٢ ومعى نواب رئيس الجامعة، اتفقنا من أول لحظة على تطبيق مفهوم «فريق العمل»، خاصة بعد أن رأيت فى كثير من الجامعات أن رئيس الجامعة فى واد، ونوابه فى وادٍ آخر، وحقيقة فإن تطبيق هذه التجربة كانت جديدة على الجامعات المصرية، فتطبيق مفهوم فريق العمل لجميع ملفات الجامعة يسمح بأن الكل يعرفها، وبالتالى لو كان هناك شخص فى إجازة يستطيع غيره بسهولة أن يقوم بعمله، وهو ما جعل الدكتور «عبد الوهاب» يقود الجامعة لأنه يعلم جيدا جميع الملفات ويفهم فيها جيدًا، فالجامعة لها سمات علمية وحضرية متميزة جدًا، وأنا أعتبرها «دويلة صغيرة»، خاصةً أن الجامعة يتعامل معها يوميًا ما بين من يترددون على المستشفيات وطلاب الكليات بما يفوق نصف المليون شخص.
المصور: دائمًا عندما ما يأتى مسئول جديد يمسح قرارات ما قبله بـ«أستيكة».. هل مسحت قرارات لرئيس الجامعة السابق؟
د. عبد الوهاب عزت: كيف.. وأنا كنت شريكا فى هذه القرارات، وأنا جزء من الإدارة السابقة، والجامعات عمومًا وليس جامعة عين شمس فقط تمتاز بشيئين هما، الخبرات المتراكمة وتناقل السلطة بشكل سليم، لأن الفريق يعمل مع بعضه من أول يوم، فأنا كُنت نائبًا للدكتور حسين عيسى وقت أن كان رئيسًا للجامعة لمدة ثلاثة أعوام، إذن فكيف أمسح قرارات من كنت له نائبًا؟.
فنحن فى جامعة عين شمس ننتهج فريق العمل نهجا، وهذا قبل إدارتى للجامعة، أنا توليت نائب مدير مستشفى عين شمس التخصصى لمدة سبع سنين، وكنا كل يوم أنا والدكتور أحمد صدقى لمدة سبع سنين بنشرب فنجان قهوة الساعة ٩ صباحًا.. ويقول لى هنعمل إيه النهاردة والأجندة فيها إيه»، وأنا أقول له: أجندتى فيها إيه، والساعة ٥ وقبل ما أترك المستشفى نجلس ونشرب فنجان قهوة هو يقولى عمل إيه، وأنا أقول له عملت إيه، وعندما توليت نائب رئيس جامعة، انتهجنا نفس النهج، وكنا نجلس مع الدكتور «حسين» قبل مجلس الجامعة كل يوم ثلاثة نواب ورئيس جامعة يتحدثون فى حدود نصف ساعة عن كل ما قاموا به.
المصور: إذن تُدير الجامعة بنفس نظام فريق العمل؟
د. عبد الوهاب عزت: بالتأكيد.. ولذلك يوم ١٧ يناير ٢٠١٦ عندما استيقظت صباحا ورأيت نفسى منفردًا، بعد أن انتقل الدكتور «حسين عيسي» إلى مجلس النواب، والدكتور محمد الحسيني الطوخي انتهت نيابته، والدكتور علي عبدالعزيز انتهت أيضًا نيابته، أصبحت بمفردى فى جامعة عين شمس، جسديًا وعلى المستوى الشخصى تعبت، لكن لم يكن لدىّ أية مشكلة إدارية على الإطلاق، لأن الأربعة ملفات كانت كلها تحت يدى لمدة ثلاث سنوات، فأى موضوع يُعرض علىّ فى الدراسات العليا، أو فى شئون الطلاب، أو فى خدمة المجتمع، أو على مستوى مكتب رئيس الجامعة، كان يتم حله بسهولة.
المصور: وهل أسلوب فريق العمل نمط يخص فقط جامعة عين شمس، أم نحن بحاجة شديدة إليه فى كافة مؤسسات الدولة؟
د. حسين عيسى: معكم حق، نحن فى أشد الحاجة لتطبيق أسلوب فريق العمل فى جميع أنحاء مصر، وللأمانة أنا طبقته وأنا عميد كلية تجارة جامعة عين شمس من عام ٢٠٠٧ إلى ٢٠١١، فهى تمثل ثلث الجامعة، بها ألف موظف و٧٠ ألف طالب و٤٠٠ عضو هيئة تدريس، وبالتالى هذه الكلية لم تكن تُدار بشكل منفرد، ولم أكن أعتمد فقط على الوكلاء أو رؤساء الأقسام، لكن كنت أشارك الشباب، وفى كل الملفات التى عملنا عليها كونت فريق عمل مكونا من وكيل أو رئيس قسم، ومعهما ثلاثة أو أربعة من الشباب المدرسين.. وهؤلاء الشباب كانوا قوة ضاربة واستطعت أن أستفيد منهم.
المصور: لكن هناك أشخاصا لا يحبون أسلوب فريق العمل ويريدون الإدارة بفكرة الديكتاتورية فى بعض الأجهزة الحكومية؟
د. حسين عيسى: أعتقد أن هذا الشخص قدرته على الإدارة وقفت عند مستوى الإدارة بشكل ديكتاتورى وهو أسلوب فاشل، وهذا الشخص لابد من تدريبه، بأن يحصل على دورة تدريبية على كيفية إدارة فريق العمل، وإن لم يستطع أن يدير بطريقة أسلوب فريق العمل بعد الدورة التدريبية، يكون إذن لدى هذا الشخص مشكلة شخصية، لأن أسلوب فريق العمل ليس من السهل على أحد أن يمارسه.
المصور: نعود مرةً أخرى إلى جامعة عين شمس.. د.عبدالوهاب: هل الأجيال القادمة من الشباب يعرفون جيداً تاريخ جامعة عين الشمس الذى تحدثت عنه؟
د. عبد الوهاب عزت: وهل الأجيال الحالية تعرف تاريخ مصر؟، لا، هذه هى الإجابة!، ومؤخرا أقمنا ندوة عن «تأصيل الهوية المصرية» وحاضر فيها أحد الأساتذة الأفاضل، وتحدث فى موضوع لطيف جدًا وهو «مكانة المرأة المصرية داخل العائلة فى العصر الفرعوني»، وكيف كانت المرأة فى العصور المظلمة تتبوأ مكان عالية جدًا فى منزلها، وتحدث بكل هذا موثقًا، وحضر فى الندوة طلاب قسم التاريخ، وبعد انتهائها، بعض الفتيات رأيتهم بعينى يبكين ويقلن لم نكن نعرف هذا الكلام ولم يتحدث أحد معنا به.. «فإذا كان هناك شاب فى مصر لا يعرف تاريخ بلده هيبقى يعرف تاريخ جامعته».
المصور: هذا يجعلنا نطلق فى «دار الهلال» مُبادرة «اعرف تاريخك»؟
د. عبد الوهاب عزت: كجامعة نحن أخذنا على عاتقنا أن تكون الأسابيع الثقافية كلها لتأصيل الهوية المصرية بدايةً من العصر الفرعونى إلى يومنا هذا، و أن نتحدث للشباب عن تاريخ بلده، لأنه يوجد أجزاء فى التاريخ لا يعرفها الطلبة، فالطالب فى مرحلة العشرينيات لا يعرف «بطولات حرب الاستنزاف» ولا يعرف ماذا فعلت مصر بعد الهزيمة فى ٦٧؟، وهناك بعض الطلبة لا يعرفون شيئًا عن حرب ٧٣ وكيف تم الإعداد لها.
د. حسين عيسى: مُبادرة «أعرف تاريخك» لابد أن تطلقها الجامعة بالتعاون مع «دار الهلال» وبالتعاون مع وزير التربية والتعليم، خاصةً أن دراسة التاريخ فى الخارج تختلف عن دراسة التاريخ فى مصر، ففى الخارج الطالب يذهب إلى الموقع بنفسه لدراسة التاريخ، وعندما يأتى الامتحان لا نقول له اكتب ما تعرفه، ولكن نقول له صف ما شاهدته.
المصور: ألا يُعد جهل المصريين بتاريخهم بمثابة تهديد للأمن القومي؟
د.عبد الوهاب عزت: بالتأكيد.. وهذا ليس فقط خارج الجامعة، ولكن أيضًا داخل الجامعة، ويوجد قطاع فى الجامعة يسمى قطاع «خدمة المجتمع وتنمية البيئة» وهذا القطاع أنشئ عام ١٩٧٢، هذا القطاع لماذا؟، ومسئول هذا القطاع ماذا يفعل؟.. واليوم بعد أكثر من ٣٠ سنة ٣٠٪ من تصنيف الجامعات يكون لقطاع خدمة المجتمع فيها، وكيف تخرج الجامعة خارج أسوارها من أجل خدمة المنطقة المحيطة بها بحيث المجتمع ككل يستفيد من الجامعة وتقدم له خدمات.. واليوم أفضل نمط جامعى يسمونه «جامعة بلا أسوار»، أى منفتحة على المجتمع، فأنا كرئيس جامعة أقوم شخصيًا بعمل ١٥٠ حملة للتوعية فى السنة للمدارس المحيطة بالجامعة، حتى يستفيدوا من الجامعة، وهذا أمر لم تكن الجامعات تفعله، لأن المنطقة المحيطة بالجامعة أنا مسئول عنها فكريًا وثقافيًا منها عزبة «الهجانة»، وهذا جزء من عمل الجامعة.
المصور: لكن بعض الشباب يعلق «شماعة» عدم معرفة تاريخ بلدهم بالأحوال المعيشية والاقتصادية، مع التسطيح الثقافى والفكري.. ونحن لا نتهم الشباب فالدولة مع الرئيس تقوم بتوعية الشباب.. إلا أن عدم معرفة التاريخ أمر يهدد الأمن القومى المصرى؟
د. عبد الوهاب عزت: بدون شك عدم معرفة المصريين وشبابهم بتاريخ بلادهم قولًا واحدًا يهدد «الأمن القومى المصري»، وأنا لدى تجربة بعد ثورة «٢٥ يناير»، عندما كنت نائبا لرئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب، وأتذكر أنه فى فبراير أو مارس ٢٠١٢ كانت هناك دعوة للاعتصام والإضراب فى مصر، وكان وقتها هناك زيارة لوزير التعليم العالي، وجلس مع اتحاد طلاب الجامعة، وتناقشوا فى هذه الفكرة، وعندما جاء دورى للحديث سألت الطلاب وقلت لهم: «كم شخص منكم قرأ تاريخ مصر المعاصر وهو كتاب مبسط من عام ٣٠ إلى عام ١٩٥٢وفى هذه الفترة الحركة الطلابية المصرية كانت ثرية وغنية جدًا، والطلبة كانت تخرج من المحاضرات لعمل مظاهرات وطنية، والمظهر الشهير والكل يعرفه عندما تم فتح كوبرى عباس لمنع الطلبة من المرور»، وسألتهم: هل رأيتم مظاهرة فى يوم من الأيام طالبت بالإضراب والاعتصام، أو مظاهرة حرقت مبانى أو متاحف؟، الطالب كان يُعبر عن رأيه فى وجود أحزاب فاسدة وملك غير مصري، واحتلال إنجليزي، بالإضافة إلى ظروف معقدة جدًا، مقارنةً فى ٢٠١٢ بطالب لا يعرف تاريخه، ويطالب بالإضراب والاعتصام فى جامعة تقدم العديد من الخدمات التى يحتاج إليها عدد كبير من المواطنين الفقراء من عمليات جراحية وكشف طبى وعدد ضخم يحاضر فيها!.. وسألتهم هل الطلاب فى الثلاثينيات والأربعينيات كانوا أكثر وعيًا وثقافةً بتاريخ مصر منكم؟، والإجابة الكبرى كانت نحن نعرف أن طلاب زمان كانوا أكثر ثقافةً ووعيًا وإدراكًا بمعطيات الأمن القومى المصرى منا، وهذا اعتراف من الطلبة، لذلك هذه الجلسة مع وزير التعليم العالى كانت تاريخية.. إذن بهذا المثال البسيط نحن نجنى على الشباب الذى لا يعرف تاريخه، ومعرفة التاريخ ليس معناه مللا، وللأسف التاريخ يُدرَس فى مصر بطريقة غير صحيحة.
المصور: وكيف تتجاوب مع الطلاب؟
د. عبد الوهاب عزت: عن طريق تعظيم الانتماء لمصر وتأصيل الهوية وعن طريق معرفة تاريخهم، وآخذ من حديث اللواء «ناجى شهود» أحد رجال المخابرات الحربية السابقين عندما يدرس للطلبة يتحدث إليهم بتشبيه جميل جدًا فيقول لهم: «أنت عندما تشترى كمبيوتر جديدا، وعندك كمبيوتر قديم ماذا تفعل بالقديم»؟، هل تلغى المادة الموجودة على «الهارد ديسك» القديم أم تنقله على الكمبيوتر الجديد»، فيرد الطلبة: «أكيد يتم نقله للكمبيوتر الجديد»، فيرد عليهم: اعتبرونى أنا «الهارد ديسك.. خدوا اللى عندى وضعوه فى أذهانكم»، فنحن ككبار بالنسبة للأجيال الجديدة «هارد ديسك»، لذلك يجب على الشباب أن يحصلوا على كل «الهارد ديسك» من الكبار، ونحن مع تمكين الشباب، لأن فى ذات الوقت هناك خبرات متراكمة على مدار سنوات طويلة لدى الكبار، وهذا جزء مهم جدًا سواء كان فى الهوية أو تأصيل الانتماء.
د. عبد الوهاب عزت: أود أن أسأل كم عدد المدارس الإنترناشونال فى مصر؟
المصور: الرقم الرسمى ٢٩٠ مدرسة، لكنهم أكثر من ذلك..
د. عبد الوهاب عزت: هذه المدارس لا توجد مدرسة واحدة منها ترفع تحية العلم لجمهورية مصر العربية، الطالب يدخل من باب المدرسة على فصله مباشرةً طوال ١٢ سنة عمره ما قال «تحيا جمهورية مصر العربية»، وأنا فى يوم من الأيام ذهبت إلى وزير التربية والتعليم مخصوص حتى أقول له: «لو سمحت الزم المدارس الموجودة على أرض جمهورية مصر العربية بتحية العلم فى الصباح»، هل هذه مسألة صعبة؟، نحن كجامعة افتتحنا العام الدراسى الحالى برفع العلم وتحيته مع الدكتور أشرف شيحة وزير التعليم العالي السابق فى كلية الآداب جامعة عين شمس، وأصبح ذلك نهجًا فى جميع جامعات مصر، قديمًا كنا نحيا العلم فى المدرسة بالسلاح، وأنا كنت «حرس شرف علم»، وأتمنى أن يحدث هذا فى جميع المدارس الموجودة على أرض مصر.
د. حسين عيسى: المدارس الحكومية فى أمريكا بتربط يوم تحية العلم بذكريات جميلة لدى الطفل، فكل يوم أربعاء فى منتصف الأسبوع يخرج الطلاب مبكرًا وفى هذا اليوم يحيون تحية العلم، لكن هذا اليوم «مربوط» فى ذهنه بأشياء جميلة، فكل فصل قبلها بيوم يحدد من هو أفضل طالب قراءة وثقافة وأفضل طالب فى الرياضيات، وكل فصل يحدد أفضل خمسة طلاب، ويتم إرسال إخطار إلى والد كل طالب من الخمسة لحضور تكريم ابنه، ويقوم الناظر بتسليم شهادة تكريم للطالب ويقوم الطالب بتسليم الشهادة لوالده كنوع من التقدير له، وبعدها يصور الناظر الأب والابن وفى أيديهم الشهادة، وعندما ينتهون من التصوير، تودع الشهادة فى ملف الطالب فى المدرسة لاستلامها آخر العام، إذن يوم تحية العلم أصبح مناسبة فى ذهن الطالب ومناسبة لها خصوصية ليس فقط لتحية العلم، لكن لأنه أيضًا يُكرم، وهذا يحدث كل أسبوع، وهذه أفكار حديدة لا تحتاج إلى إمكانيات أو مبالغ، ولكن تحتاج إلى أشخاص تعطى بُعدا مستقبليا للعملية التعليمية.
المصور: هل يُمارس الطلاب داخل جامعة عين شمس أى نشاط سياسي؟
د. عبد الوهاب عزت: ممارسة الأنشطة مرتبطة بالأماكن التى تمارس فيها هذه الأنشطة، بمعنى لو الطالب أراد أن يمارس هواية الكرة يذهب إلى النادي، ولو أراد القراءة يذهب إلى المكتبة، ولو عايز يتعلم يذهب إلى الجامعة، إذن مجال عملنا هو التعليم داخل الحرم الجامعي، نحن نثقف الطلاب سياسيًا، ونعلم الطالب ما معنى السياسة، وما هى الشيوعية والاشتراكية، ولكن ممارسة السياسة تكون فى الأحزاب وليس داخل الحرم الجامعي، وغير مسموح بها تحت أى شكل من الأشكال، هذا هو الموجود والمطبق فى جامعة عين شمس.
المصور: إذن.. أليست هناك تيارات سياسية مثل الإخوان فى وقت ما أو الآن يمارسون نشاطًا سريًا داخل الحرم الجامعي.. خاصةً أننا سمعنا أن هناك نشاطًا سياسيًا للتيارات الإسلامية يمارس داخل المدن الجامعية وأن بعضًا منهم شارك فى الهجمات الإرهابية فى سيناء؟
د.عبدالوهاب عزت: هذا ليس ممارسة نشاط سياسي، هذا ناتج عن تأثير الطلاب على بعض، وهذا أمر لا أستطيع أن أحكمه، إنما ممارسة العمل السياسى داخل الجامعة ممنوعة تحت أى شكل من الأشكال.
المصور: تردد أنه يتم عمل تحريات عن الطلبة الذين يقيمون فى المدينة الجامعية .. أين الحقيقة؟
د.عبدالوهاب عزت: فقط يتم عمل كشف مخدرات، وأنا لا أقوم بعمل تحريات على الطلبة لأن نفس الطالب الذى يقيم فى المدينة الجامعية هو ذات الطالب الذى يجلس فى المدرج، وفكرة عمل التحريات على الطلبة ليست نهجًا جامعيًا.
المصور: وهل التحريات الأمنية عن الطلبة كانت تتم فى السابق؟
د.عبدالوهاب عزت: لا، لم يحدث.
المصور:نسأل د.حسين عيسى.. هل الطلاب أثناء توليك رئاسة الجامعة مارسوا سياسة، خاصةً أنك توليت فى فترة حرجة؟
د.حسين عيسى: فى البداية كنت أمين عام اتحاد طلاب تجارة عين شمس من ٢٠٠٠ إلى ٢٠٠٦، وهو كان أقوى اتحاد طلاب فى جامعة عين شمس، ومن قبلها كنت رائد اللجنة الثقافية وهى كانت أخطر لجنة فى الكلية لمدة سبع سنوات وجميع التيارات السياسية كانت ممثلة فى اللجنة الثقافية ما بين «مجلات مطبوعة وندوات»، ثم توليت عميد كلية لمدة خمس سنوات، ثم نائبًا لرئيس الجامعة، وكما قال الدكتور «عبد الوهاب» أن ممارسة العمل السياسى الاحترافى داخل الجامعة أنا لا أفضله، لأنه عندما أقوم بمثل هذا العمل تحت أى مسمى، طبيعى جدًا فى جامعة بها عدد كبير من الطلاب أن تحدث «مشاجرة» ما بين أنصار هذا و أنصار ذاك، لكن عندما أقوم بعمل ندوة ويحاضر فيها مفكر سياسي، ليعلم الطالب كيف يقيم البرنامج الحزبي، أو يقيم برنامج مرشح للانتخابات؟، وكيف يُميز بين برنامج مرشح ومرشح آخر؟، فإن هذا هو الأفضل من ممارسة العمل السياسى داخل الحرم الجامعي، فالمهارات السياسية من المفترض أن الطالب يعرفها وهذا هو عمل ودور الجامعة، أما العمل السياسى الاحترافى فإن مكانه الأحزاب وليس الجامعة، العمل السياسى أصبح له أكثر من مكان لممارسته، ولكن ما ينقصنا بشدة هو أن يعرف الطالب مهارات العمل السياسي، وهذا دور صعب وعلى الجامعة أن تقوم به.
د.عبدالوهاب عزت: حرية إبداء الرأى مكفولة، لكن المشكلة فى كيف تبدى رأيك؟، أنا من حقى انتقدك لكن ليس من حقى أن أقذفك بسباب وشتائم، هناك قنوات شرعية فى الجامعات لإبداء الرأي، فلدى الطالب مجلات حائط ومجلات دورية تصدر من الكليات ومن الأقسام داخل الجامعة، وليس لدينا مشكلة فى إبداء الرأى فيما يدرس وفيمن يقوم بالتدريس، أو فى رئيس الجامعة شخصيًا، فعندما كانت تقوم مظاهرات للإخوان وغيرها من الحركات الثورية، كنا نأتى بالأمن الإدارى لتأمينهم، و«اللى عطشان من الطلاب نقدم له الماء ليشرب، واللى يتعب نأخذه ليجلس ونواسيه»، طالما أنه حصل على تصريح و يبدى رأيه باحترام وفى حدود النقد أيًا كان هذا النقد، طالما أنه فى حدود النقد الموضوعي، وأتذكر أن وقفة ما كانت من ١٠ طلاب تم فصل ثلاثة طلاب منهم لأنهم تجاوزا وحدود النقد بالسباب.
المصور: هل من حق الطلبة فى جامعة عين شمس أن ينتقدوا الحكومة أو مجلس النواب نقدًا موضوعيًا خلال الندوات؟
د.حسين عيسى: أتذكر الندوة التى أقامها المهندس خالد عبدالعزيز فى الجامعة ووقتها كنت رئيسا للجامعة، وكان وقتها المحدد ساعتين لكنها استمرت لمدة ست ساعات، وأثناء الندوة قال «عبدالعزيز» للطلاب كلمة واحدة «مفيش سقف إنك تقول أى حاجة من أكبر مسئول فى مصر إلى أقل مسئول بشرط أدب الحوار»، وفى هذه الندوة الطلبة تحدثوا بكلام لا يمكن نشره حتى فى صحف المعارضة، وأخذوا حريتهم تماما فى الحديث والنقد، وبالتالى النقد مُتاح للطلبة من أكبر مسئول إلى أصغرهم طالما أنه موضوعى وبأدب.
د.عبدالوهاب عزت: من ضمن أساليب التقييم المتبعة فى الجامعات حاليًا، هو رأى مُتلقى الخدمة، فعندما أقوم بتدريس المادة المفروض أن آخذ رأى الطلبة فى المحتوى العلمى للمادة ومدى مستوى من يقوم بتدريس المادة حتى يتم تقييم مستوى هيئة التدريس، وحتى قانون الخدمة المدنية يوجد به تقييم للقيادات والوظائف العليا من الموظفين.
المصور: وماذا عن سياسات المجلات الصحفية التى يتم إصدارها من كليات الجامعة؟
د.عبدالوهاب عزت: قسم الإعلام بكلية الآداب يصدر مجلة نصف سنوية لها رئيس تحرير، ومدير تحرير، ومشرف فني، مثلها مثل المجلات الخارجية بالضبط، وهناك مراجعة لكل ما يكتب وينشر فى المجلة من قبل المسئولين عنها، وهذا يحدث فى كل الإصدارات التى تصدر من الكليات التابعة لجامعة عين شمس.
المصور: بعد كل هذا الكلام.. لماذا لم يتم إجراء انتخابات اتحاد الطلاب؟
د.عبدالوهاب عزت: فى البداية انتخابات اتحاد الطلاب تمت العام الماضي، لكن هذا العام كانت هناك لائحتان أمام الدكتور أشرف الشيحى وزير التعليم العالى لائحة ٢٠١٣ وهى لائحة معيبة لأن عليها اعتراض من وزارة المالية، لأنها منحت صلاحيات مالية لطلاب دون السن فأصبح لا يمكن تطبيقها، وهناك لائحة أخرى وهى لائحة ٢٠٠٧ والتى صدرت من الوزير وليس من رئيس مجلس الوزراء، فقانونا لا يصح العمل بتلك اللائحتين.
فأصبح أمامنا حل بسيط جدا، هو أن تكون هناك لائحة طلابية توافقية متوافق عليها ماليا من وزارة المالية وتصدر بالطريق الشرعى من رئيس مجلس الوزراء، ومن هنا تم تشكيل لجنة برئاستى ومشاركة نواب رؤساء جامعات سابقين ووكلاء لشئون الطلاب وخريجين مارسوا العمل الطلابى وطلاب من الاتحادات الطلابية، التى تم تصعيدها، كل ذلك من أجل وضع لائحة اتحاد طلاب جديدة تنشأ من الطلاب أنفسهم، وبدأنا فى تلقى المقترحات أيضا من جامعات مختلفة، التى وصل عددها إلى ٢٣ جامعة مشاركة فيما عدا جامعتين فقط لم تشاركا، وتم تفريغ جميع المقترحات التى قدمت بدقة شديدة ووصلنا إلى٢٣ مادة من أصل ٥٨ مادة، لترفع إلى وزير التعليم العالى الذى يقوم بإرجاع تلك المقترحات إلى الجامعات مرة أخرى، لأن هذه المواد تم اختيارها من عدة جامعات مختلفة وليس من جامعة واحدة فقط، ثم بعدها يقوم رؤساء الجامعات بطرح تلك المقترحات على الطلاب، وبعدها تصدر لائحة طلابية بموافقة رئيس الوزراء، أيضا سوف يكون هناك مندوبون من وزارة المالية حتى يتم التنسيق فى الجزء الخاص بالشق المالي، وكل هذا هدفه هو أن تكون هناك لائحة طلابية متوافق عليها.
المصور: ولماذا لم يصل هذا الكلام وهذه الخطوات إلى الطلاب بشكل مباشر؟
د.عبدالوهاب عزت: كل هذا الكلام أعلن على الطلاب بشكل رسمي، واللجنة أعلنت كل ما فعلته من خطوات، وشارك معنا طلاب من الاتحادات الطلابية، الاتحادات قائمة وأنشطة الأسر قائمة، ولم يتم منع أى عمل أو نشاط للاتحادات الطلابية.
د.حسين عيسى: نحن ضد أى وقف للاتحادات الطلابية فنحن دائما مع وجود الاتحادات وأن تقوم بدورها.. ودعنى أقول أن تاريخى داخل الجامعة علمنى شيئا هاما وهو أحيانا يكون اتحاد الطلاب هو أحد معوقات النشاط الطلابى، على سبيل المثال فى عام ٢٠٠٢ كان هناك احتكار للأنشطة لعدد من الطلبة، وجميع الأشياء هم فقط من يتمتعون بها، فقررت كسر هذا الاحتكار بتنظيم رحلة إلى مكان معين، وكانت تكلفة الرحلة فى ذلك الوقت ٣٠ جنيها الطالب يدفع ٥ جنيهات، والاتحاد يتحمل باقى المبلغ ٢٥ جنيها، وبالفعل تحركت هذه الرحلة بعدد لم يحدث فى تاريخ عين شمس ووصل عدد الطلاب المشاركين إلى ١٦٠٠ طالب بحوالى ٣٥ أتوبيسا، وشارك طلاب لأول مرة فى هذا النشاط.. وقبل الرحلة بـ ٤٨ ساعة قررت رئاسة الجامعة إلغاء الرحلة لصعوبة السيطرة على ١٦٠٠ طالب، وتحدثت مع الإدارة بأن هذه تجربة جديدة فى الجامعة يشارك فيها طلاب لأول مرة، بالإضافة إلى إرسال رسالة إلى الطلاب بأن الاتحاد يقدم أشياء لزملائهم فى الجامعة، وفى النهاية أرى أن أى مصالح شخصية تفسد النشاط قيمته، وأى روح تعاون تكسب معنى وهدفا.
المصور: ولماذا لم تتم الاستعانة بلائحة الجامعة الأمريكية؟
د.عبدالوهاب عزت: مستحيل أن يحدث هذا، لأن عدد الطلاب فى الجامعة الأمريكية ٦٥٠٠ طالب فقط، أما فى جامعة عين شمس هناك ٢٠٠ ألف طالب.
د.حسين عيسى: حدث بعد ثورة يناير أن تقدم عدد من الطلاب بمنع دخول أى دكتور إلى قاعة المحاضرات يبلغ من العمر أكثر من ٦٠ عاما، وجلست مع الطلاب وكانت هناك مناقشات وحوارات حتى وصلنا إلى الاقتناع، بأن هؤلاء الأساتذة على قدر كبير من العلم وليس المهم السن، لكن الأهم هو المعاملة والأسلوب والقدرة على توصيل المعلومة.
د.عبدالوهاب عزت: فى هذا الشأن كنت فى زيارة لنيويورك وشاهدت ٣ رؤساء جامعات فى أعمار كبيرة من السن أحدهما ٧٤ عامًا، والآخر ٧٦ عامًا، والثالث ٧٨ عامًا.
المصور: هل الأنشطة داخل الجامعة تحظى باهتمام كبير حتى تُساهم فى بناء شخصية الطالب؟
د.عبد الوهاب عزت: الأنشطة الطلابية قائمة والأنشطة الفنية قائمة أيضا، والتمثيل والمسرحيات قائم، وإنتاج الأفلام متواجد، المنافسة بين الكليات والجامعات قائمة، نحن نحرص دائما على أن يمارس الطالب أى نشاط يساهم فى بناء قدراته وبناء شخصيته، والغرض الأساسى هو بناء شخصية سوية متكاملة للطالب، ودعنى أشير هنا أننا قمنا بعمل دراسات لسوق العمل من خلال شركات متخصصة فى ذلك، وكانت النتيجة جيدة للغاية حيث أننا حصلنا على ٣ من ٥ وفى الوقت نفسه حصلت جامعة هارفارد هى ٤ من ٥.
المصور: هل هناك انتشار لظاهرة تعاطى المُخدرات داخل الجامعة؟
د.عبدالوهاب عزت: لا توجد في جامعة عين شمس تلك الظاهرة.
المصور: وهل هناك ظاهرة للزاوج العرفى أو السلوكيات غير الأخلاقية كما يتردد فى بعض وسائل الإعلام؟
د. عبدالوهاب عزت: لم يصلنى شىء عن هذا.
المصور: وأين عين شمس من المدرسة العلمية؟
د. عبدالوهاب عزت: التصنيف العلمى ليس فقط البحث العلمي، لكنه تدريس وقدرة تنافسية للخريج فى سوق العمل، وأيضًا الخدمات المجتمعية التى تُقدم، وكما قلت عن التصنيف: حصلنا فى التدريس على ٥ نجوم، وفى القدرة التنافسية على ٥ نجوم، وفى البحث العلمى على نجمتين، والسبب فى ذلك القصور ضعف تمويل البحث العلمي، ولذا تعاقدنا مع شركة متخصصة فى دراسة سوق العمل لدراسة مستوى خريج عين شمس بعد تخرجه ووضعه فى المجتمع، واكتشفنا أن الخريج وضعه جيد، لكن ينقصه بعض المعلومات مثل التاريخ والفن، فقمنا بوضع ٢٤ منهجًا اختياريًا يختار الطالب منهم ٤ مناهج للاجتياز فى تلك المواد، وأيضا وجدنا ضعف اللغا ت واستخدام الكمبيوتر عند الطلبة، فقمنا بعمل كورسات ودورات تدريبية بالمجان من أجل تقويته وتزويد مهاراته، والهدف من كل ذلك هو أن يتخرج الطالب ومعه الشهادة والخبرة والمهارة التى تساعده فى إيجاد فرصة عمل مناسبة.
وبالنسبة للبحث العلمي، قديمًا كانت معظم الأبحاث الأكاديمية بغرض الترقية فى العمل فقط، وهذا أمر غير مفيد، لأننا دولة اقتصادها يحتاج إلى تنمية ويحتاج إلى أفكار جديدة، فاتجهنا إلى ما يسمى البحث العلمى التطبيقي، فمن المعروف أن ميزانية البحث العلمى المقدمة من الدولة قليلة، لكن يتم تدعيمها من الحسابات الخاصة للجامعة، وبالتالى يتم اختيار البحث الأفضل حتى يتم الاهتمام به وتدعيمه بكل ما يحتاجه من أموال، ويتم اختيار الأبحاث من خلال لجان على أساس أن تكون هذه الأبحاث لها عائد اقتصادي.. ومن هنا تم إنشاء وحدة تحت مسمى «وحدة المشاريع والابتكار وبراءات الاختراع» ووظيفتها متابعة كل المشاريع البحثية وجميع البروتوكولات الموقعة مع الجامعات الأخرى، وكل الأبحاث التطبيقية، والهدف الأساسى أن يكون هناك عائد اقتصادى للبحث العلمي.
المصور: كم يصل حجم الإنفاق على البحث العلمي؟
د. عبدالوهاب عزت: هناك أبحاث تصل إلى ٢ مليون جنيه، وهناك مساعدات كثيرة من عدة جهات مثل المركز القومى للبحوث وغيره.
المصور: أين أنتم من التصنيف العلمى على المستوى الإقليمى؟
د. عبدالوهاب عزت: على مستوى مصر نحن الجامعة الثانية بعد جامعة القاهرة، وعلى المستوى الإقليمى نحن رقم ٦.
المصور: ماهى الجامعات التى تسبقكم فى التصنيف العلمى على المستوى الإقليمى؟
د. عبدالوهاب عزت: ثلاث جامعات من السعودية وجامعة القاهرة والجامعة الأمريكية فى بيروت.
د. حسين عيسى بالنسبة للبحث فإن وحدة التكنولوجيا بالجامعة أقامت معرضًا سنة ٢٠١٥ جمعت فيه جميع الأبحاث وكان ممثلو الصناعة موجودين حتى يشاهدوا تلك الأبحاث كى يتم الاستفادة من تلك الأبحاث فى تطوير الصناعة.. أتصور أن أساتذة الجامعات بشكل عام لديهم حلول بلا مشاكل.. والواقع العملى لديه مشاكل بلا حلول وفى النهاية نحتاج إلى الاندماج بين الاثنين بحيث كل منهما يستفيد من الآخر.
د. عبدالوهاب عزت: هناك مستثمر فى مجال الزراعة كانت لديه مشكلة، فذهب إلى كلية الزراعة جامعة عين شمس من أجل الاستفادة من باحث فى زراعة شىء معين فى وقت قصير، وبالفعل نجحت الفكرة واشترى المستثمر هذه الفكرة واستفاد منها، وهناك الكثير من الأبحاث والاختراعات التى يمكن الاستفادة منها.
المصور: هل تعتمد على ميزانية الجامعة فى كل شىء؟
د. عبدالوهاب عزت: لدى ميزانية كل عام من الدولة، بالإضافة إلى وحدات ذات طابع خاص تقدم خدمات إنتاجية أو استرشادية تحقق بعض الربح و لدى تعليم مفتوح يحقق بعض الربح، بالإضافة إلى البرامج المعتمدة فى بعض الكليات التى تحقق بعض الربح وهذا الربح هو من يكفل لى الاستمرار.
المصور: ولماذا تم غلق التعليم المفتوح مع أنه كان يحقق مكاسب مادية؟
د. عبدالوهاب عزت: لم يكن هناك قرار بغلق التعليم المفتوح، وإنما كان هناك قرار بتطوير التعليم المفتوح، فالأنماط التعليمية الموجودة فى العالم مختلفة فهناك تعليم نظامى وتعليم مفتوح وغيره.. والتعليم المفتوح هو نمط موجود فى العالم بأكمله، لكن فى كثير من الأحيان عند تطبيق فكرة «قد يخونك التوفيق فيخرج منتج غير مكتمل»، فالتعليم المفتوح كانت فكرته هى التقدم إلى الجامعة بعد مرور ٥ سنوات وبعدها يحصل على شهادة جامعية، وفجأة تقدمت أعداد كبيرة خارج المجال وخصوصا فى مجال الإعلام والحقوق، فأصبحت هناك حالة عدم رضا خصوصا فى النقابات، وبالتالى كان صدر قرار بتطوير التعليم المفتوح.
المصور: وماذا تقصد بتطوير التعليم المفتوح؟
د. عبدالوهاب عزت: القبول بالتعليم المفتوح ما زال كما هو بعد ٥ سنوات، لكن القبول بكلية الإعلام والحقوق سيكون بعد الثانوية العامة فقط، و خريج الشهادات الفنية كالزراعة والصناعة يتوجه إلى الكلية المماثلة للشهادة الفنية له، وسوف تعقد ورشة عمل بداية الشهر القادم حتى نضع الشكل النهائى للقبول فى سبتمبر القادم.. أيضا من حصل على شهادة متوسطة يستطيع من خلالها أن يحصل على دبلومة فى التخصص لمدة عامين، وإذا حصل على تقدير فى الدبلومة يستطيع أن يأخذ عامين آخرين، ويحصل على البكالوريوس المهني.
المصور: ما الفرق بين البكالوريوس المهنى والأكاديمي؟
د. عبدالوهاب عزت: البكالوريوس المهنى لا يسمح باستكمال الدراسة الأكاديمية، إلا بعد الحصول على معادلة من خلال دراسة بعدد ساعات معينة.
المصور: هل الحاصل على البكالوريوس المهنى يستطيع أن يُسجل نفسه داخل نقابة الصحفيين مثلًا؟
د. عبدالوهاب عزت: لا أعلم.
المصور: كيف ترى أساليب تمويل الجامعات؟
د. حسين عيسى: هذه قضية محورية على مستوى العالم بأكمله، فاعتماد الجامعات على الدعم الحكومى أصبح يقل من سنة إلى أخرى بسبب عجز الموازنة، وهذه مشكلة ليست مصرية إنما مشكلة عالمية، ومعظم الجامعات تبحث عن دعمها من خلال مواردها الذاتية.
على سبيل المثال: داخل جامعة عين شمس المبلغ الذى يتوفر لك أقل بكثير من احتياجاتك، وحتى تقوم بتدبير ما ينقصك، لابد أن تعتمد على مواردك الذاتية، ولكى يحدث هذا، لابد أن تكون هناك خدمة فى مقابل مالى توضع فى حساب خاص ويتم الصرف من خلال هذا الحساب، وأى فائض به يوجه إلى خدمات أخرى، لأن عدم وجود موارد ذاتية للجامعات يمكن أن يوقف نشاطها، ولو اعتمدت المستشفيات على ميزانية الحكومة فإنها سوف تعمل لمدة شهرين فقط، وأيضا هناك اعتماد على التبرعات من أهل الخير.
المصور: وكيف ترى التعليم المفتوح؟
د. حسين عيسى: التعليم المفتوح خرج عن هدفه، الذى هو أن يرتقى بمهارات الشخص حتى يؤدى مهنته بشكل أفضل، لا أن يتحول إلى شخص هدفه أن يحصل على الشهادة فقط.
المصور: وكم عدد الأساتذة والمعيدين فى جامعة عين شمس؟
د. عبدالوهاب عزت: ١٥ ألف بالهيئة المعاونة.
المصور: هل هناك نظام عادل وشفاف فى صرف الحوافز .. أم أن هناك فئة تستحوذ على منافع فى إطار قد ينطوى على شىء من الفساد؟
د. عبد الوهاب عزت: أنا مُعترض على السؤال، خاصة فيما يخص نقطة الفساد، فطريقة التوزيع لكى تحتوى على العدالة الاجتماعية لابد أن تتضمن الشفافية فى الصرف الأول، بمعنى لو فرض أن لدى فى مستشفى الدمرداش ١٠٠ موظف لن أقوم بصرف الحوافز لجميعهم مُساوية لبعض، فكل شخص منهم لديهم نسبه إنتاج وحضور، وفاعلية تختلف عن الآخر، فهناك موظف يقوم فقط بالتوقيع بكشف الحضور والانصراف وبدون إنتاج لن أمنحه مكافأة أو حافز، مُساوية لشخص آخر يعمل بكامل كفاءاته، منتجًا وفعلًا، من يجيد أميزه عن غيره والمتواجد بشكل غير فعال يحصل على النسبة التى يستحقها.. ولذا أكون نجحت فى تحفيز من لا يعمل لبذل مجهود أكثر لكى ينال حافز أكبر فى المرة القادمة.. إذن أكون نجحت فى تحقيق العدالة فى إطار من الشفافية وعلى مرأى ومسمع من الجميع، ولا أقوم بصرف الحوافز بعيداً عن الأنظار في مستشفى الدمرداش، حيث تصرف الحوافز بكشف واستمارة متواجدة بالخزينة يراه جميع الموظفين.
المصّور: وهل أساتذة الجامعة متفرغون فى الحضور أم أن كل شخص متفرغ لعمله الخاص.. وهل رواتبهم الآن عادلة؟
د. عبد الوهاب عزت: بالطبع بالنسبة للرواتب فهى تحسنت للأفضل بكثير عن الفترة الماضية، صحيح أنها لم تصل إلى ما نحلم به؛ نحن نأمل فى الزيادة فى المرحلة القادمة، ولكننا نعلم جيداً الظروف الاقتصادية التي لا تسمح لنا برفاهية المُطالبة بالمزيد فى الوقت الحالي.. نحن نعمل ونبذل مجهودًا مُضاعفًا كى نتخطى تلك المرحلة ثم نُطالب بالزيادات، قانون الجامعات يسمح لعضو هيئة التدريس أن يمارس عمله الخاص بعد مرور ٣ أعوام من تعيينه مدرسًا بالجامعة أى بعد حصوله على الدكتوراه بثلاث سنوات، وطبقاً للقانون فهو مُطالب بعدد ساعات قليلة فى العمل؛ لكن فى كثير من الأحيان يقوم الأستاذ بالعمل أكثر من الساعات المطلوبة منه.. فهناك مثلًا كلية تجارة عين شمس لا يوجد أى أستاذ مُنتدب للخارج الأساتذه متواجدون بشكل يومى لعدد طلاب يفوق الـ٧٠ ألف طالب على اختلاف أقسامهم ما بين الفرنسية والعربية والإنجليزية وخلافه، أما كلية الطب بعين شمس فهناك عمليات جراحية تستغرق ما يقرب من ١٦ ساعة متصلة مثل عمليات زرع الكبد، ويقوم بتلك العملية ٩٦ شخصًا لإنجاحها بداية من الجراح وصولًا للعامل الذى ينظف غرفة العمليات، ويقومون بعد ذلك بمُتابعة إنجاح العملية لمدة شهر كامل، و٥٥٪ من العمليات التى تُجرى بالمستشفيات الجامعية عمليات ذات مهارة، أى أنها تستلزم أستاذًا ماهرًا للقيام بها ويقوم بتعليم من هو أصغر منه، فإذا لم يتواجد الأستاذ كيف تُجرى العمليات؟، فهناك مليون ونصف مليون مريض.. وأتذكر جيداً يوم حادث الكنسية البطرسية لم أجر أى اتصالات تليفونية بأي طبيب وعندما توجهت للكنيسة كان جميع الأطباء والأساتذة بما فيهم رؤساء الأقسام مُتواجدين دون استثناء، وأتذكر أيضاً أن هناك طبيباً كان متواجداً فى العين السخنة، وعندما سمع بالأحداث حضر على الفور دون أن يستدعى، وتم فتح غرف ٩ عمليات لمدة ١٢ ساعة مُتواصلة في مستشفى الدمرداش.
المصّور: ما رأيك فى وجهة نظر رؤساء الجامعات فى التعديلات الأخيرة للمجلس الأعلى للجامعات.. بأنها لم تراع اختيار رئيس الجامعة بشكل حر، ولذلك الكثير من رؤساء الجامعات المصرية لا زالوا قائمين بالأعمال ولم يصدر لهم قرار بتوليهم المنصب حتى الآن؟
د. عبدالوهاب عزت: وما الغريب فى القائم بالأعمال.. هل هذا يقلل من مجهود القائمين بالأعمال، أنا كُنت شخصيًا ولمدة عام كامل أعمل على إدارة الجامعة دون قرار رسمي، وكانت الجامعة تسير بشكل منتظم، والدكتور حسين عيسى رئيس الجامعة السابق بجوارى يحدثكم عن التجربة، وعن إدارة النشاط، وأثناء إدارتى تم اعتماد إنشاء كليتين ومعهدين، وكنت فى ذلك الوقت قائم بالأعمال.
فى تجربتى الخاصة، وكُنت فى ذلك الوقت قائم بأعمال بعض زملائى وخمس نواب ورئيس جامعة، وأصدرت قرارًا بإنشاء كليتين ومعهدين، كل ذلك ولم تتوقف أنشطة الجامعة ولو للحظة و كل ما ذكرت يؤكد توافق مفهوم الإدارة لدى كل القائمين على إدارة جامعة عين شمس.
المصّور: هناك الكثير من التساؤلات المطروحة حول مضمون علاقة الوزير المسئول عن الاختيار بالنسبة للمجلس الأعلى للجامعات؟
عن اختيار رؤساء الجامعات فإن هذا الأمر يتم وفق ضوابط ولوائح صارمة لا تسمح للمسئول بمُحاباة شخص على حساب الآخر، لأن الأمر ينظر أمام لجنة من كبار علماء الجامعات المصرية، وكبار رجال التعليم العالى وعددهم سبعة أفراد، ٤ منهم من المجلس الأعلى للجامعات و٣ من رجال الجامعة المعنية، يبحثون ويدرسون كافة الملفات المطروحة من الراغبين فى التقدم لمنصب رئيس الجامعة، مع العلم أن هذه الملفات ليست حكرًا على أحد من داخل الجامعة المعنية، بدليل أن الباب مفتوح لأى شخص يرغب فى التقدم لإدارة المنصب، بعد ذلك يتم مقابلة شخصية مع المتقدم، ثم يتم اختيار ٣ من المرشحين لعرضهم على الوزير المختص، بعد ذلك يؤخذ رأى رئيس الجمهورية فى ترشيح واحد من الثلاثة المرشحين من هذه اللجنة المعنية.
المصّور: فى الحقيقة هناك العديد من المنشورات التى أصدرتها وزارة المالية تتعرض فيها بتقارير عن وضع الصناديق الخاصة بأنها ذات أهمية حيوية لتلك الجامعات ولا يمكن المساس بها ولا ضمها للوزارة لأنها تعمل على تمويل أنشطة حيوية بالنسبة للجامعات المصرية.. والسؤال هنا إلى أى مدى تسهم هذه الصناديق فى أنشطة الجامعات وإلى أى مدى تصل الرقابة على واردات هذه الصناديق.. وإلى أى مدى تقوم هذه الصناديق الخاصة بالإسهام فى تطور العملية التعليمية وحجمها المالي؟
د. عبدالوهاب عزت: هذا السؤال لمس جوهر المسألة، لأن هذه الصناديق تقوم على تمويل حقوق العاملين تحت بند باب أول الخاص بالأجور والبنية التعليمية داخل الجامعات.. أما عن الرقابة عليها فإنني أقول أن جميع ما يتم اعتماده من مصروفات، تخضع لمراقبة مالية من وزارة المالية ما قبل الصرف، ومراقبة ما بعد الصرف من خلال مندوب الجهاز المركزى للمحاسبات، وذلك لكل الصناديق والحسابات الخاصة بالجامعة، وفيما يتعلق بالحساب العام يتم الصرف منه وفق البنود المنصوص عليها بالموازنة المعتمدة، وأما الصناديق فيتم الصرف منها وفق اللائحة المالية المعتمدة لكل صندوق من وزارة المالية وجميع اللوائح معتمدة من وزارة المالية، وفيما يتعلق بحجمها فهى تساهم بقدر ما يسد عجز الموازنة الخاصة بالجامعة، ويقدر ما بين ٣٠ إلى ٤٠٪ تقريبًا.
د. حسين عيسى: فيما يتعلق بالصناديق الخاصة والحسابات أود أن أقول هنا إنه يجب أن نُفرق بشكل عام بين كليهما، فهناك فرق بين صناديق وزارة الإسكان والداخلية، وهذا الأمر محل نقاش الآن بلجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب على مستوى مصر كلها. وعلى سبيل المثال صناديق وزارات الإسكان والداخلية والأوقاف كلها صناديق لها لوائح خاصة، والبعض يرى أنه يجب أن تخضع هذه اللوائح لبعض الضوابط والمراجعة والتدقيق، وفيما يتعلق بالحسابات الخاصة بالجامعات المصرية فهي مسئولة عن تمويل ٣٠ إلى ٣٥٪ من الموازنة الخاصة بالجامعات والأنشطة.. وثانيًا اللوائح المنظمة لهذه الحسابات معتمدة من وزارة المالية.. وثالثًا هناك مراجعة قبل الصرف من مندوب وزارة المالية.. ورابعًا هناك مراجعة بعد الصرف من الجهاز المركزى للمحاسبات، بالإضافة إلى أن هذه المصروفات يتم تسديد جميع الضرائب عنها.. أما خامسًا وهو الأهم فى تقديري ويتعلق بهيكل العمالة الخاصة بجامعة عين شمس أو أى جامعة مصرية، وهى أن الحكومة انسحبت بشكل أو بآخر من تمويل هيكل أجور جميع الموظفين بالجامعات بدعوى أن هذه الحسابات الخاصة بالجامعات لها موارد ذاتية تستطيع من خلالها تمويل بند الأجور بتحويل الحساب إلى باب أول كما هو معمول به بالنسبة للموازنة العامة للدولة أى باب مخصص لسد بند أجور العاملين.
د. عبدالوهاب عزت: نحن لا نمتلك فائضًا كافيًا، ولا نمتلك الكثير من الخيارات،وهذه الحسابات لها لائحة خاصة معتمدة من وزارة المالية، وذلك الأمر يجعلها محاطًة بكثير من الضوابط التى من شأنها أن تضع العراقيل أمام تنفيذ بعض المشروعات أو صرف المستحقات، ولذلك دائمًا ما يأتى القائمون على إدارة حسابات تلك الصناديق لمراجعتى فى الكثير من التوقيعات.
المصّور: السؤال خارج السياق للدكتور حسين عيسى كرئيس للجنة الموازنة بمجلس النواب.. هل هناك بالفعل بعض الصناديق الخاصة تعمل دون ضوابط فيما يتعلق بصرف المستحقات؟
د. حسين عيسى: فيما يتعلق بالصناديق الخاصة بجامعة عين شمس فإنها مراقبة، وتخضع لضوابط صارمة ١٠٠٪، ومن هو خارج الجامعة يتم معاملته وفق الإنشاءات التى تديرها هذه الهيئة، وعلى سبيل المثال هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، لو كانت هذه الهيئة تعتمد على الموازنة الخاصة الممنوحة لها من الدولة، ما كانت وجدت كل هذه المجتمعات العمرانية التى نراها الآن، ولو بعد ١٠٠ سنة، لكن ما حدث أن هذه الهيئات استطاعت استغلال موارد هذه الصناديق التى تشرف عليها عبر إعادة تدوير إدارات بيع هذه الوحدات السكنية، بما يعنى أن الصناديق والحسابات الخاصة هى أحد وسائل تمويل مشروعات الدولة، وسواء كانت صناديق أو حسابات يجب أن تنظم ويوضع لها لوائح ولا تصبح بابًا خلفيًا للفساد، وفى إحدى الجلسات التى جمعتنى مع أحد وزراء المالية طالبت بإلغاء تلك الحسابات والصناديق الخاصة بالجامعات، لأنها بالفعل تخضع لإشرافه، وكان فى السابق هذه الحسابات حين تأتى بفائض أستطيع إيداعها عبر ودائع، بالإضافة إلى استثمار هذه الفوائد لصالح الجامعة، ولكن بعد عام ٢٠٠٥ غُلت يد الجامعات عن تلك الحسابات وأصبحت تحت إشراف الدولة ووزارة المالية، واشترطت حينها علي وزير المالية في هذه الجلسة أن تأخذ الجامعة كافة مواردها من الدولة بدون أن ينتقص منها شيء.
المصّور: الدكتور حسام عيسى وزير التعليم العالى الأسبق حين تولى وزارة التعليم العالى فجّر قضية أجور رؤساء الجامعات، وقال انها تصل إلى مليون جنيه مصري.. ما حقيقة هذا الأمر؟
د. عبدالوهاب عزت: أين هذه الجامعة، أنا على استعداد أن أتقدم للعمل بها فورًا، هذا الأمر محض افتراء، ويكفينى حديثًا للرد على مثل هذه الادعاءات، وسأعطى نفسى حق الرد أن أقول: أولا أن رئيس جامعة الإسكندرية حين تولى منصبه انخفض أجره عما كان يحصل عليه أثناء عمله كأستاذ بالجامعة، وثانيًا وضع رئيس الجامعة يحمله مسئولية لا يستطيع بموجبها تخصيص وقت كاف كأستاذ لممارسة عمله الخاص والذى يجنى منه كسب قوت يومه.. وأنا شخصيًا لا أملك الوقت الكافى لمباشرة عياداتى الخاصة - كجراح - بعد أن توليت منصب رئيس الجامعة، حرصًا منى على عدم إثارة الشبهات، وكل زملائى على نفس هذا الخط.
د. حسين عيسى: هذا الأمر يؤكد أننا فى حاجة إلى قانون تعليم عال جديد يقنن تلك الأمور ويضع علاقة تعاقدية واضحة، ليس فقط على رؤساء الجامعات، لكن على مستوى الأستاذ وجامعته، وعلى مستوى العميد ونائب رئيس الجامعة، بما يعنى إعادة صياغة كل هذه الأمور.
المصّور: تتوقع أن يصدر هذا القانون أم أن هناك جماعات ضغط فى الجامعات سوف تعرقل هذا القانون الذى من شأنه إعادة هذه الضوابط وصياغة تلك العلاقة التعاقدية فى هيئة التدريس الجامعي؟
د. حسين عيسى: لا يوجد بالطبع جماعات مصالح بالجامعات المصرية، ونأمل أن يصدر هذا القانون فى القريب العاجل.
المصّور: هل توافق على فكرة انتخاب رؤساء الجامعات.. ولماذا جرت التعديلات على قانون ٤٩ لسنة ١٩٧٢، وإلغاء التعيين عام ١٩٩٤؟
د. عبدالوهاب عزت: فى البداية يجب أن نوضح شكل الاختيار، فقبل التعديلات التى أجريت عام ١٩٩٤ كان عندما يخلو منصب العميد، يُبدى الأستاذ لزملاء الجامعة رغبته فى تولى المنصب، قبل الترشيح بشكل رسمي، كما أكد القانون على فكرة رئيسية وهىأن يرشح أكبر أساتذة الجامعة ثلاثة أسماء لتولى المنصب للقائم بالأعمال أو رئيس الجامعة، ثم بعد ذلك يُعاد فرز تلك الترشيحات المقدمة من الأساتذة ويتم اختيار أحدهم، بناء على صاحب أعلى تصويت، وبعد ذلك منصب الوكيل حال كان فارغًا، هذا ما كان يتم قبل عام ١٩٩٤، بعكس ما تم بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير لاختيار عمداء الجامعات عبر لجنة، ثم كل كلية تنتخب ثلاثة ومعهم عميد كل كلية، ثم يتم عرض «بريزنتيشن»، وهذا النظام فتح الباب للمصالح التى يمكن أن تتدخل لحسم المنصب لأحد المرشحين، بخلاف الفواتير التى يجب أن يسددها من يحصل على المنصب فضلا عن التربيطات التى يمكن أن يفرزها انتخاب عمداء الكليات، هذا النظام أفرز شخصيات لها تقديرها وأخرى لها مساوئها.
أيضا نحن لا نخترع العجلة من جديد، فجميع جامعات العالم حين يخلو منصب العميد، يتم وضع مواصفات لشكل المنصب، وبعد ذلك يتقدم من يرى فى نفسه هذه المواصفات سواء من الجامعة أو من خارجها، بالإضافة لعرض خطة المرشح لشكل الإدارة المقترح، هذه الخطة تعرض على لجنة من كبار رجال التعليم، وهذه اللجنة يتم اختيارها من المجلس الأعلى للجامعات بالإضافة إلى ثلاث من الجامعة المعنية، فضلا عن ثلاثة عمداء من مجلس الكلية واثنين من الكلية المعنية، ويتم عرض خطة العضو المرشح أمام هذه اللجنة ومعهم استمارة استرشادية، وفى نهاية المطاف فإن الأعضاء الخمسة يختارون من المرشحون تمهيدًا لرفعها إلى الوزير المختص، وهذا النظام هو المعمول به فى مصر الآن.
المصّور: هذا النظام معمول به على مستوى العالم.. لكن بعض الدول تعتمد نظام الانتخاب؟
د. حسين عيسى: هناك نسبة كبيرة من دول العالم لا تعتمد نظام الانتخاب لسبب بسيط جدًا، وهو أن اختيار رئيس جامعة مختلف تمامًا عن اختيار عضو لإدارة مجلس محلي، أو ناد رياضي، أو جمعية خيرية، أو نقابة مهنية، كل ما سبق يختلف تمامًا عن إدارة مؤسسة تعليمية بها موارد مالية وبشرية وتحتاج مواصفات خاصة تتعلق بنظام الإدارة.
المصّور: المنصب الإدارى لعميد الجامعة مختلف تمامًا عن رؤساء الأقسام وهو أكثر قدرة على إدارة العملية التعليمية.. لماذا إذن يوجد خلط بين ماهو إدارى وعلمي؟
د. عبدالوهاب عزت: فى النظام التعليمى يعتبر منصب الأستاذ الجامعى أكبر منصب على الإطلاق بالجامعة، فحصول أحد الأساتذة على منصب إداري، يُشكل عبئًا إضافيًا على الأستاذ الجامعي، لأنه يقتطع من وقته المخصص للبحث والدراسة ومتابعة الرسائل العملية لصالح المجهود الإداري.
المصّور: وهل كل من يتم اختياره من هذه الترشيحات يكون فى مكانه المناسب؟
د. عبدالوهاب عزت: سأتحدث عن جامعة عين شمس كمثال، ففى منصب رئيس الجامعة من تم اختياره من الترشيحات كان الأول، وفى أحد المناصب كان الثاني، وفى أحد المناصب كان الثالث، وهذا مبنى فى الأساس على نظام الاختيار بما يعنى أن العميد حين يختار أسماء لمساعدته فى الإدارة يقع اختياره على أفضل العناصر لترشيحها لرئيس الجمهورية، وبالتالى الترشيحات التى صعدت للرئيس جاءت بناء على اختيار مسبق من الأساتذة المرشحين لهذا المنصب، ولذلك حين وقع اختيار ٩ أسماء لإدارة الجامعة وتم اختيارهم من الرئيس لم يكن هناك أى اعتراض على الأسماء قبل توليهم المنصب بشكل رسمي.
المصور: كم عميدًا على مستوى مصر لازالوا بالمجلس الأعلى للجامعات ولم يصدر لهم قرار تعيين حتى الآن؟
د. حسين عيسى: تقريبًا ٣٦ عميدًا و٦ رؤساء جامعات.
د. عبدالوهاب عزت: لكن القائم بالأعمال منهم له كل الصلاحيات الكاملة فى الإدارة، بما يعنى أن المنصب غير شاغر.
المصور: هل تتحقق الكفاءة لمخرجات العملية التعليمة فى ظل كثافة الطلاب الحالية بالكليات؟
د. عبدالوهاب عزت: هذا السؤال بالفعل مردود عليه وفق اختيار سوق العمل والذى يفضل دائمًا خريجى جامعة عين شمس عن الجامعات الأخرى، ولدى مثل على ذلك أن إحدى الجامعات العالمية فى أميركا وتحديدًا «نيو جيرسي» وقع اختيارها على أحد خريجى الجامعة لتولى منصب إدارى بها وهو حاصل على بكالوريوس كلية التجارة بجامعة عين شمس.
د. حسين عيسى: بخصوص كلية تجارة عين شمس ذات الكثافة العالية خلال الـ٢٠ سنة الماضية شهدت طفرات متعددة، فقسم اللغة الإنجليزية «السكشن» الواحد يضم ١٠٠ طالب، وقسم اللغة الفرنسية ٥٠ طالبا.. بينما الجامعات الأجنبية «السكشن» بها يضم ٤٠ طالب ماجستير، وجامعة «أدنبرة» وهى إحدى الجامعات السبع العتيقة فى الجزر البريطانية، وواحدة من أعرق وأشهر الجامعات فى العالم، يضم «السكشن» ٢٠ طالبا.. قياسًا على تلك الجامعات العالمية، فإن جامعة عين شمس فيما يتعلق بالكثافة فى عدد الطلاب فهى فى مصاف الجامعات الكبرى، لكن الأزمة الحقيقية تتعلق بقسم العربى وهو يضم قرابة ٤٠ ألف طالب، وباقى الأعداد مُقسمة على عدد ضخم من البرامج، فالأعداد الصغيرة بالنسبة لأقسام اللغات يحصلون على أغلب الوظائف فى البنوك والشركات، وبالنسبة لقسم العربى بدأنا منذ فترة إدخال اللغات الأجنبية بسعر رمزى لرفع كفاءة الطلاب كجزء من إعادة تحسين المستوى وبذلك يصبح الطالب الدارس بتجارة عين شمس قد جمع بين الدراسة باللغة الأجنبية والعربية، فالأزمة ليست فى الأعداد الضخمة بقدر القدرة على تأهيل هذه الأعداد وإعادة طرحها لسوق العمل، بالإضافة إلى أن عددًا كبيرًا من خريجى جامعة عين شمس يحصلون على وظائف مقارنة بالجماعات الأخرى، فضلا عن أن الأقسام التى استحدثتها الكلية تشهد إقبالا كبيرا وفرصًا أكبر بالنسبة لسوق العمل.
د. عبدالوهاب عزت: بالإضافة إلى حديث الدكتور حسين عيسى، فجامعة عين شمس أضافت أقساما جديدة لكلية الطب، وشهدت إقبالا ملحوظا خلال الفترة الماضية، بالإضافة إلى أن الجامعة تفكر بشكل جدى فى إنشاء مستشفى العبور الجديد، فالجامعة حصلت مؤخرًا على ٧ أفدنة من هيئة المجتمعات العمرانية ووعدنا بـ٨ فدادين أخرى، سيتم تدشين مستشفى تعليمى جديد تحت اسم «مستشفى العبور الجديدة» وسيضم طب أسنان وصيدلة وطبًا تقليديًا، وسيكون هذا الجزء ملحقًا بهذه المستشفى، وهى متاحة للجميع ولكل أبناء الشعب المصرى وبخاصة الفقراء منهم.
المصّور: وماذا عن أرض مدينة نصر؟
د. حسين عيسى: هذه الأرض تحولت إلى نادِ بمساحة ٣٠ فدانا، وبذلك تكون عين شمس أول جامعة مصرية تؤسس ناديًا رياضيًا، اجتماعيًا، ثقافيًا يضم العاملين بالجامعة وهيئة التدريس.
المصور: نشكر الدكتور عبد الوهاب عزت ونشكر الدكتور حسين عيسى على هذا الحوار الدسم الملئ بالأخبار والآراء الجريئة.