أكد رئيس مجلس الوزراء المهندس شريف إسماعيل التزام الحكومة المصرية بالاستمرار في عملية الإصلاح الاقتصادي، مدعومة من القيادة السياسية، باعتباره المسار الوحيد لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، "فلا مجال لسياسة المسكنات أو تأجيل اتخاذ القرار".
جاء ذلك في كلمته اليوم الأحد، خلال فعاليات الجلسة الافتتاحية لمؤتمر "النمو الشامل وخلق فرص العمل"، الذي يقام بتنظيم مشترك من البنك المركزي المصري وصندوق النقد الدولي، وذلك بمشاركة واسعة من مجموعة متميزة من الاقتصاديين وأصحاب الخبرات من العديد من الدول، بهدف استعراض التجارب الاقتصادية الناجحة، وتبادل الخبرات والآراء للوصول إلى أفضل السياسات الاقتصادية خلال الفترة المقبلة، لتحقيق معدلات نمو أعلى ومستدام تصل عوائده إلى جميع شرائح المجتمع.
ونقل رئيس مجلس الوزراء - خلال كلمته - إلى الحضور تحيات الرئيس عبد الفتاح السيسي وتمنياته للمؤتمر بالنجاح والتوفيق.. معربًا عن سعادته بالمشاركة في هذا الحدث، مؤكدًا ثقته في أن يكون لجلسات هذا المؤتمر أبلغ الأثر في الخروج بنتائج إيجابية، تساعد في تحقيق المزيد من التقدم في برنامج الإصلاح الاقتصادي الوطني.
وقال إن النمو الشامل الاحتوائي يساهم في توفير فرص العمل، وإن تحقيق معدلات نمو مستدام تصل إلى كل شرائح المجتمع هدف للحكومة، وإن استعراض التجارب الدولية يساهم في تحقيق مزيد من التقدم في برنامج الإصلاح الاقتصادي المدعوم من الإرادة السياسية الطموحة ومساندة شعبية، مِما حقق معه نتائج فاقت التوقعات وفقًا لشهادات البنك الدولي وصندوق النقد وجميع مؤسسات التصنيف الائتماني.
وأضاف رئيس الوزراء أن مصر تمكنت - عبر إعداد وتنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي محكم، تدعمه إرادة سياسية واعية وطموحة، وتفهم ومساندة شعبية قوية - من تحقيق نجاحات على مدى العامين الماضيين، يرى العديد من الخبراء في الداخل والخارج أنها فاقت التوقعات.. مشيرًا إلى أنه "شهدت لمصر بهذه النجاحات كافة المؤسسات المالية والاقتصادية العالمية، بدءًا من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وجميع مؤسسات التصنيف الائتماني وبنوك الاستثمار الدولية، التي تناغمت تقاريرها مع الخطوات والإصلاحات العملية التي اتخذناها لتحقيق رؤيتنا الوطنية نحو الوصول للتنمية الشاملة المستدامة، والنهوض بالاقتصاد القومي والتعامل مع التحديات المزمنة التي كان يعاني منها".
وتابع: "إننا نسعى من خلال السياسات والتدابير الإصلاحية التي تُنفذ إلى الوصول لاقتصاد قوي ومستدام مدعوم باقتصاد خاص قوي وقادر على المنافسة والتطوير والابتكار، لا تقف معالمه عند التقارير المالية والمؤشرات الكلية، وإنما يمتد تأثيره ليصل إلى جميع المواطنين، وينعكس بوضوح على تحسن ملحوظ ومستدام في مستوى معيشتهم وفي الخدمات المؤداة لهم، وفي فرص العمل اللائقة التي تتولد وخاصةً للشباب".
وأوضح أن "عنوان هذا المؤتمر جاء ليلخص أهداف أولويات برنامجنا الاقتصادي الطموح، فنحن نسعى لتحقيق نمو احتوائي مرتفع ومستدام يشمل كافة القطاعات الإنتاجية والخدمية، وقادر على إتاحة فرص عمل حقيقية ولائقة لجميع المواطنين، وهذا سينعكس بالضرورة على تحسين مستوى معيشة الأسرة المصرية ورفع مستوى الخدمات المقدمة لها، حيث أدركنا جيدًا أن تحقيق انطلاقة اقتصادية قوية يتطلب إيجاد شراكة بناءة مع القطاع الخاص كقاطرة النمو الرئيسية، جنبًا إلى جنب مع دور قوي للدولة كداعم ومنظم ومحفز للنشاط الاقتصادي".
وألمح رئيس الوزراء إلى أن هذه الرؤية تتطلب توفير بنية تحتية قوية ومتطورة وضمان استدامة المعروض من الطاقة وتوافر بنية تشريعية مناسبة وجاذبة للاستثمار، وهي كلها أمور تحققت، مما يمهد لتحقيق انطلاقة اقتصادية قوية.. مبينًا أنه "من أجل ذلك، كثفنا جهودنا في الفترة الماضية لتنفيذ عدد من الإصلاحات الهيكلية المهمة، لزيادة تنافسية وكفاءة الاقتصاد المصري، وجذب مزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية".
ولفت إلى أنه "في هذا الإطار، استثمرنا مليارات الجنيهات في تطوير البنية الأساسية اللازمة من طرق وموانئ ومحطات توليد كهرباء، ومشروعات الغاز الطبيعي والتكرير، وإنشاء المدن الجديدة، ومشروعات مياه الشرب والصرف الصحي، وتطوير قناة السويس ومنطقتها الاقتصادية، إلى جانب التنمية الشاملة لسيناء، وغيرها من المشروعات القومية الكبرى".
وقال رئيس الوزراء: "لقد قمنا على التوازي مع ذلك بتحديث البيئة التشريعية بمصر من خلال إصدار عدد من التشريعات الجديدة وتعديل التشريعات القائمة، لتحسين وتبسيط بيئة الأعمال ومواجهة البيروقراطية وإزالة أية عقبات تواجه المستثمرين، ومنح حوافز للقطاع الخاص للاستثمار في القطاعات الإنتاجية كثيفة التشغيل، والمناطق الجغرافية ذات الأولوية، بما يمهد لبدء انطلاقة اقتصادية قوية تليق بتاريخ مصر ومكانتها، كما قمنا مؤخرًا بفتح أسواق ومجالات جديدة ولأول مرة أمام القطاع الخاص لزيادة المنافسة ولضمان تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، وعلى رأس تلك المجالات تحرير سوق الطاقة من غاز طبيعي وكهرباء وكذلك قطاع المواصلات والنقل".
وأكد أنه "كان من الضروري لضمان استقرار الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ولاستفادة الجميع من ثمار الإصلاح أن نضع صوب أعيننا كأولوية قصوى، بإيجاد شبكة حماية اجتماعية شاملة وفعالة وعصرية، قادرة على حماية الطبقات المهمشة والفئات الأقل دخلًا، مع إدراكنا التام بأن الخط الدفاعي الأول في هذا المجال هو إيجاد فرص عمل كافية ولائقة للراغبين في العمل وخاصة الشباب والمرأة".. موضحًا أنه "من هنا قمنا بالتوسع في منظومة الدعم النقدي سواء من خلال برنامج تكافل وكرامة أو من خلال الدعم النقدي لأصحاب البطاقات التموينية، وتحسين البنية التحتية والخدمات الأساسية المقدمة في كافة أنحاء الجمهورية، والعمل على وجود منظومة تأمين صحي عصرية ومتطورة، والتوسع في برامج التدريب التحويلي، وإعداد الشباب لسوق العمل".
وأضاف رئيس الوزراء أنه "مما لا شك فيه أن كل جهد مخلص له ثماره ونتائجه، ولقد أسفرت خططنا للإصلاح الاقتصادي - التي قادتها الحكومة بالشراكة مع البنك المركزي المصري الذي أدار السياسة النقدية باحتراف - عن اكتساب ثقة المؤسسات المالية العالمية وكبار المستثمرين، الأمر الذي ظهر بوضوح من خلال التحسن المستمر في التقييمات العالمية لأداء الاقتصاد المصري".
وأشار إلى أن "صندوق النقد الدولي عدَّل مؤخرًا توقعاته لمعدل نمو الاقتصاد المصري خلال العام المالي الجاري ليصل إلى 2ر5% مقابل نسبة 8ر4% كان يتوقعها في يناير الماضي، كما حسّن الصندوق توقعاته بالنسبة للتضخم في نهاية العام المالي الجاري إلى 4 ر10% مقابل 9ر11% في تقرير المراجعة الثانية، وعدل توقعاته أيضًا لمعدل البطالة في السوق المصري بنهاية العام الجاري لتكون 1ر11% ولتكون في العام المقبل 7ر9% وهي توقعات مبنية على حقائق السوق وأدائنا الاقتصادي خلال الفترة الماضية".
وتابع رئيس الوزراء أن الفترة الأخيرة شهدت تحسنًا في عدد من المؤشرات الاقتصادية منها زيادة إيرادات السياحة، وتحويلات العاملين المصريين بالخارج والصادرات، وتراجع التضخم إلى 1ر13% خلال مارس الماضي مقابل 2ر34% في يوليو الماضي، وارتفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 3ر5% خلال الربع الثاني من عام 2017-2018، بجانب وصول احتياطي النقد الأجنبي إلى مستوى قياسي، حيث بلغ 44 مليار دولار بنهاية أبريل الماضي.
وشدد على أنه "لا توجد عملية إصلاح بدون تحديات والتحديات أمامنا كبيرة، ولكننا على ثقة من قدرتنا على مواجهتها والتغلب عليها، فلقد نجحنا بالفعل في تجاوز المرحلة الأصعب وسننجح بفضل جهودنا المشتركة وتبادل خبراتنا في الوصول لأهدافنا".. منوهًا بأن "هذا المؤتمر بما يضمه من خبراء اقتصاديين وأصحاب تجارب وصناع قرار سيكون له دور فعال في الخروج بنتائج واعدة تساعدنا على تحقيق مزيد من النمو والاستقرار الاقتصادي المستدام وإتاحة المزيد من فرص العمل، لنمضي بثبات على طريقنا لبناء مستقبل واعد وأكثر إشراقًا".
واختم رئيس الوزراء كلمته قائلًا: "لقد عقدنا العزم على مواجهة تحدياتنا ومشاكلنا بكل الشفافية والجدية، لننطلق نحو غد أفضل نصبو جميعًا إليه، ونتوجه بالشكر لكل شركائنا الداعمين لمصر في مسار الإصلاح الاقتصادي، وخاصةً صندوق النقد الدولي".. مضيفًا: "نحن نعمل كفريق عمل واحد، وأشكركم على الحضور والمشاركة القيمة في هذا المؤتمر، وأتمنى لكم كل التوفيق والنجاح".