السبت 18 مايو 2024

«الأب الكبير» بوتين يشجع النساء على الإنجاب

16-3-2017 | 10:33

تقرير: أمانى عاطف

منذ تفكك الاتحاد السوفيتى عانت بعض الدول الشيوعية وعلى رأسها روسيا وأوكرانيا من نقص عدد المواليد، مما أدى إلى تراجع عدد سكانها إلى حد كبير. تعود جذور المشكلة إلى الحرب العالمية الثانية وعمليات التطهير والمجاعة في الاتحاد السوفيتى فى فترة الثلاثينيات، وتفاقمت المشكلة عبر السنوات حتى يومنا هذا بسبب أنماط الحياة غير الصحية، بالإضافة إلى روسيا تواجه اليوم دول عديدة، كاليابان وأستراليا وإيطاليا وألمانيا، خطر انقراض شعوبها على المدى البعيد، وذلك بسبب انخفاض معدلات الإنجاب وانقلاب الهرم السكانى فيها، رغم هذا من بين هذه الدول جميعا تبدو روسيا الأكثر تضررا من تلك المشكلة.

تبين لصناع السياسة الروسية، فى فترة من الوقت، أن البلاد تواجه أزمة ديموغرافية؛ حيث تقلّص عدد السكان بعد تفكيك الاتحاد السوفيتى بمعدل ٧٠٠ ألف شخص فى العام، وفقدت البلاد بين عامى ١٩٩٢ و٢٠٠٩ نحو ٦٦ مليون شخص أى ما يعادل ٤٤٪ من سكانها، وفى الفترة الاخيرة من التاريخ الروسى بدا الأمر وكأن حربا نووية قد ضربتها، فى ظل قله عدد المواليد الأحياء لتعويض عدد الوفيات وتراجع عدد السكان بشكل كبير.

بعد أن تفاقمت الأزمة الديموغرافية دق الرئيس فلادمير بوتن ناقوس الخطر خلال حملته الرئاسية عام ٢٠١٢ وأطلق عليه «الأب الكبير الذى يعول الأسرة الكبيرة»، واستطاع من خلاله تقليص الفجوة بين معدل المواليد ومعدل الوفيات. ففى عام ٢٠١٤ ارتفع عدد سكان روسيا بـمقدار ٢٠.٥ ألف نسمة لأول مرة منذ ٢٠ عاما أى منذ تاريخ روسيا المعاصرة.

وقد سبق ذلك خلال العقد الأخير جهود من جانب الدولة لتحسين الحالة الديمغرافية من خلال طرح حل بسيط هو إنجاب المزيد من الأطفال فمنذ عام ٢٠٠٧ يتم دفع إعانات مادية ملموسة إلى الوالدين لدى ولادة طفل ثانٍ وثالث فى العائلة. وتأسست جائزة خاصة «وسام المجد الأبوي” عام ٢٠٠٨، حتى إن العائلات التى لديها ٧ أطفال فأكثر تتم دعوتها إلى الكرملين  ويحصلون على ميدالية من الرئيس نفسه. فى إطار مبادرة تهدف إلى تعزيز معدل المواليد فى روسيا. الجدير بالذكر أن روسيا الاتحادية تمتلك أكبر موارد طبيعية مثل الغاز الطبيعي، الفوسفات، الحديد، النفط، فيبلغ عدد الصادرات منها كل عام أكثر من نصف الدخل القومى لها. وهى دوله صناعية متقدمة جدا وغنية.وهى تحتل المرتبه رقم ٩ فى قائمة البلدان من حيث عدد السكان، فبلغ عدد سكانها حتى مارس الحالى

١٤٣٫٣٩٤٫٧٩٥وعلى الرغم من أن عدد السكان فيها كبير جدا إلا أنها فى خطر كبير أيضا ، حيث إنها تعانى من معدل نمو سالب منذ عدة سنوات، هذا الانكماش فى عدد السكان ليس بسبب الموت الكثير من الحوادث والمرض ونقص العناية، ولكن النقص سببه انخفاض معدلات الإنجاب فى تلك الدوله بشكل كبير. ومن أبرز الأسباب التى قادت إلى ذلك ارتفاع نسبة الوفيات الناجمة عن تعاطى الخمور والمخدرات بين الرجال وانخفاض معدلات الإنجاب لدى المرأة الروسية؛ حيث تفضل المرأة الروسية إنجاب عدد أقل من الأطفال لكى تتمكن من توفير ظروف حياتية أفضل، كما أن الفتيات تطرحن سببا إضافيا لعدم إنجاب الأطفال وهو عدم العثور على الزوج المناسب. فالنساء فى البلدان الأوربية يتلقين تعليما جيدا ويصبح لديهن أهداف عملية ويحظين بمراكز ووظائف أفضل بكثير وبدوام عمل كامل، لذا لا يوافقن على أن يكن محدودات بالإنجاب والاسرة. وكثيرات منهن يخترن تأجيل فكرة الإنجاب حتى الثلاثينيات من عمرهن. فتأجيل انجاب الأطفال يسمح للمرأة بأن تكون أكثر استقلالية، ويساعد الأسر على مواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة ولكنه يعنى أيضا أن المجتمعات ستحظى بمعدلات نمو سكانى سالب. ويعرب عدد متزايد من النساء فى روسيا عن استيائهن مما يردده بعض السياسيين فى روسيا عن مسئوليتهن عن تراجع عدد السكان بسبب عدم حماسهن للحمل والإنجاب، ويرون أن المشكلة بدأت منذ وقت طويل، وأنه حتى لو أنجبت النساء المزيد من الأطفال فالموقف لن يتحسن، فالمرأة تحتاج أن تضمن توافر الظروف الملائمة لتربية الأطفال.
 كما تعانى روسيا من الشيخوخة فمتوسط العمر ٧١ سنة، وقد تناقص عدد سكانها (من ١٤٩ مليون نسمة إلى ١٤٣مليون نسمة ) ما بين (عام ١٩٩٠ إلى عام ٢٠٠٥) أى بمعدل ٤ ٪، البنك الدولى يتوقع أن عدد السكان سوف يتناقص إلى ١١١ مليون نسمة بحلول عام ٢٠٥٠، أى ينخفض حوالى ٣٢ مليون نسمة أى ٢٢ ٪ من السكان.

وهناك دراسات أخرى تتوقع انخفاض عدد السكان بنسبة قد تصل إلى ٣٠٪ فى عام ٢٠٥٠.

    الاكثر قراءة