الخميس 23 مايو 2024

خبراء طاقة: زيادة أسعار النفط العالمية تضيف عبئا على الموازنة وتستوجب تصحيح الدعم جزئيا.. وفاتورة استيراد مصر سنويا 13 مليار دولار.. ولا بديل عن تعديل أسعار الوقود

تحقيقات28-5-2018 | 16:23

خبير: زيادة أسعار النفط العالمية تستوجب تعديل أسعار المحروقات

القليوبي: مصر تستورد وقودا سنويا بـ13 مليار دولار ولا بديل عن تعديل الأسعار

خبير بترولي: ارتفاع أسعار النفط عالميا يضيف عبئا على الموازنة.. وتعديل الأسعار ضرورة

 

مع ارتفاع أسعار النفط عالميا، أكد خبراء بترول وطاقة أن هذه الزيادة تضيف عبئا على الموازنة العامة للدولة نتيجة الفارق بين السعر المحدد فيها وبين السعر العالمي، مؤكدين أن فاتورة استيراد مصر سنويا من المواد الوقودية تقدر بـ13 مليار دولار ما يستوجب تعديل أسعار المحروقات وهو الحل الذي لا بديل عنه لسد عجز الموازنة.


فارق سعر الموازنة والعالمي

الدكتور مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، قال إن تعديل أسعار الوقود خلال الفترة القادمة ضرورة نتيجة ارتفاع أسعار خام برنت عالميا، مضيفا أن برميل خام برنت وصل إلى 79 دولار ما يعني الزيادة في أسعار كافة المشتقات البترولية لأنه كلما زاد خام برنت بمقدار دولار واحد زاد سعر لتر السولار بمقدار 11 قرشا ولتر البنزين بمقدار 14 قرشا.


وأكد يوسف في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن الموازنة العامة للعام المالي الجديد وضعت على متوسط سعر 67 دولار للبرميل لكنه اليوم سعره 76 دولار للبرميل بزيادة 9 دولار عن سعر الموازنة ما يضيف عبئا عليها، لأن التكلفة وفقا للسعر العالمي تقدر بـ7.70 قرشا للتر السولار.


وأشار إلى أن تعديل الأسعار المفترض أن يتم خلال الفترة المقبلة وفقا لما حددته الموازنة العامة للدولة، مضيفا أن هناك خفضا في دعم الوقود بقيمة من 121 مليار جنيه إلى 89 مليار جنيها ما يؤكد أنه حتى إذا زاد أسعار الوقود للمستهلك فستظل الدولة تدعمه ويباع أقل من تكلفته الحقيقية.

 

وطالب يوسف بتطبيق القيادة الرشيدة لتقليل الاستهلاك في المنتجات البترولية وتوفير استهلاك الوقود، قائلا إن معدل الاستهلاك المصري من الوقود كان ما بين 10- 12% إلا أنه انخفض العام الحالي لأول مرة بقيمة 4% وذلك بعد الزيادة العام الماضي في أسعار السولار والبنزين، مضيفا أن الغاز الطبيعي سعره أقل من السولار والبنزين ويمكن التحول إليه كبديل تجنبا لأي أعباء إضافية.

 

13 مليار دولار فاتورة استيراد سنوية

واتفق معه الدكتور جمال القليوبي، أستاذ هندسة البترول والطاقة بالجامعة الأمريكية، قائلا إنه لا بديل أمام مصر عن تعديل أسعار الوقود في ظل ارتفاع أسعاره عالميا وتكلفة الاستيراد التي تتكبدها الموازنة العامة سنويا، مضيفا إن مصر دولة مستوردة للوقود وفاتورة الاستيراد تأكل نحو 13 مليار دولار سنويا من الموازنة.

وأكد في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن فاتورة استيراد المواد الوقودية شهريا تقدر بمليار و230 مليون دولار بزيادة قدرها 39% بسبب ارتفاع السعر العالمي للنفط، مضيفا إن الاستيراد شهريا كان يقدر بـ 790 مليون دولار عند سعر 60 دولارا لبرميل النفط لكن بعد الزيادة إلى 79 دولارا للبرميل أصبحت التكلفة مليارا و230 مليون دولار شهريا.

وأشار القليوبي إلى أن المستهدف من رفع الدعم عن الوقود تدريجيا هو توفير خدمة دعم اجتماعي للمواطنين، موضحا أن الدعم كان يوجه بنسبة 61% للمواد الوقودية و19% للسلع التموينية و9% للمعاشات و4.5% للضمان الاجتماعي ما يعني أن دعم السلع الوقودية كان يأكل النسبة الأكبر من دعم الدولة.

وأضاف أنه بعد بدء تحريك الأسعار تدريجيا من عام 2014 زادت قيمة دعم السلع التموينية ووصلت نسبته إلى 39% وبعدما كان يحصل المواطن على 15 جنيها أصبحت 50 جنيها للفرد، مضيفا أن المعاش زادت نسبته إلى 15% وكذلك المظلة التأمينية والضمان الاجتماعي ارتفع إلى 12% بعدما كان 4.5%.

وأوضح القليوبي أن حجم الدعم للمواد الوقودية انخفض إلى 37% وكان مستهدفا رفعه تماما في 2019 لكن الزيادة في الأسعار عالميا جعلت مصر كأنها لم تحقق شيئا، ما يوجب التعامل مع الأسعار الجديدة، مشيرا إلى أن حجم المستهلك من المواد الوقودية يوميا يقدر بنحو 216 ألف طن وهو رقم ضخم وأكبر نسبة فيه السولار والتي تصل إلى 52 ألف طن يوميا.

وأكد أن حجم المستهلك يوميا من البنزين 14 ألف طن، ومن المازوت 9 آلاف طن  و15 ألف طن من بوتاجاز وما يقدر بنحو 126 ألف طن غاز طبيعي، مضيفا أن معدل الاستهلاك من أنابيب البوتاجاز يقدر بمليون و200 ألف أنبوبة يوميا وهي كلها معدلات استهلاك ضخمة.

وأضاف إن كل المؤشرات الاقتصادية والمؤسسات الدولية تؤكد أن الاقتصاد المصري أصبح صلبا ومستقرا ، ويتوقع أن يحقق معدلات نمو خلال 2018 و2019، مضيفا إن ارتفاع أسعار النفط مستهدف لتكسير المناطق الاقتصادية الواعدة في الشرق الأوسط ومنها مصر حسبما أجمعت وأكدت كل المؤسسات والمؤشرات العالمية.

 

زيادة أسعار النفط العالمية

ومن جانبه، قال المهندس صلاح حافظ، الخبير البترولي، إن ارتفاع أسعار النفط العالمية وتجاوز أسعارها حاجز 75 دولار للبرميل يمثل عبء كبير على الموازنة نتيجة الفارق بين السعر الموضوع على أساسه الموازنة والتكلفة الحقيقية، مضيفا أن هذا الفارق يوجب تعديل أسعار المشتقات البترولية في مصر خلال الفترة المقبلة.

 

وأكد حافظ، في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن هذه التغييرات في الأسعار سيتحملها الفئات الأكثر قدرة كالشركات العملاقة والأجنبية وأصحاب الأعمال لأنها التي تستهلك الوقود بنسبة أكبر تصل إلى 8% من إجمالي الاستهلاك المصري، مضيفا أن المواطن العادي يقع في الشريحة الأقل استهلاكا وبالتالي فلن تضيف أعباءً عليه.

 

وأشار إلى ضرورة وجود نظام موازي لتعويض المواطنين والضمان الاجتماعي لهذه الفئة لعدم زيادة أعباء عليها، مؤكدا أن تعديل الأسعار يمثل خفض جزئي للدعم كان ينبغي اتخاذه قبل عشرات السنوات وسيعود في صورة خدمات للمواطنين ويؤدي لتقليل عجز الموازنة بدلا من اللجوء للاقتراض.