الثلاثاء 28 مايو 2024

لبنان: سجال سياسي حاد بين رئيس "التقدمي الاشتراكي" وتكتل "لبنان القوي"

15-6-2018 | 15:36

حرب "كلامية" عنيفة وسجال سياسي حاد بدأ مع بداية اليوم الأول لعيد الفطر المبارك، بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السياسي المخضرم وليد جنبلاط من جهة، والتيار الوطني الحر وتكتل لبنان القوي من جهة أخرى، وذلك بعد تغريدة دونها "جنبلاط" عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" وصف فيها العهد (الرئاسي) الحالي بالفشل على خلفية زخم دعوات عودة النازحين السوريين بأسرع وقت ممكن إلى بلادهم، معتبرا أنها "دعوات للكراهية والعنصرية".
وشهدت الآونة الأخيرة حراكا وزخما سياسيا كبيرا من جانب الرئاسة اللبنانية، والتيار الوطني الحر و(تكتل لبناني القوي) أمام المجتمع الدولي، بطلب المساعدة في عودة اللاجئين السوريين إلى سوريا في أسرع وقت ممكن، لما تشكله أزمة النازحين السوريين من ضغوط كبيرة على الاقتصاد والأوضاع السياسية والاجتماعية والأمنية في لبنان.
وهناك ما يشبه الاتفاق في الرؤى بين معظم الفرقاء من القوى السياسية اللبنانية في شأن أزمة النازحين السوريين داخل لبنان، برفض توطينهم داخل لبنان وكذلك رفض اندماجهم داخل المجتمع، وأن تبدأ عودتهم مرحليا إلى سوريا بعد أن استقرت الأوضاع في العديد من الأراضي السورية في ما يعرف إعلاميا بـ "المناطق الآمنة".
وتأتي هذه الحرب الكلامية الجديدة في الوقت الذي لم يتم فيه حل أزمة أخرى بين الفريقين تسميها وسائل الإعلام اللبنانية بـ(العقدة الدرزية) في شأن آلية تمثيل الوزراء الذين ينتمون للطائفة الدرزية في الحكومة المقبلة، حيث يتمسك "جنبلاط" بأن تكون تسمية الوزراء الدروز في الحكومة (في الحقائب الثلاثة المخصصة لهم) من خلاله كممثل وحيد للطائفة، في حين يريد تكتل لبنان القوي تسمية وزير المهجرين بحكومة تصريف الأعمال النائب طلال أرسلان (وهو أحد الزعامات الدرزية) في الحكومة المقبلة، وذلك خصما من الحصة الدرزية بالحكومة، حيث يشكل هذا الأمر أحد الأزمات القوية التي تعترض الانتهاء من التشكيل الحكومي.
ومع بداية نهار اليوم فاجأ وليد جنبلاط الجميع بتغريدة شديدة اللهجة قال فيها: "أما المهجرون في الأرض فلا عيد لهم ولا راحة. يلاحقهم الموت في البحار وفي الصحاري تجار البشر. يهربون من الظلم والحروب من أجل حياة أحسن فإذا بجدران الكراهية والعنصرية ترتفع في كل مكان، وفي لبنان يطالبون بتسليمهم إلى الجلاد بحجة تحميلهم سوء الأحوال ومصيبتنا في عهد فاشل من أول لحظة" .
ولم يمر وقت طويل حتى لجأ نواب تكتل لبنان القوي ووزراء التيار الوطني الحر و"العونيون" (نسبة إلى الرئيس اللبناني ميشال عون)، إلى الهجوم المضاد باستخدام نفس المنبر (تويتر) وبضراوة شديدة، خاصة وأن الرئيس عون كان يترأس هذا التكتل بمسماه القديم (تكتل التغيير والإصلاح) .
وقال وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل ردا على جنبلاط دون أن يذكر اسمه: "أنجز هذا العهد بسنة واحدة ما لم تنجزه كل العهود التي كنتم من أركانها. يشهد اللبنانيون على فشلكم وفسادكم في كل الملفات التي استلمتموها. قدرنا والتزامنا أن نصلح ما أفسدتم".
كما شارك في الرد النائب أسعد درغام الذي قال بدوره: "لا نستغرب ممن اعتاد النفاق والمراوغة، التهجم على سيد العهد (الرئيس عون) الذي اتخذ على عاتقه محاربة الفساد والمفسدين. إن البلد بحاجة إلى مسئولين عظماء، والبلد الذي اعتاد رشق الناس بالحجارة وبيته من زجاج ليس منهم طبعا. والسؤال الذي يجب أن يطرح ما خلفية هذا الحس الإنساني عند من امتهن القتل والتهجير منذ عقود ؟ وأي فاتورة يسددها البك (لقب جنبلاط)؟ .. نطمئنه أن هذا الملف لا يمكن استثماره بالسياسة، ولن يحقق لك المكاسب، خيط بغير هالمسلة" .
ورد النائب إلياس بو صعب: "من يبوح بكلام عنصري تجاه أبناء وطنه يفقد المصداقية عندما يدعي الدفاع عن حقوق النازحين من باب العنصرية، وكلامه ذاته تجاه كل العهود هو من باب هذه العنصرية".. وقال النائب سيمون أبي: "‏تاريخنا مشرف وإنجازاتنا تشهد لنا، ويقول المثل اذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا" .. كما قال النائب زياد أسود: "‏من خلع كرامته ليلبس عباءته تغطية لفشله وارتهانه لا يعطي دروسا لاحد.. مبروك الزعامة على اللقب".
ودخل وزير الاقتصاد رائد خوري على خط المواجهة ضد جنبلاط أيضا قائلا: "‏هل يدفع وليد بك من جيبه الكبيرة إذا انهار الاقتصاد من جراء عبء النزوح".
فيما قال رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني وزير المهجرين طلال أرسلان (من الطائفة الدرزية نفس طائفة جنبلاط)، في تغريدة له، "كل من يدعي حرصه على النازحين، كان وراء نزوحهم وتهجيرهم بمواقفه الدامية ودعواته لهدر الدماء، نحن أخبر وأعلم الناس بأوضاع سوريا والحل يبدأ بعودة آمنة لهم وبالتنسيق بين الدولتين، وسبق ودعينا للتنسيق مرارا لحل هذا الملف وغيره من الملفات.. نحن أدرى في الفضائح التي ارتكبت بحق المهجرين والمقيمين في الجبل على حد سواء من ظلم وتعد وبيع حقوقهم.. في ظل العهد القوي والنظيف لا خوف على لبنان.. أما التهجم الممنهج عليه فسببه الأساسي كسر الأحادية والإحتكار".
وعلى الجانب الآخر، شارك وزير التربية والتعليم العالي مروان حماده في الحرب الكلامية دفاعا عن "جنبلاط" حيث قال: "منذ الأسابيع الأولى بمشاركتي في الحكومة، بعد الانفراد بعدم التصويت للعماد ميشال عون في أكتوبر 2016 وشعوري بأن عملية إسقاط اتفاق الطائف وضرب علاقات لبنان العربية قد انطلقت.. أستطيع أن أصف في أول تجربة هذا العهد بالأكثر فشلا منذ الاستقلال وهذه الحكومة بإنجازاتها الفضائحية بالأسوأ في تاريخ الحكومات".
وقال النائب هادي أبو الحسن عضو "اللقاء الديمقراطي" الذي يتزعمه "جنبلاط" دفاعا عنه: "مهلا يا أصحاب النخوة المستجدة، يا من تدعون الديمقراطية والشفافية، وتتغنون بحرية الرأي والتعبير، هالكم قول الحقيقة من قبل وليد جنبلاط، يا ليتكم أسهمتم ببناء الوحدة بدلا من نبش القبور، ولجمتم من هدد بتكسير الرؤوس. اتعظوا ولا تتسرعوا.. كفى"، وذلك على حد نص تعبيره .
كما دون مفوض الإعلام في الحزب "التقدمي الاشتراكي" رامي الريس قائلا: "‏علامات فشل العهد لا تكفيها أحرف تغريدة، بعضها: مراسيم تجنيس فضائحية، صفقات بواخر مشبوهة، تعيين الأقارب والأصهار والأحفاد، نبش القبور والعظام، صدام مع المجتمع الدولي، غياب العداء الإيديولوجي مع إسرائيل، تدجين المؤسسات. اللائحة تطول.. لا يبقى من الإصلاح إلا الشعار" .