قال مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير رياض منصور، إن أمامنا تحديات كبيرة لمواجهة ما يسمى بـ"صفقة القرن"، التي تتبناها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب"، مشيرا إلى أنه من أجل مواجهتها لا بد من التركيز على عدة أبعاد، أولها هو إنهاء حالة الانقسام الفلسطيني بشقيه السياسي والجغرافي.
وأضاف منصور - في كلمته بمؤتمر بعنوان "فلسطين إلى أين.. في ظل التغيرات الدولية والإقليمية والمحلية؟" الذي يعقده مركز سياسات ودراسات حل الصراع في رام الله- أن البعد الثاني يتمثل في أهلنا داخل أراضي عام 1948، الذين يقفون أمام تحديات كبيرة، فهم يواجهون العداء والعنصرية التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية الحالية، من خلال ما تشرعه من قوانين عنصرية تحرمهم من حقوقهم الوطنية كأقلية قومية داخل إسرائيل.
وتابع منصور أن البعد الثالث هو التركيز على الدور الذي يلعبه المجتمع الدولي من خلال الأمم المتحدة، حيث وبعد الاعتراف بدولة فلسطين وما تبعه من تغيير لوضعيتها في المنظمة الدولية إلى دولة بصفة مراقب، فقد مكنها ذلك من الانضمام إلى العديد من المعاهدات والمواثيق الدولية كدولة طرف فيها، ما يعزز من أركان الدولة الفلسطينية في الحلبة الدولية.
ولفت منصور، إلى أن "الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية، منحنا الأهلية القانونية بملاحقة الجهات المدانة بارتكاب جرائم ضد الشعب الفلسطيني، لا سيما جرائم الحرب، خاصة استمرار الاستيطان"، مشيرا إلى أن "فلسطين أصبحت قادرة على ملاحقة تلك الجهات من خلال النظام القانوني لمحكمة الجنايات الدولية".
وأكد أنه "لمواجهة الهجمة على مشروعنا الوطني وشعبنا الفلسطيني وقيادته ممثلة بمنظمة التحرير، قمنا بتحديد استراتيجية من خلال عمل اللجنة التي سيقوم مجلس حقوق الإنسان بتشكيلها قريبا للتحقيق في الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل بحق المتظاهرين المدنيين السلميين في قطاع غزة منذ 30 مارس المنصرم".
وقال منصور "إنه يتعين على تلك اللجنة، التحقيق بجرائم قتل وجرح عشرات المدنيين الفلسطينيين، ومعظمهم من الأطفال"، ورجح "أن هناك جهودا تبذل لتشكيل هذه اللجنة التي سترفع تقريرا بعملها"، مؤكدا "أن هذا الجهد ليس بالأمر السهل في ظل الحملة المضادة والقوية التي تقودها الولايات المتحدة وإسرائيل".
وتابع "أن جزءا من استراتيجيتنا متعلق باتباع الخيارات القانونية، خاصة بعد أن وجدنا بطئا في عمل محكمة الجنايات الدولية تحديدا المدعي العام، حيث وعلى مدار ثلاث سنوات لم يتجاوز عملهم مرحلة التحريات الأولية، ولم تنتقل المحكمة إلى مرحلة التحقيق الرسمي، وهو ما أجبرنا على تقديم إحالة في أعقاب اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني".
وقال: "قدمنا هذه الإحالة مع التركيز على الجرائم المستمرة المتمثلة بالاستيطان، ونأمل أن نرى نتائج ملموسة على طريق الوصول إلى تحقيق فعلي في الجرائم المتواصلة بحق شعبنا، خاصة جريمة الاستيطان، وهناك بالفعل تحريات ودراسات تقوم بها محكمة العدل الدولية، متعلقة بوضعنا الفلسطيني بما في ذلك القدس".
وتحدث منصور عن عمل مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، قائلا "إننا عارضنا الإجراءات غير القانونية والاستفزازية أحادية الجانب التي اتخذتها الإدارة الأمريكية الحالية، التي تحدّت من خلالها القانون والقرارات الدولية والمتعلقة بمدينة القدس"، مضيفا "أننا نجحنا في توحيد 14 من أعضاء مجلس الأمن كأغلبية للدفاع عن قرارات مجلس الأمن والقانون الدولي، لمجابهة تلك السياسات، خاصة إعلان ترامب "القدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها".
وقال: "بعد هذه الخطوة توجهنا إلى الجمعية العامة وكسبنا 128 صوتا لصالحنا في مقابل 9 أصوات ضدنا، وبعد المجزرة التي ارتكبتها إسرائيل في غزة ذهبنا مرة أخرى إلى مجلس الأمن، وطلبنا منه الوقوف عند مسئولياته وتبني قرار بتوفير الحماية للمدنيين الفلسطينيين الذين يعيشون تحت حكم الاحتلال الإسرائيلي".
وأضاف أن "القانون الإنساني الدولي، تحديدا اتفاقية جنيف الرابعة، يحدد مسئولية سلطة الاحتلال وحقوق المواطنين الذين يعيشون تحت الاحتلال فيما يتعلق بالحماية، حيث يقران أن سلطة الاحتلال هي المسئولة عن توفير الحماية للمدنيين الخاضعين لاحتلالها في كافة الظروف والأوقات، وعندما تتحول سلطة الاحتلال إلى طرف يقتل ويرتكب مجازر بحق المدنيين الذين يفترض منها حمايتهم، فإنها تتنصل من مسئولياتها، وبالتالي فإن المسئولية تنتقل إلى المجتمع الدولي لتوفير هذه الحماية".
وأردف "بموجب هذا الفهم القانوني ذهبنا إلى مجلس الأمن لطلب الحماية لشعبنا الفلسطيني. وحصلنا على 10 أصوات لصالح مشروع القرار الذي تقدمنا به، لكن القرار فشل بسبب الفيتو من الولايات المتحدة، لذا تقدمنا إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة".
واعتبر منصور "أن طلب الحماية لنا لا يكفي، إذ يجب أن يعقبه إجراءات وتطوير أفكار عملية تنقل إلى الأمين العام للأمم المتحدة وطواقمه، بحيث عندما نعود للجمعية العامة فإنّ علينا تبني هذه الأفكار الملموسة، وهي أفكار ذات طبيعة معقدة. نحن لا نتحدث عن نشر قوات حفظ سلام، فهي من مسئولية مجلس الأمن بموجب البند السابع، ولكن في المقابل يمكننا تزويد الأمين العام للمنظمة بأفكار ملموسة وعملية يمكنها المساهمة وبطريقة خلاقة تفضي إلى تحقيق الأمن والسلام لشعبنا".
وقال: "دون إضافة عنصر الحماية، وهو عنصر سياسي، فإن أي أفكار لتقديم مساعدات اقتصادية أو إنسانية للشعب الفلسطيني ولا سيما في غزة ستكون ذات طبيعة محدودة".