أجرت الحوار : إكرام صعب – تصوير : بول كهكدجيان
أن ترسم وللمرة الأولى في تاريخ الكنيسة الإنجيلية إمرأة قسيسة فهذا بحد ذاته يعد من الخطوات غير المسبوقة والمتقدمة على صعيد تحقيق العدالة الإجتماعية في لبنان والمنطقة .
القسيسة رولا عادل سليمان من أب سوري الجنسية وأم لبنانية عاشت وترعرعت في مدينة طرابلس بشمال لبنان ،حظيت بثقة السينودوس الإنجيلي الوطني في سوريا ولبنان والشرق الأوسط كأول امرأة قسيسة إنجيلية بالمنطقة .
ففي يوليو الماضي، أصدر السينودس قرار رسامة رولا بعد الطلب الذي رفعته إليه الكنيسة الإنجيلية الوطنية في طرابلس.
القسيسة رولا سليمان تعلق على هذا القرار الذي ُنفذ في 26 فبراير الماضي ، وموقفها من قرار السينودس، رأيها في العدالة الإجتماعية بين الرجل والمرأة وغيرها من الأسئلة والمواقف التي كشفت خلالها عن شخصيتها كإمرأة مثقفة منفتحة بالسلام وتدعو اليه ، فى هذا الحوار الأول لها خارج لبنان والذى اختصت به مجلة حواء .
من رولا سليمان؟
أنا من مواليد العام 1975شابة تؤمن بالسلام وتدعو الى المحبة ، ولدت وترعرعت في شمال لبنان في مدينة طرابلس ذات الغالبية المسلمة وأفتخر بهذه المدينة التي هي مسقط رأسي، إحتضنتني ودعمت مسيرتي، فأنا أقدّر مجتمع مدينتي الفسيفساء بكل مكوناته وتركيبته، وتحديداً المسلمين والطائفة السنيّة التي يتعامل أبناؤها مع قرار رسامتي بكل إيجابية وتشجيع، وذلك بفعل قربي من الناس دونما تمييز، ووقوفي إلى جانبهم في المحن بعيداً من المظاهر".
أبي وأمي يعملان في حقل التمريض فيما أخي يدرس في أميركا مادة علم الأجنّة أما أختي فتعمل في حقل التربية التعليم .
هل أنت متزوجة؟
لغاية اليوم لا وفي ديانتي لا شيء يمنعني من ذلك وأنا أؤمن بضرورة الزواج للجميع
كيف بدأت قصتك مع هذا التوجه خصوصاً وأن أفراد أسرتك فى مجالات أخرى؟
منذ كنت في الرابعة عشرة من عمري قررت أن أتخصص بدراسة مختلفة توجهت لقراءة الكتب السماوية ، وأحببت أن أعرف الكثير عن الحقائق من الكتب نفسها ، قرأت القرآن الكريم والإنجيل وتوجهت بعد نيلي شهادة الثانوية العامة الى العاصمة بيروت ، ودرست في كلية اللاهوت في الشرق الأدنى في بيروت ، وبعد أربع سنوات نلت البكالوريوس في "اللاهوت في التربية المسيحية" وبعد ذلك قرر السينودوس الإنجيلي الوطني في سوريا ولبنان تعيني مسؤولة التربية المسيحية في منطقة البقاع فعملت على تدريس الاطفال والنساء والشباب من الطائفتين الاسلامية والمسيحية في المدارس والكنائس هناك وكنت مسؤولة عن تدريس مادة الأخلاق في بلدات خربة قنافار وقب الياس ومدينة زحلة عاصمة البقاع .
لمن يعود الفضل في تنصيبك ؟ ومتى حصل ذلك؟
بعد التدريس في البقاع وفي العام 2001 طلبتني الكنيسة الانجيلية في طرابلس وانتقلت بعدها الى كنيسة بلدة منيارة في عكار شمال لبنان ، وأكملت مسؤوليتي في تعليم الأطفال والنساء الأخلاق الروحية الى أن قرر القسيس جورج بيطار راعي الكنيسة ولأسباب عائلية الهجرة من لبنان وهكذا وبشكل اوتوماتيكي ومن دون حساب صارت الكنيسة في طرابلس من دون راعٍ ، فصرت أحل مكانه على المنبر كمرحلة إنتقالية لسد الفراغ الى أن لاقيت قبولاً فأدركت أنا والكنيسة أن المسالة لم تعد مسالة جنس الراعي ولم تقف هذه المسالة أمام شيوخ الكنيسة الى أن اكتشفوا ضرورة وجودي ، وهنا أريد أن أنوه بمبادرة الدكتور هادي غنطوس الذي كان المسؤول الرعوي عن كنيسة طرابلس حيث أجمع معهم على ترشيحي وكان له الدور الكبير في ذلك ، فحصل الترشيح بعد مشاورات بينهم وطلب مني أن أكون راعي الكنيسة في المرحلة الأولى عام 2008 ومنها الى لجنة شؤون الكنيسة فوافقت بدورها ورفعت الطلب الى المجلس الإداري وهو أكبر هيئة إدارية في السينودوس وعينت راعيا للكنيسة في العام نفسه وحصلت الضجة يومها فصرت للمرة الاولى واعظة وبقيت منذ العام 2008 ولغاية اليوم في المنصب الى نهاية فبراير الماضي .
وما الجديد الذي طرأ على مهمتك؟
قبل الرسامة لم يكن بإمكاني إجراء عقد زواج لمن يريد ولا إجراء عمادة والآن صرت أزوّج وأعمّد وأقوم بكافة الأعمال المطلوبة من الكنيسة ومنها القيام بزيارات رعوية والإهتمام بأمور الناس .
هل كنت تحلمين بالوصول الى ذلك؟
لم أحلم يوما ذلك وقد أكون وصلت الى رتبة قسيسة كي أفتح المجال لغيري من النساء المؤهلات كي يحققن هدفهن والعدالة في الوقت نفسه .
هل تؤمنين بالعدالة الاجتماعية بين الرجل والمرأة ؟
أنا أعتبر بأننا نعيش في مجتمع ذكوري وبإمتياز والآن تحققت عدالة المسيح لأن المسيح هو محبة ، أما بالنسبة للعدالة الاجتماعية فهي ليست محققة كما يجب بالنسبة لي أطمح دائما لوصول الشخص المناسب للمكان المناسب وأؤمن بالكفاءات .
كيف ينظر المجتمع اليك ولما حصل معك؟
النظرة إيجابية أكثر ما كنت أتوقع خصوصا في مدينة طرابلس جيراني فرحوا لي وبي ومن كل الطوائف . ونحن في مدينة طرابلس نعيش حياة عيش مشترك نتقاسم أفراحنا وأحزاننا حتى أنهم تحمسّوا للمساعدة بتزيين الكنيسة إحتفاء بي .
هل بدأت فى مراسم زواج لأحدهم؟
حتى اليوم لا لكني سأقوم بتعميد قريبا .
وما الهدف الذى تسعين إلى تحقيقه ؟
أن اكون عادلة وأحقق العدالة .
هل تشعرين بثقل المسؤولية؟
نعم المسؤولية كبيرة إلا أنني أشعر بسلام كبير
وماذا عن تأثيرعاطفة المرأة في تحمل هذه المسؤولية؟
بطبيعتي لست عاطفية وأعتمد على المنطق في تحليل الأمور والحكم عليها .
فى أوقات فراغك هل تستمعين لبعض الأغنيات والموسيقى ؟
بصفة عامة أهوى الكلاسيكيات وأحب سماع موسيقى باخ وأعشق أغنيات فيروز وأم كلثوم وعبد الوهاب .
ما رأيك فى أوضاع المرأة بلبنان ومصر والمحيط العربى؟
بشكل عام أشعر بأن المرأة لم تنل حقها خصوصا في الدول العربية ولا حتى نالته في الغرب رغما أننا نعيش في هذا المجال حالات أفضل من السابق والزمن في تطور والشبان يزدادون ثقافة والمرأة أثبتت جدارتها وشغلت مناصب عليا .
هل سبق وزرت جمهورية مصر العربية؟
نعم زرتها مرتين سابقا حين كنت طالبة وكانت زيارات سريعة ومرة أخرى بعد تخرجي من الجامعة واليوم وبعد تنصيبي وصلتني الأصداء الإيجابية من مصر ، وتابعت ذلك عبر شبكات التواصل الاجتماعي فيسبوك ، ويوم تنصيبي تحديدا سررت بوجود سيدتين من مصر حضرتا خصيصا للمناسبة وهما السيدة آن ذكي من المدرسة في كلية اللاهوت في مصر ، والأخت هبة توفيق حضرتا الرسامة وهذا خير دليل أن ثمة حلم يتمنيا تحقيقه في مصر .
وبصراحة أخجلني حماسهما وسررت بحضورهما واليوم نحن دائما على تواصل من خلال وسائل التواصل الإجتماعي .
ما هي أمنيتك للمراة المصرية؟
أن تحقق ذاتها وتنال فرصتها ، وتبرز مواهبها الروحية وأعتقد أن الآتي أفضل .
هل ستزورين بعض الدول خارج لبنان؟
ولما لا طبعا خصوصا إذا دعيت لحضور مؤتمر أو كان عندي خدمة للمجتمع خارجا وأنا متحمسة لذلك .
ما هي الرسالة التي ترغبين فلى توجيهها؟
من كنيسة صغيرة في المساحة ، كبيرة في دورها صرت قسيسة لذلك علينا الآنستهين بالأمور على الإطلاق .نحن دعاة سلام والمسيحية تبشر بالمحبة وأتمنى أن يعم السلام وتتوقف إراقة الدماء وخصوصا في سوريا فأنا ضد الظلم وأتألم كلما مرتأمامي مشاهد الدماء في سوريا والعراق .
هل لديك دعم ذكوري؟
نعم وهو كبير وهناك زملاء رجال قدموا خصيصا وبهذهالظروف العصيبة من حمص في سوريا أيضا ليحضروا معي وكذلك من اللاذقية ودمشق وهذا دعم أعتز به .
فى رأيك هل سترسم امرأة غيرك قسيسة ؟
نعم هناك قسيسة ثانية، وهي الواعظة نجلاء قصاب، وستتم رسامتها في 24 مارس المقبل.