للنجمة : سميرة أحمد
إننى أشكو فى هذه الأيام من مرض جديد، هو "النسيان" ذلك أنى لاحظت أننى أنسى أشياء كثيرة وقد لا تصدقون إذا قلت لكم إنني نسيت نفسى، مدى ثلاثة أيام لم أذق خلالها طعاما.
وفى اليوم تذكرت - ولا أدرى كيف؟.. أننى أحس جوعا شديدا، ورويدا رويداً رحت أتذكر كيف أمضيت هذه الأيام الثلاثة بغير طعام!
وحفزنى هذا على أن ألتقط جميع كتب علماء النفس الذين عالجوا مرض النسيان، ووضعتها فى مكان ما بالمنزل، ولكننى حين أردت مطالعتها نسيت المكان الذى وضعتها فيه، فرحت أبحث عنها فى كل مكان، وأخيرا وجدتها على المائدة التى كنت أجلس إليها!
وذهبت إلى الاستديو، وهناك ذهبت لأغسل يدى. ونسيت على الحوض خاتما ثمينا ثم ذهبت إلى "البلاتوه" وبعد أن انتهيت من عملى تذكرت فقدانى للخاتم الثمين، ولولا أمانة "الفراش" المكلف بخدمتنا لذهب الخاتم الثمين إلى حيث لا أدرى!
وتحدثت فى التليفون إلى احدى دور السينما لتحجز لى تذاكر باسمى فى حفلة الماتينيه، ولما حان موعد ذهابى إلى السينما ركبت التاكسى الذى وصلت به إلى دار سينما غير تلك التى حجزت فيها التذاكر...
ووقعت مشادة بينى وبين مدير السينما، فقد أصررت على أننى حجزت التذاكر فى هذه السينما لا فى سواها، غير أن المدير أصر على أنه لم يتلق حديثا تليفونيا منى بهذا الخصوص.
وذهبت فى الصباح إلى دار سينما أخرى. ودفعت فى الشباك ثمن تذاكر لى. وعندما دخلت جاء إلى المدير وهمس فى أذنى يطالبنى بثمن التذاكر التى حجزتها باسمى أمس فدفعت إليه!
على أن فى مرض النسيان هذا الذى أربكنى وحيرنى، وجدت بعض الفائدة إذ يقول المثل.. "رب ضارة نافعة".. فكثيرا ما أنسى ما أصادفه فى بعض الايام من متاعب بسبب بعض الزميلات، اللواتى كثيرا ما يثرن حولى اشاعات، ويتطوع بعضهن بنقل هذه الاشاعات إلى، على أننى سرعان ما أنساها!
وشد ما أصاب بإرهاق شديد من شدة العمل المتواصل فى الاستوديو ولكنني أنسي كل هذا بمجرد خروجى من باب الاستديو وحدث فى أحد الأفلام أن استمر العمل 15 ساعة متواصلة، حتى كاد يغمى على بسبب الارهاق، فلما انتهينا من العمل نسيت كل ما حل بى من تعب واجهاد.
ان احدى زميلاتى المتزوجات شكت إلى ذات يوم من فداحة ما تعانيه من منغصات الزواج، وما تلقاه من زوجها من مضايقات، فنصحت اليها أن تنسى أنها متزوجة بمجرد أن يغادر زوجها المنزل.
وقد عملت بنصحى فعاشت فى سعادة دائمة، وأصبح زوجها يسعي إلى استرضائها فى كل وقت.
وهكذا ترى أن مرض النسيان يبدو فى بعض الاحيان نقمة وفى بعض الاحيان الأخرى نعمة، وقد نسيت أن أقول لكم إنى أعالج نفسى من هذا المرض فى هذه الأيام.
العدد 280 الكواكب 11 ديسمبر 1956