بقلم : ناصر جابر
هل أصبحت الدراما التليفزيونية في خطر وتراجعت مصر دراميا امام الدراما التركية والهندية ؟! سؤال لابد ان يطرح هذه الايام بعد ان استحوذت وسيطرت المسلسلات التركية ومن بعدها الهندية على القنوات الفضائية التي باتت للاسف نفضل عرضها عن المسلسلات التليفزيونية المصرية وبعد ان كان المسلسل التليفزيوني المصري رقم واحد ودائما هو الافضل والمفضل في التليفزيونات وكل الفضائيات العربية وحتى الافريقية وبعد ان كانت الدراما المصرية سينما وتليفزيون سفيرا غير عادي لمصر في كل دول العالم وتنقل صورة إيجابية عن مصر والمصريين اصبحت الان في ذيل الإنتاج الدرامي العربي والذي لايعلمه الكثيرون ان للدراما دورا كبيرا ليس فقط على المستوىين الثقافي والترفيهي ولكن على مستوى الرواج السياحي والاقتصادي القومي.
والسؤال الذي يطرح نفسه- وبقوة - ما هي الاسباب التى ادت الى حدوث هذا التراجع والاجابة واضحة وضوح الشمس ان معظم ما يقدم من مسلسلات تليفزيونية لا تشبع رغبات المشاهد العربي أما دراما عنف «واكشن» أو دراما تراجيدية وهذا ما شاهدناه خلال السنوات القليلة الماضية.
ومما جعل المشاهد العربي والمصري يقبل بشراهة على الدراما التركية ذلك هو الإبهار في المناظر والتصوير والأزياء والبعد عن العنف والدماء وكم الرومانسية التى اصبح الجميع متعطشا لها.
اذكر في عام 2016 أن الدراما التركية استحوذت على نسبة مشاهدة كبيرة وأصبح نجومها أصدقاء للمشاهد المصري، ومنهم بيرين سات في مسلسل «السلطانة قُسم»، والذي بدأ عرضه قبل نهاية العام، و«العشق الأسود» الذي لعبت بطولته الممثلة توبا بويوكستون مع الفنان أنجين أكيوريك والذي كان قد أبهر المصريين في مسلسل «فاطمة» من قبل. بالإضافة إلى مسلسل «حريم السلطان» الذي عرضت الأجزاء الأخيرة منه في العام 2016، ولعب دور البطولة فيه الممثل التركي خالد أرغنش الذي باتت شهرته تنافس مشاهير هوليوود، بسبب الضجة التي أحدثها هذا العمل بأجزائه المختلفة عقب عرضه في الوطن العربي.
اما بالنسبة لانتشار الدراما الهندية انتشاراً كبيرا هذه الايام تقريبا في كل القنوات الفضائية العربية والمصرية ايضا فأن المشاهد المصري والعربي يرتبطان بالصراع داخل الدراما وبالحياة الأسرية، وهو ما يجده في الدراما التليفزيونية الهندية بشكل كبير ناهيك أن أفلام اميتبات شان وجاكي شان منذ الستينيات وحتى الآن خلقت صورة ايجابية للدراما الهندية وتأشيرة مرور الى الشارع المصري . ويشترك المزاج الهندي مع المزاج العربي عموما في البحث عن قيم أخلاقية ظلت غائبة الآن عن واقعنا اليومي وفي الدراما العربية أيضاً مثل: الوفاء والتضحية والتسامح والصدق، بالإضافة إلى التعرض للكثير من العادات والتقاليد الأصيلة.
كما أن ديكورات تلك المسلسلات وأزياء الممثلين التي تحتوي على الكثير من الألوان الزاهية، والارتباط بالموروث الثقافي والاجتماعي، كلها مثلت عوامل جذب للمشاهد على خلاف السينما والدراما العربية التي تخلت عن هذا التراث -القديم- بداعي الحداثة والمعاصرة.
والسؤال الذي يجب ان يطرح كيف تنجح الدراما التليفزيونية المصرية في استرداد مكانتها وريادتها بعد ان تم سحب البساط من تحت اقدامها هل تحدث استفاقة مفاجئة للمنتجين والمؤلفين بألا يكون الربح المادي هو الهدف الرئيس والاساسي في انتاج المسلسلات التليفزيونية؟ ولماذا لانبتعد عن كم العنف والإحباط والإسفاف والابتذال في الدراما المصرية .. اتمنى ان اجد اجابة عند كل العاملين بمنظومة الانتاج الدرامي في يوم من الأيام.