الثلاثاء 4 يونيو 2024

خبراء علم النفس: نواجه أزمة أخلاقية عرقلت عملية الإنتاج وأثرت سلبيا على مؤسسات الدولة

تحقيقات26-6-2018 | 17:13

فرويز: الكبت النفسي والشعور بالإحباط

طايل: المصريون غيروا من سلوكياتهم

ليلة: الانضباط والتخطيط سر النجاح


أكد أساتذة علم النفس والاجتماع وخبراء تعديل السلوك، أن مصر تواجه أزمة أخلاق وتغيير في السلوك خلال السنوات الأخيرة تتسبب في عرقلة عملية الإنتاج وتؤثر سلبيا على مختلف المؤسسات، مشيرين إلى أنها تخلق حالة تشاؤمية وتصيب المكلفين بالمهام بالإحباط واليأس وتقتل الأمل وتفتك بالعزيمة.

واستنكر خبراء السلوك النفسي، الاعتداءات اللفظية على لاعبي المنتخب المصري أمام مقر إقامتهم بالعاصمة الشيشانية جروزني أمس، عقب خسارتهم أمام المنتخب السعودي ضمن مونديال كأس العالم المقام حاليا في روسيا، مؤكدين أن ذلك يكشف عن أزمة أخلاقية حقيقية تمر بها البلاد.

أزمة أخلاقية وعشوائية:

عالم الاجتماع، الدكتور على ليلة الأستاذ بجامعة عين شمس، قال إن مصر تعاني من أزمة أخلاقية وفوضوية وعشوائية في التعامل، وردود الأفعال على القرارات المؤسسية والمشاركات الدولية والمحلية التي تؤثر سلبا على شتى نواحي الحياة وتعيق حركة العمل في البلاد وتصيب الجميع بالإحباط واليأس.

وأكد عالم الاجتماع لـ«الهلال اليوم» أن أكبر دليل على ما حدث هو ما فعله الجمهور المصري عقب تلقي منتخب الفراعنة هزيمة أمس أمام شقيقه السعودي ضمن بطولة كأس العالم، وتوجيه الاتهامات والسباب للاعبي المنتخب أمام مقر إقامته في الشيشان، مما يؤثر سلبيا على أداء اللاعبين خلال الفترة المقبلة.

وأشار إلى أن هذا لا يعفي المنتخب من مسئوليته تجاه النتائج السلبية التي حققها في المونديال، مؤكدا أن اللاعبين أدوا ما عليهم أما الأزمة التي واجهت المنتخب أزمة إدارة وتخطيط، وإلى أن حالة عدم الانضباط والفوضى والعشوائية هي سبب الخسارة التي تلقيناها أمام المنتخب السعودي، موضحا أن التخطيط والدارسة أساس النجاح وتحقيق النتائج الإيجابية، وهو ما حدث في انتصار السادس من أكتوبر عام 1973 لأننا خضنا الحرب على أسس علمية وتكتيكية مدروسة على خلاف ما حدث في نكسة 1967.

وشدد على ضرورة التخلص من السلوكيات العشوائية على المستوى الشعبي حتى لا نتسبب في خسائر فادحة تأتي نتائجها على المدى القريب والبعيد، لأن الرسائل السلبية للمنتخب ستؤثر عليه خلال الفترة المقبلة بشكل رئيسي، مطالبا بضرورة دعم مؤسسات الدولة ومساندتها بالطرق الصحيحة مع معالجة السلبيات التي يعاني منها المنتخب بطريقة موضوعية.

5 عوامل سلوكية:

أما شيماء طايل، استشاري علم النفس وتعديل السلوك، أكدت أن ما حدث من اعتداء لفظي على لاعبي المنتخب المصري أمام مقر إقامتهم بالعاصمة الشيشانية جروزني أمس، عقب خسارتهم أمام المنتخب السعودي ضمن مونديال كأس العالم المقام حاليا في روسيا، كشف عن أزمة أخلاق حقيقية يعاني منها المجتمع المصري خلال السنوات الأخيرة.

وأرجعت خبيرة تعديل السلوك، أسباب إقدام المشجعين على التراشق بالألفاظ والتعديات وأخرها ما شهدته الساحات الرياضية وصلت إلى غياب الجماهير نهائيا عن المدرجات، إلى تغير العادات والسلوكيات في المجتمع، معتبرة ذلك السبب الرئيسي فيما وصل إليه الناس الآن.

وقالت شيماء سلامة لـ«الهلال اليوم» إن تغير السلوك خلال الفترة الحالية يرجع إلى تأثره بعدة عوامل تؤثر في سلوك الإنسان، وتجعله يسلكُ منحنيا معيّناً، ومن هذه العوامل: الجنس: فالذكر والأنثى مختلفان بسلوكياتهم، فنرى الذكر أكثرَ جرأةً وخشونةً، بينما المرأة أكثر هدوءً ونعومةً وليناً.

وأكدت أن من العوامل أيضا العمر، فالشباب هم الأكثر جرأةً وإقداما وتهوّرا في بعض الحالات، بينما يتّسمُ كبار السن بالرزانة والهدوء، ويتّسم الأطفال بالخوف غالباً وعدم المخاطرة، وأكثر الناس التي هاجمت لاعبي المنتخب وانتقدتهم بشكل سيء وسبتهم هم فئة الشباب.

 وأكدت أيضا أن العوامل التي غيرت سلوك الإنسان، العوامل الاجتماعية، وهي عبارة عن الظروف الاجتماعية المحيطة بالشخص، مثل العادات والتقاليد، والسلوكيات الثقافيّة المقبولة في المجتمع الذي يعيش بها، فكل مجتمع له سماتٌ واضحةٌ تجبِرُ الإنسانَ الذي يعيش به أنْ يأخذَها باعتبارِه، وكان هناك تغيير مؤثر في العادات والتقاليد وطرق إبداء الرأي.

وأشارت إلى أن العوامل الدينية أيضا من العوامل المهمة المؤثرة في سلوكيات الفرد، فالإيمان بالله تعالى والانصياع لأوامره يجعل الإنسان يسلك سلوكَ المطمئن والواثق بعيداً عن الخوف والحزن، كما أنه يعتقد بوجود الحساب والثواب والعقاب، مما يجعل سلوكه صحيحا، مضيفة إن قلة الإيمان أو عدم وجوده يجعل الشخص يسلك منحنى المتخبّط الذي لا يعلمُ طريقَه، فيشعر بالخوف، وفقدان الرغبة بالحياة.

ولفتت إلى أن العوامل الاقتصادية تلعب أيضا دورا حيويا في تغيير سلوك الفرد، فالوضع الماديّ للشخص نفسه وللمجتمع الذي يحيط به يؤثر في سلوكه الشرائي وطبيعة حياته، فيجعله يقبِلُ مثلاً على أنماطٍ من الحياة تتناسبُ مع هذه المؤثّرات الاقتصاديّة.

وأكدت أن المصريين يحتاجون إلى تعديل سلوك ونشر ثقافة التقبل، للقضاء على الأزمات العشوائية والأخلاقية التي هيمنت على الإنسان وقادرة على تدمير المجتمع.

سوء الخلق والنتائج السلبية:

وقال الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، إن اعتداء الجماهير بألفاظ بذيئة جاء نتيجة الكبت النفسي والضغط الشديد الذي يسيطر على الجماهير، ويتسبب أيضا في إصابة لاعبي المنتخب بالإحباط واليأس.

وأكد استشاري الطب النفسي لـ«الهلال اليوم» أن تصرف الجمهور نابع من الغضب الشديد والضغط النفسي الكبير بسبب الأداء المحبِط للمنتخب وعدم تقديم كرة تشفع له لدى المصريين.

وأضاف فرويز، إن الحالة التي ظهرت على بعض مشجعي مصر سببها الحزن الشديد ويكون لها مردود سلبي يوسع دائرة اليأس والإحباط، موضحا أن المشجعين لجئوا لتفريغ طاقة الغضب والحزن داخلهم.

وأشار إلى أن اللاعبين بذلوا جهدا كبيرا وأدوا ما عليهم، والجمهور يدعمهم كما حدث أمام أوروجواي، ولكن أمام السعودية فقدت الجماهير الروح والخطة والمجهود، مما أصابهم بالإحباط واليأس.

وأوضح أن الجمهور كان يأمل ويتمسك بالفوز أو التعادل في أي مباراة في البطولة، الأمر الذي جعله في حالة ضغط وكبت نفسي شديد وخاصة الفوز لبلد عربي أقل منك في المستوي الكروي، لذا رد الفعل جاء بالسباب فقط.

وشدد على ضرورة عدم  ذكر أسماء اللاعبين أو استضافتهم في وسائل الإعلام، وتسريح الجهاز الفني، وإجبار اتحاد الكرة على الاستقالة وتحويلهم للرقابة الإدارية للبت في أقاويل الرشاوى والاختلاسات حتى يهدأ الناس ويشعرون بأن الدولة تشعر بهم.