الجمعة 22 نوفمبر 2024

مدينة الخليل تشهد حملة إسرائيلية شرسة بهدف إخلائها من سكانها الفلسطينيين وتهويدها

  • 5-7-2018 | 16:02

طباعة

تشهد مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية في الآونة الأخيرة حملة إسرائيلية شرسة بهدف إخلائها من سكانها الفلسطينيين وتهويدها والاستيلاء عليها بشتى الوسائل، وهو ما رفع حالة الاستنفار بين أهلها ومسؤوليها من أجل التصدي لهذه الهجمة الشعواء التي يشنها الاحتلال على الحرم الإبراهيمي والبلدة القديمة خاصة، وعلى مدينة الخليل بشكل عام، بالإضافة لمحاولات الطرد والتهجير وتضييق الخناق على السكان، وتجدد بناء المستوطنات في قلب المدينة، واستمرار حصارها بالحواجز العسكرية.

وقال مدير عام المحافظة في البلدة القديمة نضال الجعبري، لوكالة أنباء الشرق الأوسط، إن هناك 230 عائلة فلسطينية تحت الحصار ولا يستطيعوا الوصول إلى منازلهم إلا عبر الحواجز الإلكترونية في مناطق "السهلة" و"شارع الشهداء" و"تل الرميدة" وهي المناطق الأكثر معاناة بالخليل.

وأضاف الجعبري، أن منطقتي تل الرميدة وشارع الشهداء ممنوع أن يزورك أهلك أو أي شخص من خارج المنطقة أن يدخل إليها، بل ويحصل كل مواطن فلسطيني من سكانها على رقم، ليصبح من ليس معه هذا الرقم ممنوعا من الدخول إلى منزله، وبذلك صار المواطن الفلسطيني في تل الرميدة عبارة عن رقم.

واستطرد "قد يصادف أن يكون أحد مواطني منطقة تل الرميدة تزوج مواطنة من خارج المنطقة، فيتم منع دخولها لأنها لا تحمل رقما، إلى أن يتم عمل رقم لها من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي".

وقال الجعبري إن الحرم الإبراهيمي تم تقسيمه إلى منطقتين منذ مجزرة عام 1994 عندما قررت اللجنة الإسرائيلية لتقصي الحقائق أن تصادر 55 % من الحرم وتحوله إلى كنيس يهودي، وتم حصار القسم الآخر منه بالحواجز الإلكترونية مما يضطر المصلي الفلسطيني إلى المرور على حاجزين إلكترونيين عبر ممرات حديدية محاطة بأسلاك وحواجز وبوابات دائرية تسمح بمرور شخص واحد.

ولفت إلى أن المستوطنين الموجودين في مدينة الخليل هم الأكثر راديكالية، لأن الخليل ذكرت في نسخة التوراة التي بحوزتهم أكثر من 48 مرة، كما أن لهؤلاء المستوطنين تأثيرا نوعيا على الأحزاب الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، منبها إلى أن المشهد السياسي الإسرائيلي يتجه إلى اليمين واليمين المتطرف، لاسيما بعد انحياز الإدارة الأمريكية الواضح لإسرائيل وإعلان القدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إليها.

وأشار إلى أنه وقبل أسبوع، كان وزير الاقتصاد الإسرائيلي "إيلي كوهين" في حالة اعتكاف في الحرم الإبراهيمي وعمل طقوس دينية، ولك أن تتخيل عندما يكون معه عدد كبير من المرافقين والجيش لحمايته، متسائلا "أي شكل من أشكال الحياة يمكن أن يعيشها المواطن الفلسطيني في تلك الأجواء.

ولفت الجعبري إلى أن طلاب المدارس الموجودة في قلب المنطقة المغلقة بالخليل يضطرون إلى المرور على حاجز وحوله عشرات المستوطنين المسلحين بشكل دائم وجنود جيش الاحتلال.

وقال الجعبري "هناك شيئان لا يمكن أن تراهما في أي مكان آخر في العالم، هما: مسجد مقسم بين ديانتين.. جزء منه كنيس مصغر لا نعترف به، والجزء الثاني هو باقي المسجد.. أما الشيء الثاني فهو سياسة الأرقام المفروضة على السكان.

وأضاف أن الاحتلال قام بعملية تطهير عرقي للمنطقة الممتدة من منطقة السهلة المجاورة للحرم الإبراهيمي مرورا بالأسواق الرئيسية التي تم إغلاقها بشكل مطلق وانتهاء بالمستوطنة الموجودة بشارع الشهداء.. وهذا هو الاحتلال.

وأكد أنه وخلال الفترة الأخيرة يبدو أن هناك خطة ممنهجة لمضاعفة المضايقات وزيادة عملية التنكيل، فقبل أسبوع هاجمت قوات الاحتلال ليلا المكتب الذي أعمل فيه في البلدة القديمة واضطررنا لفتح البوابة لهم بعد أن هددوا بتحطيمها ومنعوا إقامة اجتماعاتنا التي كانت مقررة فيه.

وأضاف أن الخطة المنهجية الاحتلالية تهدف إلى إخلاء المنطقة بين المستوطنات الثلاث بالبلدة القديمة وربطها بالمستوطنة الرئيسية الموجودة على شرق المدينة "كريات أربع" للربط بينها، مشيرا إلى أن ما يعيق تنفيذ الخطة حتى الآن هو صمود المواطنين الفلسطينيين ورفضهم بأي شكل من الأشكال مغادرة البيت.

واستطرد "لك أن تتخيل أن إحدى المواطنات الفلسطينيات قدموا لها على الطاولة 40 مليون دولار نقدا مقابل أن توقع على ورقة واحدة بإخلاء منزلها، بالإضافة إلى أن تحصل على ما تشاء من عدد جوازات السفر الأمريكية، لكن رد فعلها أن طردتهم بعصاتها التي تتكئ عليها، مشيرا إلى أن هناك العشرات من المواطنين الذين يتعرضون لإغراءات مماثلة.

وعن حملة التهويد، قال إن الاحتلال قرر إقامة حديقة توراتية في تل الرميدة، بل وقرر إدخال التوراة إلى الحرم الإبراهيمي رغم أن دينهم يمنع عليهم إدخال التوراة لداخل الحرم، لافتا إلى أن في الماضي كانوا يقفون على درج الحرم لأنه من الممنوع أن يقفوا فوق منطقة مدفون تحتها نبي، إلا أن الراديكاليين عملوا على تعديل هذه الفتوى الدينية وأقروا دخول الحرم وقبل أيام أدخلوا التوراة في احتفال موسيقي صاخب إلى الحرم الإبراهيمي.

وأكد أن الخليل وعلى مر الزمن كان مكانا دائما للمقاومة الفلسطينية، مشيرا إلى أنه في الماضي كانت المقاومة مسلحة وفي الفترة الأخيرة ما بعد الانتفاضة أصبحت مقاومة شعبية لتوصيل رسالة في نطاق الإمكانيات المتاحة، لأن الفلسطيني لا يستطيع أن يصل إلى وسائل الإعلام الدولية لاسيما وأن إسرائيل بشكل أو بآخر تسيطر على الإعلام الدولي وتتمكن من عرض الموضوع على بعض القنوات الإخبارية العالمية بطريقتهم ولهم دهاء وخبث ومكر في الطرح في الإعلام.

ونبه إلى خطورة الموقف الحالي في ظل تعرض البلدة القديمة لهجمة استيطانية أشرس من أي وقت مضى، وإمكانيات الاحتلال المالية ضخمة جدا والآلة العسكرية مسخرة تماما وهو ما كان واضحا في إعدام الشهيد عبد الفتاح الشريف بدم بارد وهو جريح لا يقوى على الحركة ولا يمثل أي خطر.

وأشار إلى أنه كانت هناك محاولة لإدخال التوراة في 1976 وصارت احتجاجات قوية وفشلت، إلا أنهم الآن كرروا المحاولة ونجحوا فيها في ظل استنزاف الشعب الفلسطيني ومحاصرته برا وبحرا وجوا، لافتا إلى أن الشعب الفلسطيني أصبح منهك جدا لا سيما بعد انتفاضات متتالية أرهقته، بالإضافة إلى الانقسام البغيض الذي يفت في عضده.

وقبل أيام، خط مستوطنو البؤر الاستيطانية الإسرائيلية في شارع الشهداء وحي تل أرميدة شعارات تطالب برحيل عائلة فلسطينية عن الشارع وكتب المستوطنون شعارات مسيئة وعلقوها على مدخل المنزل والذي يسكنه المواطن سامح زاهدة، وتجمع المستوطنون أمام المنزل، مسببين حالة من الذعر لدى السكان.

وحاول مستوطنون، شق طريق جديد في منطقة تل الرميدة، وتجمعوا قرب مركز "الصمود" التابع لـ"شباب ضد الاستيطان" وبدأوا بهدم جزء من الجدار التابع لأرض تعود ملكيتها لعائلة البكري الفلسطينية، والمسيطر عليها من قبل المستوطنين، قبل أن يعملوا على شق الطريق من أجل التمهيد لمصادرة أراض جديدة في منطقة تل الرميدة.

ومن جانبه، قال الناشط عزات الكركي القائم بأعمال منسق "تجمع شباب ضد الاستيطان" إن سياسة المستوطنين المتبعة بمصادرة الأراضي تبدأ من منطقة صغيرة وتتمدد من أجل أن تشمل بقية المناطق والأراضي.

كما اعتصم عشرات المواطنين من سكان بلدة بني نعيم شرق الخليل، على أراضيهم المهددة بالمصادرة في منطقة الحمرة شرق البلدة، رفضا لمصادرتها، وذلك بعد أن قام مستوطنون بمصادرة نحو 20 دونما "الدونم يعادل كيلومترا مربعا" من أراضي المواطنين في البلدة مؤخرا لإقامة بؤرة استيطانية تتبع المستوطنة المسماة "بني حيفر".

وحاصر جنود الاحتلال والمستوطنون الفعالية التي رفع فيها المشاركون الأعلام الفلسطينية ورددوا الشعارات المطالبة برحيل المستوطنين عن أراضيهم، وأعلن جيش الاحتلال المنطقة عسكرية مغلقة.

وشرعت مجموعة متطرفة من المستوطنين خلال شهر مايو الماضي بإقامة بؤرة استيطانية جديدة تحت حماية جيش الاحتلال الإسرائيلي، لتكون امتدادا لمستوطنة "كريات أربع" بالمدينة.


    أخبار الساعة