الأربعاء 22 مايو 2024

الاقتصاد الجزائرى.. تحديات وإصلاحات ضرورية

20-3-2017 | 13:35

بقلم – د. سالى محمد فريد

تسعى الجزائر لخلق مناخ استثمارى (اقتصاد السوق) معوّضة غيابها قبلا، فقامت مثلا بسن قانون المحروقات فى ٢٠٠٥ لتشجيع استكشاف منابع طاقة جديدة، كما هى ساعية لجلب نظر أوربا واتحادها. هذه الوجهة، تسمح لها بتصدير صناعتها بدون رسوم جمركية، كما تخفض تدريجيا رسومها على الواردات. فقد وقعت الجزائر على معاهدات مع ٢٠ دولة ما بين دول أوربية، والصين، ومصر، وماليزيا، واليمن. فرغم علاقاتها الخاصة مع فرنسا، كأى دولة مستقلة، أرادت الجزائر خلق مناخ دولى حولها، بعلاقات مع العالم الثالث، ودول شرق أوربا.

وتتمثل أهم صادرات الجزائر فى الفوسفات والفواكه والخضر (حيث تعتبر أولى عالميا فى إنتاج البازلاء) ثم خام الحديد. ويحتل القطاع التجارى المرتبة الأولى بـ ٥٢٨.٣٢٨ مؤسسة (٥٥.١٪ من مجموع المؤسسات التى تم إحصاؤها) متبوع بقطاع الخدمات. فيأتى قطاع الخدمات فى المرتبة الثانية بعد القطاع التجارى ويعتبر قطاع الخدمات كأحد أهم النشاطات الاقتصادية فى الجزائر بـ٣٢٥.٤٤٠ مؤسسة أما عدد المؤسسات الاقتصادية الناشطة فى القطاع الثالث، فهو يقدر بـ ٨٥٣.٧٧ أى ٨٩٪ من مجموع المؤسسات الاقتصادية، كما أفاد الإحصاء وجود ٩٧.٢٠٢ مؤسسة صناعية فى القطاع الصناعى ومن بين المؤسسات الـ ٩٥٩.٧١٨ التى أحصاها الديوان (خارج القطاع الصناعى) ٨٣.٥٪ متواجدة فى الوسط الحضرى و١٦.٥٪ فى الوسط الريفى. ويطغى القطاع الخاص على النسيج الاقتصادى من خلال ٩٢٠.٣٠٧ مؤسسة (٩٦٪) مقابل ٢.٤٪ فى القطاع العام فى حين تمثل المؤسسات المختلطة والأجنبية ١.٧٪ من مجموع المؤسسات.

وقد أعطى صندوق النقد الدولى علامات ممتازة للجزائر فى مراحلها الانتقالية، المغيرة لسياسة احتكار الدولة، صاحبتها عودة الأراضى الزراعية لمن يخدمها، حين أممتها الدولة فى السبعينيات، مع إعطاء البنك المركزى سلطة تحديد الديون وتوزيع الأموال، كما فتحت الدولة عدة قطاعات للاستثمار، وتعتبر الجزائر فى أول قائمة المستثمرين الأوربيين وأرباب العمل الأجانب، وفى عدة مجالات كالاتصالات والسياحة.

القطاع الزراعى والثروة الحيوانية

كانت الجزائر قبل الاستعمار الفرنسى تصدر القمح والشعير إلى الأوربا، وبعد استقلال الجزائر مع ذهاب كبار المزارعين الفرنسيين انهار المستوى الزراعى، الذى كان من أعمدة الاقتصاد، باكتفاء ذاتى وتصدير أيضا، بأسعار نافست السوق الأوربية. حين كانت الجزائر منتجة ٩٠٪ من احتياجاتها من القمح أما الآن فوصلت هذه النسبة إلى ٢٥٪ فقط من الإنتاج المطلوب. وتعتبر المساحة الزراعية فى الجزائر ضئيلة جدا، ٣٪ من البلد، ٥.٧ مليون هكتار. ١٢٪ أخرى تناسب الزراعة الغابية والسهوبية فقط. تمثل المساحة المستغلة فعلا ١.٧٪ من البلد، وتتعرض هذه المساحة الزراعية لمعدلات مطرية مناسبة.

إن الزراعة فى الجزائر قطاع إستراتيجى فى الاقتصاد الوطنى، ولايزال يلعب دورا هاما لذلك خصصت الجزائر جزءا كبيرا من مجهوداتها لتكثيف ودعم القطاع الزراعى. وتبلغ حصة القيمة المضافة الزراعية فى الناتج المحلى الإجمالى ١٠.١٪، وقدرت المناطق المروية بـ١٩٧.٨٣٥ هكتار. ويعتبر الإنتاج الزراعى فى الجزائر متنوعا، لكنه يخضع لعامل التقلبات المناخية. مما يحعله يتغير من سنة إلى أخرى. ومنها:

•الحبوب: بلغ إنتاج الجزائر للحبوب سنة ٢٠١٠ نحو ٤٥ مليون قنطار.

•الخضر الجافة: هى زراعة معاشية فى الجزائر، تمارس بالتناوب مع الحبوب فى المناطق التلية.

•الأشجار المثمرة: تغطى ٥٥٥.٠٢٠ هكتار أى ٦.٧٪ من المساحة المزروعة، أهم أنواعها:

•الزيتون: ويغطى ٣١٠.٠٠٠ هكتار ٢/٣ هذه المساحة توجد فى ٥ ولايات هى بجاية التى تضم وحدها ٣٠.٨٪ منها، تيزى وزو، البويرة، جيجل، سطيف يقدر العدد الكلى للأشجار المزروعة بـ٢٤.٦ مليون شجرة، ٨٨٪ من الإنتاج موجه لإنتاج الزيت، وتأتى الجزائر فى المرتبة الخامسة على مستوى العالم فى إنتاج زيت الزيتون.

•الكروم: تقلصت مساحة زراعة الكروم إلى ٩٧.٦٩٦ هكتار، وتنتشر فى المنطقة التلية المواجهة للمطر وخاصة الجزء الغربى منها وهران.

•الحمضيات: تتركز فى الشريط الساحلى تقدر مساحتها بـ٥٩.٣٦٨ هكتار، بلغ الإنتاج السنوى عام ٢٠١٠ ما يقرب من ٥.٧ مليون قنطار أى بمردود ٩٩.٢٪ ق/هكتار. تضم أبرز الولايات (غليزان، البليدة، الشلف، معسكر).

•النخيل: تتركز معظم واحات النخيل فى الصحراء الشمالية الشرقية، وتقدر بـ١٨.٧ مليون نخلة، تتوزع على ١٧ ولاية بمساحة إجمالية تقدر ١٧٠.٠٠٠ هكتار.

•المحاصيل الزراعية الصناعية: وأهمها الطماطم الصناعية والتبغ والبنجر السكرى، وتخصص لها أخصب الأراض الزراعية، وتنتشر فى السهول الساحلية والأحواض الداخلية على مساحة تقدر بنحو ٣٩.١٦٤ هكتار. وتوسعت زراعة الطماطم لتندمج فى الواحات فى بعض مناطق الجنوب مثل أدرار.

الثروة الحيوانية: تقوم تربية المواشى فى الجزائر على خمسة أنواع رئيسية هى الأبقار، الأغنام، الماعز، الخيول، الجمال. تتصدر تربية الأعنام الإنتاج الحيوانى بطريقى الرعى الواسع، فى الهضاب العليا بصفة خاصة ويبلغ عددها ٢٠ مليون رأس أى ٨٠٪ من مجموع رؤوس الماشية. أما تربية الأبقار فتسود فى المنطقة التلية وخاصة فى الإقليم الشرقى منه.

المجارى المائية

تتواجد فى الجزائر عدة مجارى مائية تسمى بالأودية لعدم انتظام مجاريها وتذبذب تدفق مياهه، وتتركز معظمها فى الوسط والشمال الشرقى للجزائر منها: وادى الصومام، وادى مزفران، وادى سيبوس، وادى الرمل، وادى مجردة، وادى المقطع، وادى الحميز، وادى عين الحمام. ويعتبر أكبرها وأطولها هو وادى الشلف الذى يتواجد فى الشمال الغربى مع طول ٧٢٥ كم ويصل فى بعض الأحيان تدفق مياهه إلى ١٥٠٠ متر / الثانية، ومعظمها يأتى منبعها من جبال الأطلس التلى وتصب فى البحر الأبيض المتوسط، كما تتوفر الجزائر أيضا على قدر ضخم من المياه الجوفية، وهو ما يشكل قاعدة صناعية مربحة لأى استثمار طاقوى مستقبلى.

الثروة السمكية

رغم شريط الجزائر الساحلى المتوسطى، ١٦٤٤ كم، بقيت صناعة الصيد متخلفة، معتمدة على المجهود العائلى، بدل الصناعة الضخمة. تجهزت الحكومة لهذا، وبشراكة مع السنغال تعاقدت لاستغلال شواطئ الأطلسى الغنية. وفى عام ٢٠١١ وقعت الجزائر مع موريتانيا اتفاقا يسمح للجزائر بالصيد فى سواحل موريتانيا.

الطاقة

يشكل النفط والغاز الطبيعى المسيّل، ثروة البلاد الرئيسية وأخطرها على مستقبل البلد، وأهم مصدر للايرادات التصديرية بالنقد الاجنبى يصل إلى ٩٧٪ من اجمالى ايرادات الصادرات. ويعتبر النفط الجزائرى خفيفا بكمية أقل من الكبريت، ومطلوبا بشدة فى السوق العالمية. إنتاج النفط الخام، مركز فى حاسى مسعود، جنوب قسنطينة، فى منطقة تسمى زارزايتين، قرب الحدود الليبية. ورغم وجود أكثر من ٥٠ حقل بترول، خفضت الحكومة سقف الإنتاج، لاطالة عمر الحقول، وتماشيا مع سياسة منظمة الدول المصدرة للنفط OPEC. وتتمثل قدرة الجزائر فى تكرير البترول ٤٧٥ ألف برميل يوميا. وقد قدرت الإحصائيات نفاد المخزون النفطى فى عام ٢٠٣٠، تركت بلبلة فى الطاقم الحكومى، خاصة مع سقوط أسعار البترول بحدة.

المعادن

استغلت مصادر الجزائر من المعادن بشدة داخليا، لكنها أيضا صدرت: الحديد الخام، الفوسفات، الزئبق، والزنك. يتواجد الحديد الخام فى بنى صاف، فى الشمال، كذلك الونزة وبو خضرة، على الحدود الشرقية. تغير مستوى الإنتاجية على فترات، بين ٢ و٣ ملايين طن، يمثل منجم الونزة وحده ٧٥٪ من كامل الإنتاج، مع التصدير لإيطاليا وبريطانيا. أيضا يوجد احتياطى كبير منه فى غار جبيلات، تندوف غربا، وتمتلك الجزائر أكبر احتياطى عربى. أهم منجم للزنك فى جبال عابد، قرب الحدود المغربية، ومنجم خرزات، منطقة سطيف، التى يتواجد فيها أيضا الرصاص، ويوجد الفوسفات فى جبال العنق شمالا.

مولدات الطاقة الكهربائية

ازدياد الطلب المحلى على موارد الطاقة داخليا، رافقه طلب على الكهرباء، دليل على ازدياد نسبة سكان المدن، كنتيجة أيضا لتوصيل القرى والمنشآت البعيدة بالطاقة. وتعتبر شركة سونلغاز، الشركة الوطنية، كانت ولا زالت المسؤول عن توزيع الكهرباء والغاز محليا، وبحثا عن الطاقات البديلة، أنشأت الحكومة لجنة خاصة للطاقة النووية، الشمسية وأخرى، بعد تعرض برنامج الدولة النووى لضغوط المراقبة الدولية.

الطاقة البديلة النظيفة

تمتلك الجزائر ٦٥ حقلا يختزن ثروات متعددة من الطاقات البديلة كالمياه والرياح والكتل الحيوية، حيث تكشف خرائط مركز تطوير الطاقات المتجددة أن الجزائر بموقعها الجغرافى الشاسع، لديها عشرات حقول الطاقة الشمسية، وتعدّ هذه الحقول الأكبر من نوعها فى العالم، بحكم احتوائها على ٥ مليارات جيجاواط فى الساعة/سنويا، وتمتاز هذه الحقول المتوزعة بين مناطق الشمال والصحراء والهضاب العليا، بقدرة تشميسية تصل إلى حدود ٣.٩٠٠ سا/سنويا. واستنادا إلى بيانات مركز تطوير الطاقات المتجددة، يقدّر مختصون معدل الجزائر السنوى من التشمّس بـ٢.٥٥٠ ساعة فى الشمال و٣.٨١٩ ساعة فى الصحراء، بما يمكّن من إنتاج نوعى للطاقة الشمسية الكبرى بنسق سنوى يتراوح بين ١.٧٠٠ و٢.٦٥٠ كيلواط فى الساعة لكل متر مربع، كما تتوفر الجزائر أيضا على قدر ضخم من المياه الجوفية، وهو ما يشكل قاعدة صناعية مربحة لأى استثمار طاقوى مستقبلى.

القطاع الصناعى

تعتبر الصناعة الجزائرية حديثة النشأة، قامت على إهمال الزراعة، خلال الحقبة الاشتراكية. وشكلت الصناعة خارج القطاع النفطى، ٩٪ فقط من ايرادات الميزانية. صناعة الحديد بدأت فى مركب الحجار، خلال السبعينيات. رغم هذا لم يتجاوز الحجار ٢٠٪ من طاقته الإنتاجية، نتيجة ضعف التسيير (شركة عامة) والإجراءات البيروقراطية، ثم ظهرت صناعة الأحذية، والملابس مما كان يمثل فرصة للمستثمرين المحليين، وكذلك صناعة المعدات الزراعية، من جرارات وأخرى، كانت محتكرة من الشركة الوطنية SNCM، التى فككت أخيرا لوحدات خاصة، وشجعت عملية إعادة الهيكلة، حصول الجزائر على قرض بـ٩٩.٥ مليون دولار من البنك الدولى، لهيكلة باقى القطاع الصناعى.

السياحة

كانت الجزائر القبلة الأولى فى إفريقيا سياحيا، تراجعت لمراتب حادة، وهى الآن لا تحصل سوى على ٩٠٠ الف سائح سنويا، ويمثل السواح من الفرنسيين ٣٦٪ والتونسيين ١٧٪، ثم آخرون من مالى، إيطاليا، ليبيا، ألمانيا، اسبتنيا، والمغرب. كان سبب هذا التراجع ادارة الفنادق الموكولة للقطاع العام ورداءته، فقد قامت الدولة بخصخصة القطاع، والتنازل عن أراضى الفنادق غير المجدية، ومع ذلك، فقد اعتمدت الحكومة خطة عرفت باسم «هوريزون ٢٠٢٥»، التى تم تصميمها لمعالجة النقص فى البنية التحتية، وهناك عدة خطط لبناء الفنادق، وخصوصا على طول ساحل البحر المتوسط.

التدابير الاقتصادية الجارية

تقدر حجم الواردات الجزائرية فى ٢٠١٥ بــ٧ مليارات دولار، ومع أن مشروع القانون الجديد سيفرض الضرائب والرسوم فإنه لن يعوض العجز الحاصل المقدرة قيمته بــ٣٠ مليار دولار، كما أن «مصير الجزائر مرتبط بأسعار المحروقات مستقبلا التى تقدر صادراتها بـ٩٧٪، وهذا دليل فشل كل الحكومات الجزائرية المتعاقبة فى خلق اقتصاد بديل». كما أن «قيمة احتياطات الصرف الأجنبى تبلغ ١٩٠ مليار دولار، وإذا استمرت الأمور فى التدهور فإنه وفقا لبيانات صندوق ضبط الإيرادات ينتهى فى منتصف ٢٠١٧ ومع بداية ٢٠١٩ يكون اللجوء إلى صندوق النقد الدولى هو السبيل الوحيد».

وعلى الرغم من هذه التدابير الجديدة المقترحة والتى تثقل كاهل الجزائريين فإنه حسب الخبراء لن تشكل أى آثار إيجابية حيث تقدر «الآثار المتوقعة لهذه الزيادة فى الجباية بـ٤.١٪»، وأما الخسائر التى تكبدتها الجزائر بسبب انهيار أسعار البترول وتقدر بـ٤٨٪ الخسارة النفطية، بمعنى أن هذه التدابير ستبقى على ٤٤٪ من قيمة الخسائر.

لكن الخبراء فى الجزائر يعتقدون أن الحكومة ستلجأ إلى تعويض العجز بعدة طرق، منها ترشيد النفقات والتقشف الذى يقدر بـ١٦٪ فى التجهيز والتسيير ٢٪، إضافة إلى خفض قيمة الدينار الجزائرى إلى ١١٪، تضاف إلى الجباية المحصلة والتى تقدر بـ٤.١٪، ويشكل هذا المجموع الكلى عجزا فى الموازنة، وبحسب الخبراء فإن هامش مناورة الحكومة سيصطدم فى منتصف ٢٠١٧ بوضعية حرجة، لأن «الحكومة الجزائرية لا تملك استراتيجية اقتصادية رشيدة».

إن تعافى اقتصاد الجزائر مرهون باستثمار منتج يرتقى بالمؤسسات الصغيرة فقد كانت سنة ٢٠١٢ بالنسبة للجزائر على الصعيد الاقتصادى ايجابية، من حيث احتياطات الصرف التى بلغت ٢٠٠ مليار دولار وفائض تجارى فاق ٢٦ مليار دولار ودين عمومى خارجى بلغ ٤١٠ملايين دولار، كماحقق الناتج المحلى الإجمالى ١٦١٦٠ مليار دينار (أكثر من ٢١٨ مليار دولار باسعار سنة ٢٠١٢) وتحسين الناتج القومى الإجمالى للفرد الذى بلغ ٤٠٠٠ دولار سنة ٢٠١٢. كما تميزت سنة ٢٠١٢ بسياسة التشاور بين قطاعى الإنتاج العمومى والخاص.

وقد واصل صندوق النقد الدولى والبنك الدولى فى تقييماتهما الدورية للاقتصاد الجزائرى خلال عام ٢٠١٢ الإشادة بأداء الاقتصاد الكلى للجزائر مع التأكيد على ضرورة تنويع الاقتصاد من أجل ضمان نمو مستدام وخفض نسبة البطالة للشباب. إلا أن صندوق النقد الدولى اعتبر أن هشاشة أسعار المحروقات تزايدت موضحا أن سعر النفط الذى يضمن توازن المالية العمومية استقر فى ١٢١ دولارا سنة ٢٠١٢. ونفس الاستنتاج استخلصه البنك الدولى الذى اعتبر أن ارتفاع النفقات وزيادة عجز الميزانية فى الجزائر لن تكون لها الحظ الوافر فى أن تكون مدعمة إلا فى حالة ما إذا بقيت اسعار النفط فى المستوى التى هى عليه. ومع تناقص احتياطى النقد الأجنبى بالجزائر تجد الحكومة نفسها تحت ضغط للتوصل إلى حلول اقتصادية، لا سيما بعد أن توقع صندوق النقد الدولى أن يستمر تأثير الصدمة التى أحدثها انخفاض أسعار النفط على اقتصاد الجزائر.

وقد حذر خبراء وسياسيون من خطورة التحديات التى يواجهها اقتصاد الجزائر، وأن النموذج الاقتصادى الجديد الذى ستعتمده الحكومة فى السنوات الثلاث المقبلة سيعمل على إدخال المدخرات الوطنية فى الحركة الاقتصادية، وتحقيق نمو بـ٧٪ من خلال التوجه نحو الاستثمار الاقتصادى، والابتعاد عن تمويل المشاريع من ميزانية الدولة، وعدم الاعتماد على عائدات النفط والغاز. ويقصد بالمدخرات الوطنية الأموال المكتنزة فى بيوت الجزائريين، وتلك التى تدور فى السوق الموازية. ودعا الصندوق الحكومة الجزائرية إلى «إصلاحات لتنويع الاقتصاد، والتحرك بقوة على مستوى السياسات، وضبط أوضاع المالية العامة، وإجراء إصلاحات هيكلية»، لافتا إلى أن هبوط أسعار النفط كشف عن مواطن ضعف فى اقتصاد البلاد التى تعتمد موازنتها العامة بنسبة ٦٠٪ على مداخيل النفط والغاز. وقد تراجع احتياطى النقد الأجنبى بالجزائر من ١٩٢ مليار دولار بنهاية ٢٠١٣ إلى ١٤٣ مليار دولار بنهاية ٢٠١٥. ويتوقع صندوق النقد تراجع معدل النمو الاقتصادى بالجزائر فى العام الجارى ٢.٩٪ فى ٢٠١٧.

وكانت الحكومة قد أعلنت أنها ستواجه هذه الصعوبات من خلال نموذج اقتصادى جديد يقلل الاعتماد على النفط والغاز ويركز على تنفيذ مشروعات استثمارية تمول من الأموال التى ستأتى من ثلاثة بنود، هى: زيادة الوعاء الضريبى، واستقطاب الأموال المتحركة خارج المؤسسات المصرفية والمقدرة بـ٣٤ مليار دولار، واللجوء للاستدانة الداخلية من خلال إطلاق القرض السندى.