كتبت : نيفين الزهيري
300 ثانية تمكنت من تقديم كل ما يجول بداخل السوريين المتواجدين في مصر، الذي يشعرون بالوحدة والألم والانكسار بسبب هذه الحرب التي ليس لها أي مبرر أو سبب من خلال صوت يتألم وسط أصوات الرصاص ومدافع الهاون وغيرها من الأسلحة التي دمرت بيوتهم وحياتهم فلم يبق منها سوي بعض الملابس وصور منازلهم التى صارت كالاطلال فتم استبدال صوت البحر الهادى بصوت المدافع والرصاص والصراخ وسط قسوة العالم الذي يقف دون حراك.
كان هذا ما قدمه المخرج مازن لطفي من خلال فيلمه الاخير "البحر" والذي يتناول قصة آدم المواطن السوري الذي لجأ إلى مصر بعد وفاة زوجته بسوريا نتيجة أحداث الحرب، رافضاً قبول فكرة وفاة زوجته وفراقها عنه فيعاني من متلازمة هوية النرجسية الثانوية، الجمهور البولندى تفاعل بشكل قوي مع المشاعر والأحاسيس التي يشعر بها آدم بعد فقدان زوجته، حيث خروجوا من العرض وهم في حالة تأثر كامل لما يعانيه الشعب السوري بسبب أحداث الحرب غير المفهومة.
وقد حقق الفيلم نجاحا كبيرا بعد مشاركته في أكثر من 13 مهرجان مصرياً وعربياً وعالمياً، واستطاع أن يحقق رد فعل قويا في أجواء مهرجان Zoom Film Festival والذي يقام سنويا في دولة بولندا، حيث اختارت إدارة المهرجان الفيلم ضمن عدد من الافلام المصرية التي تقدمت لإدارة المهرجان للمشاركة في فعاليات الدورة العشرين من المهرجان ليكون الفيلم المصرى الوحيد في هذا المهرجان المعروف بشكل قوي في أوربا وعلي مستوي العالم باهتمامه بالافلام القصيرة باختلافها من روائي لوثائقي لتحريك. وأكد مازن قائلاً " هذه الدورة من المهرجان فيها منافسة حقيقية وشرسة جدا، حيث تقدم للمشاركة في المهرجان حوالي 1300 فيلم ومنها اكثر من 15 فيلماً مصرياً معروفة منها مثلا "حكاية سناء" وهو ما أعلنه موقع المهرجان، حيث عرض قائمة بالأفلام التي تقدمت به، إلا أن فيلم البحر كان هو الفيلم المصري والعربي الوحيد بالمسابقة الرسمية للافلام القصيرة الوثائقية بهذه الدورة" .
وأضاف "الفكرة بدأت بعد مشاهدة العديد من الأخبار عن اللاجئين وعبورهم حدود الدول المختلفة وأصبح لدي هاجس وسؤال: هل أصبحنا نتحدث عن أشخاص أم عن أرقام نازحة من هنا لهناك بدون أي تقدير واحترام لمشاعر أولئك الأشخاص؟! خاصة بعد أن رأيت سيدة تسحب أيادي طفليها الصغار عبر الحدود خوفا من القبض عليها أو ترحيلها مجددًا وأخذت وقتا مايقارب من 6 أشهر كاملة للخروج بفكرة تمثل إحساس آدم بطل الفيلم".
وحول اختياره لتكنيك الفيلم المختلف فقال "تمت صناعة الفيلم على فترتين فترة المشاهد الثابتة والتي لم تأخذ وقتًا كبيرًا بتنفيذها ولكن أخذت وقتًا طويلا جدا للبحث عن ممثل يقبل القيام بدور جريء مثل ذلك الدور وتعرضنا للرفض من كثيرين لخوفهم من جرأة الدور وفترة أخرى وهى المشاهد المتحركة بالشارع وذلك الجزء كان صعباً وشاقاً للغاية خاصة مع التضييق الأمني للتصوير حتى وإن كان لهدف فني بحت وانساني بالأساس ولم تكن الأزمة بالأمن بل من المواطنين أنفسهم وارتعادهم عند رؤية أي كاميرا، وكان الأمر شاقًا لما تطلبه الأمر من إعادة التصوير عدة مرات ولفترات طويلة.
وحول المشاركة الواسعة للفيلم في العديد من المهرجانات حول العالم أكد لطفي "كان الفيلم يواجه صعوبة فى اختياره بالمهرجانات العربية فى البداية حتى ان اختياره الأول كان عرضاً عالمياً بأستراليا بمهرجان غير ربحي بهدف خيري لجمع تبرعات لعلاج الشباب الذين أصيبوا باضطرابات عقلية لاحدى المؤسسات المعنية بالصحة النفسية لكنه مهرجان مهم بالنسبة لى كما عرض بمهرجان تامبا باى بالولايات المتحدة الأمريكية بحضور ضيوف نجوم من هوليوود شاركوا بأفلام مثل حرب النجوم ولمخرجين مثل كريستوفر نولان ومسلسلات معروفة مثل جيم أوف ثرونز واستمرت رحلته بالمهرجانات لأكثر من عام كامل ومن اهم المهرجانات المحلية التي شارك بها كان المهرجان القومي للسينما بدورته العشرين و مهرجان الساقية الثالث عشر للأفلام القصيرة ومهرجان يوسف شاهين للأفلام القصيرة بدورته السابعة".
الفيلم بطولة آدم يحيى وهى من أوائل تجاربه ومريم حاتم التي قامت بالتمثيل سابقًا مع المخرج العظيم محمد خان في فيلم "فتاة المصنع".