"أن يطلب رئيس دولة من مواطنيه بأن يبحثوا تحت مخدّات فراشهم عن
ذهب وعملات أجنبية ثم يقوموا بتحويلها إلى العملة المحلية ليحموها من الانهيار، فهذه
ليست نظرية اقتصادية على الإطلاق. إنها وصفة انتحارية"، هذا ما فعله الرئيس التركي
رجب طيب أردوغان، وصِهره وزير الخزانة بيرات البيرقدار، نهاية الأسبوع.
وكالة بلومبرج، الاقتصادية العالمية،
كانت بهذا التشخيص، تختصر تقييم محللين ذوي اختصاص لما يفعله أردوغان في نطاق التصعيد
المتبادل بينه وبين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فيما يصفه أردوغان بأنه "حرب
اقتصادية متدحرجة"، أولى ضحاياها الليرة التركية التي تُواصل انخفاضها منذ بداية
السنة ليقارب 40% مع نهاية الأسبوع الماضي.
وكانت وكالة بلومبرج قد تعاملت، مع الليرة والاقتصاد التركي
وحالة الطوارئ التي عاشها أردوغان ووزير خزانته؛ من أجل البحث عن “آلية اقتصادية جديدة”،
تعاملًا أشبه بالتغطية الإعلامية لحالة حرب. فقد أصدرت الوكالة حوالي عشرة تقارير
ميدانية متتابعة ترصد حالة النزق والانفلات بالأسواق التركية، نقدًا وبورصة ومديونية
وتضخمًا، وكذلك حالة الاستنفار التي عاشتها ثلاثة بنوك أوروبية مكشوفة بقوة على انهيار
الوضع المالي والنقدي التركي.
وكانت تقديرات بلومبرج للاقتصاد التركي أنه في حالة ذوبان
وصلت لمرحلة أسوأ مما حصل لبنك ليمان الأمريكي عندما انهار عام 2008 وأحدث أزمةً دولية.
كما قالت إن الأزمة التركية الحالية أسوأ من حالة الإفلاس التي كانت دخلتها اليونان
قبل بضع سنوات.
وكان تقييم محللي ومراسلي بلومبيرج أن أردوغان يتحمل شخصيًّا
كـ”رئيس أهوج” مسئولية الوضع الانتحاري الذي وصل إليه الاقتصاد التركي. فهو في قضية
اقتصادية معقدة يتصرف كـ”سلطان عثماني” انهارت عملته، ولم يكن لديه أكثر من محاولة
الرد بـ”لطمة عثمانية مرتدة”، حسب وصف بلومبرج.
واستذكرت الوكالة، في تقاريرها الميدانية سريعة التتابع عن
الاقتصاد التركي، أن هناك إجراءات أمريكية أشد قسوة في الطريق، مثل رفع التعريفة الجمركية
على المنتجات التركية من الصلب والمعادن، فضلًا عما يستجدّ بعد انتهاء مهلة الإنذار
النهائي التي أعطاها ترامب لأردوغان، وهي يوم الأربعاء المقبل؛ من أجل أن يفرج عن القس
الأمريكي الموضوع قيد الإقامة الجبرية.