الإثنين 24 يونيو 2024

مصر واليمن علاقات تاريخية وتواصل مستمر

تحقيقات13-8-2018 | 17:35

 الأحداث التاريخية ، الخبرة الدبلوماسية و الموقع الجغرافي الإستراتيجي عوامل أصقلت العلاقات المصرية اليمنية منذ قديم الأزل ، حيث كانت القاهرة معبرا للتجارة في المنطقة العربية وحلقة وصل بين قارتي آسيا و أفريقيا ، ومركزا ثقافيا وفكريا يتوجه إليه اليمنيون ، ولعل من أقدم الشواهد التي يشير إلى مدى قدم تواصل البلدين كان تلقي الإمبراطور المصري تحتمس الثالث هدية من تجار سبئيين ، وكان التجار اليمنيون المورد الرئيس للبخور إلى المعابد المصرية القديمة ، وفي العصر الحديث ساندت مصر ثورة 26 سبتمبر ضد المملكة المتوكلية اليمنية، ودعم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ثورة 14 أكتوبر في جنوب اليمن ضد الاستعمار الإنجليزي .


وقوع كل من مصر واليمن تحت سيادة حاكم واحد عززت التغيرات الجذرية التي أحدثها محمد علي باشا في أنظمة الصناعة والزراعة والتجارية التي كانت سائدة قبل وصوله إلى الحكم في كل من مصر واليمن ، وكذلك أهم متعلقات التجارة من السلع المتبادلة بين مصر واليمن، بالإضافة إلى الدور الذي قامت به الموانئ المصرية واليمنية في ازدهار العملية التجارية بين البلدين ، والعملة المستخدمة في التبادل التجاري، و الموازين والمكاييل وأهم ما طرأ عليهما من متغيرات .


وتعد العلاقات الثقافية احد ابرز عوامل الارتباط بين اليمن ومصر، وهي علاقات كانت دائما بعيدة عن تأثير الظروف والعوامل السياسية والاقتصادية ، فقد حافظ الاتصال الثقافي بين البلدين على مستوياته المرتفعة و تأثيره على علاقة الشعبين وعكس نفسه ولو بدرجة قليلة على علاقتهما السياسية ، والدور المصري لا ينسى في حرب اليمن في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر المشهور بمعاداته للاستعمار ، فقد كان يريد طرد البريطانيين من جنوب اليمن ومن ميناء عدن الاستراتيجي المطل على مضيق باب المندب ، وبناء على الدور الفعال الذي قامت به مصر في دعم ومساندة النظام الجمهوري في اليمن قدمت جمهورية مصر العربية وبحسب إمكانياتها المساعدات لصنعاء وذلك بموجب الاتفاقيات والمحاضر الموقعة بينهما ومن هذه المساعدات إمداد وزارة التربية و التعليم بعدد من المدرسين في مختلف المراحل التعليمية.


وتقديم عدد من الخبراء العاملين في الجهات الحكومية مع تمويل جزء من رواتبهم وتزويد وزارة التربية والتعليم بكميات من الكتب الدراسية والمختبرات ، بناء ( 3 ) مدارس في كل من صنعاء وتعز وإب وبناء مستشفى ناصر بمدينة إب ، و إيفاد عدد من البعثات الطبية للعمل في المستشفيات اليمنية.


وشهد التعاون التعليمي بين مصر واليمن خلال السنوات الأخيرة نمواً متزايدا وهناك اكثر من 1300 طالب وطالبة من اليمن يدرسون في مختلف التخصصات بالجامعات المصرية إلى جانب نحو خمسين ألف زائر يمنى يفدون إلى مصر للسياحة والعلاج سنويا، وبموجب اتفاقية التعاون التعليمي بين البلدين تقدم اليمن 20 منحة دراسية جامعية معفاة من الرسوم سنويا للطلبة المصريين في حين تقدم مصر 40 منحة دراسية جامعية إضافة إلى 25 منحة في مجال الدراسات العليا معفاة من الرسوم ، تبادل الخبرات وتنظيم الدورات التدريبية للعاملين في مؤسسات التعليم العالي أيضاً.


وقامت جامعة المنوفية باستضافة 143 طالبا عربيا من جامعات من بينها اليمنية لتلقي التدريب في كليات ومعاهد الجامعة وبعض المعامل والمصانع والمؤسسات الصناعية بمحافظة المنوفية في تخصصات المحاسبة والحاسب الآلي والزراعة والهندسة والعلوم والاقتصاد المنزلي عام 2004.


وقع عدد من الجامعات المصرية واليمنية خلال السنوات الماضية على اتفاقيات تعاون من بينها اتفاقية التعاون الثقافي والعلمي بين جامعتي المنيا وصنعاء واتفاقية أخرى بين جامعتي إب وقناة السويس لتعزيز التعاون بينهما خاصة في مجال طب الأسنان واتفاقية التعاون العلمي والثقافي بين جامعتي تعز وقناة السويس لتطوير التعاون بينهما وتقديم المنح الدراسية لجامعة تعز ، إضافة إلى البرنامج التنفيذي للتعاون الثقافي بين اليمن ومصر الخاص بتنظيم العلاقات الثقافية بين البلدين.


واليوم جاءت زيارة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي التي بدأها للقاهرة ولمدة يومين لتحمل الكثير من الدلالات والرسائل وفي مقدمتها امتدا للعلاقات المتأصلة بين البلدين والشعبين ، و التقدير الكبير الذي يحمله الرئيس عبدربه منصور هادي لجمهورية مصر قيادة وحكومة وشعباً، بالإضافة إلى يقينه التام باستمرار الدعم المصري لقضية اليمن العادلة وإدراك القيادة المصرية لأطماع الحوثيين في اليمن.


وتأتي هذه الزيارة ضمن سلسلة الزيارات التي يقوم بها المسئولين اليمنيين لمصر ، ففي 27 مارس عام 2015 قام الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بزيارة لمصر لحضور القمة العربية في دورتها الـ 26، استقبله خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسي ، وفي 16 يناير عام 2015 قام عبد الله الصايدي وزير خارجية اليمن بزيارة لمصر، حيث قام بتسليم رسالة للرئيس السيسي من الرئيس اليمنى عبد ربه منصور، تحمل تأكيداً على متانة العلاقات الثنائية بين البلدين، والتطلع لتعزيزها على كافة المستويات، وتتناول الرسالة أبرز التطورات السياسية والأمنية التي يشهدها اليمن.


وفي 21 ديسمبر عام 2014 قام الدكتور عز الدين الإصبحي وزير حقوق الإنسان اليمني بزيارة لمصر استقبله خلالها وزير الخارجية سامح شكري ، الذي أكد أن مصر مستعدة لتقديم التدريب والدعم الفني وبناء القدرات لمؤسسات الدولة في اليمن ، وشدد على أهمية تحقيق الأمن والاستقرار في اليمن ، ومواجهة أي تدهور للأوضاع الأمنية فيها والانزلاق إلى حالة من عدم الاستقرار مع ضرورة الحفاظ على وحدة اليمن وسلامة أراضيه ، و في 7 سبتمبر 2014، قام وزير الخارجية اليمني بزيارة لمصر لحضور أعمال المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية الذي عقد بالقاهرة.


ويمثل الاستثمار جانبا مهما في إطار تطوير العلاقات الاقتصادية الثنائية بين البلدين ، حيث تشير التقديرات إلى أن حجم الاستثمارات اليمنية في مصر تصل إلى 71 مليون جنيه مصري تقريبا في الوقت الذي تتوفر فرص كبيرة وواسعة أمام الاستثمارات المصرية في اليمن خصوصا في مجال صناعة الأدوية وتعليب الأسماك وصناعة الأحذية.


شهدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين تحسنا كبيرا خلال السنوات الماضية حيث يحكم العلاقة بين البلدين إطاراً قانونياً متكاملاً لتنظيم التعاون في كافة المجالات خاصة الاقتصادي والتجاري ، فقد بلغ حجم الصادرات المصرية إلى اليمن 62.08 مليون دولار وبلغ حجم الواردات 52.58 مليون دولار في الفترة من يناير إلى مارس 2010 ، بينما بلغ حجم الصادرات عام 2009 إلى 149 مليون دولار والواردات 26 مليون دولار .


يشار إلى أن حجم التبادل التجاري بين اليمن ومصر خلال العام 2011 وصل إلى 250 مليون دولار.


وهناك لجنة عليا مصرية يمنية مشتركة تعقد دورتها برئاسة رئيسا وزراء البلدين بالتبادل بين القاهرة وصنعاء ، و في ختامها يتم التوقيع على عدد من الاتفاقات، والبروتوكولات ومذكرات التفاهم ، وقد تم افتتاح مقر جديد لمكتب المستشار الطبي بالسفارة المصرية بصنعاء على نفقة الحكومة المصرية وبكوادر ذات خبرة عالية ، ويهدف إلى تقديم خدمات علاجية واستشارات طبية لكل الأشقاء في اليمن الراغبين في العلاج بمصر، بالإضافة إلى تبادل الخبرات والقوافل التدريبية وتسهيل التواصل بين الجامعات في البلدين.