الجمعة 27 سبتمبر 2024

حكومة أردوغان تلجأ إلى أساليب ملتوية لمواجهة الأزمة الاقتصادية الحادة

تحقيقات18-8-2018 | 17:01

 تجد السلطات التركية نفسها أمامن خيارات صعبة في مواجهة الأزمة المالية الخانقة التي تضرب البلاد، وتراها تلجأ إلى أساليب ملتوية لمواجهتها، كي لا تظهر نفسها بأنها ترضخ للضغوطات التي تمارس عليها، أو تستجيب للطلبات الخارجية. 


ويكثر المسؤولون الأتراك، وفي مقدمتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الحديث عن نظرية المؤامرة ضدهم، واستهداف قوى خارجية بلادهم وشنها حرباً اقتصادية عليها.  


واليوم السبت، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن تركيا "لن ترضخ" للولايات المتحدة، في تصريح إضافي يصبّ في إطار التجاذب مع واشنطن الذي أدى إلى انهيار الليرة التركية في الأيام الأخيرة.


وقد غرقت تركيا الأسبوع الماضي في أزمة مالية. فبعد سنوات من التدهور، انهارت قيمة الليرة التركية على خلفية توترات مع الولايات المتحدة وشكوك إزاء السياسة الاقتصادية التي يعتمدها الرئيس رجب طيب أردوغان.


وخسرت العملة التركية حوالى 40% من قيمتها مقابل الدولار منذ بداية العام وسجّلت انهياراً هائلاً في الأيام الأخيرة. وبعد أن شهدت استقراراً، عادت وتراجعت قيمتها الجمعة في حين تتفاقم الأزمة مع واشنطن.


وتحاول السلطات التركية في الوقت الراهن وقف انهيار الليرة من دون المسّ بمعدلات فوائد البنك المركزي.


ولجأ البنك المركزي في الأيام الأخيرة بتكتم إلى آلية تتيح له رفع المعدل كل يوم بيومه بحكم الأمر الواقع، ويرى خبراء أن هذه الوسيلة الملتوية "عززت القلق من أن (البنك المركزي) يخشى من غضب" الحكومة.


أنقرة ستعمل على استقطاب استثمارات جديدة.


وقد وعدت المصارف بمنحها السيولة اللازمة في وقت وضعت أنقرة قيودا جديدة ضد المضاربة على العملة التركية.


ويعتبر "كابيتال إيكونوميكس" أن حتى اللحظة لم تقم الحكومة التركية إلا بـ"الحدّ الأدنى".


ويشير شميدينغ من بيرنبيرغ إلى أن أردوغان "سيحاول على الأرجح الصمود مع نصف تدابير في الأسابيع القادمة". ويضيف "من غير المحتمل أن يحلّ ذلك الأمور بشكل نهائي".


ويرى الاقتصاديون أن أنقرة يجب أن تتخذ تدابير طارئة لإنقاذ عملتها التي يقلق انهيارها أوروبا. لكن معظم الحلول التي يدعون إليها تتعارض مع السياسة التي اعتمدها أردوغان حتى الآن.


يكرر الاقتصاديون منذ أشهر عدة على ضرورة أن يلجأ البنك المركزي إلى زيادة معدلات الفائدة لدعم الليرة والتصدي للتضخم المتصاعد.


إلا أن أردوغان يعارض بحزم مثل هذا التدبير. فقد فوجئت الأسواق في الشهر الماضي برفض البنك المركزي اتباع هذا المسار رغم خطورة الوضع.


ولجأ البنك المركزي في الأيام الأخيرة بتكتم إلى آلية تتيح له رفع المعدل كل يوم بيومه بحكم الأمر الواقع.


ويرى وليم جاكسن من "كابيتال ايكونوميكس" وهو مجلس استشاري متخصص في الأبحاث الاقتصادية، أن هذه الوسيلة الملتوية "عززت القلق من أن (البنك المركزي) يخشى من غضب" الحكومة.


يتساءل الاقتصاديون حول قدرة أردوغان على مواجهة الأزمة الحالية، خصوصاً بعد تعيين صهره بيرات البيرق، حديث العهد بالسياسة وزيرا للمالية في يوليو.


ويعتبر الاقتصادي المتخصص في الأسواق الناشئة تيموثي أش أن المواقف "غير التقليدية" التي يتخذها أردوغان المقتنع مثلاً بأن تخفيض المعدلات يقلّص التضخم، خلقت "أزمة ثقة".


وخفّضت وكالات التصنيف الائتماني "ستاندرد أند بورز" و"موديز" تصنيف ملاءة تركيا (أي أهليتها للحصول على قروض وقدرتها على تسديدها). وقد أعربت "ستاندرد أند بورز" عن استيائها جراء غياب خطة "موثوقة" لأنقرة في وجه الاضطرابات الحالية.


وبعد سنوات حققت فيها تركيا معدلات نمو كبيرة بفضل المشاريع الحكومية السخية خصوصاً، يدعو الاقتصاديون إلى الإبطاء.


أكد البيرق من جهته الخميس أنه سيحارب التضخم وسيفرض تدابير تقشف مالي صارمة. إلا أن الأسواق تنتظر أفعالا.


وإذا لم تكن الأزمة مع الولايات المتحدة المرتبطة خصوصا بمصير القسّ الأميركي المحتجز قي تركيا، السبب الوحيد لانهيار الليرة، غير أنها ساهمت في ذلك بشكل كبير.


هل تلجأ تركيا إلى صندوق النقد الدولي؟ 

وفي حين تتصاعد التوترات مع واشنطن، تكثف أنقرة التواصل مع روسيا وأوروبا التي انتقدت بشدة انتهاكات حقوق الإنسان في تركيا منذ سنتين.


وأشارت مجموعة "أوراسيا" الاستشارية المتخصصة في العلاقات الدولية إلى أن الأزمة مع الولايات المتحدة ستدفع بأردوغان إلى أن يكون "أكثر حذراً في تعامله مع الاتحاد الأوروبي".


ورأى مصدر دبلوماسي أوروبي أن الإفراج هذا الأسبوع عن جنديين يونانيين ومدير مكتب منظمة العفو الدولية في تركيا "ليس صدفة".


هل ستلجأ تركيا إلى صندوق النقد الدولي؟ سؤال يُطرح حالياً في الدوائر الاقتصادية.


إلا أن اللجوء إلى صندوق النقد الدولي يفترض أن يتنازل أردوغان، الذي يتفاخر بأنه "سدد ديون" بلاده، عن كبريائه وأن توافق واشنطن التي تتمتع بنفوذ قوي في هذا الصندوق.


وأشار البيرق إلى أن تركيا ليس لديها "أي تواصل مع صندوق النقد الدولي" مضيفا أن أنقرة ستعمل على استقطاب استثمارات جديدة. وقد حصل أردوغان الخميس على وعود استثمارية بقيمة 15 مليار دولار من أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني.


ويلفت هولغر شميدينغ من بيرنبيرغ بنك إلى أن القوة الاقتصادية الـ17 عالمياً "هي أكبر بكثير من أن تبقى عائمة طويلاً مع جرعات صغيرة من الأموال الأجنبية"