الجمعة 17 مايو 2024

في مئوية فوزي.. رسالته الأخيرة إلى الرئيس عبد الناصر وجمهوره ( 1ـ 3)

18-8-2018 | 20:18

جاي لك بشوقي يا بلادي من بعيد .. جاي لك وحاسس إني مخلوق من جديد .. عديت بحور ، خطيت جبال ، طفت السحاب .. ومشيت على جرحي وأنا في عز الشباب ، علشان أبوس منك بشوق حبة تراب .. جاي من بعيد ، إنسان جديد ، جاي لك وأول مرة أحس اني سعيد يا أم البلاد ..

 كانت تلك الجمل والكلمات أول ما بدأ الموسيقار محمد فوزي في ترديدها همساً بعد أن استقر في مقعده بالطائرة التي ستعيده إلى مصر بعد رحلة علاجه بالخارج والتي طاف فيها بعدة دول منها ألمانيا وأمريكا وبريطانيا .. عاد فوزي إلى مصر أول سبتمبر1966 سعيداً منتشياً يملؤه الأمل في أن يمن الله عليه بتمام الشفاء ، وما أن استقر في شقته حتى بدأ نجوم الفن والغناء يتوافدون  لزيارته للإطمئنان عليه .. تحدث معهم بسعادة غامرة تدل على معنوياته المرتفعة وأخبرهم أن هناك رحلة علاجية أخرى بعد عام ، ولم يكن يعلم أنه سيرحل عن الدنيا بعد شهر وعدة أيام .


في الخامس من سبتمبر 1966 وبعد أيام من وصول محمد فوزي إلى مصر ذهب الإذاعي الكبير محمد أنور لتسجيل حلقة من برنامج "سهرة مع فنان" مع فوزي ، كي يطمئن على حالته وما وصل إليه في رحلته العلاجية وأيضاً ليطمئن جماهيره ومحبيه من خلال ما يدلي به فوزي بصوته في حلقة البرنامج المذاع على إذاعة الشرق الأوسط .. وبالفعل سجلت الحلقة التي حملت صوت فوزي جميلاً كما هو ويملؤه الأمل والتفاؤل ولم يخل اللقاء من قفشاته التي تدل على حلاوة روحه وخفة ظله .. وفي مئوية فوزي ننشر التسجيل الإذاعي الأخير له كاملاً. 

شكر لناصر وحكومة مصر

مساء الخير يا أخواني وأحبابي وأهل بلدي ، اللي حسيته من جواباتكم اللي جاءت لي في أمريكا واللي كانت أكتر من 800 جواب واللي حسستني ساعتها كأني أنا في مصر ، حسين كأن كل واحد في البلد بيحس بشعوري وبيدعي لي إن ربنا يخففني، وده يمكن هو السبب الكبير اللي خففني وخلاني أرجع لمصر، مصر الحبيبة بلدي اللي زرعها وترابها أغلى من أي حاجة في الدنيا .. بهذه الكلمات بدأ الموسيقار محمد فوزي الحلقة وقال : أنا قبل ما اتكلم عاوز أشكر، واشكر بحرارة السيد الرئيس جمال عبد الناصر والسيد زكريا محيي الدين رئيس الوزراء والسيد الدكتور عبد القادر حاتم نائب رئيس الوزراء والسيد شعراوي جمعة وزير الدولة اللي كان معايا بقلبه وإحساسه أثناء مرضي  واللي أشكره من كل قلبي ، وكمان مش ح انسى أبداً اخواننا في انجلترا السيد فوزي محبوب القنصل العام، على خدماته ، على اني حسيت وكل المرضى في انجلترا كأن ده أخ لهم كبير قوي، وربنا يدي الصحة للريس وجميع الاخوان ويبارك في أولاهم وشبابهم وكل ما يتمنوه .

خطابات الجمهور والمحبين


بعد كلمة فوزي بدأ الإذاعي محمد أنور كلمته التي رحب فيها بفوزي وحمل إليه تمنيات الجماهير ومستمتعي الإذاعة بالشفاء والصحة من مصر وكل البلدان العربية، ورد عليه فوزي بالشكر وقال أن هذا التمنيات الجماهيرية قد شعر بها ، فقد نشرت إحدى الجرائد عنوانه في أمريكا  وأرسلت له الجماهير ما يقرب من 800 خطاب من مصر وكل الدول العربية، وقد زادت هذه الخطابات من سعادته مما دعاه أن يرد على كل الخطابات بخط يده ...

 

طريقتين لكمال العلاج

سأله محمد أنور عن حالته الصحية وآخر تقارير الأطباء فقال فوزي : الحقيقة انهم وجدوا طريقتين لعلاجي، إحداهما أن آخد أدوية وهي قوية جداً وتؤثر على الدم والكرات البيضاء وتخليني في حالة من الضعف الشديد مع تناول المسكنات حتى لا أشعر بالألم ، والطريقة الثانية تعتمد على إني أقوي نفسي بالأغذية والبروتينات والمقويات بالإضافة إلى المسكنات ، واستقر الرأي على أن أعتمد على الطريقة الأخيرة وأكافح الآلام بالمسكنات ولاداعي لوجودي بالخارج بعد أن خيرني الأطباء بين الطريقتين وأعطوني الحقن التي تضعف كرات الدم الحمراء وأيضاً المسكنات وعلىّ أن أختار بينهما بعد أن اكتشفت أنه لا جديد غير ذلك ، وبالتالي قلت أنفذ الطريقة الثانية في بلدي ولا داعي للغربة أكثر من ذلك .. وهذا لا يجعلني أمتنع عن العمل ، بالعكس العمل يلهي عن آلام المرض وآلام الحياة .. وفي نهاية كلمته قال فوزي مداعباً .. فهمت مني حاجة ؟ فانفجر الجميع في الضحك .

 

يتبع ...