بقلم – أكرم السعدنى
كنت على الدوام أرى الفيس بوك وسيلة لهؤلاء الذين لا يملكون مساحة لإبداء الرأى أو لهؤلاء الذين أصابهم الاكتئاب فأصبح هذا المجال الفسيح بالنسبة إليهم كما الهايد بارك فى لندن، حيث يستطيع أى إنسان أن يذهب يوم الأحد ويتكلم فى خلق الله ولكن آخر ما كنت أنتظره من هذا الفضاء الوهمى أن يتحول إلى مكان لأصحاب المواهب، فهناك وبالتحديد فى مسألة اقتحام قوات الجيش لجبل الحلال لإنهاء أسطورة الخارجين على القانون وعلى الدولة.. ولله الحمد أبلى أبناء مصر البلاء الأحسن فى السيطرة على الجبل الذى كان أسطورة، ولكن المتحدث الرسمى فى هذه العملية كان هو فى حقيقة الأمر الفيس بوك نفسه..
فقد تطوع البعض لكتابة يوميات عن عمليات اقتحام جبل الحلال ونقل البعض صورة لما هو موجود داخل الجبل، تلك الكتلة الصخرية العصية على السيطرة.. فإذا بمستشفيات ليس لها مثيل فى العالم تعالج من كل الأمراض وتشفى من كل الإصابات التى يتعرض لها الإرهابيون وتعيدهم بفضل عباقرة الطب مرة أخرى إلى ساحات المواجهة مع الجيش المصرى، أما مركز العمليات فقد سرح البعض وتوسع وسبح فى عالم الخيال الخصيب وادعوا أنه مركز يشبه مراكز الجيوش المتقدمة ويديره ضباط مخابرات من كل أنحاء العالم.. وإننا بفضل الله أمسكنا بالجميع ولهذا ولماذا أيضًا فإن كل زعماء العالم أرسلوا بمندوبين عنهم يبدون «الندم» ويقبلون «الجدم» على فعلتهم الشنعاء فى جبل الحلال.. ولم يتوقف خيال السادة عند هذا الحد بل إنهم ادعوا وجود فنادق تضاهى أفخر فنادق العالم.. أين.. داخل جبل الحلال.. حمامات سباحة تلاقي.. جاكوزى موجود، مساج ما يضرش.. حور عين وماله.. أما الاتصالات فإنها أيضًا على نفس الجودة والرقى بها كالثريا وشبكات النت التى لا يمكن قطعها أو التشويش عليها وبالطبع تبين أن كل هذه القصص والحكايات هى من وحى خيال، إما خصيب أو مريض أو تم كبته لعشرات السنين.. وماصدق انطلق ليهرش نافوخنا بحكايات ما أنزل الله بها من سلطان.. ولكن الحق أقول إننى كنت أستلقى من شدة الضحك على بعض أصحاب التعليقات الذين نسجوا قصصا من خيوط العنكبوت وكانوا هم أول من صدقها.. وأحسست أن المواهب لا تزال تجيد وأن المرحوم أبو لمعة ترك لنا بذرة أثمرت بفضل الله فى مواقع التواصل الاجتماعى الفيس بوك.. ولكن هل نحكم على كل أصحاب القصص والحكايات بأنهم من خريجى مدرسة أبو لمعة.. بالطبع لا.. فهناك للفيس بوك حوارات نافعة منها على سبيل المثال هذه الفتاة الذكية اللماحة التى التقطت فيديو للشاب الذى عرف بسمسار أكتوبر ونسى أنه يتاجر بالممنوعات وإن الذين اختطفوه أحدهم ضابط والآخر أمين شرطة واستطاعت البنت أن تحل شفرة قضية مقتل السمسار بهذا الفيديو الذى أثبت أن للفيس بوك أكثر من جانب وأنه يمكن أن يكون مفيدا ويمكن أن يتحول إلى شيء آخر والمطلوب الآن بعد أن تضخمت أعداد السادة المتواجدين على الفيس بوك وتحولوا إلى كتلة جبارة لا ينبغى أن تكون الأمور هكذا على الهلى سبهللة حيث لا ضابط ولا رابط والمطلوب مراقبة عملية الكتابة على الفيس بوك ذلك لأن هناك أناسا ثبت بالدليل القاطع أنهم أكثر خطرا على المصريين من أعداء مصر وترك أمثال هؤلاء يبثون سمومهم على شبكات التواصل سوف يكون له أسوأ الأثر علينا خصوصا وأن الناس فى بر مصر لم تعد مع الأسف تبحث عن الأخبار لا فى محطات التليفزيون ولا فى الجرائد.. ولكن المصدر الأوحد الآن للخبر هو مع شديد الأسف الفيس بوك.. وحده.. ولا شىء سواه.
معالى وزير الصحة.. وعدتك أن أتعقب معاليك بعد تصريحك عن ناصر العظيم.. وأحب أبلغ سعادتك أن محاولاتك لإضافة رتوش ومكياج من أجل تجميل تصريحاتك هى من النوع الفشنك الذى زادك قبحًا.. بعد أن أصبحت بعد هذه التصريحات عدوًا للرجل الذى عشقه البسطاء فى بر مصر.
الرجل الذى تعلمت أنت وتشافيت وتربيت فى عصره دون أن تكلف أهلك شيئًا رحم الله ناصر ومنحنا الصبر على احتمال هؤلاء الذين يتصورون أنهم عندما يتجنون على الكبار يصيرون مثلهم من الكبار ولعلهم يعلمون أنهم أبدًا سوف يظلون على حجمهم.. لأن الكبار فقط والمثمرون وحدهم هم الذين يقذفهم الصغار بالأحجار.
سلام الله عليك يا عبدالناصر.