أعدت ورقة الحوار: سميحة درويش أعد الحوار للنشر: أحمد جمعة - شريف البرامونى
«دموع، ودماء.. أشلاء، وانفجارات هُنا وهُناك، وملابس سوداء»، هذا هو حال سيناء العزيزة الآن، نستيقظ كل صباح على فاجعة، هذا الأسبوع وقع حادثان أسفرا عن سقوط نحو ٢٠ شهيدًا ومثلهم تقريبا مصابون فى صفوف قواتنا المسلحة، وهو ما يدمى القلوب، ويزيد من أوجاع المصريين على الشهداء من أبنائها.
كل مصرى لا يمُكن أن يُنكر الدور الكبير الذى يقوم به الجيش فى سيناء للقضاء على العناصر الإرهابية، التى تتلقى أموالًا طائلة لمواصلة الإرهاب فى مصر، بهدف استهداف رجال الشرطة والجيش، جنود الجيش والشرطة يواجهون طلقات الرصاص بابتسامات معهودة وقلب مفتوح، للتضحية من أجل مصر.
لكن وكما يقولون «أهل مكة أدرى بشعابها».. كذا أهل سيناء هم أدرى بجبالها ووديانها وأنفاقها ومخابئها وشقوق الثعابين الإرهابية بها، كما أن أهل سيناء عليهم دور كبير فى المعركة ضد الإرهاب، فلن يكتب لهذه الحرب النجاح إلا باصطفاف أهل سيناء مع قواتنا من الجيش والشرطة لدحر الإرهاب واستئصاله. من هنا استضافت «المصور» اثنين من كبار مشايخ سيناء، للحديث عن الوضع على الأرض فى سيناء، وما يقوم به الإرهابيون، والدول التى تمولهم، ودور الأهالى فى مساعدة القوات المسلحة فى الإبلاغ عن الإرهابيين.. وكانت تفاصيل اللقاء مليئة بالمشاهدات المُهمة، والمعلومات الصادقة، وكذا الأمنيات من الرئيس عبدالفتاح السيسي.
«المصور» استضافت الشيخ حسن خلف، شيخ مجاهدى سيناء، وواحد ممن شاركوا فى العمليات العسكرية ضد العدو فى الفترة منذ حرب الاستنزاف وحتى انتصارات أكتوبر عام ١٩٧٣. وشيخ مشايخ قبيلة السواركة، والشيخ عيسى الخرافين شيخ مشايخ شمال سيناء بمجلس القبائل العربية، والحاصل على نوط الامتياز من الطبقة الأولى وزعيم قبيلة الروميلات. «خلف» و«الخرافين» نقلا ما يشعر به المواطن السيناوي، وأكدا أن الجيش قادر على محو الإرهابيين، بشرط الدخول فى عملية عسكرية شاملة وممتدة بلا توقف حتى يتم تطهير شمال سيناء من الإرهابين، وطالبوا الرئيس السيسى بضرب الإرهاب والإرهابيين بقوة دون رحمة. وفى نفس الوقت طالبا بوقف استخدام الدراجات البخارية وعربات الدفع الرباعى اللذين يستخدمهما الإرهابيين فى عملياتهم، ومنع تهريب الوقود للإرهابيين.
مشايخ سيناء أكدوا على أن معظم أبناء سيناء يرفضون الإرهاب والتطرف وأن القضاء على الإرهاب لابد أن يسبق التنمية وأن قوات الجيش والشرطة قادرة على دحر الإرهاب، وأن هناك أيادى للموساد فى شمال سيناء تحرك الإرهابيين، بالإضافة إلى بعض الدول الخليجية التى تمول الإرهاب، فى المنطقة الملتهبة فى شماء سيناء والممتدة عبر مثلث العريش - رفح -الشيخ زويد والتى تشهد معظم العمليات الإرهابية، فإلى تفاصيل الندوة:
المصور: مصر فى أزمة حقيقية بسبب استمرار العمليات الإرهابية فى شمال سيناء.. فمن هؤلاء الذين يستهدفون قوات الجيش والشرطة بشكل متكرر.. وما خريطة تمركزهم؟
الشيخ حسن خلف: أهل مكة أدرى بشعابها، ونحن نعرف كُل كبيرة وصغيرة بشمال سيناء، ونعرف حجم هؤلاء الناس وشكلهم وتحركاتهم، فبعد اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، هناك من اعتقد أنها كانت مُجحفة فى حق مصر، حيث تم تقسيم سيناء إلى ٣ أقسام: المنطقة الأولى (أ) وبها عدد محدود من القوات المسلحة والمُدرعات، وتمتد من القناة بطول ٥٠ كم فقط، والمنطقة الثانية (ب) وهى أوسع قليلًا وبها قوات حرس حدود لا يتعدى تسليحها بندقية آلية، والمنطقة الثالثة (ج) هى أخطر منطقة ويتمركز بها الإرهاب ويُحظر فيها دخول القوات المسلحة، ويتم الاكتفاء بالشرطة دون تسليح أو تدريب يؤهلها لحكم مناطق صحراوية وجبال، وبدأ الخلل من هذه المنطقة.. فطبيعة العربى والمصرى أنه يتعاطف مع القضية الفلسطينية منذ ولادته، ومنذ بدأت إسرائيل مُناوشات مع غزة، هناك من الأهالى من دافع عن الفلسطينيين بدافع الوطنية بغرض مُساعدتهم، ومنهم من دافع عنهم بغرض والمال والتجارة فى السلاح.
وهذا السلاح يأتى من إريتريا والسودان قبل انهيار ليبيا، وعندما انهارت ليبيا بدأت تتوسع عمليات تهريب السلاح والصواريخ وأسلحة متطورة بدافع التجارة.
المصوّر: كيف تغيرت عقيدة بعض أبناء سيناء واتجهوا للعمل التكفيرى والجهادي؟
الشيخ حسن خلف: الأزهر بالنسبة للبدوى قيمة كبيرة، وعندما يذهب أحد أبنائه إلى المشيخة أو الجامعة، فهذا قدر كبير من الاحترام له، يعود الولد زيارة بعد عام يربى لحيته ويبدأ فى الحديث عن فتاوى ما أنزل الله بها من سلطان، «والله فى ناس أقنعوا أمهاتهم أن تهدد زوجها بأن يلتزم بما يلتزم به ابنها أو يُطلقها»، وبالفعل وقع الكثير من حالات الطلاق!». وتأتى طرود من الكتب المتطرفة من الخارج لبعض أهالى سيناء، وبالتالى أصبح لهم شباب فى كل سيناء يعتنقون مذاهب تكفيرية وجهادية، وبدأ اللحن المتكرر، لابد من العودة إلى الله ورسوله، وبدأت موجة من التكفير لأهالى سيناء.
ثم وقعت أحداث طابا، وقامت الأجهزة الأمنية بالاعتقالات العشوائية لنحو ٤٥٠٠ شاب وسيدة، وهم بعيدون كل البعد عن تلك الجماعات المنفذة لتلك العملية، ومن ثم بدأت الكراهية تتولد لدى الأهالي، وبعد الثورة تم الإفراج عن الجهاديين، ومن هنا بدأت العمليات.
وذات مرة كان هُناك شابان قررا استهداف سيارة للأمن، وارتدى أحدهما حزامًا ناسفًا ليُفجر فى السيارة، والآخر انتظر حتى وصول سيارة الدعم ليستهدفها، ووصل المأمور قبل السيارة، وبالتالى ارتمى فيها الشاب وانفجر الجميع، وأخذتنا الشرطة ولم يُستدل على تلك القطع البشرية، والحمض النووى أظهر أن الطالبين فى كلية الشريعة والقانون، وبدأوا فى الانتقام، واتفاقية كامب ديفيد سمحت بدخول كتيبة من حرس الحدود على قطاع غزة لهدم الأنفاق، ولو لاحظت اتفاقية دخول هذه القوات محددة بالعربات والجنود والبنادق والمسدسات. وعملت الدولة مع الجانب الآخر، ودخل الجيش بعد الثورة، ثم أصدر التكفيريون فتوى أن «الطاغوت يُقتل بالرصاص» يقصدون الضابط والجندى المصري، والبدوى الذى يتعامل مع الجيش يُذبح وتفصل رأسه عن جسده، وبدأوا يذبحون أولادنا، لدرجة أنهم استهدفوا الشيخ عيسى لولا إرادة الله.
المصوّر: وكيف تسللت العناصر الأجنبية إلى داخل سيناء؟
الشيخ حسن خلف: دعنا نصل إلى النقطة الحساسة فى الوقت الراهن، فبعد ثورة «٢٥ يناير» دخلت عناصر غريبة إلى سيناء من باكستان واليمن، فضلًا عن الأسلحة بشكل كبير، ثم جاء حكم الإخوان وتولى محمد مرسي، ووقتها كان عادل حبارة يخطب فى الناس من على المنبر لدرجة أن بعض السيدات البسطاء كن ينتظرنه لتقبيل يده.. تخيل الدرجة التى وصلت إليها سيناء، واشتروا أرضا وأقاموا بها «عِشة كبيرة» ومعهم بدو من إخوانهم وأعطوهم فكرة عن طبيعة هذه الأرض، ووضعوا على «العشة» ملابس حريمى لكى يخدعوا البدو أن هناك سيدات بالداخل، وبالتالى من المُتعارف عليه عدم دخول أى رجل فى هذه العشة، ثم جاء رجل كبير يسكن بجوارهم، وقال إنه يشتبه فى هذه العشة.
المصور: ولماذا اختاروا هذه المنطقة؟
الشيخ حسن خلف: لأنها أسفل تيار الضغط العالي، وفى الليل يقومون بتوصيل الكهرباء عن طريق «السنارة»، وقبل مقتل جنود رفح ركبوا سيارة الدفع الرباعى وقبلها بيوم اختفوا.. وبعد قتل الجنود ذهبنا إلى الأمن العام وأخبرناهم بوجود العشة وداخلها «حبارة» وقبل قتل الجنود بيوم واحد اختفوا، ونصحونا بإبلاغهم فور قدومهم من جديد وهو ما تم بالفعل، وجاء الأمن العام وطوق العِشة، وطالبهم بتسليم أنفسهم، ثم شاهدنا «أر بى جي» يخرج من داخل «العِشة» واستهدف المدرعة، وتم التعامل بالرشاشات، وتم تبادل إطلاق النار، وقتل الأمن ٧ منهم وأمسكوا بواحد منهم، وهو شيخ يُعلم الأطفال القرآن فى «المكتب».
ثم خرج الرئيس المعزول مرسي، وقال سأقود العمليات بنفسي، وبعد ٣ أيام من قتل الـ١٦ من الجنود والضباط، فوجئنا بسيارات تحمل لوحات رئاسة الجمهورية، ثم شاهدنا مشايخ بلحى مثل الشيخ محمد حسان، وأرسلت المخابرات سيارات المُراقبة عن بعد، ثم سافروا إلى الشيخ محمد الظواهري، وطالبه الأمن بالمغادرة لسلامته الشخصية، لكنهم تلقوا اتصالا بتركه وشأنه، ثم ألقى الأمن القبض عليه فى طريقه إلى جبل الحلال، ثم رحلوه رغمًا عن أنفه.
وكانت القوات المسلحة تخرج وتوزع مواد ترفيهية وتموينية على الأهالى فى سيناء، وكانوا يذهبون إلى مشايخ القبائل لتوزيعها، ثم صدر الأمر بتسليم هذه المعونات إلى الجهاديين، وشاهدت بالفعل تلك السيارة تقف إلى أحد الجهاديين يسكن بجوارى وأنزلوا الكراتين فى منزله، وبدأ الجهاديون أنفسهم فى توزيع تلك المعونات.. وفى تلك الأثناء كان عادل حبارة يتحرك بلا قيود وقتل الجنود الـ٢٥ جنديا بيديه، ويُحاكم مدنيًا الآن ولا أعرف كيف يحدث ذلك؟!، الجيش قوى وفى إمكانه التخلص من التكفيريين فى وقت قصير.
المصوّر: فى رأيك، من زرع هؤلاء التكفيريين فى سيناء؟
الشيخ عيسى الخرافين: مثلما ذكر الشيخ حسن، فأبناء سيناء لم يبخلوا بالمعلومات لرجال الأمن فى أى وقت، ومشايخ سيناء حذروا رجال الأمن وجلسنا معهم فى ٢٠٠٧ وذكرنا لهم أن هُناك بذرة يجب خلعها قبل أن تتمدد، ومن جلسنا معهم هم حسن عبدالرحمن رئيس فرع أمن الدولة الأسبق، وعدلى فايد مدير الأمن العام الأسبق، وأحمد جمال الدين وزير الداخلية الأسبق، وقادة مكاتب المخابرات فى سيناء وأمن الدولة والبحث الجنائى وأمن الدولة، وأبلغناهم أن تلك البذرة ستؤرقهم فيما بعد، ونحن نعرف الطبيعة ونفوس الرجال فى هذه المناطق.
المصوّر: ما طبيعة تلك «البذرة» التى تتحدث عنها؟
الشيخ عيسى الخرافين: الإرهابيون.
الشيخ حسن خلف: هُناك اختراقات والقتلة محترفون، ودور التكفيريين من أبناء سيناء دعم لوجيستى فقط كخبراء، لكن القتل والاحتراف من أبناء الوادي، وكل السلفيين الموجودين فى مصر «خلايا نائمة» لا يمنعهم سوى الخوف، وكل قرية تمتلئ بهم، والموضوع كبير.
الشيخ عيسى الخرافين: هذه الخلايا كانت مُستندة على عدة أشياء، أن يعطيهم الأمن والأمان استنادًا إلى اتفاقية السلام، حيث لا يكون هناك تواجد للقوات المصرية فى هذه المناطق، والمشكلة أنه فى بعض الأحيان لم يؤخد بهذه التحذيرات مأخذ الجدية ولم يتخذوا ضد الجهاديين أى إجراءات، وعندما يختلف تُجار المخدرات يتدخل الأمن، ويأتى بالمشايخ لحل تلك المشاكل.. وبعض خبراء الأمن يتحدثون عن مشايخ سيناء بكلام غير جيد، وذات مرة سمعت سمير غطاس، يقول إن «أبناء سيناء يؤون الإرهابيين»، وذات صباح اتصلت بإحدى القنوات مع الإعلامى محمد شردي، وقلت: «أبعث لسمير غطاس رسالة وأقول أن أهل سيناء لا يحموا الإرهاب وتاريخهم أبيض، وإذا كان عاجزا عن فهم ذلك، فليراجع كتب المخابرات ويدرك من يؤوى الإرهابيين.»
المصوّر: بشكل واضح.. هل بعض القبائل التى قامت بأدوار وطنية وقت حرب أكتوبر أضحت خائنة وتؤوى الإرهابيين وهل شبابها تمردوا على عقلاء ومشايخ القبائل؟
الشيخ عيسى الخرافين: إذا رجعنا بالتاريخ للوراء، فسيناء تعرضت لعدة حروب، عاشوها أهل سيناء، وأصبحنا «دكاترة حروب» ولدينا شعور بالحروب فى أى زمان ومكان، ترعرعنا على مبادئ ثورة ١٩٥٢، وأن إسرائيل هى العدو الأول، وعندما صارت حرب ٦٧ كان عندى ٢١ سنة لم نكن نصدق ما حدث. والقبائل بعد حرب ٦٧ انخرطنا فى العمل السرى فى سبيل الحصول على الثأر، وأول قرار اتخذته كان إضرابى عن الزواج، حتى أستطيع الحركة بحرية، ولا أنشغل بأى شيء، حتى صارت معركة النصر وحصلنا على حريتنا.
الشيخ حسن خلف: «عندنا وطنية لو وزعناها على الوادى كله لتكفيه وتفيض»، والآن لابد أن نتفهم أن سيناء لا توجد بها قبيلة واحدة متعاطفة أو تؤوى الإرهابيين، والجميع يخشى من هؤلاء، وطلبنا حمل السلاح للدفاع عن الأرض والأهل، لكن الطلب قوبل بالرفض، وقالوا لا سلاح إلا مع الجيش، حتى ذُبح أبناؤنا، ثم بدأ الأهالى يخشون من الأمن والتكفيريين فى نفس الوقت!.
وبعض شباب القبائل بعد النكسة دخلوا فى منظمة سيناء العربية، وكانوا يطلبون معلومات عن بعض مواقع العدو، وكنا نأتى لهم بالفعل بالمعلومات المطلوبة، حتى قال المشير أحمد إسماعيل إن «أبناء سيناء جعلوا المواقع الإسرائيلية كتابًا مفتوحًا أمام القوات المسلحة، ولولا أبناء سيناء ما كانت حرب أكتوبر».. والجيش قادر على إنهاء جميع الجهاديين فى سيناء، وحتى بعد عملية «حق الشهيد» كانوا بين أيديهم، لكننا لا نعرف لماذا لم يستكملوا هذه العملية؟.
دعنى أؤكد أن الدبابات لن تحسم المعركة فى سيناء، لابد من الاعتماد على القوات الجوية والعربات لسرعة الحركة وتعقب الإرهابيين الجندى على الأرض هو الذى يحسم، والقوات تحركت فى جنوب رفح والتكفيريون تجمعوا فى منطقة مُعينة، وأبلغت المخابرات بذلك.. وكل التكفيريين تمردوا على أهلهم ومستعدون أن يذبحوا أهلهم فى سبيل العقيدة التى اعتنقوها، وبعض الآباء يدعون على أبنائهم بالتهلكة.
فضلا عن أن العريش تمتلئ بأبناء الوادى الذين يقتلون الضباط والقضاة، ودرجة الإقناع التى يعطونها للشباب الصغير لا يُمكن فهمها، والشيخ نبيل نعيم تحدث عن إقناع الشباب وقال إنهم يقومون بعملية «غسل دماغ» لهؤلاء ويجهزون السيارة المفخخة قبل أن يختلط بالناس، وبالتالى يخرج من بيت التكفير إلى الجهاد والعمليات الإرهابية، وجلسنا من شيوخ الأزهر لحل هذه القضية.
المصوّر: ماهى المنطقة الملتهبة داخل سيناء؟
الشيخ عيسى الخرافين: هى منطقة شرق العريش، وتبدأ من شرق العريش حتى مدينة الشيخ زويد ومدينة رفح، بعمق فى الصحراء ٣٠ كم، وطول ٤٠ كم، ويتجمع فيها التكفيريون، وأول عملية تحدث خارج المنطقة الملتهبة ما جرى مطلع الأسبوع الماضى فى بئر العبد، التكفيريون استهدفوا الكمين على بعد ٥٠ كم من المنطقة الملتهبة فى سيناء، والكمين كان فى حالة استرخاء، لأن المنطقة آمنة، وقبل ذلك تسللوا إلى مدينة سبيكة وفجروا السيارة، والتكفيريون تصل لهم معلومات عن موعد حملات القوات المسلحة.
المصوّر: هل تلعب الأموال دورًا فى ذلك؟
الشيخ حسن خلف: نعم، الأموال تلعب دورًا كبيرًا، وفى ذات مرة خرجت حملة عسكرية فى الشيخ زويد ووصلت إلى المعسكر قبل ٢ كم، ومعهم أجهزة لاسلكى للتكفيريين، وسمع أن تكفيرى يقول إن القوات عبرت الطريق، وفتشوا المنطقة بحثًا عمن يُبلغ عنهم، ووجدوا رجلا يرتدى عمامة يقوم بذلك، وقال إنهم هددوه ومنحوه ٥٠٠ جنيه فى اليوم الواحد.. عندنا شباب يتم منحهم ١٠٠ دولار لكى يقومون بدور مخبر، وخاصة من الأطفال للإبلاغ عن القوات.
المصوّر: بالعودة إلى المنطقة الملتهبة.. من يسكنها؟
الشيخ حسن خلف: هذه المنطقة بها قبيلتا «السواركة والروميلات» التابعتان لى وللشيخ عيسى، والأسبوع الماضى دخل التكفريون على قبيلة الشيخ عيسى وتبادلوا إطلاق النار، واليوم التالى عادوا وجاءوا بالمتفجرات ونسفوا كل بيوت القبيلة، والأسر الآن فى العراء،. والأجهزة لديهم جميع أسماء التكفيريين ونحن نعرفهم.. الموضوع كبير وسيأخذ بعض الوقت، ولكن الجيش قادر على إنهاء الأمر، ولكن تبقى الحلقة المفقودة التى نبحث عنها.
المصوّر: ما عدد الإرهابيين فى سيناء الآن؟
الشيخ حسن خلف: حاليًا عددهم طبقا للتقديرات وصل إلى نحو ٢٥٠٠ شخص، وللتدليل على أهمية العملية العسكرية الشاملة أتذكر ما حدث فى ١ يوليو الماضى عندما قام الإرهابيون بعملية وأعلنوا إمارة فى الشيخ زويد، وتحدثوا مع قياداتهم ليجيئوا لهم وجاءوا بالأعلام على عربات الدفع الرباعي، ولكن خرج الطيران واستهدفوهم على الأرض، وقتلوا معظمهم ولو استمر القصف واستمرت العملية لتم إعلان سيناء خالية منهم، ثم قمنا بعملية «حق الشهيد».
وفى منطقة السواركة لا يتعدون الـ ١٠٠ إرهابى، ويحاربون بالدراجات البخارية، والجيش يواجههم، وطالبناهم بإصدار أمر بعدم ركوب الدرجات البخارية ولم يستجيبوا، وأوقفوا سيارات الدفع الرباعى.
المصوّر: من أين تأتى سيارات الدفع الرباعى؟
الشيخ حسن خلف: من معارض السيارات بمصر، والفاتورة تُدفع عن طريق تاجر ويبيعونها للتكفيريين، لكن العدد أصبح قليلا جدًا الآن، والآن أصبحت سيارات «فيرنا» منتشرة بشكل كبير معهم، وهؤلاء لم يعيشوا وسطنا، وهم يكرهوننا ونحن نكرههم.
المصوّر: ومن أين يأتون بالبنزين والسولار؟
الشيخ حسن خلف: لا أعرف المكان على وجه التحديد، كانوا زمان يمولون من المحطات، بالجراكن ولكن الأمن منع ذلك، ومحطات البنزين فى رفح والشيخ زويد تم تدميرها، والآن يأتون بها من وسط سيناء.عن طريق عربات تأتى من مصر لمحطة مثلا فى وسط أو جنوب سيناء لكن قبل أن تصل للمحطة يقوم الارهابيون بشرائها بضعف ثمنها ولا تدخل المحطة ثم يقوم الإرهابيون بعمل خزانات فى الأرض لتخزين الوقود.
فتهريب البنزين يأتى من محافظات الوادى وجنوب سيناء عبر عملية فساد، يشارك فيها بعض أصحاب محطات الوقود عبر اتفاق مع المهربين، فبدل من أن تصل السيارة المحملة بالوقود إلى المحطة لتفريغ حمولتها يتم تهريبها بمبالغ باهظة، فإذا كانت تبلغ قيمتها ٥٠ ألف يتم تهريبها ب٢٠٠ ألف جنيه، والأمر بسيط صاحب المحطة أو المسئول عنها يحصل على المبلغ الأصلى للحمولة ٥٠ ألف جنيه، يتم تورديها ويحصل أيضا على نصيبه فى الصفقة ربما يصل نفس قيمة الحمولة، ويجب أن يعى الجميع أنها تعبر قناة السويس بشكل رسمى وهو أمر طبيعى لأنها تحمل تصريح عبور بالحمولة، ثم بعد عبورها تتم عملية تحويل المسار التى تم ذكرها وقوات الأمن اتخذت بعض الإجراءات لمحاربة تهريب المواد البترولية، وتم منع عبورها لفترة زمنية، ففى الواقع بعد مدينة العريش لا توجد مواد بترولية سوى بعض السيارات التى يتم تهريبها البعض منها يستطيع الهرب والبعض الآخر يتم إلقاء القبض عليه من قبل قوات الأمن.
المصوّر: كيف نضع قيودًا على عربات الدفع الرباعى والدراجات البخارية والبنزين والسولار؟
الشيخ عيسى الخرافين: طلبنا هذا الكلام من قبل، واستهداف أى شخص يقود موتوسيكلا فورًا، وطلبنا من أبنائنا عدم السير بالدراجات البخارية والدفع الرباعي، وأصبحت هذه السيارات منعدمة تقريبا.
المصور: وكيف يتم زرع الألغام؟
الشيخ عيسى الخرافين: الإرهابيون لديهم خبراء لزرع العبوات المفخخة، والعملية سهلة للغاية فى ظل توفر المعلومات ولا يراهم أحد.. وفى عملية حق الشهيد اجتمعنا مع قائد الجيش الثانى وتحدثنا معه، بأن تستمر عملية حق الشهيد ويتم تدعيمها بالطيران، ولو كان هناك طيران فوق الجيش فى حال انتقال التكفيريين يستهدفونهم فورًا، والحرب فى سيناء معقدة لأننا لا نواجه جيشًا نظاميًا.
الشيخ عيسى الخرافين: أهالى سيناء لديهم مقترح يتم مناقشته على مستوى الشارع السيناوي، وهو أن تناقش الحكومة المصرية مع حكومة الكيان الصهيونى حول معاهدة «كامب ديفيد» والتى تجاوز عمرها ٣٦ عاما، ولم يحدث أن قامت الحكومة المصرية بأى اختراق يذكر لتلك الاتفاقية، وكانت عبر سنوات ماضية تحترم وتلتزم بتطبيق وتنفيذ كافة البنود، فأصبح من حقها اللجوء إلى محكمة العدل الدولية للمطالبة بتغير البنود التى تعرقل تواجد الجيش المصرى داخل سيناء.
الشيخ حسن خلف: لابد أن تسعى الحكومة المصرية إلى تغيير بنود اتفاقية «كامب ديفيد» وأن يكون هذا بشكل واضح، حتى تتمكن من التواجد على كامل الأراضى فى سيناء دون محاذير أو الضوابط، التى وضعتها الاتفاقية، وحتى لا يكون تحت رحمة تلك البنود، وإذا رفضت إسرائيل تعديل البنود، فمن حق مصر اعتبارها لم تكن وليست ملزمة لها.
المصور: هُناك حلقة مفقودة يحاول الشارع المصرى فهمها نتيجة تكرار الحوادث الإرهابية داخل سيناء وتعرض أبناء الشعب للاستشهاد على يد التكفيريين مما دفع البعض إلى القول أننا غير قادرين على القضاء على الإرهاب فى سيناء.. فما صحة ذلك؟
الشيخ حسن خلف: والله العظيم الجيش المصرى ليس عاجزا، وأنا أعرف نفسية المقاتل المصري، وأتذكر المعركة التى حدثت فى رمضان الماضي، وتحدث مع عدد من الضباط والجنود والذى أكدوا أن الله لم يكتب لهم الشهادة فى هذا اليوم، بسبب أنه غير راض عنهم – بحسب قولهم-، هذه هى نفسية المقاتل المصرى الذى يتمنى الشهادة من أجل الحفاظ على أرضه ووطنه، لكن الأزمة تكمن فى ضرورة وجود قائد ميدانى محنك، فلقد كان لدينا قائد ميدانى حقق الكثير من النجاحات، وتم نقله دون إعلان الأسباب، وهو اللواء أحمد وصفى قائد الجيش الثانى السابق.
المصور: وماذا يريد أهل سيناء من الرئيس عبدالفتاح السيسى من أجل القضاء على الإرهاب؟
الشيخ حسن خلف: نحن نعلم مدى حب الرئيس لمصر وإخلاصه الشديد فى هدفه، المتمثل فى الخلاص من الإرهاب والنهوض بالأوضاع بشكل عام لكافة المصريين.
والأمر يحتاج أن تعرف كيف يفكر عدوك؟ حتى تستطيع مواجهته بناء على ما يخطط له هو، فالتكفيريون لديهم هدف توصيل رسالة لمن يدعمهم، ويقدم لهم الدولارات، بأن لديهم القدرة على التواجد والإرهاب فى سيناء، حتى يستمر الدعم وتمويلهم بالدولارات، إلى جانب أنك فى بعض الأحيان تواجه بعض الأفراد ضعفاء النفوس.. فانا أتذكر حادثة عندما تم إلقاء القبض على أحد التكفيريين فى أحد الكمائن، وتم إنزاله من السيارة الأجرة التى كان بداخلها، وخلال التحقيقات اعترف بأنه كان ذاهبا لإحضار الأموال إلى سيناء، وأن اثنين من أمناء الشرطة الذين كانا متواجدين داخل السيارة هما مساعدان له فى المهمة، وبالفعل تم التخطيط وإلقاء القبض على الاثنين، فالمواجهات متعددة فى سيناء.
الشيخ عيسى الخرافين: أنا أتذكر حادث قام به التكفيريون، عندما قاموا بقتل ٢١ شابا من المتعاونين مع الجيش المصري، ومثلوا بأجسادهم، توجه فى اليوم التالى للحادث وفد من الشباب إلى قائد الكتيبة ١٠١ وطالبوا بضرورة إمدادهم بالسلاح من أجل مواجهة التكفيريين ومساندة قوات الجيش، إلا أن القائد رفض هذا العرض، مؤكدا للشباب أن السلاح غير مسموح أن يكون متواجدا سوى فى أيدى قوات الجيش، وبرغم من أن طبيعة أهل سيناء تؤكد أن لدى الجميع سلاحا، إلا أنه لا يُمكن استخدامه دون الحصول على إذن القوات المسلحة المصرية، فأهل سيناء يتعرضون للهجوم والسب، وأتذكر أيضا الإعلامى أحمد موسى حين قال: احرقوا الأرض فى سيناء بمن عليها.. فملخص الأمر أن أهل سيناء مظلومون وأبناء القوات المسلحة والجيش هم أيضا مظلومون فى تلك القضية.
الشيخ حسن خلف: أهالى سيناء لديهم قناعة بأنه يجب توجيه ضربة قوية إلى الإرهاب حتى لو كانت نتائجها ٥٠٠ شهيد أفضل بكثير من المواجهة والحوادث اليومية، أو «الوجبات اليومية» التى يستيقظ عليها الشعب المصرى كل يوم ويتناولها الإعلام، ويمكن أن تكون سببا مباشرا فى إحباط الشعب وفقدان الأمل فى القضاء على الإرهاب.
المصور: بعد كل ما تم ذكره من تفاصيل.. هل هناك مطالبات أخرى من الرئيس؟
الشيخ عيسى الخرافين: أنا لا أدرى ماذا عن المعطيات التى تقدم للرئيس السيسى حول طبيعة الوضع داخل سيناء، وإذا علمت أستطيع أن أقول ماذا يجب على الرئيس اتباعه، لكن أتذكر خطاب الرئيس الذى أكد فيه على انحسار الإرهاب داخل سيناء، وهو أمر صحيح تماما، ولكن رغبة أهالى سيناء تكمن فى اقتلاع جذور الإرهاب وليس انحساره، للعديد من الأسباب، فلا يُمكن الحديث عن نجاح أى تنمية فى سيناء فى ظل الأوضاع الأمنية غير المستقرة، فيجب أن يعى الجميع أن مسألة التنمية فى سيناء ليست مُعضلة مُستعصية، فلدينا تجربة أبهرت الوادى فى زراعة الفاكهة والخضراوات الطازجة وقمنا بتصديرها إلى الخارج، وكلها كانت بجهود ذاتية وليست بمساعدة الدولة، ولكنها انهارت الآن نتيجة الظروف التى تمر بها شمال سيناء، تلك التجربة التى أبهرت خبراء الزراعة على المستوى العالمي، فعندما شاهدوا طريقة الزراعة بالتنقيط المتبعة فى شمال سيناء ومقاومة الآفات، أكدوا أنهم لو كانوا مسئولين عن اتخاذ القرار لأرسلوا بعثات لتعلم تلك الطريقة فى الزراعة أفضل من إرسالها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، إلى جانب مزارع الزيتون التى تم تجريفها حتى لا تكون مأوى للتكفيريين.. ملخص الأمر أن صانع التنمية الحقيقى هم أهالى سيناء، فدور الدولة هو توفير البنية التحتية من كهرباء ومياه، ولها بعد ذالك جزيل الشكر.
الشيخ حسن خلف: نقول للرئيس لا بديل عن المواجهة الشرسة والقوية ضد التكفيريين دون رحمة أو هوادة، ولابد من قتلهم بشكل مباشر دون محاكمات، لأن من قتل مجرما ينشر الإرهاب والفوضى فى الأرض له الجنة فاقتلاع جذور الإرهاب من سيناء بات أمرا حتميا وعاجلا فنحن فى انتظار عودة عملية «حق الشهيد» على الأرض مرة أخرى، دون توقف حتى يتم القضاء على كل العناصر الإرهابية فى سيناء.
المصور: أحد القيادات ذكر أن قوات الجيش لديها تحفظ على تكثيف الهجوم فى بعض المناطق التى يوجد بها إرهابيون نتيجة وجود الأهالى فى المنطقة.. فلماذا لا يتم إخراج الأهالى من تلك المناطق ويتم نسفها؟
الشيخ حسن خلف: الأهالى يغادرون طواعية بالفعل ويهجرون أراضيهم، لكن القوات الموجودة تذكرهم دائما بضرورة البقاء فى الأرض، وأن يلتزموا بعدم الهجرة منها، لكن الأهالى يهاجرون خوفا من نتائج الهجوم على الإرهابيين، فكل معركة لها ضحايا، ويمكن أن يُصاب أو يموت أحد الأهالي، خلال عمليات الهجوم نتيجة القذف لذلك هم يهجرون الأرض، وخلال اللقاء الأخير مع الرئيس السيسى حاولت التواصل معه إلا أن أفراد الأمن رفضوا ذلك، وعندما شعر الرئيس السيسى أمرهم بأن أقترب منه، قال لهم اتركوه وسلم على وطلب منى أن أرسل سلامه إلى أهالى سيناء.
المصور: وهل يُمكن أن يكون للموساد الإسرائيلى دور ضالع فى الأحداث الجارية بشمال سيناء؟
الشيخ حسن خلف: طبعا لهم دور كبير وأذرع ممدودة فى كل منطقة، وفى جميع المحافظات فاتفاقية «كامب ديفيد» قدمت لإسرائيل خدمة عظيمة فى خلق مئات الجواسيس داخل ربوع مصر، وربما لا يعلمون هم أنفسهم أنهم جواسيس لدولة إسرائيل، فإسرائيل استطاعت عبر التكنولوجيا الحديثة اختراق بعض شرائح شركات الهواتف المحمولة، لتكون تابعة للشبكة الإسرائيلية ويستطيع أى فرد موجود فى غزة أن يمتلك حسابا يتم إضافته إلى رصيدك على هاتفك النقال، إلى جانب التهريب، فعندما تقضى على نفق يظهر آخر وهكذا.
المصور: الحديث عن التهريب يفتح الباب أمام اتهام موجه إلى شيوخ القبائل الذين يرفضون الإبلاغ عن المهربين من أبناء قبيلتهم.. فما ردك على ذلك؟
الشيخ حسن خلف: هذ أمر عار من الصحة، وأتحدى أن أحدا يمكن أن يثبت أن شيوخ القبائل يرفضون الإبلاغ أو تسليم أى مهرب أو تكفيرى ينتمى لقبائلهم، فرغبة الجميع القضاء على تلك الظواهر ولا يُمكن التستر على أى شخص يقوم بها حتى لو كان أحد أبنائي، فهناك معلومات وافية تصل إلى الأجهزة الأمنية حول التكفيريين وعلاقاتهم الإنسانية من نسب وأولاد، وكافة أشكال علاقتهم، ويجب هنا أن نفرق بين من يقوم بالإبلاغ بشكل طوعي، والذى يمكن أن يخاف بعد مقتل ٢٢ شابا من المتعاونين مع القوات المسلحة، والذين يعرفون دورهم بشكل جيد، ولا يخافون سوى الله.
الشيخ عيسى الخرافين: الشهداء من أبناء سيناء تجاوزوا الـ ٣٠٠ شاب وهذا العدد لا يقل عن شهداء القوات المسلحة، لكن لا أحد يتحدث عن ذلك، ونحن فى سيناء لا نفرق بين الشباب والقوات المسلحة فالاثنان يواجهان الإرهاب، والاثنان يقتلان على يد التكفيريين والاثنان بالنسبة لنا سواسية وشهداء.
الشيخ حسن خلف: الكل يعى من هى الدول التى تمول الإرهاب ليس فى مصر فقط، لكن على مستوى الإقليمى والدولي، وللأسف الشديد لدينا علاقات قوية مع تلك الدول، لكن لم نقدم لهم النصح بضرورة التوقف عن دعم الإرهاب، وقتل أولادنا بأموالنا، فهناك أمور عديدة يجب أن تتغير وبعض السياسات والعلاقات الخارجية مع بعض الدول من بينها دول عربية ضالعة فى تمويل التكفيريين.
المصور: وماذا عن الوضع فى مدينة العريش فى ظل تلك الأحداث الجارية على أرض سيناء؟
الشيخ حسن خلف: بصراحة شديدة العريش مؤمنة من الخارج من قبل قوات الجيش، لكن هناك تواجدا فعليا من قبل التكفيريين داخل المدينة، وأتذكر هنا حادث مقتل أمين الشرطة بعد أن حصل على إجازة من العمل وتم قتله واستهدافه، بعدما استقل سيارة أجرة، وأتساءل لماذا هذا النوع من العمليات كلها أسئلة تبحث عن إجابات؟.
المصور: منطقة بئر العبد آمنة.. كيف وقع بها الحادث الأخير؟
الشيخ حسن خلف: السبب الرئيسى فى الحادث أنها منطقة آمنة وهو شيء طبيعي، كيف يُمكن لك مُراقبة جميع السيارات التى توجد على الطريق، صحيح هنا العديد من الكمائن لكن التكفيريين يستخدمون الصحراء للهروب من تلك الكمائن، عن طريق عبور قلب الصحراء وهو أمر بالغ الصعوبة أن يتم كشفه.
المصور: بمناسبة وجودكم معنا نطرح عليكم سؤالا حول رأيكما فى قضية «تيران وصنافير»؟
الشيخ حسن خلف: أجدادنا منذ مئات السنين كانوا يعبرون بالماشية من خراف وجمال إلى الجزيرة فى وقت الربيع، حتى تتناول الحيوانات العشب من الجزيرة لمدة شهرين، أى موسم الربيع، ثم يقومون برحلة العودة عبر صنادل إلى شرم الشيخ، فهى مصرية منذ القدم بشهادة من عاشوا ومارسوا عملهم ورعاية حيوانات على أراضيها، والموافق على منحها للمملكة العربية السعودية أمر يمكن تقبله، لكن هل لدى الحكومة المصرية أى ضمانة مكتوبة من قبل المملكة، إنه لن يحدث ونجد قاعدة أمريكية أو إسرائيلية على أراضيها فى يوم من الأيام.
الشيخ عيسى الخرافين: أود أن أؤكد هنا على تحليل بدو سيناء بخصوص هذه القضية، أن إسرائيل لها مصالح كبيرة فى «تيران وصنافير»، فبعد أن تستطيع بناء «سد النهضة» فى إثيوبيا، سوف تطلب من مصر مد مواسير للمياه، وبالطبع سوف ترفض مصر وفى هذه الحالة ستكون «تيران وصنافير» ممر أمان لمد أنابيب المياه لأنها ليست تحت السيادة المصرية، ولا تستطيع مصر الاعتراض.
المصور: ما وقع سقوط شهداء من الجيش على أهالى سيناء؟
حسن خلف وقع تلك العمليات الإرهابية على أهل سيناء أليم للغاية، والكل يعيش حالة حزن شديدة بسبب شباب مصر الذى يسقط يوميًا بنار الغدر، وتستقبل الأمهات أخبار سقوط شهداء من القوات المسلحة وأبناء مصر بقول واحد «الله يصبر أمك.. الله يصبر أهلك»، «الله ينتقم منكم أيها المجرومون»، وهى لا نملك سوى الدعاء.
المصور: هل يمكن تحديد أعداد النازحين من سيناء منذ بداية المواجهات مع التكفيريين والجيش؟
الشيخ عيسى الخرافين: منذ بداية المواجهات مع التكفيريين، هاجر أكثر من ٦٠٪ من أبناء سيناء نتيجة تلك المواجهات، والمتبقى هم من لم يستطع الهجرة نتيجة ضعف قدراتهم المالية، أى ببساطة الفقراء خوفا من المصير المجهول، والحديث عن أقباط سيناء فهم هاجروا مثلهم مثل باقى الأهالي، وليس لكونهم أقباطا، ففى أحداث مواجهة التكفيريين حدثت حادثة وحيدة وهى مقتل قبطى لكونه قبطيا، عندما قام التكفيريون بفصل رأسه عن جسده إلى جانب إصابة أحد القساوسة.
المصور: وماذا عن الأهالى فى المنطقة التى تم إخلاؤها فى رفح هل تم صرف تعويضات مناسبة لهم.. وهل مازالوا داخل سيناء أم خارجها؟
الشيخ عيسى الخرافين: فى المنطقة الآمنه بعمق كيلو متر على الشريط الحدودى المصرى وقطاع غزة، تم تعويض الأهالى لكل متر بحسب مساحة المنزل الذى كان يسكنه، فالبناء الأسمنتى عوض بـ١٢٠٠ جنيه للمتر والاسبستوس ٧٠٠ جنيه، كل منهم أخذ تعويضا على قدر المنزل والارتفاع القائم ومنهم من سكن العريش والإسماعيلية والقاهرة والشرقية بالصالحية، ومنهم من يرغب فى العودة مرة أخرى، حتى لو كان يسكن فى «عشة من البوص»، وذلك لشعوره بالغربة وصعوبة الحياة، ومنهم من سكن بجوار أرضه، والتى تم زراعتها بالجهود الذاتية لأنها تدر عليه دخلا ثابتا ولا يستطيع تركها.. وهنا أود أن أشير إلى أمر هام يتعلق بملكية الأراضى الزراعية لأهل سيناء، إبان اللواء منير شاش الذى دفع سكان سيناء للزراعة واستصلاح الأراضى مقابل تمليك هذه الأراضي، وهم تقريبًا ٩٢٪ من سكان سيناء، وبعد ذلك لم يتم التمليك لأحد، ثم جاء المحافظ التالى بإلغاء قرار التمليك ولم يتم شيء يتعلق بتخصيص هذه الأراضى حتى الآن.
المصور: ماذا عن الأموال التى تم تخصيصها لتنمية سيناء؟
الشيخ عيسى الخرافين: نعم تم تخصيص ١٠ مليارات جنيه وهى تحت أمر الفريق أسامة عسكر قائد القوات الموحدة فى سيناء وهو المسئول عن إدارة هذه الأموال، وفى أحد اللقاءات قبل عيد الأضحى الماضى أكد لنا الفريق عسكر أنه قام ببناء عدد من المنازل بوسط سيناء وبعض القرى فى الجنوب والوسط، وأثناء لقائى بالفريق أكدت له أن من سبقه قام ببناء القرى والمدارس، لكن نحن فى حاجة ماسة للمياه وهى ضرورية جدًا لسكان سيناء والتعمير، وطالبنا منه توصيل خط مياه بطول ١٠٠٠ ملى يمتد من مدينة الإسماعيلية إلى وسط سيناء وصولا لقرية نخل ويقوم بتوزيع المياه على القرى، لكن ما يحدث هو توفير عربات لنقل المياه وهذا أمر لا يُفيد أهل سيناء تمامًا.
الشيخ حسن خلف: الفريق أسامة عسكر هو المسئول العسكرى عن تواجد قوات الأمن فى سيناء، وهذا يعنى أنه لا يتبع الجيش الثانى أو الثالث، فهو يتحمل مسئولية قيادة بشكل مستقل، ثم يتم إضافة عبء جديد على عاتقه وهو تحمل مسئولية ١٠ مليارات جنيه، فكيف يمكن له أن يستطيع تحمل كل تلك المسئولية الكبيرة والجمع بين مهمتين ليس هناك علاقة فيما بينهما؟، فتقدمنا بطلب إلى القيادات بضرورة أن تكون هُناك جهة مستقلة تتحمل مسئولية ١٠ مليارات بعيدا عن الفريق «عسكر» لكن القيادة لم تقتنع بها، ثم تم عقد مؤتمر فى جنوب سيناء لشرح تفاصيل بناء القرى وأثناء المؤتمر قام التكفيريون بعملية ضد أبناء القوات المسلحة.. الوضع الذى يؤكد وجهة نظرنا بضرورة وجود جهة مستقلة مسئولة عن الأموال، وأن يتفرغ الفريق أسامة لمعركته العسكرية.
المصور: إذا لم تحدث استجابة لمطالبكم بحرب شاملة مستمرة على الإرهاب.. فمن وجهة نظرك فى أى اتجاه سوف تسير الأوضاع داخل سيناء؟
الشيخ حسن خلف: أتوقع من وجهة نظرى إذا استمر الوضع فى سيناء على هذا النحو، سوف يمتد الإرهاب من المناطق الملتهبة إلى المناطق الآمنة، وربما يتجاوز حدود سيناء ويمتد إلى العمق فى بعض المحافظات، فللأسف الشديد إذا استطاع التكفيريون الاستيلاء على قرية سوف يعلنون أنها ولاية إسلامية، وهذا أمر خطير.
ليس أمامنا نحن فى سيناء سوى الدعاء إلى الله، ولدينا ثقة كبيرة فى الجيش فهو قوى ويستطيع الخلاص من التكفيريين.
المصور: ماذا عن دور حماس وعلاقتهم بالإرهابيين والإرهاب والواقع فى سيناء؟
الشيخ حسن خلف: حماس جزء من التنظيم العالمى لجماعة الإخوان، ولكن فى حقيقية الأمر لا غزة ولا حماس ولا جماعة الإخوان هى المسئولة عن تمويل التكفيريين فى سيناء، ولكن هناك دولا عربية إقليمية هى التى تدفع فى هذا الاتجاه وتمول الإرهابيين وتدعمهم، وكل الشكر للرئيس السيسى الذى رفض المشاركة فى الحرب ضد اليمن، وأن ينزلق فى حرب ضد دولة شقيقة، وخالص الشكر والتحية للرئيس مرارًا على هذا الموقف المشرف. ولكن هناك بعض الإرهابيين لهم امتداد فى غزة مثل جماعة «جند الإسلام».
عيسى الخرافين: أولا قطر كانت لها باع طويل فى تمويل الإرهاب بسيارات الدفع الرباعى عن طريق العقبة مرورا بالأردن ثم وصولا إلى نويبع ثم إلى ليبيا، وعند وصولهم إلى نويبع يتم تفريغ ما تحمله من أموال وغيرها وتم اكتشافها من قبل المخابرات، أما فيما يخص إسرائيل فلقد وضعت رسالة أمام بيت ممهورة بتوقيع ضابط إسرائيلى يلومنى لأننى أتحدث عن شهدائنا الذين يسقطون على يد الإرهابيين وكيف لا أتحدث عمن يقعون بسبب الجيش بالخطأ، لكن هذا لم يؤثر على، وقمت بإبلاغ المخابرات الحربية.. وأذكر هذا للتأكيد على أن الموساد يراقب قيادات البدو ويحاول تشويه صورتهم أمام أهلهم وقبائلهم، أما حماس فهى تعيش على المساعدات وليس لها منفذ سوى مصر، فإذا أردنا القضاء على الأنفاق يجب فتح المعبر.
المصور: البعض طالب بتطويق المنطقة الملتهبة والدخول فى عملية للقضاء على الإرهابيين وعدم تسربهم لمناطق أخرى مثلما حدث فى بئر العبد مؤخرا؟
الشيخ حسن خلف: بالفعل كان هناك اقتراح بعمل كردون حول المناطق الملتهبة وتكوين الكمائن بشكل مكثف داخل المناطق الملتهبة ومحاصرة التكفيريين وكان قد تم البدء فى هذا الأمر لكن لم يستكمل للأسف، ونتمنى أن يتم ذلك فى أقرب وقت للتخلص من الإرهابيين.
المصور: شكرا لكم على هذا الحوار.