ألقت اليوم الأربعاء د. هالة السعيد، وزيرة التخطيط والمتابعة
والإصلاح الإداري كلمة مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء في مؤتمر « يورومني مصر
2018» في دورته الثالثة والعشرين وتستمر أعمال المؤتمر علي مدار يومين
وبمشاركة عدد من الوزراء والاقتصاديين ورجال الأعمال وباحثين من مختلف
المراكز والمؤسسات المالية والاقتصادية من مختلف دول العالم.
وفي كلمته أكد د. مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء الاهتمام والحضور
المتميز في مؤتمر هذا العام لممثلي مجتمع الأعمال والمستثمرين من داخل مصر
وخارجها إلى جانب المشاركة الواسعة من قبل المسؤولين الحكوميين وممثلي
المؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية والإقليمية، وهو ما أعطي المؤتمر
زخماً فيما تناوله من موضوعات وما شهدته جلساته وفعالياته من نقاشات وتفاعل
من قبل كافة المشاركين، بما يعكس الأهمية الكبيرة التي تحظي بها مؤتمرات
يورومني كأحد أكبر وأهم الأحداث في الأجندة المالية العالمية.
وقال مدبولي إن الحكومة المصرية تحرص دائماً على اطلاع واشراك القطاع الخاص
والمجتمع المدني وكذلك شركاء التنمية الدوليين فيما تقوم به الدولة من
خطوات وجهود لدفع عجلة الاقتصاد وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، ولعل
مؤتمر اليورومني يمثل أحد المناسبات والمنصات الرئيسية لهذه الشراكة خاصة
مع انتظام انعقاده لما يقرب من ربع قرن يتناول خلالها بشكل سنوي أحد
القضايا الرئيسية في الاقتصاد المصري وتكتمل سلسلة الموضوعات هذا العام
بتناول قضية تحقيق "المرونة والسرعة" في الاقتصاد، والتي نراها تمثل
تقييماً لما قمنا به من جهود وما حققناه من إصلاحات اقتصادية تدلل على
جاهزية الاقتصاد المصري وقدرته على جذب الاستثمارات والتكيف مع التطورات
الاقتصادية والمالية العالمية.
وخلال كلمته عرض رئيس مجلس الوزراء على الحضور أهم الجهود التي
بذلتها مصر خلال السنوات الأربع الأخيرة لتحقيق الإصلاح الاقتصادي في سبيل
تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية الشاملة والمستدامة، والتي
انطلقت في ظل العديد من التحديات والصعوبات التي واجهت الاقتصاد المصري منذ
عام 2011 والتي أدت في مجملها الى تراجع الأداء والمؤشرات الاقتصادية
الكلية بانخفاض معدلات النمو والاستثمار والتشغيل والإيرادات العامة للدولة
وزيادة العجز الكلي وعجز ميزان المدفوعات وتراجع الاحتياطي النقدي إلى
أدنى مستوياته، إضافة الى المتغيرات السياسية والاقتصادية الإقليمية
والدولية والأحداث التي تشهدها المنطقة العربية ودول الجوار لمصر والتي
زادت من حدة التحديات والصعوبات التي تواجه الاقتصاد المصري.
أضاف مصطفى مدبولي أنه في إطار ذلك وضعت الدولة المصرية
اســــــتراتيجية شاملة لتحقــــيق التنمية تمثلت في " استراتيجية التنمية
المستدامة: رؤية مصر 2030" التي أطلقتها الحكومة في فبراير عام 2016 لتكون
الإطار العام المنظم لبرامج العمل خلال السنوات المقبلة، وذلك حرصاً على
اتساق وتواصل الجهود على المدى الطويل مع البرامج والخطط التنموية المرحلية
والتي جاء في إطارها برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الذي بدأت
الحكومة في تنفيذه اعتباراً من نوفمبر 2016، حيث نفذت الحكومة المصرية في
إطار ذلك العديد من الإصلاحات والإجراءات لتحقيق النمو الشامل والمستدام
وزيادة القدرات التنافسية وإعادة ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري وتحفيز
النمو الاقتصادي الذي يقوده القطاع الخاص.
وارتكزت هذه الإجراءات
والإصلاحات على إصلاح المنظومة التشريعية والمؤسسية القائمة من خلال إصدار
حزمة من القوانين والتشريعات التي تهدف إلى رفع كفاءة المؤسسات وتهيئة بيئة
الأعمال، وذلك من خلال إصدار قانون جديد للخدمة المدنية، وإصدار قانون
التراخيص الصناعية، وإصدار قانون الاستثمار الجــديد، وقانون الإفلاس أو
الخروج من السوق، بهدف تبسيط إجراءات إقامة المشروعات وتهيئة بيئة الأعمال
وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي، فضلاً عن إجراءات دعم وتشجيع المشروعات
الصغيرة والمتوسطة من خلال إنشاء جهاز يقوم بالتنسيق بين كافة مؤسسات
الدولة لإعطاء دفعة قوية لهذا القطاع الحيوي، مضيفا أنه يأتى من ضمن
الإجراءات والإصلاحات العمل علي تهيئة البنية الأساسية اللازمة لعملية
التنمية من خلال تكثيف الاستثمار في مشروعات البنية التحتية وأهمها؛ مشروع
الشبكة القومية للطرق، ومشروعات الطاقة بالتوسع في مشروعات الجديدة
والمتجددة، وتنمية محور قناة السويس، وإقامة المناطق الصناعية، والمدن
الجديدة ومن بينها إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة وغيرها المشروعات
القومية ذات الأثر الاقتصادي والاجتماعي.
وأوضح مدبولي أنه ادراكاً من الدولة المصرية لأهمية تحقيق الإصلاح
الإداري كضرورة لرفع كفاءة المؤسسات وتهيئة بيئة الأعمال الجاذبة للاستثمار
المحلي والأجنبي وباعتباره أحد المقومات الرئيسية لتحقيق التنمية الشاملة
والمستدامة، تقوم الحكومة المصرية في إطار رؤية مصر 2030 بتنفيذ خطة شاملة
للإصلاح الإداري من خلال وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري
بالتعاون مع مختلف الجهات المصرية تتضمن عدداً من المحاور أهمها تحقيق
الإصلاح التشريعي، وتحديث القوانين المنظمة لعمل الجهاز الإداري للدولة،
والتطوير المؤسسي، والتدريب وبناء القدرات حيث تم البدء في خطة تدريب
القيادات، واستحداث إدارات جديدة للموارد البشرية والمراجعة الداخلية
والتدقيق، كما تتضمن خطة الدولة للإصلاح الإداري تحسين وميكنة الخدمات
الحكومية بما يلبي الاحتياجات ويحقق رضا المواطنين.
وأكد أنه رغم صعوبة التحديات إلا أننا بدأنا بالفعل نجنى بعض الثمار
والنتائج الإيجابية الأولية للإصلاحات والجهود والمبذولة خلال الفترة
الأخيرة، وجاء أهمها في تحقيق الاقتصاد المصري أعلى معدل نمو سنوي منذ عشر
سنوات بلغ 5.3٪ خلال العام المالي 17/2018 وقد تعزز ذلك بتحقيق معدلات نمو
موجبة في كافة القطاعات الاقتصادية، كما تغير هيكل النمو الاقتصادي بشكل
جذري ليقوده الاستثمار وصافي الصادرات، ونمت الصادرات غير البترولية من 16
إلى 18 مليار دولار بنسبة زيادة 18% خلال التسعة أشهر الأولى من عام
17/2018، كما حقق ميزان المدفوعات فائضاً بلغ نحو 11 مليار دولار وانخفض
عجز الميزان التجاري بنسبة 58%خلال هذه الفترة، وارتفع كذلك حجـم احتياطيات
النقـــد الأجــنبي من 14.9 مليـار دولار (في يونيـو 2014) إلى 44.3
مليـار دولار (في يونيو 2018) لتُغطي أكثر من ثمانية أشهر من الواردات
السلعية بعد أن كانت تغطي ثلاثة أشهر فقط.
وحول خطة التنمية المستدامة 2018-2022 أكد مدبولي أنه استكمالاً للجهود
التي بذلتها الحكومة خلال الفترة الماضية في إطار البرنامج الوطني للإصلاح
الاقتصادي والاجتماعي واتساقاً مع رؤية مصر 2030، وضعت الحكومة برنامجاً
شاملاً للعمل خلال السنوات الأربع المقبلة (2018-2022)، ترتكز محاوره على
إعطاء أولوية قصوى لحماية الأمن القومي المصري بمفهومه الواسع الذي يتضمن
أمن المواطنين والأمن المائي والأمن الغذائي وأمن الطاقة، وكذا المفهوم
الشامل لبناء الإنسان المصري في الصحة والتعليم والثقافة والرياضة وبما
يعمل على تكوين شخصية مصرية قادرة على التعامل الإيجابي مع المستجدات
المحلية والدولية، مستكملا أنه وفي مجال التنمية الاقتصادية، تستهدف
الحكومة رفع معدلات النمو الاقتصادي بشكل تدريجي من 5.3٪ عام 17/2018 إلى
8% بحلول عام 21/2022، وتعزيز دور الاستثمار الخاص في دفع هذا النمو
بمواصلة الجهود المبذولة لتحسين بيئة الأعمال، خاصةً ما يتعلق بميكنة
إجراءات تأسيس الشركات وتبسيطها وخفض تكلفتها، والتوسع في المناطق الحرة
وإنشاء 12 منطقة استثمارية جديدة، وتأسيس منصة شاملة لتحفيز بيئة ريادة
الأعمال، من خلال أربع ركائز أساسية هي، التمـــويل، وتأهيــــل رواد
الأعمــال ومراكز خدمة ريادة الأعمــــال، والإصلاحات التشريعية
والتنظيمية الجديدة، وكذا الاستمــــرار في تحديث الخريطة الاستثمارية،
وتحديث بيانات الفرص الاستثمارية. وبما ينعكس على جذب استثمارات خاصة تقدر
بحوالي 3.4 تريليون جنيه خلال الأربع سنوات القادمة، وزيادة صافي تدفقات
الاستثمار الأجنبي المباشر.
أضاف رئيس الوزراء في كلمته بمؤتمر يورميني مصر 2018 أنه تولي الحكومة
أهمية بالغة لتعزيز تنافسية قطاع الصناعة، وبما يعمل على زيادة معدل النمو
الصناعي من 6.3٪ عام 18/2019 إلى 10.7٪ عام 21/2022، وذلك بالتركيز على
إتاحة الأراضي الصناعية بأسعار تنافسية في كافة المحافظات، وتبسيط إجراءات
التراخيص الصناعية، والتوسع في المجمعات الصناعية المتكاملة بإنشاء 13 مجمع
صناعي جديد، وغيرها من الإصلاحات الهيكلية، مضيفا أن كل هذه الجهود
المستهدفة في مجال تحسين بيئة الأعمال، تستهدف بالدرجة الأولى توفير ما بين
700 إلى 900 ألف فرصة عمل سنوياً تعمل على خفض معدلات البطالة إلى حوالي
8.4% عام 21/2022. وضماناً لتحقيق هذه المستهدفات، تولي الحكومة أهمية
كبيرة لإعطاء دفعة تنموية للقطاعات ذات القيمة المضافة مثل الصناعة
والتجارة الداخلية وإنشاء المناطق اللوجستية والإنشاءات، فضلاً عن تنمية
المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر وتعزيز علاقاتها التشابكية مع
المشروعات كبيرة الحجم.
وحول تحسين مستوى معيشة المواطنين قال مدبولي إن الحكومة تعطى
أولوية لتحسين مستوى معيشة المواطنين، بإنشاء 14 مدينة جديدة من مدن الجيل
الرابع على مساحة 450 ألف فدان وبما يعمل على زيادة الانتشار العمراني
وتخفيف الضغط على الخدمات المتوفرة في المدن القائمة، والانتهاء من تطوير
جميع المناطق غير الآمنة، والتوسع في تقديم وحدات الإسكان المناسبة لكافة
المواطنين بإنشاء 764 ألف وحدة سكنية بمشروع الإسكان الاجتماعي وحوالي 400
ألف وحدة أخرى بالإسكان المتوسط، وإنشاء 1600 كم بشبكة الطرق القومية،
وتحسين خدمات مياه الشرب بتنفيذ 265 مشروع فضلاً عن 594 مشروع لتطوير خدمات
الصرف الصحي، والتوسع في شبكات الأمان الاجتماعي بتغطية 60% من السكان تحت
خط الفقر في برنامج تكامل وكرامة وبحوالي 18 مليون مواطن.
كما أشار رئيس مجلس الوزراء فى كلمته إلى جهود الحكومة المصرية
لتشجيع الشراكة الفاعلة بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ استثمارات مشتركة
تحقق النفع والمصالح المتبادلة، وتشكل في الوقت ذاته رافداً رئيسياً
لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، مؤكدا أنه إلى جانب الإجراءات
والإصلاحات التشريعية والمؤسسية التي تم اتخاذها لتهيئة بيئة الأعمال
الداعمة لهذه الشراكة، تعمل الحكومة كذلك على خلق الفرص وفتح مجالات متعددة
للاستثمار المشترك ومن بين هذه المجالات برنامج الطروحات الحكومية الذي
تسعى الحكومة من خلاله لطرح 23 شركة حكومية في البورصة في مدة تتراوح بين
24 و 30 شهراً.
مشيرا إلى أن برنامج الطروحات يستهدف جذب مزيد من
الاستثمارات الى السوق المصرية وتعزيز النشاط الملحوظ الذي تشهده البورصة
المصرية والتي يعكس أدائها التأثر الإيجابي بمؤشرات برنامج الإصلاح
الاقتصادي، إلى جانب توسيع قاعدة الملكية، وتوفير التمويل اللازم لتلك
الشركات للتوسع في نشاطها، وتحقيق قدر أكبر من الحوكمة في إدارة الشركات،
وتعظيم العائد المتحقق من ادارة أصول الدولة، فضلاً عن تحفيز المواطنين على
الاستثمار في البورصة، موضحا أن الحكومة تعمل لتشجيع الاستثمار والشراكة
بين القطاعين العام والخاص المحلي والاجنبي بهدف تعبئة الموارد وتعظيم
الاستفادة من إمكانيات وأصول وموارد الدولة غير المستغلة لتعظيم قيمتها
وزيادة الاستثمار وإعطاء دفعة قوية لتحقيق التنمية المستدامة التي تراعي
مصالح وحقوق الأجيال القادمة، ولذا أنشأت الدولة صندوق مصر السيادي حيث صدر
في شهر أغسطس الماضي قرار رئيس الجمهورية بإصدار القانون رقم 177
لسنة 2018 بإنشاء صندوق مصر السيادي(برأسمال مرخص به 200 مليار جنيه ورأسمال مدفوع 5 مليار جنيه مصري)، وتستهدف الحكومة المصرية أن يكون هذا
الصندوق أحد الآليات الفاعلة لتعزيز الاستثمار المشترك مع الأفراد
والصناديق السيادية والمؤسسات المالية الكبرى الدولية لضخ رؤوس الأموال
وتوفير التمويل للمشروعات الداعمة لتحقيق التنمية المستدامة.
وقال مدبولى إن مصر تحرص دائماً على المشاركة الفاعلة في كافة مبادرات
التنمية وذلك من واقع مسئوليتها وحرصها الدائم على التعاون مع كافة أطراف
المجتمع الدولي تجاه قضايا التنمية العالمية والإقليمية، فتشارك في الجهود
الأممية لتحقيق التنمية المستدامة في إطار الامم المتحدة من خلال خطة
التنمية المستدامة 2030"، والتي شكلت الركيزة الاساسية التي انطلقت منها
الأهدافُ والخططُ التنموية الوطنية والإقليمية، واجندة تنمية وتحديث
افريقيا 2063، وكذلك مبادرة الحزام والطريق، كما تؤمن مصر بأهمية التكامل
بين مبادرات التنمية المختلفة، وان تأتي جهود الدول منسجمة وداعمة لهذه
المبادرات، وفي هذا الإطار تقدم مصر للعالم المنطقة الاقتصادية لقناة
السويس كمركز لوجستي واقتصادي عالمي يسهم بفاعلية في تطوير حركة الملاحة
والتجارة الدولية، ويفتح افاقاً استثمارية رحبة في مجالات متنوعة وواعدة
خاصة في قطاعات النقل والطاقة والبنية التحية والخدمات اللوجستية والتجارية
ليكون محور قناة السويس رابطاً تجاريا واقتصاديا يتكامل مع مبادرة الحزام
والطريق ويربطها بأفريقيا.
وأضاف أنه جاء في إطار التفاعل المستمر مع القضايا المتعلقة بتحقيق التنمية
مشاركة مصر في المنتدى السياسي رفيع المستوى للتنمية المستدامة الذي عقد
في نيويورك في شهر يوليو الماضي، وبادرت مصر خــــلاله ( ضمن 47 دولة) بعرض
تقرير المراجعة الوطني الطوعي لجمهورية مصر العربيةVNR ، الذي تناول
الإنجازات التي حققتها مصر في عدد من المجالات منها: الصحة والمياه النظيفة
والطاقة المتجددة والمدن المستدامة، كما نظمت مصر عددٍ من الأحداث
الجانبية على هامش أعمال المنتدى سواءً بصفتها الرئيس الحالي لمجموعةالـ 77
والصين أو بصفتها الوطنية تمحورت حول "الاقتصاد الأخضر وتوظيف الشباب" و
"دور التكنولوجيا والابتكار في تحقيق التنمية المستدامة" و " نحو مزيد من
المدن المستدامة في مصر"، واستعرضتُ خلالها الإنجازات المصرية في هذه
الموضوعات، إضافة إلى التعرف على خبرات الدول الأخرى، وتجاربها، والتحديات
التي تواجهها والجهود التي تبذلها للتغلب عليها.