تحقيق: طاهــر البهــي
بعد تفضيل الفنانات لفنهن على حساب أمومتهن، وهو ما كان واضحا جدا في جيل الثمانينيات، إلا أن هناك رغبة واضحة من الجيل الجديد للفنانات فى الإنجاب المبكر مثل دنيا وإيمي سمير غانم وشيرين عبد الوهاب ما أثار تساؤلا: هل عادت غريزة الأمومة مع مخاوف تتعلق بالمستقبل، أم باعتبار الأولاد زينة الحياة الدنيا، أم أنهن أخذن العبرة ممن لم ينجبن، وهل تكوين الفنانة يسمح لها بالعطاء على حساب التربع على قمة النجومية وهي مسألة معنوية ليس لها حدود ولا تعترف بالزمن؟
منى ونانسي:
سبقت منى زكي زميلاتها في الزواج والإنجاب مبكرا، ثم جاءت الجميلة نانسي عجرم فكانت أول من فاجأت الوسط بزواجها والوقوف أمام الكاميرات لتعلن سعادتها بحملها وإنجابها لابنتها الأولى "ميلا" بعدما أصدرت ألبومها "بتفكر في إيه" وصورت منه عدداً من الكليبات لتؤكد تواجدها على الساحة الفنية في فترة حملها، وبعد الإنجاب الأول والثاني عادت بقوة، حتى أنها كانت تحيي الحفلات وهي حامل في شهورها الأولى، لتعود بعد الولادة بكامل نشاطها وحيويتها، وتصور أربعة كليبات في وقت واحد وكأن لسان حالها يقول: إن أمومتي لا تمنعني عن التقدم حتى مع كونها حاملا للمرة الثانية، بل صرحت أن حملها الثاني لن يؤثر في مكانتها ونجوميتها.
شرين عبد الوهاب:
انضمت الفنانة شيرين عبد الوهاب إلى لائحة الفنانات الحريصات على الأمومة مهما صادفت من التحديات، ورغم كونها تنافس على لقب "الأولى" تزوجت مبكرا وحملت وأنجبت مرتين مقابل إصدارها ألبوما واحدا بعنوان "بطمنك" بين الحمل الأول والثاني، إضافة إلى تصويرها أغنيتين من نفس الألبوم، ولم تفقد أيا من الأسماء السابقة بوصة واحدة من قوامهن لا بالزيادة ولا بالنقصان.
دنيا وإيمي:
استقبلت دنيا طفلتها اﻷولى من زوجها الإعلامي رامي رضوان في أول أبريل الماضي وأطلقت عليها اسم "كيلا" ولم يمنعها ذلك من المشاركة والمنافسة في دراما رمضان بل حازت على لقب الأفضل في بعض الاستفتاءات.
كانت وسائل الإعلام تناقلت شائعات عن حمل إيمي سمير غانم واحتجابها عن المشاركة في بعض المناسبات للاطمئنان على الجنين إلا أن زوجها النجم الشاب حسن الرداد نفى تلك الشائعات وصرح أنه وعروسه يتوقان شوقا إلى "بيبي".
وهو نفسه ما أكده الفنان الشاب عمرو يوسف والنجمة السورية كندة علوش اللذان تم زفافهما في أواخر يناير الماضي، وأكدت كندة أنها تدعو الله ليعينها على الإنجاب.
هل اختلف الزمن؟
نجمات الفن الرائدات كان لهن اتجاه مغاير فكن يرين أن الفن يأتي قبل كل شيء، وأن الشيء الذي يعطلهن عن العطاء الفني وعن التقدم إلى الأمام مرفوض مهما كانت احتياجاتهن إليه، وأتصور أن في مقدمة هؤلاء الفنانات الرافضات للإنجاب رغم حبها الشديد لزوجها وسعادتها معه، بعد أن جاء الزواج عقب قصة حب أسطورية، هي الفنانة العظيمة سناء جميل، وعن هذا يقول شريك العمر الكاتب الصحفي الكبير لويس جريس بابتسامته الساحرة:
ـ عندما أحببت سناء وبادلتني نفس الشعور، وأحببت أن أكلل ذلك بالزواج، فوجئت بها تقول لي وبجدية شديدة: إنت لسه معرفتش شرطي على الزواج!!
ـ فقلت: موافق!!
ـ قالت بنفس جديتها المعروفة عنها: أنا بتكلم جد..
ـ ثم سألتني: إنت تعرف الممثلة الكبيرة نعيمة وصفي؟
ـ قلت: طبعا..
ـ سناء: أبدا.. إتجوزت وخلفت وهجرت التمثيل، وأنا مش عايزة أبقى زيها!
ـ قلت: وأنا أرى أن ظروف البلد الآن لا تشجع على الإنجاب..أنا مثلك بالضبط.. مش عايز أجيب أولاد أعذبهم في الدنيا..
ـ سألت الأستاذ لويس: وهل استمرت قناعتها إلى أيامها الأخيرة؟
ـ قال هذا يجعلني أذيع لك سرا أقوله لأول مرة، سناء عندما وصلت إلى سن الستين، همست لي: مش كان حقنا جبنا ولدا يقف جنبنا دلوقت، فقلت لها مهونا إن الوقت قد فات، وأنا ضد أن نتبنى طفلا، أخشى أننا لن نستطيع أن نرعاه الآن.
ويخلص الأستاذ لويس من حكايته مع سناء جميل، إلى أن النجمات الشابات الآن قد فطن إلى هذه التجربة الإنسانية ما دعاهن إلى سرعة الإنجاب لأن النماذج في الوسط الفني باتت مخيفة من احتياج الفنان إلى سند وظل يستند إليه في كبره، وأظن أن التجارب معروفة للجميع.
رأي الطب النفسي:
يقول د. ممتاز عبد الوهاب، أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة ورئيس الجمعية المصرية للطب النفسي والذي دار معه النقاش، حول ما حدث من تطور إيجابي تجاه قضية الأمومة لدى الفنانات الشابات: تختلف غريزة الأمومة فى قوتها من امرأة إلى أخرى، فهناك من تعتبر أنها من الأشياء المهمة وترتبط بمعنى الأنوثة والقدرة على العطاء، وترى أن تربية الطفل بطريقة صحيحة من الأعمال الإنسانية المهمة وهي بذلك تفضل الأمومة على كل شيء آخر.
وماذا عن المرأة التي تجعل الأمومة في ذيل اهتماماتها؟
هذا النوع تكون لديه "الأنا" قوية، وهي ترى أن ما تحققه من نجاح في العمل هو الأهم.
هل من تعارض بين الشهرة والنجاح من ناحية والأمومة والمسئولية من ناحية أخرى؟
هذا نوع من البشر يتعلم من خبرات الآخرين، وهم أولئك الذين لاحظوا بالفعل أن الشهرة والنجاح لا يغني عن الإحساس بالوحدة خاصة بعد انحسار الأضواء.