الثلاثاء 18 يونيو 2024

برمودا المشاهير مثلث الفنون و الجنون والانتحار

23-3-2017 | 08:29

تقرير: يمنى الحديدى

داليدا ..مارلين مونرو ..فان جوخ..هيمنجواى و غيرهم مبدعون جمعهم قدر واحد، عاشوا حياة الشهرة، لكنها لم تخل من العذاب و فى النهاية اختاروا أن يموتوا بأيديهم، و كأنها لعنة كتبت على المبدعين.

يطلق العلماء مصطلح «العبقرية المعذبة» على تلك الحالة التى تصل فيها الروح الفنانة الحالمة إلى مرحلة الجنون ورغم عدم وجود أدلة دامغة تثبت أن هناك علاقة بين الإبداع و المرض النفسى، إلا أن هناك الكثير من الحالات الواقعية التى عانى فيها المبدعون كثيرا فى حياتهم بسبب المرض النفسى هذا بالرغم أن ترواح الحالة المزاجية لهؤلاء بين الفرح والحزن تكون من ضمن عناصر الإبداع الفني .

أثبتت دراسة حديثة قام بها مكتب الإحصاءات الوطنية بإنجلترا أن هؤلاء ممن يعانون «العبقرية المعذبة» تزيد عندهم رغبة الانتحار، وتقول الدراسة التى أجريت فى إنجلترا فى الفترة ما بين ٢٠١١ و ٢٠١٥ أن نسبة الانتحار تزداد بمعدل ٤ مرات لدى هؤلاء الذين يعملون فى وظائف مرتبطة بالفنون

تخلص الدراسة الى أن الرجال الذين يعملون فى مجال الثقافة و الإعلام و حتى فى الوظائف الرياضية ترتفع بينهم نسبة الانتحار إلى حوالى ٢٠٪، و تصل النسبة بين النساء إلى حوالى ٦٩٪. ويزيد الخطر بين الذين يمتهنون مهنا فردية، فعلى سبيل المثال يمكن أن يقبل الفنانون الرجال على الانتحار بمعدل مرتين أكثر من أى شخص، بينما يصل المعدل بين الفنانات إلى حوالى أربعة أضعاف

تؤكد الدراسة أن الفنانين و الممثلين و مقدمى البرامج و أصحاب الوظائف الرياضية هم من ينتحرون بصفة عامة، و فى خلال فترة الدراسة انتحر حوالى ١١٣ شخصا ممن يعملون داخل هذه الحقول

يقول دكتور لويس ايبلبى أستاذ الطب النفسى بجامعة مانشسترأن هناك عدة عوامل تجعل من هذه الفئة أكثر عرضة للانتحار ومنها وفرة الكحوليات و المخدرات مما يزيد من نسبة الخطر، بالإضافة إلى»العزل الشخصى» الذى تعانى منه هذه الفئة، وذلك بسبب طبيعة أعمالهم التى تتطلب البقاء معظم الوقت خارج المنزل، مما يفقدهم الفرصة فى التواصل مع أهلهم و ربما حتى مع أصدقائهم

ووجدت الدراسة السابقة أن المبدعين تزداد لديهم احتمالية الإصابة بالمرض النفسى بنسبة ١٧٪، ومن أشهر الأمراض التى تصيبهم مرض الشيزوفرنيا والاكتئاب

تأتى مارلين مونرو-أيقونة السينما الأمريكية-على رأس هؤلاء المبدعين المصابين بهذه اللعنة فرغم الشائعات التى أثيرت حول موتها إذا ما كان انتحارا أو اغتيالا سياسيا، لكن هذا لاينفى حقيقة إصابتها بالاكتئاب و العلاج منه قبل وفاتها بفترة قليلة، و كما عانت والدتها أيضا من المرض النفسى سابقا وتوفيت مارلين إثر تناول جرعة زائدة من عقار النيمبوتال المهدئ ، عن عمر يناهز ٣٦ عاماً أما داليدا المغنية المصرية الإيطالية فلم يكن هناك شك بأنها انتحرت، و استخدمت فى ذلك جرعة كبيرة من الأقراص المهدئة عام ١٩٨٧، بعد أن تركت رسالة تقول فيها «سامحونى فالحياة لم تعد تحتمل». وربما الحياة الشخصية المأساوية التى عاشتها داليدا كانت السبب وراء ذلك فقد انتحر زوجها الأول لوسيان موريس بعد انفصاله عنها بسنوات، كما انتحر أيضا حبيبها لوجى تنكو المغنى الإيطالى الباحث عن الشهرة عام ١٩٦٧ و كانت داليدا أول من رأته مغطى بالدماء

كما كان فينست فان جوخ المثال الحى لهذه اللعنة فقد تميز فان جوخ الهولندى بموهبة فى الرسم لا مثيل لها ، لكنه على الرغم من ذلك عانى من نوبات متكررة من المرض العقلى وفى أثناء إحدى هذه النوبات الشهيرة قطع جزءا من أذنه اليسرى، كما مكث فان جوخ فى المشفى النفسى لعدة سنوات، و كان طبيبه قد شخص حالته على أنها «صرع». يذكر أن فان جوخ فى إحدى نوباته حاول ابتلاع لوحاته، لكن تمكن الأطباء من منعه. كان فان جوخ فى شبابه قد عانى من فشل بعض القصص العاطفية فى حياته، أولها رفض «كى» ابنة عمه حبه لها، ثم ترك كلاسينا الملقبة» بسين» بعد سنة و نصف من العيش معها.و فى ٢٧ يوليو عام ١٨٩٠ أخذ فان جوخ مسدسا و أطلق رصاصة على صدره، و تمكن من الذهاب إلى المنزل واكتشف صاحبه ما حدث، و استدعى الأطباء لكن تم الإقرار بعدم إزالة الرصاصة من صدره، وهناك من يقول إن الرصاصة قد ارتدت بعدما اصطدمت بأحد ضلوعه، حيث كان المسدس صغيرا.و كتب الأطباء إلى أخيه ثيو فان جوخ، فجاء وظل بجانب فينسنت الذى قال له « إن الحزن يدوم إلى الأبد» ، كما ذكر ثيو أن فينسنت أراد أن يموت بنفسه. و ذكر البعض أنه توفى فى ليلة ٢٨ يوليو، فى حين قال البعض الآخر إنه توفى صباح يوم ٢٩يوليوعام ١٨٩٠ عن عمر يناهز ٣٧ عاما

توجد أيضا الشاعرة والروائية الأمريكية سيلفيا بلاث التى ظهرت موهبتها فى سن الثامنة بعد وفاة والدها حيث كتبت قصيدة نشرت فى مجلة «بوسطن ترافلر»، و لكن وفاة والدها أفقدتها الثقة بإيمانها،ورغم أنها تربت على أسس مسيحية عميقة، إلا أنها ظلت متشككة فى الدين حتى بقية حياتها، تزوجت سيلفيا و أنجبت طفلين، لكن فى آخر حياتها عانت من نوبات اكتئاب شديدة، و فى فبراير عام ١٩٦٣ انتحرت باستنشاق أول أكسيد الكربون حيث حشرت رأسها فى الفرن، ووضعت مناشف مبللة تحت الأبواب لتكون حائلا بين المطبخ و غرف أطفالها وتوفيت عن عمر يناهز ٣٠ عاما. وهناك أيضا الروائى الأمريكى الكبير ايرنست هيمنجواى الذى فجر رأسه عن طريق الرصاص، وكان من قبل يعانى من بعض الاضطرابات دخل على إثرها المستشفى لعدة مرات، الغريب أن عائلة هيمنجواى لها تاريخ مع لعنة الانتحار والشهرة حيث انتحر والده كلارنس، و أختاه غير الشقيقتين و من ثم حفيدته الممثلة وعارضة الأزياء مارجو، و يعتقد البعض إن السبب فى ذلك هو مرض وراثى فى العائلة يؤدى إلى الاكتئاب و عدم الاستقرار فى المخ

يظل احتمال أن ظروف الحياة التى عايشوها، أو حتى الأمراض النفسية الوراثية هى السبب وراء النهايات المأساوية لهؤلاء المشاهير، و قد يكون الإبداع برئ من ذلك، لكن ليس بشكل كامل لأنه القاسم المشترك بين كل هؤلاء

لذا ينصح دنكان سيلبى الرئيس التنفيذى للصحة العامة بإنجلترا جميع الناس كبارا أو صغارا وسواء كانوا يعملون فى القطاع العام أو الخاص أن يتعاملوا مع المرض النفسى بجدية كالمرض العضوى لأن التحرك مبكرا يمنع النتائج الوخيمة مؤخرا