الجمعة 27 سبتمبر 2024

"نيويورك تايمز": الصمت ملاذ "ماتيس" الوحيد في ظل خلافاته مع ترامب

15-9-2018 | 21:30

كشف مسؤولون أمريكيون في البيت الأبيض والبنتاجون والكونجرس عن تدهور علاقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوزير دفاعه جيم ماتيس، وعن قلقه حيال المقارنات غير الملائمة التي تصور ماتيس على أنه الشخص الراشد في الغرفة، بجانب خشيته من أن ماتيس ديمقراطي بالأساس.


وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في تقرير على موقعها الإلكتروني، اليوم السبت، أن ماتيس كان في الأغلب يقضي الوقت المخصص لتناول وجبة الغذاء مع ترامب في البيت الأبيض عندما كانت علاقتهما جديدة؛ حيث كان يجلب وثائق لشرح استراتيجية استعداد أمريكا للقتال بجانب كوريا الجنوبية، وكذلك توضيح أهمية حلف الناتو.


وأشارت الصحيفة إلى أن ماتيس تمكن من إقناع ترامب بعدم تعذيب المعتقلين بتهم إرهابية، كما أقنعه بإرسال آلاف من القوات الإضافية إلى أفغانستان، لافتة إلى أنه فعل كل ذلك دون إثارة انتقادات ترامب التي انهالت على العديد من مسؤولي إدارته.


وأضافت الصحيفة أن ماتيس وترامب لا يقضيان راحة الغذاء سويا الآن، مشيرة إلى أن مقابلات صحفية مع أكثر من 10 مسؤولين في البيت الأبيض والكونجرس ومسؤولين حاليين وسابقين في البنتاجون خلال الستة أسابيع الماضية، رسمت صورة لرئيس متوتر بسبب وزير دفاعه.


ونوهت الصحيفة عن أن كل المسؤولين تقريبا، بجانب مقربين من ماتيس، تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم، لمناقشة التوترات الداخلية، وفي بعض الأحيان خوفا من فقدان وظائفهم.


وقال المسؤولون إنه خلال العام الثاني من رئاسته، لم يعد ترامب يكترث بشكل كبير لمساعديه للأمن القومي حيث أصبح أكثر ثقة كقائد أعلى للجيش الأمريكي، مشيرين إلى أنه مع توقع مواجهة ترامب لمعركة انتخابية محتدمة في 2020؛ بات الرئيس الأمريكي يدرس ما إذا كان يريد رئيسا للبنتاجون يدعمه بشكل أكثر جهرا من ماتيس الرافض بشدة لأي تصورات بأن الجيش الأمريكي يمكن استخدامه لأغراض سياسية.


ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في البيت الأبيض أن ماتيس رفض عددا من طلبات ترامب، التي تضمنت في البداية تنفيذا بطيئا لأمر ترامب التنفيذي يحظر كل المتحولين جنسيا من الجيش، بجانب رفضه لطلب البيت الأبيض بوقف اصطحاب الجنود الأمريكيين في كوريا الجنوبية عائلاتهم؛ نظرا لقلق البنتاجون من أن تعتقد كوريا الشمالية هذه الخطوة بمثابة إنذار بالحرب.


وقالت الصحيفة إنه خلال الأربعة شهور الماضية فقط، اختلف ترامب وماتيس حول سياسة الناتو واستمرار التدريبات العسكرية الكبرى مع كوريا الجنوبية وما إذا كان قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني قد أثبت فعاليته أم لا.


ولفتت الصحيفة إلى أن تعيين ميرا ريكارديل، صاحبة التاريخ الحافل بالخلافات مع ماتيس، نائبة لمستشار الأمن القومي الأمريكي بالبيت الأبيض في وقت سابق من العام الجاري، يتزامن مع ادعاءات بعض مسؤولي الجناح الغربي في البيت الأبيض أن ترامب قد يطالب ماتيس بالتخلي عن منصبه بعد انتخابات التجديد النصفي للكونجرس هذا العام.


وذكر مسؤولون بالبنتاجون أن وزير الدفاع حرص على عدم انتقاد ترامب صراحة، بل وكافح لإظهار ولائه فقط ليجد مواقف الرئيس تناقضه لاحقا، ليبقى سؤال كم من الوقت يمكن أن يستمر ماتيس في لعب دور الجندي المخلص داخل البنتاجون؟


وأشارت الصحيفة إلى أن مصير ماتيس يعد مهما لأنه يعتبر، من قبل الحلفاء والخصوم الأجانب وكذلك في مؤسسة الأمن القومي الأمريكية، الوزير الوحيد الذي يقف بين الرئيس المتقلب والاضطراب العالمي.


وقال مساعدان بالبيت الأبيض إن ترامب يريد من ماتيس أن يكون أكثر شبها بوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، الداعم السياسي للرئيس، إلا أن دفع ماتيس للتخلي عن مواقفه السياسية التي تشبث بها طوال حياته سيكون أمرا شبه مستحيل، حسب أصدقائه ومساعديه.


ونقلت الصحيفة عن مساعدي وزير الدفاع الأمريكي، أن ماتيس حرص على تجنّب الأضواء الإعلامية خلال المدة التي قضاها في المنصب خشية أن يتسلط الضوء عليه بأسئلة كفيلة بالكشف عن اختلافاته مع الرئيس الأمريكي، لافتين إلى أنه رفض عدة طلبات من البيت الأبيض بأن يظهر في برنامج "فوكس أند فريندز" على شبكة فوكس الأمريكية للإشادة بأجندة ترامب، وهو ما يعني أن ملاذ ماتيس الوحيد هو الصمت، فهو لا يريد الاختلاف علنا مع رئيسه لكنه لا يستريح كذلك عند مداهنة ترامب.


وأضافت الصحيفة أن الجمهوريين المعتدلين، الذين سيحتاجهم ترامب في الحملة الانتخابية 2020، يبدو أنهم يثقون في ماتيس كذلك، ما يجعل طرد وزير الدفاع يحمل أضرارا على الرئيس نفسه مع هذه المجموعة من الجمهوريين.


لكن يبدو أن ترامب حتى الآن متمسك علنا بوزير الدفاع، حيث قال للصحفيين الأسبوع الماضي، لدى سؤاله عن تصريحات ماتيس الواردة في كتاب جديد عن خبايا البيت الأبيض وانتقده ترامب عدة مرات، إن ماتيس سيظل في منصبه، مؤكدا: "نحن سعيدون جدا معه ولدينا انتصارات الناس لا تعرف عنها شيئا".


وقالت دانا وايت، المتحدثة باسم البنتاجون، إنه لا يوجد أي اختلاف بين وزير الدفاع والرئيس فيما يخص الدعم الثابت للجيش الأمريكي، مضيفة: "الأمر يعود إلى رئيس الولايات المتحدة وما يقرر أن يفعله".