تجربة جديدة تخوضها الحكومة خلال الفترة المقبلة، وهي البدء في
التعامل عن طريق الفيزا بدلا من التعاملات النقدية، في الهيئات الحكومية، فمؤخرا
أعلن البنك المركزي عن إصدار كارت "ميزة"، يربط كافة حسابات المواطنين
البنكية عليه، ومن ثم دفع فواتير الكهرباء والمياه والغاز، وكذلك التعامل به في
التموين وقبض المعاشات والمرتبات.
فأعلن البنك المركزي، أنه سيتم إصدار كارت
"ميزة" بداية من شهر يناير 2019، على أن يتم إصدار 20 مليون كارت خلال
ثلاثة سنوات، وذلك ضمن تعميم فكرة الشمول المالي والتحول إلى الاقتصاد غير النقدي
خلال الفترة المقبلة.
فمن خلال هذا الكارت يمكن المواطن سحب
النقود من أي ماكينة صراف آلي، وصرف الدعم النقدي الحكومي مثل دعم التموين والخبز والمعاشات.
ولكن هل ستتوسع في التعامل بتلك الفيزا مع
البقال و بائع الخضار والجزار ومحلات الدواجن؟
"الهلال اليوم" رصدت آراء رؤساء
الشعب بالغرف التجارية بالقاهرة والجيزة، وخبراء الاقتصاديين، الذين أكدوا أن
استعمال الكارت في نطاق الأحياء الشعبية لن يحدث إلا إذا تم تقديم دورات تدريبية
للمواطنين، في كيفية التعامل بالفيزا.
أزمة سيستم
«السيستم واقع» بهذه الجملة عبر خالد
فايز، نائب رئيس شعبة البقالة بالغرفة التجارية بالجيزة، عن حال التكنولوجيا في
مصر، قائلا : "إن أول شيء سيواجه المواطنين والبائعين "هي السيتسم"
فليس لدينا إنترنت ذو سرعة عالية مثل العالم، تمكنا من استخدام الفيزا، فنحن بحاجة
إلى بنيه تحتية للنت جيدة، وهذا يستغرق وقت، بالإضافة إلى توعية المواطنين بكيفية
استخدام الفيزا".
وأضاف فايز في تصريحات خاصة لـ "الهلال
اليوم"، : "أنه استحالة أن يستغني المواطن المصري عن النقود الورقية،
فهي ثقافة شعب، مشيرا إلى أن استخدام الفيزا ينجح في السوبر ماركت أما لدى
البائعين والمحلات التجارية فلن يستمر كثيرا، لابد أن يستخدم المواطن النقود
الورقية".
ثقافة شعب
واتفق معه عبد النبي محمد، سكرتير شعبة
الدواجن بغرفة القاهرة التجارية، قائلا "المواطن يحب أن يحمل نقود في جيبه..
فليس لديه ثقافة استخدام الفيزا لشراء بضاعته.. وكذلك البائع في منطقة شعبية ليس
لديه الثقافة أن يستعمل الفيزا، يحب أن يجمع مكاسبه آخر اليوم، ولا يأمن للتعاملات
البنكية، فهي ثقافة شعب".
وأضاف سكرتير شعبة الدواجن بغرفة القاهرة
التجارية، في تصريحات خاصة لـ "الهلال اليوم"، أن 90% من التجارة في
السوق المصري غير رسمية، لذلك لابد من تقنين وضع التجارة في مصر، فهناك مصانع غير
مرخصة وكذلك محلات تجارية، لذلك يجب أن يتم تقنين وضع الاقتصاد في مصر عن طريق ضمه
إلى الاقتصاد الرسمي.
تصلح في الهايبر
وقال شلبي جابر سكرتير عام شعبة
القصابين "الجزارين" بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن الفيزا
"ميزة"، تصلح في الهايبر ماركت، وليس في المناطق الشعبية، التي تعتمد في
الأساس على التعاملات الورقية.
وأضاف جابر في تصريحات خاصة لـ "الهلال
اليوم"، أن المواطن المصري استخدم الفيزا بشكل ضيق ومحدود وما زال يعاني حتى
في الاستخدام المحدود من السيستم وذلك في نظام التموين والمعاشات، فليس من المعقول
أن يشتري نصف كيلو لحمه، ويقف بالساعات من أجل عودة سيستم.
تحديات تواجه الحكومة
وأوضح الدكتور مختار الشريف، أستاذ الاقتصاد
بجامعة المنصورة، أن الدول الأجنبية وبعض الدول العربية والنامية كتركيا والمكسيك،
أصبحت تستخدم الفيزا بدلا من النقود الورقية، والتي ثبت نجاحها لديهم، مؤكدا أن
الحكومة المصرية تأمل خلال الفترة الحالية في تعميم تلك الفكرة ولكن هناك بعض
التحديات التي يجب أن تتغلب عليها.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ "الهلال
اليوم"، أن أبرز التحديات التي تواجه مصر، هو ارتفاع نسبة الأمية والبطالة
تلك الشريحة التي أغلبها ليس لديه حسابات في البنوك، بالإضافة إلى وجود بعض البنوك
تقوم برفع تكلفة تقديم خدمة للمواطنين، الأمر الذي يجعل المواطن يرفض التعامل مع
البنك، كما أنه يجب العمل على انتشار فروع من كافة البنوك في جميع المحافظات
بالجمهورية.
رؤية مستقبلية
وقال الدكتور محمد معيط، وزير المالية، إن التحول إلى منظومة الدفع
والتحصيل الإلكتروني يأتي استكمالا لجهود الدولة في تعميم وشمولية تلك المنظومة،
إذ بلغ عدد العاملين بالجهاز الإداري للدولة الذين يتقاضون مستحقاتهم المالية من
خلال استخدام الكروت الإلكترونية حوالي 12 مليون موظف.
وأضاف في بيان صادر، أنه تم التحويل من استخدام البطاقات التموينية الورقية
إلى البطاقات الإلكترونية، وتطبيق نظام الخزانة الموحد TSA، وميكنة إدارة المالية
الحكومية GFMIS،
والذي يسهم في تحقيق أكبر قدر من الانضباط المالي، إلى جانب عدد من الخطوات الهامة
التي تجري حاليا لاستكمال ميكنة العمل بالمصالح التابعة للوزارة كمصلحتي الضرائب
والجمارك.
وأشار وزير المالية، إلى أن 80% من متحصلات الخزانة العامة للدولة،
تتم بشكل إلكتروني، و20% تتم بشكل نقدي، ومع بداية عام 2019، سوف يتم تحصيل نحو
100% من المدفوعات الحكومية، للضرائب والجمارك وكافة إيرادات الدولة إلكترونيا.