الأحد 19 مايو 2024

عن‭ ‬طلاق‭ ‬الأغنياء .. يداها‭ ‬لا تتحملان‭ ‬الطبيخ‭ ‬والغسيل ! (2)‬

24-3-2017 | 12:38

بقلم : سكينة السادات

كتبت لك الأسبوع الماضى طرفا من حكاية صديقتى الحاجة مديحة الميسورة الحال التى تسكن فيلا فاخرة فى مدينة أكتوبر ولها ولد وحيد وابنة وحيدة تخرجا بامتياز وعمل ابنها فى أحد البنوك الكبيرة بعد أن اجتاز فترة تدريبية للتسويق والكمبيوتر والإنترنت, أما الابنة بسمة فقد تخرجت فى كلية الفنون الجميلة قسم الديكور, وفتحت محلا صغيرا للديكور فى مدينة أكتوبر أيضا ونجحت نجاحا باهر, وأقبل معظم أهالى أكتوبر من المقتدرين عليها لتبدل لهم ديكوراتهم القديمة أو تبدأ ديكورا جديدا فى الشقق الجديدة, وأصرت بسمة ألا تتزوج إلا بعد أن تتمكن وتثبت قدميها فى عملها وبعد أن يتزوج أخيها الكبير وتفرح به, وقالت الحاجة مديحة إن ابنها جاءها ذات يوم وقال لها إنه شاهد فى البنك ابنة أحد رجال الأعمال المعروفين, وأنها كانت لطيفة جدا معه, وأنه يتمنى أن يتزوجها, وفهمت والدته مديحة أنه يقابلها, وفرحت كثيرا عندما قال لها إن أهلها وافقوا عليه وتوجهوا إلى قصر العائلة بالقطامية واتفقوا وأقاموا فرحا كبيرا فى أكبر فنادق مصر, وسافر العروسان وقضيا شهر العسل وعادا, ومرت عدة شهور كانت الأم مديحة تلاحظ أن أحمد ابنها يفقد وزنه سريعا وأنه يبدو مكتئبا, ولم يكن يقول لها أى شىء سوى أنه مرهق فى العمل فقط, ثم فوجئت به يدخل إليها ومعه حقيبة صغيرة وقال إنه سوف يقضى معها عدة أيام لكى يرتاح!

***

وتستطرد الحاجة مديحة.. استحلفته بكل رخيص وغال أن يفضفض معى فأنا أمه وأنا أحرص إنسانة على سعادته, فقال لى بالحرف الواحد: -  نعم.. أحب زوجتى يا أمى ولكنى لم أتعود على نظام الحياة الذى تصر وتصمم عليه!  هى تنام حتى موعد عودتى من البنك فى الساعة السادسة بعد الظهر وعندما أدخل تسألنى وهى ما زالت لم تفق من نومها.. طلبت أكل دليفرى ولا لأ؟ فإذا قلت لها: كنت مشغولا.. تثور ثائرتها وتعنفنى وتقول إنها جائعة وكان لازم الأكل يجى حالا!

ويستطرد أحمد قائلا لأمه: -  وذات مرة سألتها.. معقول نأكل كل يوم من المطاعم فى الخارج؟ أليس هناك طعام فى البيت كما تعودنا؟ يومها زعلت منى وقالت إنها ليست خادمة وأننى إذا أردت أن آكل فى البيت فعلى أن أذهب إلى بيت أبى وأمى فالأكل هناك بيتى, أما إذا أردت أن أعيش معها فليس لديها أى استعداد لدخول المطبخ لأنها أصلا لا تعرف كيف تطبخ وتجده شيئا مقززا ومقرفا ولا لزوم له ما دام فيه أكل فى المطاعم بره! ويستطرد أحمد قائلا لأمه: أما الغسيل فهى لا تغسله لأن يديها لا تتحملان الطبخ والغسيل رغم أن لدينا غسالة أوتوماتيك تغسل وتعصر وتجفف الغسيل فهى لا تحب هذه الأمور ولا تجيدها, ومن كان يقوم بهذه المهمة فى البيت كانت السيدة التى تنظف البيت كل يوم, وهى لا تعرف شيئا عن غسيلها القذر ولا غسيلى ولا ملابسى, وأنا معتاد يا أمى أنك تقومين بكل هذه الأعمال وتشرفين على كل صغيرة وكبيرة فى البيت .

واستطرد أحمد.. أعود مرهقا من عملى الذى أبدأه من الساعة الثامنة صباحا حتى الخامسة فى البنك.. فيكون لزاما علي أن أطلب طعاما جاهزا من المطعم, فتأكل ثم تطلب منى أن أغير ملابسى لأذهب معها لكى تسهر مع صديقاتها وأصدقائها, فإذا اعتذرت بأننى أريد أن أنام وأرتاح تتركنى وتذهب بمفردها ولا تعود إلى البيت قبل الثانية فجرا! هل هذه هى حياة يا أمى؟

***

واستطردت مديحة.. سألته هل فاتحتها فى أمر تغيير هذه الحياة؟ وأن تهتم ببيتها وحياتها, فقالت لى بصراحة: -  أنا باخد حبوب منع الحمل علشان عارفة إنك عاوز خدامة ومش عاوز زوجة ومش عاجبك أى حاجة! فضها سيرة بقى!

***

واستطردت.. استأذنت ابنى أن أنصحها كأم أو أكلم أمها حتى تنصحها فقال إنها أعلنتها بصراحة أنها لن تستطيع أن تغير مواعيد نومها وصحيانها وإذا كان لدى أى شيء أفعله فإنها موافقة عليه؟ فهمت أن ابنى حاول على مدار العام الذى قضته معه زوجته أن يغير من حالها فلم يستطع ولما كان لا يحب طعام المطاعم فقد نقص وزنه وصار مكتئبا من قلة النوم . وقررت أن أتحدث إلى والديها فقالوا بكل ذوق وأدب.. والله يا هانم حاولنا معها حتى قلنا لها نبعت لك الطباخ . قالت إنها مش فاضية للحاجات دى واحنا زعلانين أكثر من أحمد, لكن دى بنتنا وهي مش عاوزاه لأنه اتضح أنه مش (التيب) بتاعها! قلت لهما أمال نعمل إيه, قالوا مفيش حل غير الطلاق!  وتم الطلاق وكأنه شكة دبوس ولم يتأثر أحد سواى أنا وابنى وزوجى وابنتى - أخته -, أما هى فقد علمنا أن برنامجها اليومى تنفذه بكل كفاءة وأنها يوميا فى النادى ومع الأصدقاء والصديقات والشلة, ومن أسوأ ما سمعت فى حياتى أنها أقامت حفلا كبيرا بمناسبة طلاقها وتحررها من القيود التى لا لزوم لها!

***

هذه هى الأيام السوداء التى نعيشها التى أصبحت نسبة الطلاق فيها تزيد على 40% من الزيجات ! وأصبح الطلاق سهلا ميسورا.. خلاص يا جماعة.. الاثنين مش مرتاحين مع بعض؟! يطلقوا أحسن ! هكذا ببساطة شديدة، خاصة عند الأغنياء الذين لا تعنيهم الفلوس المهم المزاج والسؤال الدائم.. أين ذهب الحب والإعجاب؟ وأين قول الله سبحانه وتعالى أن الزواج هو السكينة والرحمة وعمار البيوت؟ كل هذه الأمور أصبحت فى خبر كان وحسبنا الله ونعم الوكيل فى هذا الزمن وتلك الأيام السوداء!