أكد مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام، أهمية المؤتمر العالمي الرابع للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، والمقرر عقده في القاهرة يوم 16 أكتوبر الحالي، ويستمر يومين، تحت عنوان (التجديد في الفتوى بين النظرية والتطبيق)، بمشاركة وفود من أكثر من 60 دولة من مختلف قارات العالم.
وقال مفتى الجمهورية - في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الاثنين ـ إن هذا المؤتمر العالمي يأتي في إطار مساعي دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم لقيادة قاطرة التجديد في الخطاب الديني، واستجابة لمبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي والتي دعا فيها إلى تجديد الخطاب الديني، وجعله على رأس أولوياته".
وأضاف الدكتور شوقي علام إن مؤتمر هذا العام يأتي لاتخاذ إجراءات وتدابير من شأنها المساهمة في إيجاد خطاب ديني وإفتائي واع بقضايا المجتمع، وخاصة قضايا التنمية، وتحفيز المجتمع بسائر فئاته وخاصة الشباب إلى العمل والإنتاج والسلوك الإيجابي البنَّاء.
وتابع فضيلة المفتى: "كما يهدف المؤتمر إلى التركيز على واقع الجاليات المسلمة الذي يزداد صعوبة يومًا بعد يوم في ظل ظاهرة (الإسلاموفوبيا) التي تسيطر على الواقع الذي يعيشه أغلب أبناء الجاليات المسلمة، وخاصة أن هذه الصعوبة في أكثر الحالات يكون المتسبب فيها بعض المنتسبين إلى الإسلام بأفعالهم اللإنسانية الخالية من القيم والمليئة بالكراهية لكل مخالف، وهذا يعني ضرورة وجود بديل لتلك الصورة المشوَّهة التي تزداد سوءًا إذا لم يتم تداركها".
وأوضح الدكتور علام، أن المؤتمر العالمي للإفتاء سيناقش أيضا قضايا حيوية أبرزها قضية الأصول المنهجية لفقه النوازل، إلى جانب تناول الأصول المنهجية للتجديد في الفتوى، وضوابط الإفتاء في قضايا حقوق الإنسان، والإفتاء في المستجدات الطبية، وكذلك ضوابط الإفتاء في المستجدات الاقتصادية، وقضايا الشأن العام والدولة.
وأشار مفتي الجمهورية إلى أنه سيعقد - خلال المؤتمر - 4 ورش عمل يجتمع فيها نخبة من العلماء ضيوف المؤتمر للوصول لمعالجة دقيقة لموضوعات ورش العمل ووضع (ميثاق عالمي جامع للفتوى)، حيث سيتم من خلالها تفعيل التعاون العلمي المشترك بين أعضاء الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم لثراء الميثاق وإكسابه صبغة العالمية، والتطلع إلى تأسيس مدونة أخلاقيات مهنية للمفتي، ويكون اعتماد هذا الميثاق نواة لها، وتقديم الميثاق بعد اعتماده للهيئات والمنظمات المعنية بأمر الإفتاء في العالم ليكون معينا ومرشدا للنظر الصحيح والتعامل الرشيد مع الفتاوى العالمية.
وتابع: "إنه سيُعقد على هامش المؤتمر ورشة ثانية لمناقشة وضع (مؤشر عالمي للفتوى)، يتم من خلالها الخروج بمؤشر عالمي لحالة الفتوى في العالم صادر عن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، ويكون ربع سنوي، ويشتمل على تحليل لمضمون الفتاوى وخطابها على مدار 3 أشهر، ومن ثم تقويمها وتذييل ذلك بتوصيات ومقترحات للتعامل معها تعاملًا رشيدًا، على أن يُكتب هذا باللغة العربية أصالة ثم يترجم إلى اللغات العالمية الحيَّة تبدأ منها بالإنجليزية والفرنسية ثم تترجم بعد إلى غيرها من اللغات".
وأشار إلى أنه ستعقد ورشة ثالثة (نحو صياغة منهج دراسي للفتوى) لوضع مناهج تعليمية إفتائية صالحة للتدريس والتدريب عليها في المؤسسات التي تعنى بالإفتاء، وتجديد الصلة على أساس الرسالة بين الجانب التعليمي والجانب الإفتائي للوصول لخدمة المقاصد الشرعية والوطنية والإنسانية، وضع دليل إرشادي لمعلمي الإفتاء يشتمل على الضوابط والأصول.
ولفت إلى أن الورشة الرابعة ستكون عن دور الفتوى في معالجة المشكلات الأسرية والحد من نسب الطلاق، حيث سيتم وضع تصور صحيح للمشكلة المطروحة يشمل مظاهرها وأسبابها وطرق حلها، وإطلاق مبادرات عاجلة للتعامل مع المشكلات الأسرية الجديدة، ووضع دليل إرشادي للمفتين للاستعانة به في التعامل مع ما قبل وما بعد الطلاق.
وأوضح المفتي أن مؤتمر الأمانة هذا العام معني بعدم اقتصار نطاق التوعية في الخطاب على الداخل المصري، ولكن سيمتدَّ إلى الخارج لاستعادة الريادة المصرية للفكر الإسلامي بل والإنساني في العالم كله وتجديد الفتوى ومعالم الدين الإسلامي، من خلال تقديم رؤية متكاملة للإسلام الحضاري الساعي لنشر قيم الرحمة والخير والجمال والنور بين الإنسانية كلها بما يزيل الصورة الذهنية القبيحة التي رسمها دعاة الشر والشيطان الذي يدعون الانتساب للإسلام وهو من أفعالهم وشرهم براء.
وأكد المفتي أن من أهم أهداف المؤتمر معرفة المشكلات في عالم الإفتاء المعاصر، ومن ثم محاولة وضع الحلول الناجعة لها، إلى جانب دراسة كيفية استخدام المنجزات الحضارية لخدمة مجال الإفتاء، والوصول إلى أدوار محددة تؤديها عملية الإفتاء في مجالات التنمية، ومحاولة فهم طبيعة العلاقة بين الإفتاء والسياسة والاقتصاد، وتحديد الأدوار التي يمكن التأثير والتأثر من خلالها.
وشدد مفتي الجمهورية على أن المؤتمر هو محاولة جادة لنقل مجال الإفتاء من مجال سلبي يقتصر على حل المشكلات إلى مجال أكثر إيجابية ينتقل إلى عمل التدابير الوقائية من المشكلات ليشارك في البناء والتعمير، هو أحد الأهداف المهمة التي يرتكز عليها المؤتمر.
واختتم المفتي تصريحه بالقول: "المؤتمر سيشهده جمع غفير من المفتين والعلماء والباحثين من جميع قارات العالم، ويُعنى بإرشاد المستفتيين إلى ضوابط وقواعد للعيش في زمانهم مستفيدين بسَنَّة سلفهم، كما تعد اجتماع كلمة المفتين للوفاء بفريضة التجديد الرشيد، والاجتهاد في الجديد، حدثا تاريخيا، ودلالة مهمة لانطلاق هذا المؤتمر العالمي من أرض الكنانة -عبر الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم - والذي يُعطي لمقاصده وأهدافه وما يتمخض عنه خصوصية، لتنطلق كلمات الاجتهاد والتجديد من مصر المحروسة ويسمع العالم شرقه وغربه ويرى كيف تأخذ مصر المبادرة من دون سطحية ولا تخوف".