قال اللواء محمد الغباري، مدير كلية الدفاع الوطني الأسبق، أحد أبطال حرب أكتوبر، إن هناك ثلاثة محاور عملت عليها الدولة خلال تخطيطها لحرب السادس من أكتوبر 1973، وهي التدريب وتحديث الأسلحة والخداع الاستراتيجي والذي كان مهمته ألا يجعل العدو في كامل قوته لتحقيق أكبر خسائر.
وأوضح الغباري لـ"الهلال اليوم"، أن عملية التدريب كانت بمضاعفة الالتزام في التدريب وبدء التدريب على مسرح عمليات مشابه بعد عمل خط بارليف بعمل خط مشابه له بنقاط قوية على النيل وترعة الإسماعيلية، وجرى التدريب على العبور والاقتحام من المياه إلى الأرض، فضلا عن التدريب على ما هو ضروري للحرب كالسلالم الحبال وآلية فتح الثغرات في الساتر الترابي وزي المقاتل تم تحديثه ليحمل كل الأدوات والمعدات داخل جيوبه كما تم تصميمه ليوزع الأوزان على الجسد كله فلا يشعر بثقل المعدات التي يحملها.
وأضاف أنه تم التدريب على آلية الاشتباك مع دبابات العدو واستخدام الصواريخ أرض أرض وكيفية استخدام السواتر الأرضية والتعامل مع الفارق في الأسلحة والمعدات وكذلك كيفية التجديف والسباحة، مشيرا إلى أن المحور الثاني وهو تحديث الأسلحة كان مهما فجرى تجديد الصواريخ القديمة بأخرى حديثة مداها أكبر وكذلك الدبابات والذخيرة داخل المدرعات، والمدفعية والقوات الجوية.
وأكد الغباري أن عملية الخداع الإستراتيجي كان تقوم على عدة أشكال منها عمل مشروع استراتيجي تعبوي مرتين في العام مما يجعل العدو الإسرائيلي يرفع درجة استعداده وكان آخر هذه المشاريع في 4 أكتوبر قبل الحرب بيومين وتحول بعدها لاقتحام الضفة الشرقية للقناة، فضلا عن سبل أخرى لخداع العدو الإسرائيلي منها فتح باب الإجازات السنوية بعد أن كانت ليومين أو ثلاثة أيام.
وأضاف أن أحد أشكال الخداع أيضا كان السماح بالحج والعمرة والسفر للتنزه للضباط كما تم تسريح دفعة رديف من القوات المسلحة وكان موشي ديان يتحقق من الجبهة فيجد الضباط المصريين نائمين ويلعبون ويأكلون إلى جانب خبر عن زيارة المشير أحمد إسماعيل الفريق آنذاك إلى رومانيا وتكليف الرئيس السادات لعصمت عبد المجيد مندوب مصر بالأمم المتحدة لتسليم مشروع سلام جديد.
وأكد أن كل هذه الخدع أربكت العدو وجعلتهم لم يأخذوا قرار التعبئة إلا بعد 24 ساعة من الحرب كانت القوات المصرية لها الغلبة وفي عمق سيناء، مضيفا أن حرب الاستنزاف دربت الجيش المصري على قواعد القتال وتحطيم معنويات العدو حتى وقع الإعجاز بنجاح عبور 180 ألف فرد مقاتل في 5 فرق مشاة كانت تعبر قناة السويس بطول 180 كيلو مترا.
وأشار إلى أن إدارة المعركة كانت ناجحة فالحرب كانت حرب الأسلحة المشتركة حيث حققت القوات المسلحة إعجازا في ظل معاداة العالم لمصر وعدم السماح بتسليحها، مضيفا أن التوقعات في العبور كانت تشير إلى وقوع خسائر تقدر بـ30% من القوات أثناء العبور و30% أثناء اقتحام النقاط القوية بالساتر الترابي، لكن الخسائر كانت طفيفة نتيجة الجهد في التدريب والتخطيط الاستراتيجي.
وطالب الغباري الشعب المصري باستلهام فكر أكتوبر في عمله والثقة في القيادة السياسية التي تسير بتخطيط استراتيجي عالٍ.