الأربعاء 22 مايو 2024

أبطال العبور يستعيدون ذكريات ملحمة «أكتوبر».. ويؤكدون: التخطيط السليم وثقة المقاتلين عوامل النصر.. والدولة حققت إعجازا في حرب 1973.. والخداع الاستراتيجي أربك العدو

تحقيقات5-10-2018 | 21:06

الشهاوي يوضح سبب اختيار توقيت الهجوم في 6 أكتوبر.. ودور سلاح الحرب الكيميائية

الألفي: التخطيط السليم وثقة المقاتلين عوامل ساهمت في نجاح حرب أكتوبر

محمد الغباري: الدولة حققت إعجازا في حرب أكتوبر.. والخداع الاستراتيجي أربك العدو

 

مع حلول الذكرى الـ45 لحرب أكتوبر المجيدة، شارك صناع الانتصار ذكرياتهم لـ"الهلال اليوم"، ورووا تفاصيل الاستعداد للحرب وأسباب اختيار التوقيت ودور الأسلحة المختلفة والمشاهد التي لا تنسى خلال المعركة، موضحين أن حرب أكتوبر هي معركة الأسلحة المشتركة وكان الجندي المصري هو معجزة الحرب حيث قهر أسطورة الجيش الذي لا يقهر.

 

سر اختيار التوقيت

اللواء محمد الشهاوي، مستشار كلية القادة والأركان، وأحد أبطال حرب أكتوبر، قال إن حرب 6 أكتوبر 1973 حطمت أسطورة الجيش الذي لا يقهر وكان بها معجزة وهي المقاتل المصري صاحب عقيدة النصر أو الشهادة، وكانت هناك مصاعب كثيرة أمامه تم التغلب عليها بالتخطيط والدراسة والتدريب مثل المانع الحارق الذي خططت له إسرائيل لإشعال القناة بالنابلم والمواد الحارقة لتيأس القوات المصرية من اقتحام القناة.

وأوضح في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن هذا المانع تغلبت عليه القوات من خلال غلق فتحات دفع المواد الحارقة إلى قناة السويس في الليلة السابقة لحرب أكتوبر المجيدة، مضيفا أن الساتر التراب كان يرتفع لـ22 مترا ودرجة ميله على شاطئ القناة تقدر بـ80 درجة، وكان به ألغام تضعها إسرائيل عليه لإحباط محاولة التسلق تم التغلب عليه بواسطة 1500 مجموعة من سلالم الحبال.

وأضاف الشهاوي إن إسرائيل كان تخطط لإشعال نار تصل في ارتفاعها إلى 15 مترا في القناة بمساحة 300 متر، مؤكدا أن اختيار التوقيت ساعة الصفر في الثانية ظهر 6 أكتوبر تم بعبقرية لتزامنه مع شهر رمضان لما له من قيمة روحية لدى القوات المصرية واعتقاد إسرائيل أن هذا الشهر شهر كسل للمسلمين كما أن به ثلاثة أعياد إسرائيلية هي عيد الغفران وعيد المظلات وعيد التوراة التي يحرم العمل فيها، واختيار يوم السبت لأن يحرم به العمل أيضا ويوافق عيد الغفران.

وأكد أن حالة المد والجزر في هذا اليوم كانت في أقل مستوى ما سهل عملية اقتحام وعبور القناة بواسطة الزوارق المطاطية، مضيفا إن اختيار توقيت الثانية ظهرا كان للخداع لأن العمليات العسكرية تبدأ إما في أول ضوء أو آخر ضوء لكن القوات العسكرية نفذت في الثانية وخمس دقائق ظهرا حتى تكون الشمس في عيون طياري العدو ولا يستطيعون تمييز الأهداف بدقة وتكون خلف الطائرات المصرية التي نفذت الضربة الجوية.

وأشار إلى أنه بعد الضربة الجوية قامت المدفعية بإطلاق 121 ألف دانة في فترة التمهيد النيراني على مواقع العدو الإسرائيلي وخط بارليف لتدميرها واقتحمت القناة مجموعات استطاعت تسلق النقاط القوية وما إن انتصف ليل السادس من أكتوبر إلا وكان قد تم محاصرة كل النقاط القوية وسقوط نصفها.

 

معركة الأسلحة المشتركة

وعن سلاح الحرب الكيميائية، قال الشهاوي ، كان له دور كبير في حرب أكتوبر المجيدة حيث كانت له مهمات وهي إعداد القوات المسلحة للعمل تحت ظروف استخدام العدو الإسرائيلي لأسلحة الدمار الشامل ولا بد من تدريب القوات على مجابهة استخدام تلك الأسلحة، مضيفا أنه عمل على إخفاء الكباري الحقيقية والخداعية باستخدام مولدات الدخان حتى ينخدع العدو عن الكوبري الحقيقي ليضرب بعيدا عنه لتسهيل عبور القوات المدرعة والميكانيكية على الكباري التي تم إنشاؤها بعد 6 ساعات من الاقتحام.

وأضاف إنه ساهم أيضا في تعمية نقاط ملاحظات العدو ووسائل مقذوفاته المضادة للدبابات من خلال صواريخ الدخان حتى يسهل اقتحام تلك النقاط، مؤكدا أن حرب أكتوبر هي معركة الأسلحة المشتركة، حيث تعاونت كل أسلحة القوات المسلحة.

وقال إن أبرز المشاهد التي لا تنسى هي وقت علم القوات بتوقيت الهجوم وساعة الصفر وكذلك أثناء اقتحام قناة السويس وتسلق الساتر الترابي حيث كان الكل يصيح الله أكبر وهي الصيحة التي تلهب مشاعر الجنود والمقاتلين، وخاصة أن الكل كان منتظرا تلك اللحظة وفي رمضان ولم يتم الإفطار إلا بعد ساعات من الإفطار.

وأكد الشهاوي أن أبرز عوامل نجاح الحرب هي الإيمان بالله والثقة بالنفس والروح المعنوية العالية وأن مصر تريد تحرير الأرض والعرض من العدوان الإسرائيلي، والتدريب الجيد والقيادة الحكيمة ورعاية الله للأبطال، وكلها أسباب ساهمت في هذا النصر الذي ما زال بعد 45 سنة يزخر بالعديد من الأسرار في الإعداد والتخطيط الاستراتيجي.

 

الروح المعنوية العالية

ومن جانبه، قال اللواء أركان حرب محمد زكي الألفي، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، إن الإعداد والاستعداد لحرب أكتوبر بدأ بعد نكسة 1967 واستمر من خلال عدة مراحل أولها حرب الاستنزاف، وبعدها التخطيط لحرب أكتوبر وتنفيذ عملية الخداع الاستراتيجي، وخداع على جميع المستويات حتى فوجئ العدو الإسرائيلي بهذه العملية كاملة في 6 أكتوبر 1973.

وأوضح في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أنه تم اقتحام قناة السويس على طول المواجهة بالكامل 170 كيلو مترا بنحو 5 فرق مشاة وتواجدت في الشرق في أقل من 24 ساعة، ففي الثامنة من صباح ثاني أيام الحرب كان هناك 100 ألف مقاتل و1500 ضابط قد نجحوا في عبور الضفة الشرقية لقناة السويس.

وأضاف الألفي أنه خلال الحرب كان برتبة ملازم أول ضمن ضباط اللواء 16 الكتيبة 18 قائد ثاني سرية مشاة، مضيفا أن الروح المعنوية للمقاتل المصري رغم الصعاب التي واجهها كانت مرتفعة وثقته في الله كبيرة وكان القادة على كافة المستويات في مقدمة الصفوف.

وأشار إلى أنه اقتحام قناة السويس ومهاجمة النقاط الحصينة للعدو الإسرائيلي ومحاصرة وأسر الجنود الإسرائيليين وتسليمهم للقيادة بالإضافة إلى معارك صد هجمات العدو المضادة، كلها كانت لحظات فارقة حسمت النتيجة لصالح انتصار الجيش المصري، مؤكدا أن التخطيط السليم وثقة المقاتلين في سلاحهم وقياداتهم في مواجهة نظرية الأمن الإسرائيلي كلها عوامل ساهمت في نجاح الحرب. 

 

تدريب وتحديث وخداع

فيما قال اللواء محمد الغباري، مدير كلية الدفاع الوطني الأسبق، أحد أبطال حرب أكتوبر، إن هناك ثلاثة محاور عملت عليها الدولة خلال تخطيطها لحرب السادس من أكتوبر 1973، وهي التدريب وتحديث الأسلحة والخداع الاستراتيجي والذي كان مهمته ألا يجعل العدو في كامل قوته لتحقيق أكبر خسائر.

وأوضح الغباري لـ"الهلال اليوم"، أن عملية التدريب كانت بمضاعفة الالتزام في التدريب وبدء التدريب على مسرح عمليات مشابه بعد عمل خط بارليف بعمل خط مشابه له بنقاط قوية على النيل وترعة الإسماعيلية، وجرى التدريب على العبور والاقتحام من المياه إلى الأرض، فضلا عن التدريب على ما هو ضروري للحرب كالسلالم الحبال وآلية فتح الثغرات في الساتر الترابي وزي المقاتل تم تحديثه ليحمل كل الأدوات والمعدات داخل جيوبه كما تم تصميمه ليوزع الأوزان على الجسد كله فلا يشعر بثقل المعدات التي يحملها.

وأضاف أنه تم التدريب على آلية الاشتباك مع دبابات العدو واستخدام الصواريخ أرض أرض وكيفية استخدام السواتر الأرضية والتعامل مع الفارق في الأسلحة والمعدات وكذلك كيفية التجديف والسباحة، مشيرا إلى أن المحور الثاني وهو تحديث الأسلحة كان مهما فجرى تجديد الصواريخ القديمة بأخرى حديثة مداها أكبر وكذلك الدبابات والذخيرة داخل المدرعات، والمدفعية والقوات الجوية.

وأكد الغباري أن عملية الخداع الإستراتيجي كان تقوم على عدة أشكال منها عمل مشروع استراتيجي تعبوي مرتين في العام مما يجعل العدو الإسرائيلي يرفع درجة استعداده وكان آخر هذه المشاريع في 4 أكتوبر قبل الحرب بيومين وتحول بعدها لاقتحام الضفة الشرقية للقناة، فضلا عن سبل أخرى لخداع العدو الإسرائيلي منها فتح باب الإجازات السنوية بعد أن كانت ليومين أو ثلاثة أيام.

وأضاف أن أحد أشكال الخداع أيضا كان السماح بالحج والعمرة والسفر للتنزه للضباط كما تم تسريح دفعة رديف من القوات المسلحة وكان موشي ديان يتحقق من الجبهة فيجد الضباط المصريين نائمين ويلعبون، إلى جانب خبر عن زيارة المشير أحمد إسماعيل الفريق آنذاك إلى رومانيا وتكليف الرئيس السادات لعصمت عبد المجيد مندوب مصر بالأمم المتحدة لتسليم مشروع سلام جديد.

إعجاز العبور

وأكد أن كل هذه الخدع أربكت العدو وجعلتهم لم يأخذوا قرار التعبئة إلا بعد 24 ساعة من الحرب كانت القوات المصرية لها الغلبة وفي عمق سيناء، مضيفا أن حرب الاستنزاف دربت الجيش المصري على قواعد القتال وتحطيم معنويات العدو حتى وقع الإعجاز بنجاح عبور 180 ألف فرد مقاتل في 5 فرق مشاة كانت تعبر قناة السويس بطول 180 كيلو مترا.

وأشار إلى أن إدارة المعركة كانت ناجحة، فالحرب كانت حرب الأسلحة المشتركة، حيث حققت القوات المسلحة إعجازا في ظل معاداة العالم لمصر وعدم السماح بتسليحها، مضيفا أن التوقعات في العبور كانت تشير إلى وقوع خسائر تقدر بـ30% من القوات أثناء العبور و30% أثناء اقتحام النقاط القوية بالساتر الترابي، لكن الخسائر كانت طفيفة نتيجة الجهد في التدريب والتخطيط الاستراتيجي.

وطالب الغباري الشعب المصري باستلهام فكر أكتوبر في عمله والثقة في القيادة السياسية التي تسير بتخطيط استراتيجي عالٍ. 

    الاكثر قراءة