قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، إننا وبعد مرور عشر سنوات على إنشاء الاتحاد من أجل المتوسط نجد هناك فرصة لمراجعة إنجازاتنا، وتبادل الآراء حول سبل المضي قدمًا، ومناقشة إمكانيات تلك المنظمة التي تعد منصة فريدة للحوار والتعاون في المنطقة الأورو- متوسطية.
جاء ذلك في كلمة أبو الغيط التي ألقاها، اليوم الاثنين، في افتتاح أعمال المنتدى الإقليمي الثالث للاتحاد من أجل المتوسط ببرشلونة الإسبانية، معتبرًا أن تتابع هذه الاجتماعات ودورية انعقادها، يُعد دليلاً على الجدية التي بات يتسم بها هذا التعاون، الذي ينبغي أن يستمر ويتوسع في المستقبل.
وأعرب أبو الغيط عن أمله أن تشكل الدورة الثالثة فرصة لوضع أولويات التعاون الإقليمي في المنطقة الأورو- متوسطية وآفاقها وأن يكون هذا الاجتماع فرصة مناسبة لإعادة الزخم للشراكة الأورو- متوسطية، خاصة بعد أن تم اعتماد "خارطة الطريق الجديدة للاتحاد من أجل المتوسط" خلال الدورة الثانية للمنتدى الإقليمي الذي عقد في يناير2017.
وهنأ أبو الغيط بهذه المناسبة السفير ناصر كامل على توليه منصب أمين عام الاتحاد من أجل المتوسط معتبرا أنه سيضع خبراته الكبيرة وحماسه وحيويته المعهودة في خدمة هدف التعاون المتوسطي.
وقال إن اجتماعنا في مدينة برشلونة ونحن نحتفل بالذكرى العاشرة لإنشاء الاتحاد من أجل المتوسط، هو بمثابة رسالة تأكيد على عمق العلاقات التاريخية التي تربط جنوب البحر المتوسط بشماله، والتي امتزجت لما يزيد على ثمانية قرون وإن الماضي والحاضر معًا يفرضان تعاونًا وتقاربًا بين ضفتي هذا البحر العريق، أما الماضي ففيه من المشتركات الحضارية والثقافية ما يُمثل أرضية صلبة للتقارب على مستوى الشعوب والحكومات على حدٍ سواء، وأما الحاضر ففيه من المخاطر والمصالح والفرص ما يُحتم استمرار الحوار والتعاون البناء من أجل المنفعة المشتركة لسكان هذه المنطقة الذين يتجاوز عددهم الـ 500 مليون نسمة..وينتجون نحو 10% من الناتج الإجمالي العالمي..إنها منطقة، كانت وستظل، محورية في الاستراتيجية العالمية.
وأوضح أن الأمانة العامة لجامعة الدول العربية تشارك في جميع الاجتماعات وعلى كافة المستويات، منذ إنشاء الاتحاد من أجل المتوسط في قمة باريس 2008، و:"مؤخرًا ارتقى التعاون بين الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي إلى مستويات أعلى من التنسيق.. ونحن بصدد الإعداد لعقد أول قمة عربية أوروبية في مصر عام 2019، وهي القمة التي نتطلع إليها جميعًا لمناقشة كافة القضايا التي تهم ضفتي المتوسط، وكذا الفرص المتاحة في المستقبل والتي لا يمكن اغتنامها إلا من خلال قدر أعلى من التنسيق والتعاون المشترك".
وأشار في هذا الإطار إلى مذكرة التفاهم التي تم توقيعها بين جامعة الدول العربية والاتحاد من أجل المتوسط في أكتوبر من العام الماضي، والتي تؤكد جدية الطرفين للمضي قدمًا في تعزيز سبل التعاون، وزيادة إمكانيات التكامل والترابط الإقليمي بين الشركاء الأورو-متوسطين.
وأكد أبو الغيط أن منطقة البحر المتوسط تمر بعددٍ من الأزمات غير المسبوقة، فضلًا عن بعض النزاعات التاريخية الممتدة، والتي طالما عطلت مسار التعاون المتوسطي وجعلته دون المستوى المأمول..وبطبيعة الحال، تظل القضية الفلسطينية على رأس قائمة النزاعات التي تبقى من دون حل، قائلا :"ومن أسفٍ أن هذه القضية المحورية بالنسبة لنا، نحن دول جنوب وشرق المتوسط، تواجه تحدياتٍ غير مسبوقة في الفترة الأخيرة.. ما زال الفلسطينيون يفتقدون أي أفق سياسي يمنحهم الثقة في أن المستقبل سيكون أفضل، وأن حلم الدولة الفلسطينية المستقلة سيتحقق بعد أن يزول آخر احتلال في عالمنا المعاصر.. وزاد على ذلك ما تتعرض إليه معيشتهم من تهديدات عبر تقليص الدعم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، بكل ما ينطوي عليه هذا من احتمالات للاضطراب لن تكون منطقة المتوسط بعيدة عنها".
وقال إنني أدعو شركاءنا الأوروبيين إلى العمل معنا من أجل استعادة عملية سياسية ذات مصداقية تُفضي إلى إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
كما دعا أبو الغيط كافة الدول إلى العمل دون إبطاء على سد الفجوة التمويلية التي تُعاني منها الأونروا..ليس فقط من أجل اللاجئين الفلسطينيين ولكن من أجل استقرار المنطقة بأكملها.
وأضاف: لقد رأينا في السنوات الأخيرة كيف انعكست الحرب الأهلية السورية، والأزمة الليبية، على الجوار الأوروبي.. بل وعلى السياسة الداخلية للدول الأوروبية، ويقيني أن المسائل المتعلقة بالمهاجرين واللاجئين، التي نتفهم تبعاتها وآثارها على الدول المُستقبلة والمضيفة، لا يُمكن التعاطي معها إلا في إطار جماعي يُحقق المصلحة المشتركة للجميع -أي دول الإرسال ودول العبور والاستقبال- وفي سياق شامل يأخذ في الاعتبار الأبعاد المعقدة، السياسية والاقتصادية والديموغرافية، لظاهرتي الهجرة واللجوء وإن التوصل إلى حلول تُحقق مصلحة الجميع هو أمر ممكن إن وُضعت له أطر التعاون والتنسيق المناسبة، بعيدًا عن تسييس القضية أو استخدامها كوسيلة لجلب الشعبية.
وأكد أن دول المتوسط تحتاج إلى العمل معًا أكثر من أي وقتٍ مضى لمواجهة التبعات الخطيرة التي خلفتها أزمات سوريا وليبيا.. وبرغم أن الحل المستدام لهذه الأزمات لا يُمكن أن ينبع إلا من داخل الدول نفسها.. إلا أن في استطاعة جيراننا في المتوسط القيام بدور إيجابي من أجل استعادة الاستقرار المنشود في هذه الدول، واحتواء الآثار السلبية الخطيرة للأزمات التي تخطت الحدود.
واختتم أبو الغيط كلمته قائلًا إن منطقة المتوسط كانت حاضنة الحضارة العالمية في طور شبابها، ولا زالت عامرة بالأمل، مفعمة بالشباب، واعدة بالفرص في المستقبل..فدعونا نعمل معًا من أجل ضمان مستقبل أفضل للمتوسط بضفتيه.