تحتل الملفات الاقتصادية خاصة زيادة حجم التبادل التجاري والاستثماري وتوسيع التعاون في القطاع السياحي، مكانة محورية في زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي المقبلة لروسيا، حيث من المقرر أن يعقد عدة لقاءات تتعلق بزيادة الاستثمارت الروسية في مصر خاصة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وتوسيع مشروعات المنطقة الصناعية الروسية بمصر، وزيادة حركة السياحة الوافدة إلى مصر.
وذكر تقرير أعده المكتب الإعلامي بالسفارة المصرية بموسكو أن حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا آخذ في التزايد، حيث بلغت قيمة التبادل التجاري بين البلدين في عام 2017 نحو 6,722 مليار دولار، ويميل الميزان التجاري بين البلدين لصالح روسيا.. بينما بلغت قيمة التبادل التجاري بين البلدين خلال الـ11 شهراً الأولى من عام 2014 أكثر من 4,6 مليار دولار، وزادت صادرات مصر من المنتجات الزراعية إلى روسيا بنسبة 80% لتتعدى 500 مليون دولار مقابل 267 مليون دولار في ذات الفترة من عام 2013، الذي شهدت الصادرات المصرية إلى روسيا خلاله ارتفاعاً بلغت نسبته نحو 29% مقارنة بعام 2012، بسبب الارتفاع في تصدير الفواكه والخضراوات.
وأوضح التقرير أن المنتجات الزراعية تمثل نحو 70% من حجم التجارة بين مصر وروسيا، وتمثل الموالح والبطاطس نحو 75% من هيكل الصادرات المصرية إلى روسيا، في حين تمثل الحبوب (ولاسيما القمح) والأخشاب نحو 65% من هيكل الواردات المصرية منها، وبلغت الصادرات المصرية لروسيا من البطاطس خلال الموسم الماضي قرابة 330 ألف طن، وهو ما تقدره سلطات الحجر الزراعي بقرابة المليار جنيه.
ويبلغ عدد المشروعات التي تم إنشاؤها باستثمارات روسية في مصر 363 مشروعاً بإجمالي رأسمال مستثمر يقدر بحوالي 148,74 مليون دولار، وتركزت أغلب هذه المشروعات على قطاع السياحة والخدمات (143 مشروعاً)، تلاها قطاع الإنشاءات (38 مشروعاً) فقطاع الصناعة (27 مشروعاً) ثم قطاع الزراعة (13 مشروعاً) وأخيراً قطاع الاتصالات (5 مشروعات) والقطاع التمويلي (3 مشروعات)، في حين تبلغ الاستثمارات المصرية في روسيا 450 مليون دولار أغلبها استثمارات في مجال صناعة الطائرات وبعض الاستثمارات العقارية.
وعقدت اللجنة المشتركة للتعاون بين الحكومتين دورتها الـ11 في العاصمة الروسية موسكو في الفترة من 21 إلى 23 مايو 2018 بمشاركة كل من وزير التجارة والصناعة المهندس طارق قابيل -آنذاك- ونظيره الروسي دنيس مانتوروف.
وخلال جلسات اللجنة، أكد قابيل على أهمية مضاعفة معدلات التبادل التجارى بين مصر وروسيا لتعكس أهمية ووزن البلدين فى محيطهما الإقليمى والعالمى، مشيرا إلى حرص مصر على جذب المزيد من الاستثمارات الروسية للسوق المصرية وتشجيع إقامة شراكات ومشروعات استثمارية مشتركة واستغلال مناخ الأعمال الإيجابي والمشجع في البلدين.
وأضاف قابيل إن الاستثمارات الروسية غير البترولية في مصر تبلغ نحو 66.5 مليون دولار فى 434 مشروعا، لافتا إلى أهمية زيادة حجم هذه الاستثمارات واستغلال الفرص التي ستتيحها إقامة المنطقة الصناعية الروسية في شرق بورسعيد والتي ستفتح المجال أمام الشركات الروسية للاستفادة بإمكانات السوق المصرى والانطلاق نحو الأسواق العربية والأفريقية، والدول والتكتلات الأخرى التى ترتبط مصر معها باتفاقات تجارة حرة تتيح النفاذ إلى أسواق استهلاكية ضخمة فى العالم.
وأشار إلى الفرص التى يتيحها مشروع محور الطاقة الإقليمى للشركات الروسية الكبرى العاملة فى مجال البترول والغاز والبتروكيماويات، داعياً شركات البتروكيماويات الروسية للاستثمار فى مجمع البتروكيماويات فى السويس ومجمع العلمين، إضافة إلى استغلال فرص الاستثمار فى قطاع التعدين فى مشروع المثلث الذهبى.
وأوضح قابيل أن الصادرات المصرية للسوق الروسى خلال عام 2017 حققت طفرة كبيرة تجاوزت للمرة الأولى حاجز الـ 500 مليون دولار، تمثلت فى الصادرات الزراعية وقطاعات الصناعات الطبية والهندسية والكيماوية والمنسوجات والملابس وغيرها، لافتاً إلى أن الزيادة فى معدلات الواردات المصرية من روسيا الاتحادية ترجع إلى كونها سلعا استراتيجية يحتاجها السوق المصرى مثل القمح وبعض المنتجات البترولية والآلات والمعدات.
وأشار إلى أن مصر تتطلع إلى مضاعفة أرقام التبادل التجارى والاستثمارات المشتركة، كما تتطلع إلى تدعيم علاقات التعاون الفنى والتكنولوجى والعلمى بين البلدين، وتعزيز الاستفادة من التراكم المعرفى والتكنولوجى والعلاقات التاريخية الممتدة بين القاهرة وموسكو، فى تحديث بعض المصانع التى أنشئت بخبرات وتكنولوجيات روسية، وكذا تعزيز بناء القدرات والتدريب للمهندسين والعاملين المصريين خاصة فى مشروع الضبعة النووى، وتعزيز إمكانات التعاون فى مجال العلوم والبحوث المتعلقة بهندسة البترول والهندسة الطبية والنووية، للاستفادة من الخبرات والقدرات الروسية الكبيرة فى هذه المجالات.
وأضاف قابيل أن هناك فرصة كبيرة للتعاون فى مجالات الطيران المدني والطاقة والصناعات الفضائية والنقل والسكك الحديدية والتعدين، وفق شراكة ثنائية قائمة على الاستثمار المشترك ونقل التكنولوجيا والتعاون الفنى وتحقيق منفعة متبادلة للطرفين.
وتم خلال اجتماعات اللجنة المشتركة بحث تفعيل مجلس الأعمال المشترك لحشد الطاقات والإمكانات التى تسهم فى تعزيز التبادل التجارى والاستثمار المشترك بين البلدين، وتمت إعادة تشكيل الجانب المصرى فى المجلس لإعطاء قوة دفع جديدة له من خلال خطة عمل مكثفة وفق توقيتات زمنية محددة، مع التركيز على القطاعات ذات الأولوية للبلدين، حيث يعد القطاع الخاص هو قاطرة النمو والأداة الأكثر فعالية ومرونة فى التحرك.
ومن جانبه، أكد دينيس مانتروف وزير التجارة والصناعة الروسي، أن العلاقات الاقتصادية بين روسيا ومصر شهدت تطورا ملحوظا خلال المرحلة الماضية، منوها بأن الدعم الكبير من قيادات البلدين يمثل ركيزة أساسية لتعزيز وتنمية التعاون المشترك فى كافة المجالات وعلى مختلف الأصعدة، وذلك بهدف تحقيق نمو مستدام لكلا الدولتين، ولفت إلى أن هناك عددا كبيرا من الفرص الاستثمارية فى البلدين يجب تعظيم الاستفادة منها فى إحداث نقلة نوعية فى مستوى العلاقات المشتركة وبصفة خاصة فى مجالات الطاقة والنفط والسكك الحديدية.
وهناك فرص سانحة أمام شركات التعدين الروسية للاستثمار في المشروع التعديني الضخم في جنوب شرق مصر على ساحل البحر الأحمر والذي يعرف بـ”المثلث الذهبي”، فضلا عن إمكانية تكثيف الاستثمارات الروسية في قطاع الطاقة ولاسيما بناء محطات توليد الكهرباء، وهي فرص كفيلة بتطوير العلاقات الاقتصادية بين مصر وروسيا خلال المرحلة القادمة، كما أبدت روسيا استعدادها لصيانة المصانع المصرية التي سبق أن ساهم الروس في إنشائها في مصر وبحث تمويل خطي المترو الجديدين ومناقشة إنشاء صوامع روسية لتخزين القمح في مصر.
وتكتسب العلاقات السياحية بين البلدين أهمية كبيرة في ضوء الأعداد الكبيرة للسياح الروس الذين يفضلون زيارة مصر، حيث جاءت روسيا في المرتبة الأولى بالنسبة للسياحة إلى مصر على مدى الأعوام الخمسة الماضية، وتشير آخر الإحصائيات إلى أن حجم السياحة الروسية لمصر خلال عام 2013 بلغ 2,4 مليون سائح، ومن ثم تهتم مصر بالتعاون مع روسيا في مجال السياحة في ضوء كون السياحة الروسية تمثل ما يقرب من 20% من مجموع السياحة الوافدة إلى مصر، وتعمل على تخطى الأزمة التي يشهدها هذا القطاع.
وكشفت رابطة وكلاء السياحة الروسية أن مصر تظل الأكثر جاذبية للسياح الروس نظراُ للخدمات السياحية المتميزة التي تقدمها مصر للسائحين الروس والتي انعكست في تزايد الحركة السياحية الروسية إلى مصر، وتصدّرت مصر المرتبة الأولى في ترتيب البلدان التي زارها السياح الروس في 2014.
وأبدت الرابطة ارتياحها بعد انتخاب عبد الفتاح السيسي رئيسًا للجمهورية وتفاؤلها بقدرته على استعادة الأمن والاستقرار مما يضاعف الحركة السياحية إلى معدلات غير مسبوقة.