أكدت وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا" أن العلاقات الصينية - المصرية تحظى بدعم قوى من قيادتى البلدين، ما أدى إلى تنامى العلاقات الثنائية فى مختلف المجالات، ومنحتها قوة دفع غير مسبوقة.
قالت الوكالة – فى تحليل إخبارى بثته اليوم الجمعة- إن القيادتين السياسيتين فى مصر والصين تحرصان على تبادل الزيارات فيما بينهما، لتوحيد الرؤى والمواقف حيال القضايا الاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وكذلك تعزيز العلاقات الثنائية بينهما بما يحقق المصالح المشتركة.
وأضافت أن العلاقات بين بكين والقاهرة تشهد تطورا غير مسبوق فى العلاقات التاريخية بين البلدين، مدعوما بتوجهات القيادتين السياسيتين.لافتة إلى أن الرئيس الصينى "شى جين بينج" أكد - خلال لقائه مع الرئيس عبد الفتاح السيسى ببكين فى أوائل سبتمبر الماضى- تصميم الصين على مواصلة دعم مصر فى جهودها الرامية إلى تنمية الاقتصاد وتحسين مستوى معيشة الشعب.
وفى السنوات الأخيرة ، تم رفع مستوى العلاقات الصينية - المصرية إلى الشراكة الاستراتيجية الشاملة بفضل الدعم القوى لقيادتى البلدين.
وزار الرئيس عبد الفتاح السيسى العاصمة بكين أوائل سبتمبر الماضى، برفقة وفد رفيع المستوى من الوزراء والمسؤولين، لحضور قمة منتدى التعاون الصينى – الأفريقى (فوكاك)، وهى تعد زيارة السيسى الخامسة للصين منذ توليه الحكم فى منتصف 2014.
وفى السياق ذاته، حينما قام الرئيس الصينى "شى جين بينج" بجولة إقليمية فى الشرق الأوسط أوائل عام 2016، والتى شملت كلا من السعودية ومصر وإيران بالترتيب، فقد اختار مصر لتكون منبرا لخطابه المهم للأمة العربية من مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة.
وأكد السفير محمود علام سفير مصر السابق ببكين فى تصريح لـ (شينخوا) أن العلاقات بين البلدين شهدت فى السنوات الأخيرة طفرة نوعية كبيرة من خلال رفع مستوى العلاقات إلى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، وهو ما انعكس فى الزيارات المتبادلة بين قيادتى البلدين.
وقال علام إن "بكين تحرص على التشاور مع القاهرة ليس فقط على مستوى العلاقات الثنائية، وإنما فى كافة القضايا الإقليمية والعالمية، حيث يوجد تنسيق دائم بين الدبلوماسية الصينية والمصرية فى المحافل الدولية".
وأشار إلى وقوف الصين إلى جانب مصر فى عام 2011، لافتا إلى أنها احترمت خيارات الشعب المصرى ودعمتها فى 30 يونيو 2013، لافتا إلى أن الصين أدركت أن مصر كانت تمر بمرحلة انتقالية مهمة، وأنها تدرك دائما أن استقرار مصر وصمودها شيء مهم ليس فقط كشريك رئيس للصين، وإنما أيضا كفاعل ولاعب مهم فى منطقة الشرق الأوسط.
وأضاف علام "الصين حرصت على دعم الاقتصاد المصرى وترجمة العلاقة الاستراتيجية الشاملة فى نواحى كثيرة منها التوصل إلى اتفاق دعم القدرات الانتاجية فى مصر، وتوجيه الشركات الصينية للاستثمار فى مصر، والتعاون المالى بين البنوك المركزية فى البلدين والاتفاق على أن يتم جزء من التبادل بالعملة المحلية".
وشدد السفير علام على أن ما شهده العام الأخير من اتفاقيات للتعاون فى مختلف المجالات والمشروعات خاصة فى البنية الأساسية والطاقة والمزارع السمكية، وزيادة مساحة المنطقة الاقتصادية الصينية بقناة السويس، يؤكد تنامى العلاقات بين البلدين.
ونوه السفير المصرى السابق ببكين إلى أن "الصين ترى فى مصر شريكا رئيسا فى مبادرة الحزام والطريق، وذلك من خلال موقعها الاستراتيجى ووجود قناة السويس على أرضها، والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس التى تحتضن المنطقة الاقتصادية الصينية". وقال إن ذلك من شأنه أن يحقق مصلحة الجانبين التى تقوم على مبدأ الكسب المشترك للطرفين، وهو ما يمثل أساسا وثيقا فى علاقات الصين الخارجية.
من جانبها، أكدت الدكتورة نادية حلمى أستاذ العلوم السياسية بجامعة بنى سويف والخبيرة بالشؤون الصينية، أن قوة العلاقات والزيارات المتبادلة بين الرئيس عبد الفتاح السيسى والرئيس الصينى "شى جين بينج" أدت إلى ترجمة اتفاقية رفع مستوى العلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة على أرض الواقع، بما يصب فى مصلحة الطرفين.
وقالت إن العلاقات الاقتصادية بين مصر والصين تطورت بشكل كبير إثر زيارات السيسى إلى الصين، خاصة وأن تلك الزيارات تمخضت عنها اتفاقيات فى التعاون الاقتصادى والفنى بين الطرفين.مشيرة إلى أنه من أبرز تلك الاتفاقيات، اتفاقية دعم المشروعات التنموية فى منطقة قناة السويس، فضلا عن مشروع القطار الكهربائى لربط العاصمة الإدارية الجديدة بمدينة السلام والعاشر من رمضان وبلبيس، ومشروع القمر الصناعى المصرى.
ولفتت إلى أنه فى يناير 2016 وخلال زيارة الرئيس شى جين بينج للقاهرة، شهد الرئيسان التوقيع على حوالى 21 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين البلدين بهدف رفع مستوى العلاقة بينهما.
وأوضحت أن هذا الزخم فى العلاقات على مستوى القمة أسفر عن زيادة الاستثمارات الصينية فى مصر، حيث بلغ عدد الشركات الصينية العاملة فى مصر نحو 1558 شركة.
وأكدت الدكتورة نادية حلمى أنه "لم يكن كل ذلك ليتأتى لولا الزيارات المتبادلة لزعيمى البلدين والثقة الكبيرة بينهما، ما شكل دعما وانطلاقة للتعاون الاقتصادى والتجارى والمالى والمصرفى بين البلدين".
من جهته، قال ممثل مكتب بنك التنمية الصينى بالقاهرة "شيوى يوان كون" إن هناك على الأقل 123 من كبرى الشركات الصينية لديها عضوية غرفة التجارة الصينية بمصر منذ إنشاء الغرفة فى عام 2004، وباجمالى استثمارات وصلت إلى 2ر6 مليار دولار حتى الآن.
وتعمل الشركة الصينية العامة الهندسية الإنشائية (CSCEC) حاليا على مشروع بناء منطقة الأعمال بالعاصمة الإدارية الجديدة، شرق القاهرة، ويعد هذا المشروع الأضخم الذى تنفذه شركة صينية فى مصر.
كما يقوم التحالف الصينى المكون من شركتى (AVIC) الدولية القابضة والشركة الصينية لإنشاء السكك الحديدية المحدودة، بتنفيذ مشروع القطار السريع الذى سوف يربط العاصمة الإدارية الجديدة بالمدن الجديدة الأخرى حول القاهرة.
وتدخل العديد من الشركات الصينية الأخرى مع مصر فى شراكات بمجالات الطاقة وانتاج الكهرباء والمزارع السمكية والتطوير الصناعى وغيرها.
وفى منطقة العين السخنة بمحافظة السويس، شرق القاهرة، تقوم شركة (تيدا) الصينية للاستثمارات حاليا بتطوير 23ر7 كم مربع بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، حيث أنهت المرحلة الأولى المكونة من 25ر1 كم مربع فى عامين، وتعمل حاليا بالمرحلة الثانية والتى تستهدف تطوير حوالى 6 كم مربع.
واجتذبت منطقة تيدا الصناعية العديد من المشروعات والشركات الصينية للاستثمار بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، منها شركة جوشى الصينية الرائدة فى صناعة الألياف الزجاجية، والتى ساعدت مصر على أن تصبح من أكبر الدول المنتجة والمصدرة للألياف الزجاجية فى العالم خلال العامين الماضيين.
وفى المجال المصرفى قام بنك التنمية الصينى فى أوائل سبتمبر الماضى بتوقيع اتفاقية قرض بقيمة 600 مليون دولار للبنك الأهلى المصري، بهدف دعم قطاع الصناعة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.وقام بنك التنمية الصينى فى وقت سابق بتقديم قروض لمؤسسات مالية كبرى منها بنك SAIB وبنك مصر.
وتعتبر مصر أحد الدول المحورية فى مبادرة الحزام والطريق، التى اقترحتها الصين، المعروفة رسميا باسم الحزام الاقتصادى لطريق الحرير وطريق الحرير البحرى للقرن الـ 21، والتى تهدف إلى بناء شبكة من التجارة والبنى التحتية تربط آسيا بأفريقيا وأوروبا على طول مسارات التجارة القديمة لطريق الحرير.
وتعد قناة السويس محور ارتكاز فى الطريق البحرى للمبادرة، حيث تربط من خلال موقعها الاستراتيجى قارات العالم القديم الثلاث.