قال الدكتور إبراهيم
نجم، مستشار مفتي الجمهورية والأمين العام لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إنه بانتهاء
أعمال وفعاليات المؤتمر العالمي الرابع، والذي انعقد في القاهرة خلال الأيام الماضية
تحت عنوان "التجديد في الفتوى بين النظرية والتطبيق" اكتملت الصورة المشرقة
التي ظهرت على أرض مصرنا الحبيبة، من خلال مشاركة فعالة لجمع كبير من السادة العلماء
وحملة الشريعة، والقائمين على دُور وهيئات الإفتاء في العالم، وجمع من المتخصصين في
المجالات المختلفة ورجال السياسة والفكر والثقافة، ساهموا بجهدهم وفكرهم في نجاح المؤتمر
التاريخي الذي انعقد تحت رعاية كريمة من الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وأضاف "نجم"
إن أيام المؤتمر شهدت نشاطًا مكثفًا ولقاءات متعددة وورش عمل كثيرة، دارت محاور عملها
حول هدف رئيس وهو وضع التصور العلمي المتكامل الجامع بين الجانب النظري والعملي لمجالات
التجديد الإفتائي، والكيفية التي يتم من خلالها تحقيق التطوير والتجديد على أرض الواقع
في هذا المجال الهام الذي يتغلغل في جميع نواحي الحياة.
وأشار إلى أن القائمين
على المؤتمر والمشاركين فيه استطاعوا تحقيق الهدف المنشود، وتوجت أعمالهم بنتائج طيبة
تخدم البشرية عامة وأمة الإسلام خاصة، مؤكدًا أن النتائج التي أثمرها هذا المؤتمر،
تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك عدم انفصال قيادات الأمة ومفكريها عن واقعهم، ووعيهم بمستجدات
العصر، والكيفية التي يتم من خلالها علاج مشاكل الأمة من خلال مجال الإفتاء.
كما أشار إبراهيم
نجم إلى أن المؤتمر أثمر كذلك عن عدة مبادرات مهمة ومتكاملة تسهم في تطوير المجال الإفتائي،
كالإعلان عن تكوين وإنشاء «المؤشر العالمي للفتوى»، الذي يهدف إلى تكوين تصور علمي
وعملي صحيح للمشهد الإفتائي في العالم كله، وذلك من خلال رصد الفتاوى الصادرة في العالم
أجمع والقيام بتحليل وتقويم الخطاب الإفتائي وملاحظة اتجاهاته، على أن تصدر نتائجه
كل ثلاثة أشهر، بما يثمر وجود الرؤية الكاشفة التي تساعد أصحاب القرار على تقويم الواقع
والقيام بما يناسبه من إجراءات.
وأوضح أن هذا الرصد
والتقويم يتبعه توصيات وتوجيهات ومقترحات يتم نشرها بين هيئات ودور الإفتاء وجميع المختصين
بأمر الفتوى، وجهات عديدة من دوائر الأبحاث النفسية والاجتماعية والإنسانية التي يرتبط
نشاطها بقضايا الإفتاء، وكذلك المؤسسات المدنية المعنية بما يصدر من الفتاوى، لافتًا
إلى أن مظاهر ونتائج هذا المؤشر ليست مقتصرة على اللغة العربية فقط بل سوف يتم ترجمته
إلى لغات عديدة ليتم الاستفادة منه بصورة عالمية.
وأكد مستشار فضيلة
المفتي، أن ذلك الرصد والتقويم يسهم أيضًا في تصحيح المسار الإفتائي بما يناسب العصر،
ويبتعد به عن أي فكر متطرف بما يحققه من حصار الفتاوى الشاذة، وصدور البيان العلمي
الشرعي الصحيح من الجهات الرسمية الذي يفندها ويبين وجوه بطلانها.
ولفت نجم إلى أنه
تم كذلك من خلال المؤتمر الدعوة «للميثاق العالمي للفتوى»، الذي يهدف إلى تكوين مدونة
متكاملة جامعة للمعايير العلمية والأخلاقية للمجال الإفتائي، وآليات إصدار الفتاوى،
وآداب المفتي ومكونات شخصيته العلمية، بما يحقق تفعيل دور الفتوى في البناء الحضاري
ويمكنها من أداء دورها الإيجابي، مما يعد خطوة نحو تكوين منهج احترافي متخصص يضبط عملية
الفتوى ويخرج بها عن حالة الفوضى.
وأوضح الأمين العام
للأمانة أن المؤتمر أعلن كذلك عن الوسائل التي يتم من خلالها العمل على تفعيل هذا الميثاق
وصبغته بصبغة الواقعية؛ وذلك عن طريق نشره بين أعضاء الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء
في العالم كمرجعية موحدة معتمدة، والعمل على نشره بعد ذلك في جميع الهيئات والمؤسسات المعنية بأمر الإفتاء في العالم أجمع ليصبح مرشدًا
ومعينًا لوضع المواثيق التي تحد من ظاهرة الفوضى
الإفتائية، وتسهيل ذلك كله عن طريق البدء في وضع خطوط عريضة للاستعانة بالبرامج الإلكترونية
التي تسهل تفعيل هذه الميثاق وانتشاره في العالم أجمع.
وأكد نجم أن المؤتمر
لم يغفل الجانب العلمي التأصيلي الذي ينير الطريق لتجديد المجال الإفتائي، وذلك عن
طريق تكوين الشخصية الإفتائية المدركة والمحيطة بطرق ومناهج وتجارب الإفتاء المختلفة،
وقد تم ذلك عن طريق ابتداء صدور موسوعة «جمهرة أعلام المفتين»، والتي يتم من خلالها
إيراد نماذج المدارس الإفتائية المختلفة وبيان خصائصها، وبيان طرق الفتوى ومناهجها
في العصر الحديث، وعرض تجارب السادة العلماء والمفتين في مواجهة الوقائع والنوازل والمسائل
والقضايا، بما يخلق شخصية علمية إفتائية مطلعة تجمع خبرات السابقين وتحقق الإفادة منها
بما يمكن أن تستلهمه من تجاربهم.
وأوضح أن هذه الموسوعة
قد صدرت في ثلاثة مجلدات كمرحلة أولى، تضمنت تجارب أصحاب الفضيلة من الذين تولوا مسؤولية
دار الإفتاء المصرية بدءًا من فضيلة الشيخ حسونة النواوي الذي تولى الإفتاء عام
1895م، إلى فضيلة الدكتور شوقي علام الذي تولى مسؤولية الإفتاء عام 2013م. ويتبع هذه
المرحلة مراحل أخرى بحيث تتضمن الموسوعة تغطية أعلام المؤسسات الإفتائية في العالم
كله وعرض تجاربهم العلمية والعملية في مجال الإفتاء.
كما أكد نجم أن الأمانة
العامة بما تمثله من ثقل عالمي ملحوظ ستعمل على تفعيل كل نشاطات وتوصيات المؤتمر كبرامج
عمل وتدريب وتطوير وتجديد في كل ما يتعلق بقضايا الإفتاء المعاصرة، وهي بدأت عملها
في تنفيذ هذه البرامج.