كتب : أحمد سعيد
من منا لم يتابع الأعمال الأدبية الجميلة للأديب الكبير توفيق الحكيم من خلال رواياته وشخصياته ومقالاته التي أمتعتنا جميعا.
لكن المفاجأة المذهلة التي كشفها حوار نادر ننشره لأول مرة أن حديثه خلا من الكلام عن الروايات والشخصيات والنقد الأدبي ورحلاته إلي فرنسا أو آرائه السياسية أو حتي في الأفلام السينمائية وإنما تحدث في الطبيخ.. نعم الطبيخ وهو الشيء المذهل في الحوار حيث قال توفيق الحكيم:
أحرص دائما علي أن أخدم نفسي بنفسي، حيث أقوم بعمل الشاي بواسطة سخان كهربائي أضعه في غرفتي مرة في الصباح ومرة بعد العصر.
فعندما أستيقظ من نومي أرتب غرفة نومي وفراشي وكذلك مكتبي، أما الأكل فهو المشكلة بالنسبة لي، وعندما كنت في باريس انقطعت عني النقود ولم أجد سوي 5 فرنكات في جيبي فقررت أن يكفيني هذا المبلغ لآخر الشهر.
وتابع: فكرت ماذا أفعل وفي النهاية قررت أن أقوم بطهي الأرز ظناً منى أنه أسهل شيء فقمت بوضع المياه علي النار لكي تغلي ثم وضعت فيها الأرز، معتقداً أن الأرز قد تم طهيه والأمور انتهت، لكني وجدته حصي فتركته فترة ولكنه ظل كما هو وهكذا، حتي قررت في النهاية أن آكله بحصاه، وعندما سألت بعض الأصدقاء الذين يفهمون في الطبخ قالوا لي إن الأرز أصعب شيء وشرحوا لي كيفية طهيه لكنني فشلت رغم ذلك في عمله.
فقررت أن أسهل شيء بالنسبة لي هو عمل صينية البطاطس وقلت لنفسي أحضر البطاطس وأقطعها وأضعها في الفرن وهذا شيء سهل لكن ذلك فشل أيضا.
لذلك أنا أرفض فكرة أن المرأة لا تطبخ حتى بعد ظهور هدي شعراوي ودعواتها من أجل حرية المرأة وأن النساء لسن جواري يطبخن للرجال ويجب أن يعشن بحريتهن حياة مستقلة ويكون لهن دور في المجتمع ليس كدور الطباخة .
وذكر الكاتب الكبير خلافاً نشب بين أحد أصدقائه وزوجته بعد أن تغيبت عنهما الخادمة لدرجة كادت تنتهى بالطلاق بسبب أن الزوجة تجهل الوقوف فى المطبخ معتبرة الأمر تقليلاً من شأنها، حتى إن اضطرت الظروف لذلك وفى أضيق الحدود، فقدم الكاتب الكبير وقتها نصيحة لكل امرأة بأن تراعى المطبخ وليس ضروريا أن يكون «الأكل مسبك» ولكن ممكن تعملوا صينية بطاطس فهي أسهل حاجة ووجدت سيدات كثيرات يدعونني لعزومة علي صينية البطاطس وقلن لي لقد أجدناها وأنا لا أعرف في الحقيقية كيف أجدنها.. واعتقد أن الطبيخ فن مثله مثل الرواية لأن الرواية طبيخ أيضا فأنت تستحضر الشخصيات مثلما تحضر السمن والبصل والثوم.. والمقادير تكون مثل الرواية عبارة عن تناسب معين مثلما نضع مقادير الأخلاق في الرواية والحواديت التي بها.
وختم قائلاً: الحمدلله أنا بأطبخ شيء مختلف إنما لو الرواية «شاطت» مني فالنقاد والقراء هم من سيعانون من ذلك.