حلل مرصد
الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية الخطاب الإعلامي لتنظيم
القاعدة الإرهابي الذي يستهدف النشطاء الإرهابيين المتحدثين بالتركية، خلال العام،
كاشفًا عن أبرز مضامينه وأهدافه ورسائله، وبنيته الفكرية وعلاقات البينية.
أوضح المرصد
أن أبرز الملاحظات التي كشفها فريقا الرصد والتحليل التابعان للمرصد هي أن القاعدة
قد أعادت بناء نفسها بهدوء، في الوقت الذي كان يهيمن فيه تنظيم "داعش" على
عناوين الأخبار.
كما أوضح المرصد أن شبكة القاعدة على تطبيق "تيليجرام" تضم
قنوات بلغات مختلفة (منها العربية والإنجليزية والأُردية والألمانية) وهي بمثابة أبواق
إعلامية متعددة الوجوه للتنظيم المركزي (AQC) وقنواته الرسمية، وكذلك لأفرع التنظيم، مثل حركة الشباب
المجاهدين في الصومال أو جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في مالي.
وتابع المرصد
أن المنصة الرئيسية للتنظيم تسمى "المعرفة الدينية والحرب المقدسة" والمعروفة
اختصارًا بـــالتركية بـــــــ "İlim ve Cihad" وهي الموقع الذي يروج للعنف في سوريا كجزء مما
يسميه التنظيم "الجهاد العالمي".
توفر المنصة إلى جانب المحتوى الذي تنتجه
ترجمات للنصوص ومقاطع الفيديو العربية التي تم إنتاجها بواسطة رموز يحملون فكر القاعدة،
منهم: أبو محمد المقدسي وأبو قتادة الفلسطيني وغيرهما، وكذلك تقوم المنصة بترجمة أشرطة
فيديو للقيادة المركزية للقاعدة (AQC) وغيرها من الأفرع التابعة لتنظيم القاعدة مثل شبه الجزيرة
العربية (AQAP) والمغرب العربي (AQIM) إلى اللغة التركية.
وقال المرصد
إن هذا الموقع "المعرفة الدينية والحرب المقدسة" يدير حسابات مختلفة على
منصات وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيس بوك (مع 2100 إعجاب)، وتويتر (1570 متابعًا)،
وجوجل بلس (44 متابعًا)، وتم إغلاق القناة على يوتيوب بسبب انتهاك شروط الاستخدام،
و(64 متابعًا) على "Sound Cloud"، بالإضافة إلى (824 عضوًا) على
تطبيق ""Telegram الذي يتيح تبادل
الرسائل النصية في صيغة مشفرة على عكس المنصات الأخرى المذكورة أعلاه، ويحظى بشعبية
واسعة ويستخدمه أعضاء الجماعات الإرهابية في جميع أنحاء العالم.
وأشار المرصد
إلى أن من المواقع الأخرى المؤيدة لتنظيم القاعدة على الإنترنت مدونة "Tevhid Davası" أو "الجهاد في سبيل الله"
التي أطلقت في مايو 2018. وترتبط هذه المدونة بحساب معلق في تويتر وحساب فيسبوك يحتوي
على ما يقرب من 1189 إعجابًا. وتعبر المدونة صراحة عن إعجابها وتأييدها للخط الفكري
والحركي لزعماء القاعدة السابقين والحاليين مثل أسامة بن لادن، وأيمن الظواهري وأنور
العوالقي. وتقوم هذه المنصة كذلك بترجمة ونشر إنتاج الجناح الإعلامي للقاعدة للجماهير
الناطقة بالتركية.
وأضاف المرصد
أنه من بين المدونات الأخرى المرتبطة بالقاعدة، مدونة "جماعة الإخوان الأنصار"
والمعروفة بـ (Ensar Kardeş)، وترتبط تلك المدونة بجماعة
"أنصار الشريعة" الفرع اليمني للقاعدة، وأدارت المدونة لاحقًا حسابًا على
"جوجل بلس"، ومن خلالها يتم نشر دعوة لابن لادن لما أسماه "الجهاد العالمي"،
وكذلك محاضرات وخطب للقيادي السابق في تنظيم القاعدة "حارث النظاري" عرَّاب
(غزوة باريس). ويوضح حساب أنصار الشريعة أن جميع المنصات التركية المذكورة أعلاه متصلة
بعضها ببعض. ويشارك الحساب روابط مدونة "الجهاد في سبيل الله"، وكذلك موقع
"المعرفة الدينية والحرب المقدسة".
وبيَّنَ المرصد
أنه إلى جانب قنوات القاعدة الرسمية مثل "جبهة الإعلام الإسلامي العالمي (GIMF)، وقناتي "الكفاح"، المسئولة
عن ترجمة ونشر الدعاية باللغة الفرنسية، و"التمكين"، المسئولة عن ترجمة ونشر
الدعاية باللغة الإنجليزية، وكذلك "منبر التوحيد والجهاد"، الموقع الإلكتروني
الذي أنشأه "عصام محمد طاهر البرقاوي" (أبو محمد المقدسي)، المعدود أهم المراجع
الفكرية لأنصار القاعدة، فإن القاعدة مرتبطة بمجموعة من القنوات تحت أسماء مختلفة ولكنها
تتشارك في نفس المحتوى وتعمل بنفسها، تأتي هذه المواقع الجديدة لنشر خطاب القاعدة على
أكبر نطاق وبأكثر من لغة.
وشدد المرصد
على كون شبكة قنوات القاعدة على تطبيق "تيليجرام" تكشف جهود التنظيم للتأكيد
على وجوده في حقبة ما بعد "داعش" باستخدام الأداة الأكثر شعبية بين نشطاء
القاعدة وغيرهم من الجماعات الإرهابية، حيث تعمل قنوات "تيليجرام" على نشر
وتوزيع الدعاية بين أعضاء وأنصار التنظيم، وهي تشمل قنوات تديرها القاعدة بشكل مركزي
أو ترتبط بأفرع القاعدة مثل: حزب تركمانستان الإسلامي؛ طالبان في باكستان وأفغانستان؛
أنصار الإسلام والمسلمين (أنصار المسلمين والإسلام) المنضمين حديثًا تحت لواء القاعدة
في شمال غرب أفريقيا بقيادة "إياد أغ غالي" وغيرها من الأفرع.
وخلَص المرصد
في تحليله إلى أنه ابتداءً من عام 2013، كان خروج "القاعدة" من ساحة التأثير
العالمي أو مما تسميه "الجهاد العالمي" من أكثر التداعيات الظاهرة على صعود
"داعش" إلى ساحة التأثير في سوريا والعراق بل العالم، على الرغم من أن تلك
المنظمة كانت تُعرف في الأصل باسم "فرع القاعدة في العراق". ونتيجة لذلك،
تركز الاهتمام الأمني والسياسي والإعلامي والأكاديمي على داعش وأنشطتها على الإنترنت،
بينما لم تحظَ القاعدة باهتمام مماثل.
وحذَّر المرصد
من نمو نشاط القاعدة في الواقع الافتراضي، حيث يزيد التنظيم من أنشطته على الإنترنت
كجزء مما يسميه "جهاد الإعلام"، استعدادًا لليوم الذي ستلعب فيه مرة أخرى
دورًا مركزيًّا فيما تسميه "ساحة الجهاد العالمية"، حيث تعمل المنظمة على
تعزيز علاقاتها مع مختلف فروعها في آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط، والتي لا تزال تشكل
تهديدًا لبلدان أخرى في العالم العربي والإسلامي وما وراءه. ولهذا الغرض، تعد شبكة
الرسائل المشفرة في "تيليجرام" هي الوسيلة المفضلة للقاعدة.