أكد رئيس الوزراء اللبناني الأسبق نجيب ميقاتي، أن الدستور
حدد على سبيل الحصر أن يتم تشكيل الحكومات بالتنسيق بين رئيس الوزراء المكلف ورئيس
الجمهورية، وأنه لا يجوز أن تحدث تدخلات في هذه العملية أو أن يحاول أحد الأطراف فرض
رأيه على رئيس الوزراء المكلف.
وقال ميقاتي- في تصريح اليوم الجمعة- "أنا مع أحقية
كل طرف سياسي في المطالبة بالمشاركة في الحكومة، خصوصا إذا كانت حكومة وحدة وطنية،
إلا أنه لا يجوز أن يملي أحد شروطا على رئيس الوزراء المكلف، تحت شعار حصص وأسماء لهذا
الفريق أو ذاك، أو يحاول عرقلة تشكيل الحكومة، فيما الأوضاع الضاغطة على كل المستويات
لم تعد تسمح بترف المكابرة أو العناد".
وأشار إلى أن لبنان لا يواجه أزمة سواء في طبيعة الحكم أو
النظام السياسي، وإنما "نشهد محاولات للالتفاف على الدستور واتفاق الطائف، تحت
مسميات عدة، وأبرز هذه الشوائب هي ما تم إقراره من أعراف في اتفاق الدوحة الشهير عام
2008".. مشددا على وجوب العودة إلى اتفاق الطائف (وثيقة الوفاق الوطني) كونه يمثل
العلاج الثابت للمشكلات التي يعاني الجميع منها، وتحصين هذا الاتفاق باعتبار أنه يشكل
إطارا للحل العادل والصالح لحكم لبنان.
وكان الأمين العام لـ (حزب الله) حسن نصر الله، قد أعلن أن
الحزب لن يقدم أسماء مرشحيه لشغل الوزارات الثلاث المحددة له، ولن يسمح بتشكيل الحكومة،
إلا بعد أن يتمثل حلفاؤه عن الطائفة السُنّية من فريق 8 آذار السياسي، خصما من الحصة
الوزارية لتيار المستقبل (الممثل السياسي الأكبر للطائفة السُنّية في لبنان) الذي يتزعمه
رئيس الوزراء سعد الحريري، وهو الأمر الذي اعتبره عدد كبير من القوى السياسية بمثابة
استقواء بقوة السلاح من جانب الحزب على الدستور ومقدرات الدولة اللبنانية.
وأعلن سعد الحريري، ردا على نصر الله، رفضه المطلق لهذا الشرط
الذي وضعه حزب الله، وأنه لن يسمح بتحقيقه حتى وإن اقتضى الأمر اعتذاره عن عدم تشكيل
الحكومة، واصفا مجموعة النواب الستة السُنّة الذين يصر الحزب على توزير أحدهم، بأنهم
"حصان طروادة" وأنه جرى حشدهم في كتلة نيابية اصطُنعت مؤخرا بإيعاز من حزب
الله بقصد عرقلة تشكيل الحكومة.
من ناحية أخرى، أكد نجيب ميقاتي أن لبنان لا يواجه مشكلة
نقدية في ضوء السياسات والإجراءات التي يتبعها مصرف لبنان (البنك المركزي) والتي تحافظ
على الوضع، لافتا في ذات الوقت إلى أن المشكلة الحقيقية التي تعاني منها البلاد هي
بسبب الموازنة والعجز المتراكم فيها والسياسة المالية والإنفاق المالي غير المجدي.
ودعا ميقاتي جميع
السياسيين في لبنان إلى التعاون لوضع حد لهذه المشكلات المالية ووقف المصاريف غير المجدية
واعتماد المساءلة والمحاسبة الجديتين، مشيرا إلى أنه قبل التفكير باتخاذ إجراءات موجعة
بحق اللبنانيين ينبغي العمل على "ربط الأحزمة الداخلية ووقف مكامن الهدر لا سيما
في قطاع الكهرباء، واعتماد سياسة تقشف جدية، خاصة وأن الوقت لم يفت لمعالجة الوضع الاقتصادي".