كتب : محمد سعد
ظهرت بوادر فكرة المساواة بين المرأة والرجل ومناقشة حقوقها المهدرة في المجتمع ربما مع بدايات السينما المصرية ولكن لم تظهر بوضوح في أفلام بعينها إلا مع بزوغ الفكر الثوري في المجتمع المصري الذي ثار على الأوضاع الاجتماعية الخاطئة قبل ثورة يوليو على نظام الحكم المستبد فكانت الفترة قبل ثورة 1952 وماتلاها ذروة الأحداث الوطنية الساخنة التي ألهبت خيال المؤلفين للاهتمام بفكرة المساواة بين الرجل والمرأة والتأكيد على أهمية دور المرأة في المجتمع .
تجلى ذلك فى إنتاج السينما قبل ثورة يوليو 1952 والتركيز على فكرة كبح جماح المجتمع لتطلعات المرأة ورغبتها في المساواة بشكل أو بآخر تحت ذريعة احترام قيم وعادات وتقاليد المجتمع التي نشأت فيه حتى وإن كانت هذه العادات والتقاليد خاطئة وتقف حاجزا أمام تقدم المرأة علميا ومهنيا وحتى إذا سمح المجتمع للفتاة أن تتعلم مثلها مثل الرجل فإنه في النهاية يدفعها دفعا للتنازل عن طموحاتها المهنية من أجل الرجل «الزوج والأسرة».
ومن هذه الأفلام فيلم "الأفوكاتو مديحة" إنتاج عام 1950 بطولة يوسف وهبي ومديحة يسري، وناقش هذا الفيلم قضية حق المرأة فى العمل، والتحرر من العادات والتقاليد، من خلال شخصية "الأفوكاتو مديحة" التى تتنصل من مجتمعها وبيئتها، وتتعالى عليهم، وترى أنهم يرفضون التحضر والثقافة، وفي النهاية تخضع لمنظومة المجتمع.
على نفس الوتيرة سار فيلم "الأستاذة فاطمة" انتاج 1952 بطولة فاتن حمامة وكمال الشناوي،وتدور أحداث الفيلم حول فاطمة وعادل وهما جيران و تربطهما علاقة حب، وتخرجا في كلية الحقوق وفتح كل منهما مكتب محاماة. ولم توفق فاطمة في هذا المكتب لعدم ثقة الزبائن بها كامرأة حيث ينظر المجتمع لها نظرة دونية عن الرجل ، وهنا بني السيناريو على ترسيخ هذه الفكرة فعادل بالفعل كان متفوقا عليها حيث تسيطر فكرة الزواج عليها أكثر من عملها . وتدور الأحداث في إطار كوميدي بينهما إلا أن عادل يتورط في قضية قتل وتترافع عنه فاطمة وتربح القضية بذكاء شديد منها.
بنات حواء
وفى عام 1954 انتج فيلم "بنات حواء" تأليف أبو السعود الإبياري، إخراج نيازي مصطفى، بطولة محمد فوزي ومديحة يسري ، ونشاهد من خلاله الشاب وحيد وهو في طريقه للاشتراك في معرض بلوحته الجديدة، يصدم بسيارة ويصر على رسم صاحبتها السيدة المناضلة من أجل حقوق المرأة ورغم أنها فتاة تؤمن بضرورة المساواة وترأس جمعية مناهضة أصلا لفكرة الزواج لكنها في النهاية ترضخ لحكم القلب وتتزوج .
أنا حرة
في عام 1959 قدمت السينما فيلم «أنا حرة» إخراج صلاح أبو سيف، عن قصة لإحسان عبد القدوس، بطولة لبنى عبد العزيز وشكري سرحان، وتدور أحداثه حول فتاة نشأت في مجتمع ذكوري لا يعطي للمرأة حقها، ولكنها تتمرد على هذا الوضع، لتكتشف فى النهاية معنى الحرية الحقيقي عبر نشاطها الثوري.
الباب المفتوح
وفي عام 1963 قدم المخرج هنري بركات فيلم "الباب المفتوح" بطولة فاتن حمامة وصالح سليم ومحمود مرسي وحسن يوسف، وهو من أعظم أفلام السينما المصرية من خلال الفتاة الثورية والجانحة نحو المشاركة في التظاهرات التي تواجه الأب وقمعه بحثا عن حياة أفضل خارج تسلط الذكر .
الحقيقة العارية
فيلم "الحقيقة العارية" بطولة ماجدة وإيهاب نافع، ويدور حول مرشدة سياحية مضربة عن الزواج بسبب تجربة طلاق أمها، تذهب مع وفد سياحي لزيارة السد العالى وتؤجل السفر للولايات المتحدة، وهناك تلتقي بالمهندس أحمد (إيهاب نافع) بالصدفة بعد اقتراب وقوع حادث لها وتدخل أحمد في الوقت المناسب لإنقاذها، تتناقش آمال مع أحمد، لكنها تلبي في النهاية نداء العشق.
مراتي مدير عام
في عام 1966 استطاعت السينما المصرية تقديم فيلم يناصر قضية المساواة بشدة وهو فيلم "مراتى مدير عام" بطولة شادية وصلاح ذو الفقار وعادل إمام، إخراج فطين عبد الوهاب، وقد نجح هذا الفيلم في ترويض تشدد المجتمع تجاه تهميش المرأة وعدم قبول توليها المناصب القيادية، حيث يدور الفيلم حول الزوج الذى يعمل مهندسا بإحدى شركات المقاولات، وتصادف أن زوجته أصبحت مديرته في العمل ، وينبع من هذا العديد من المفارقات من زملائه في العمل، واختلاف طباع زوجته في التعامل معه في العمل عن المنزل، وفي مشهد النهاية الشهير نرى الزوجين يحاولان تسيير سيارتهما معا في إشارة واضحة أن المجتمع يحتاج لجهود كل من الرجل والمرأة معا .
أريد حلا
في عام 1975 ظهر للنور الفيلم الأكثر تأثيرا في مجال حقوق المرأة وهو رائعة سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، الذي حرك الكثير من المياه الراكدة في مجال قوانين الأحوال الشخصية الظالمة لحقوق المرأة، تدور قصته حول درية التي تقوم بدورها فاتن حمامة، التي تستحيل الحياة بينها وبين زوجها الدبلوماسي مدحت الذي يقوم بدوره الفنان رشدي أباظة فتطلب منه الطلاق ولكنه يرفض فتضطر للجوء إلى المحكمة (الشرعية) لرفع دعوى طلاق .. وتتعقد الأمور عندما يأتي الزوج بشهود زور يشهدون ضدها في جلسة سرية وتخسر قضيتها بعد مرور أكثر من أربع سنوات .
عفوا أيها القانون
وفي عام 1985 ناقشت المخرجة الجريئة إيناس الدغيدي قانون العقوبات، من خلال تقديمها فيلم "عفوا أيها القانون"، منتقدة القانون الذي يفرق في الحكم على الرجل والمرأة فيما يتعلق بقضايا الشرف.
ففي قضية مثل الزنا يصدر الحكم على المرأة بالسجن 15 عاما مع الشغل والنفاذ باعتبارها جناية، بينما يكون الحكم في نفس القضية على الرجل بالسجن شهرا واحدا مع إيقاف التنفيذ باعتبارها جنحة فقط، وتأتي هنا قضية الفيلم في مضمون المساواة بين الرجل والمرأة من حيث تحقيق العدل.
الفيلم بطولة فريد شوقى ومحمود عبد العزيز وليلى طاهر ونجلاء فتحي التى نجحت في تقديم دور هدى الزوجة المغلوب على أمرها، والتي جنى عليها القانون الذي لجأت إليه لتحتمي به بعد أن قامت بقتل الزوج الخائن بإطلاق الرصاص عليه، يحكم على هدى بالسجن 15 عاما، لأن القانون يفرق بين الرجل والمرأة فيما يتعلق بقضايا الشرف.
آسفة أرفض الطلاق
كان هذا الفيلم الذي تم انتاجه عام 1980 بمثابة صدمة للمجتمع الذي يقر الطلاق كحق أصيل للرجل دون إعطاء المرأة أي حق في رفضه، الفيلم تأليف وتمثيل نادية رشاد، إخراج إنعام محمد علي وبطولة ميرفت أمين وحسين فهمي وتدور أحداثه حول الزوجة الهادئة الطيبة التي تهب وقتها لزوجها وتربية ابنتها الوحيدة وتسعى بإخلاص لراحتها.
ولكن زوجها يفاجئها في العيد العاشر لزواجهما بأنه يريد الانفصال عنها وبهدوء. عندها لا تملك إلا أن ترفض هذا الطلاق بكل قوة وبعد أن تفيق من الصدمة لا تجد معها سوى والديها وصديقتها "هناء" (نادية رشاد ) أستاذة القانون التي أثارها الموقف الذي تقف فيه صديقتها، وبدأ الجدل في هذا الموضوع يثير اهتمامها بشكل كبير فتقيم دعوى قضائية لرفض الطلاق .
تيمور وشفيقة
وعودة لفكرة المساواة بين الرجل والمرأة في حق العمل والتفوق فيه تدور أحداث فيلم "تيمور وشفيقة" الذي انتج عام 2007 في إطار قصة حب قوية تنشأ بين ضابط الشرطة تيمور "أحمد السقا" وشفيقة "منى زكي"، التي تحصل على الدكتوراة وتصبح وزيرة للبيئة، ويعين تيمور حارسا لها، وتتوالى الأحداث وفي رحلة عمل خارج البلاد يتم اختطاف الوزيرة، ويسعى تيمور بكل الطرق لفك أسرها .