الجمعة 22 نوفمبر 2024

اقتصاد

"الباز" يروى تفاصيل مشروع التنمية.. ويؤكد: لا يجب أن يكون خارج الإطار الحكومى

  • 13-12-2018 | 16:58

طباعة
روى الدكتور فاروق الباز الخبير الدولى بعلوم الفضاء ومدير مركز الاستشعار عن بعد بجامعة بوسطن الأمريكية سابقا وعضو المجلس الاستشارى العلمى لرئيس الجمهورية، قصة مشروع ممر التنمية على مدار أكثر من 45 عاما، حيث ترجع بدايات دراسته للصحراء الغربية بالتصوير الفضائى إلى عام 1973 فى عهد الرئيس السادات، حيث كان يرغب فى تنفيذ مشروع تعمير الصحراء، وطلب منه دراسة الصحراء الغربية بالتصوير الفضائى.

وقال الباز خلال ندوة ألقاها في المركز المصري للدراسات الاقتصادية بعنوان: "الاستثمار في مستقبل مصر.. أفق تعمير الصحراء"، إنه كان يعمل فى مشروع الفضاء أبوللو عام 1972 وكان دوره تحليل الصور الفضائية للقمر لاختبار مكان هبوط المركبة الفضائية حتى لا تتعرض لمشكلات، ثم تولى العمل بمشروع فضائى آخر مع وكالة ناسا فى السنة التالية، وفى عام 1973 بدأ التفكير فى استخدام تقنية التصوير الفضائى للأرض لاكتشاف طبيعتها الجيولوجية، وهو نفس الوقت الذى كان يفكر فيه الرئيس السادات فى مشروع تعمير الصحراء لأنه كان مهموما بالزيادة السكانية. 

وعاد الباز إلى جامعته "عين شمس" ليتولى مع فريق بحثى من الجامعة دراسة الصحراء الغربية، بتمويل كامل من الولايات المتحدة حيث خصصت وكالة ناسا 250 ألف دولار سنويا للدراسات، وتم شراء المعدات والسيارات وبدأ العمل فى الصحراء الغربية.

وتابع: "ومن خلال 65 صورة فضائية للصحراء الغربية، تم كشف وجود حياة كاملة على نهر كبيربعمق 24 قدم، ووادى كبير الحجم بعرض 200 كيلومتر مربع، وواديان آخران عرض كل منهما 8 كم و12 كم، كما أن دلتا النيل الحالية كان يسبقها دلتا أخرى فى الصحراء الغربية ولكنها تحركت تزامنا مع حركة قارة أفريقيا بالكامل شمالا مبتعدة عن خط الاستواء، وهو ما يعود تاريخه لحوالي 1 – 6 مليون سنة، وفى تلك الفترة كان هناك أمطار غزيرة فى هذه المنطقة تكونت من خلالها مياه جوفية تكفى مصر لمائة عام بشرط الاستخدام الرشيد للمياه والزراعة بالطرق الحديثة، وهى مياه نظيفة باردة على بعد 75 – 300 متر.

وأشار إلى أنه لم يكن هناك إمكانية لنقل الحياة البشرية إلى الصحراء مرة أخرى لأن الإنسان المصرى بطبيعته يحب العيش بجوار نهر النيل منذ عصر الفراعنة، وإذا انتقل سيعود مرة أخرى إلى نفس المكان، لذا قاده التفكير فى مشروع ممر التنمية وهو ممر رئيسى بطول 1200 متر من شمال مصر إلى جنوبها، ويربطه ممرات فرعية عرضية بوادى النيل ويقوم على جانبيه تنمية متكاملة عمرانية وصناعية وزراعية وسياحية.

وتابع : وأثناء الدراسات تم اكتشاف منطقة فريدة عند سفح الفيوم الشمالى من أكثر مناطق العالم جفافا، يمكن عمل مجمعات للطاقة الشمسية عليها تكفى كهرباء مصر بأكملها، ودرسها خبراء ألمان وعرضوا إقامة مجمع طاقة على مساحة 50*50 كم تكفى إمداد مصر بالطاقة الكهربائية والتصدير إلى أوروبا ولكنها لم تنفذ، وقال الباز: "لدينا ثروات هائلة لا نفكر فيها أو ننظر لها".

وأشار الباز إلى وجود منطقة غرب كوم أمبوفى أسوان واسعة جدا، بها تكوين سمكه 5 أمتار من التربة النيلية كانت دلتا قديمة، تتسم بخصوبة هائلة جدا يمكن على الأقل نقل نصف مليون فدان منها بقشط طبقة سمكها 2 متر من التربة الخارجية الخصبة إلى مكان آخر وزراعته، ويتبقى بها طبقة خصبة سمكها 3 أمتار أخرى، ولكن لا يتم الاستفادة منها.

وقال العالم الكبير، إن المساحة العمرانية التى يوفرها ممر التنمية تقدر بحوالى 10.5 مليون فدان، جزء منها يمكن زراعته، بينما يمكن عمل مجتمعات صناعية وسياحية وغيرها.

وأضاف إن ممر التنمية شهد منذ طرح الفكرة فى الثمانينات وحتى الآن أكثر من جدوى اقتصادية للمشروع بدأتها مجموعة بيكتل العالمية، وقدرت التكلفة الاستثمارية لهذا المشروع فى ذلك الوقت بنحو 6 مليارات دولار تستغرق 10 سنوات على الأقل، وبعد ذلك خضع المشروع لدراسة جدوى أخرى فى عهد أحمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق لنحو 5 سنوات وتم تقدير التكلفة الاستثمارية الخاصة به بنحو 23 مليار دولار.

وقال الباز إن هناك اعتقادا سائدا بأنه ينتظر الحكومة لتنفيذه وهذا اعتقاد خاطئ، مؤكدا أن الحكومة لا تستطيع تنفيذ هذا المشروع، بل يحتاج إلى مؤسسة خاصة تعمل على تبنى هذا المشروع من الناحية المالية والإشراف حتى تستطيع إدارة الفكرة بالشكل المطلوب وتحقيق العائد منه على المدى الطويل، علما بأن المشروع سيحقق عوائد اقتصادية كبيرة جدا ولكن على المدى الطويل.

وأكد الباز أن مشروع ممر التنمية لا يجب أن يكون خارج الإطار الحكومى بشكل مطلق، بل يجب أن يوضع هذا الممر فى إطار برامج وخطط الحكومة المستقبلية الخاصة بالزراعة والصناعة والسياحة وكافة المجالات الاقتصادية الأخرى، على أن يتمتع فقط بالاستقلالية عن الحكومة من الناحية التنفيذية. 

    الاكثر قراءة