في الثاني والعشرين من ديسمبر من عام
1993 رحل عن عالمنا الممثل القدير صلاح ذو الفقار الذي أثرى السينما بروائع أدواره
وخفة ظله، وهو الذي ترك كلية البوليس ليتفرغ للعمل في السينما وترك حياة الجدية
والإلتزام إلى عالم الأضواء والشهرة .. في ذكرى رحيله نلقي الضوء على جوانب عديدة في
حياته.
التحق صلاح ذو الفقار في ريعان شبابه
بكلية البوليس وتخرج فيها ضابطاً، بدأ حياته العملية في مركز شبين الكوم لمدة أربعة
أشهر، ثم نقله حيدر باشا للعمل بمصلحة السجون لمدة عامين، ثم انتقل للعمل مدرساً
بكلية البوليس وظل بها حتى قدم استقالته عام 1957 ، واتسمت حياته في تلك الفترة
بالجدية والمثالية الشديدة، أما عن حبه للسينما فقد كان منذ دراسته في الكلية يحضر ثلاث حفلات من عروض الأفلام في يوم الخميس وحفلتين يومي الجمعة وهما يومي
أجازته من الكلية، وبهر صلاح ذو الفقار بذلك العالم الساحر وحرص على حفظ حوارات
الأفلام التي كان يراها.
لم يكن يعلم يوماً أنه سيخرج من إطار
عمله الجاد ليعمل في السينما، إلى أن جاءته أول فرصة للعمل بها على يد
شقيقه المخرج عز الدين ذو الفقار في فيلم "عيون سهرانة" مع شادية، ولم يكن صلاح
آنذاك واثقاً من أن قيادته في الداخلية سيسمحون له بالظهور في السينما، فقال لعز
الدين مداعباً : مفيش مانع .. هات لي إذن من وزير الداخلية وأنا اشتغل معاك ..
وبالفعل حصل عز الدين على تصريح من الوزير بأن يقوم صلاح ببطولة الفيلم عام 1955 ،
ومن الطريف أن صلاح كان في ذلك الوقت برتبة نقيب في الكلية ، أما في الفيلم فقد كان عليه أن
يقوم بدور ضابط بوليس برتبة ملازم ثان، أي أقل من رتبته في العمل.
استمر ذو الفقار في عمله مدرساً بكلية
البوليس، ولم ينس نصيحة قائد كليته بأن السينما سوف تغير مجرى حياته لو عمل بها،
وبعد عرض فيلم عيون سهرانة كانت فرصته الثانية في البطولة أيضاً في فيلم رد قلبي
الذي تم تصويره في عام 1956 ولم يطرح في دور العرض على الفور وهو الفيلم الذي اشتهر من خلاله
صلاح ذو الفقار، ثم ترقى إلى رتبة الرائد في الكلية .. إلى أن طاف بخاطره أن
يستقيل من سلك البوليس، وبالفعل قدم استقالته للوزير وقبلت بعد ثلاثة أيام في 27
يونيه 1957 ، وفي ذلك الوقت أنشأت منظمة التضامن لشعوب الدول الأفروآسيوية ليضمه
السكرتير العام للمنظمة يوسف السباعي
مديراً إدارياً بها بعد أربعة أشهر من استقالته من كلية البوليس، وعمل عامان
بالمنظمة حتى أبريل عام 1959.
أسس صلاح ذو الفقار شركة إنتاج عام
1958 مع شقيقه عز الدين وتولى الجانب الإداري بها وهو ما دعاه لترك عمله بالمنظمة،
وأنتجا في ذلك العام فيلم بين الأطلال وقام فيه صلاح بدور بديع، ثم فيلم الرجل
الثاني والرباط المقدس وجميلة بو حيرد واستمر في إدارة الشركة حتى عام 1962 وتم الانفصال
بينهما، وكان صلاح قد قام ببطولة ما يقرب من 50 فيلماً في تلك الفترة، وقد غير صلاح من أسلوب
عمله السينمائي وأدواره الطريفة ليقوم
بدور مختلف في فيلم أنتجه بنفسه وهو فيلم أغلى من حياتي عام 1963 ، وظل يعمل
بالسينما حتى أيامه الأخيرة، فقد شارك صلاح ذو الفقار في آخر أعماله وهو فيلم
الإرهابي مع عادل إمام ومديحة يسري ووافته المنية قبل أن يكمل دوره في الفيلم.