الأربعاء 27 نوفمبر 2024

وزير الثقافة من الأقصر عاصمة الثقافة العربية: رشيد مدينة للثقافة الإسلامية

  • 29-3-2017 | 12:34

طباعة

حوار أجرته: أمانى عبد الحميد

على مدار عام كامل يستطيع زائر مصر أن يستمتع بجمال مدينة طيبة القديمة ، معابدها على البر الشرقى ومقابر ملوكها العظام بوادى الملوك والملكات فى البر الغربى دونما أن يشعر بتأثير الحضارة العربية على ملامحها بالرغم من اختيارها عاصمة للثقافة العربية لعام ٢٠١٧. حالة من عدم التعاون كانت بادية على الاحتفال بين مختلف الجهات الحكومية: الثقافة والآثار والسياحة و الطيران و المحافظة، للإعلان عن بدء عام الثقافة العربية داخل الأقصر الأمر انحصر فى إقامة مسرح يتقدم الصرح الجنوبى لمعبد الكرنك شهد عدة حفلات لفرق الموسيقى العربية ورقصات للفنون الشعبية والتراثية. الوزارة كانت فى احتياج لتعاون كل قطاعات الدولة لكى تأخذ بيد تلك المدينة الأثرية عاصمة مصر القديمة بعدما ضربها الكساد فى مقتل أعقاب ثورة يناير ٢٠١١. كان لابد من توافر خطة شاملة بين مختلف الوزارات لاستثمار الحدث الثقافى العربى ووضع خطة متكاملة لتسيير حركة السياحة الثقافية العربية وإبراز ملامح الحضارة العربية داخل المدينة الفرعونية، بل إن كثيرا من الأقصريين العاملين فى السياحة كانت كلماتهم تفتقر إلى الأمل بعدما جف النبع على مدار الست سنوات العجاف ، صحيح أن أسرهم سعدت بحفلات الرقص والغناء إلا أن الجيوب والبيوت لاتزال خاوية وتبحث عن لقمة العيش العسيرة،فلماذا تم اختيار الأقصر عاصمة للثقافة العربية دون أن تسعى الدولة حثيثا لدعم وزارة الثقافة ، بالرغم من أن حلمى النمنم وزير الثقافة كان من الدبلوماسية أن يعترف بذلك فى حواره مع «المصور» إلا أن الوضع على أرض الواقع كان شديد الوضوح، واكتفى بأن الاختيار جاء لتحقيق التجلية التاريخية بين الثقافة العربية والإسلامية وبين الحضارة الفرعونية القديمة.

 

كيف تم اختيار الأقصر كعاصمة للثقافة العربية ؟

وقع الاختيار على الأقصر لكونها مدينة تمتلك بنية ثقافية جيدة تصلح لاستقبال فعاليات احتفالية كبيرة فى حجم عاصمة الثقافة العربية،بها قصر ثقافة الأقصر وهو موقع ضخم يحوى مسرحا وقاعة عرض للفنون التشكيلية،علاوة على قاعات لعقد ورش فنية داخلها ومكتبة، وتحوى بيتا للشعر قام بتأسيسه حاكم الشارقة ومكتبة مصر العامة حيث يتردد عليها أهالى البلد وتحوى جزءا كبيرا متخصصا فى علم المصريات حيث تستقبل طلبة كليات الآثار والفنون المتواجدين هنا،وبها أيضا قصر ثقافة «بهاء طاهر» وهو لا يقل عنه حيث يحوى قاعتين للندوات علاوة على أن مدخله يحوى مساحة كبيرة لذا قررنا إقامة معرض دائم للكتاب هناك يخدم الأقصر كلها لتقديم كل إصدارات وزارة الثقافة،حيث إننى من خلال زيارتى اكتشفت أن المعروض هى إصدارات وكتب هيئة قصور الثقافة فقط،

أين هم من إصدارات الهيئة العامة للكتاب والمركز القومى للترجمة؟

حقيقة ما يهمنى هو عرض كتب الهيئة العامة للكتاب ،لأننا نقوم بعرض وتسويق إصدارات لدور نشر خاصة وعربية وهو المطلوب توصيله إلى الأقصر أيضا،ويصبح متاحا إلى كل المواطنين أحدث الإصدارات والكتب من كل مكان،

هل تعتقد أن تلك البنية الثقافية تكفى لاختيارها عاصمة للثقافة العربية؟

أولا لم يكن هناك أية فرصة لاختيار مدينة أخرى خاصة وأن القاهرة ،من وجهة نظري، هى عاصمة دائمة للثقافة العربية تقدم على مدار العام الأنشطة الثقافية والفنية بلا توقف،تحوى مقر جامعة الدول العربية ،جامعة القاهرة،الأزهر ،المجلس الأعلى للثقافة ،مما يجعلها عاصمة دائمة للثقافة العربية،لكن الأقصر أصبحت تعانى وأهلها نتيجة تعرض حركة السياحة الأجنبية لضربة قاصمة فى أعقاب ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١،ومعروف أن أهلها يتعيشون على إيرادها،وهناك سبب آخر أن الأقصر تمتلك على أرضها معابد فرعونية تصلح لاستخدامها كمسرح ذى خلفية تاريخية رائعة نستعيض بها عن عدم وجود بنية ثقافية متكاملة،

الأهم من ذلك هو وضع حد للجدلية الفكرية المثارة يمكن منذ عشرينات القرن العشرين حول الثقافة العربية والإسلام وبين الحضارة الفرعونية القديمة،قطعنا شوطا طويلا فى هذا الجدل على اعتباره جدلا فكريا وثقافيا،لكن الآن أصبح هناك تيارات فى الشارع وجماعات إرهابية وأخرى متشددة قد وصلت آراؤهم خلال حكم الإخوان إلى المطالبة بهدم تمثال أبى الهول أو الهرم على اعتباره صنما،لذا بالاحتفال بالأقصر كعاصمة ثقافية فإننا نقدم مصالحة بين الثقافتين الإسلامية والفرعونية،ينبغى الوصول إلى حل مشترك بين الإسلام والحضارات القديمة كما حدث عندما دخل الإسلام عددا من الدول التى تحوى حضارات قديمة مثل سوريا والعراق وتونس ومصر،

هل تعتقد أن الاحتفال على مدار العام يحقق ما يسمى بالمصالحة التاريخية؟

أعتقد أنه يحقق نوعا من أنواع المصالحة التاريخية والثقافية،لابد أن نصل إلى صيغة من التعايش والتفاهم المشترك،نحن نعتز بالإسلام وبالعروبة وكذلك نعتز بتاريخنا الفرعونى القديم ولن نتنازل عنه،والتواصل مستمر والدليل وجود جامع سيدى أبى الحجاج فوق معبد الأقصر،وأعتقد أن ما نراه من تشدد هو أمر غير مبرر،بدليل أن الإسلام دخل مكة ولم يهدم الكعبة واكتفى بإخراج الأصنام منها ،كذلك عندما وصل عمرو بن العاص ودخل إلى مصر لم يمس الآثار المصرية القديمة بأية أذى،وبعض المتصوفة الكبار من بلاد المغرب كانوا ينصحون تلاميذهم بضرورة زيارة الأهرامات ليتأملوا عظمة الخالق،لم يروا أنها رجسا من عمل الشيطان،

من أين أتت تلك الجدلية التى تغذى حالة الصدام بين الإسلام والحضارة المصرية القديمة؟

أعتقد أنها بدأت كمشكلة سياسية مع مطلع القرن العشرين وتفاقمت حتى وقتنا هذا،لكن الظرف السياسى قد اختفى مع الوقت لذا لم نعد نرى هذا الجدل بشكل كامل اليوم،

لماذا لم تقدم وزارة الثقافة فعاليات جديدة تحمل ملامح الأقصر بدلا من الاكتفاء بنقل ما كانت تقدمه فى القاهرة ؟

قدمنا نفس الفعاليات لأن النشاط الثقافى أو الفنى لا يختلف كثيرا،العروض المسرحية ،النشاط الأوبرالى ،المعارض ،كلها أنشطة يمكن تقديمها فى أى مكان فى العالم،مع العلم أن القاهرة كعاصمة احتكرت النشاط الثقافى لنفسها لفترات طويلة،لكن عندما تقدم فرقة رضا عروضا لها أمام ساحة معبد الكرنك وحضور آلاف من أهالى الأقصر هذا هو المطلوب،علما بأن فكرة الاحتفال بمدينة كعاصمة ثقافية كان الغرض الأساسى من وراء إقامة جامعة الدول العربية له هو خروج النشاط الثقافى من العواصم الكبرى ليذهب إلى المدن والأقاليم البعيدة،

لماذا لم تسع الوزارة إلى خلق نشاط جديد إلى جانب الأنشطة الفنية الاعتيادية مثل نقل مهرجانات «سماع» و«الطبول التراثية» ،وغيرها ؟

لايزال الوقت مبكرا لأننا نتحدث عن نشاط متواصل على مدار عام حتى مارس ٢٠١٨ ،هناك أنشطة ثقافية كاملة خاصة بالأقصر ،تم الاتفاق على عودة مهرجان طيبة الأدبى مرة أخرى بعد توقف منذ ٢٠١١،للتركيز على الأنشطة الأدبية والثقافية الخاصة بالصعيد مع دعوة عدد من المشاركين من الدول العربية،

هل هناك تعاون حكومى بين الوزارات لصالح إنجاح الفعاليات وبالأخص محافظة الأقصر؟

هناك أطراف متعددة تتداخل مع وزارة الثقافة لتسيير الفعاليات الثقافية على سبيل المثال فإن بناء مسرح أمام معبد الكرنك كان لابد من موافقة وزارة الآثار،التعاقد مع الفنادق كان لابد من الرجوع إلى وزارة السياحة،

حتى الآن لا يوجد بالأقصر دور للسينما ،كيف ذلك وهى عاصمة للثقافة العربية؟

هذا صحيح ،لكن يجب ألا ننسى أن الأفراد هم بدأوا فى بناء دور السينما فى مصر،على سبيل المثال لو قلنا إن مصر لديها ٢٢٠ مدينة وأننا نحتاج إلى بناء دورين عرض سينمائى فى كل مدينة يعنى ٤٤٠ دارا للعرض السينمائي،لو حولنا تلك الأرقام إلى ميزانيات مالية فإن المبالغ المطلوبة ستكون ضخمة للغاية.

وتجربة صندوق التنمية الثقافية فى إعادة استغلال البيوت الأثرية مثل بيت الهراوى وبيت الست وسيلة ،بيت زينب خاتون وقبة الغورى وغيرها ،لماذا لم تتكرر تلك التجربة مع بيوت القرنة القديمة فى الأقصر؟

خلال زيارتى إلى قرية المعمارى حسن فتحى بالقرنة قررت المرور بقصر الثقافة الذى تملكه الوزارة داخل القرنة لكننى فوجئت بالمكان قد فقد السور الخارجى وتمت إزالة لافتة الاسم من فوق المدخل وإقامة قهوة بلدى داخله،اكتشفت أن الأمر تدهور مع زلزال ١٩٩٢ ولم يتعرض لأى مشروع للترميم أو التطوير،نحاول استعادته اليوم،

أما بالنسبة لتجربة البيوت الأثرية فعلينا أن نعلم أن بيوت القاهرة الأثرية هى بيوت كبيرة ذات مساحات تسمح بإقامة فعاليات داخلها أما بيوت القرنة فهى بيوت ذات مساحات صغيرة ،كما أن مبانى الأهالى قد تزاحمت حولها بشكل قد يعيق إقامة أية أنشطة داخلها،ونجد أنه خلال ثورة يناير هناك من اقتطع جزءا من بيت حسن فتحى وقام ببناء بيت على أرضه وأصبح الوضع قائما،وما تبقى على حاله هو المسجد فقط،

ماذا بعد الأقصر عاصمة الثقافة العربية ؟

أعتقد علينا أن نهتم بعدد من مدننا المصرية التى تمثل ملامح ثقافتنا المصرية على مر العصور لذا نسعى إلى ترشيح مدينة رشيد كعاصمة للثقافة الإسلامية على اعتبار أنها من أهم المدن التاريخية التى تمثل ملامح العمارة الإسلامية المميزة.

لو عدنا إلى وزارة الثقافة نفسها ،كيف تختار قيادات وزارتك ؟وهل حدث أنك أسأت الاختيار ؟

بالتأكيد حدث مرة على الأقل أننى أسأت الاختيار ،لكن دوما يكون فى ذهنى شروط بالنسبة للشخصية التى ستتولى الموقع القيادى داخل الوزارة،عندما أتقابل مع شخص ما أرجع للأجهزة المعنية فى الدولة ،وبعد الموافقة يتم توليها الموقع القيادي،لكن للأسف يتحول الموقع إلى مجرد سلطة،والبعض يكتشفون أن المسئولية صعبة ولم يعدون يقدرون عليها،

لماذا وقع اختيارك على د.أحمد عواض ليتولى صندوق التنمية الثقافية خلفا للدكتورة نفين الكيلاني؟

هناك خطة للوزارة تقضى بأن يقوم صندوق التنمية الثقافية بتكثيف أنشطته فى الصعيد والجنوب والنوبة والمناطق النائية،الأمر الذى يحتاج إلى مجهود كبير من رئيس الصندوق وأعتقد أن د.عواض أكثر قدرة على ذلك،وهو على صلة مباشرة بأهالى أسوان وهو ينتمى إلى إحدى قبائل النوبة أيضا، أما د.نفين الكيلانى هى قيادية تتمتع بكفاءة وأشهد بذلك ،لكن المرحلة الجديدة تتطلب البحث عن وجه جديد،

لماذا تراجعت عن القيادات النسائية بالرغم من حماستك واختيارك د.أمل الصبان للمجلس الأعلى للثقافة على سبيل المثال؟

أولا أنا مع تمكين المرأة تماما،لكن حتى ننجح فى التمكين والاستمرار فيه علينا أولا اختيار القيادة النسائية الصالحة والكفؤ ثم نقوم بتطبيق المعايير القانونية الصارمة حتى لاتكون عملية التمكين وكأنها مجرد مكافأة،أتمنى أن يأتى اليوم الذى تتولى فيه قيادة نسائية الهيئة العامة لقصور الثقافة،على أن تكون ملبية لشروط الموقع وليس لمجرد أنها سيدة،

الحديث عن الثقافة الجماهيرية ،لماذا تمثل دائما نقطة الضعف داخل وزارة الثقافة؟

أعتقد أن الثقافة الجماهيرية قد تعرضت لظلم كبير على مدار تاريخها،هناك نسبة كبيرة من بيوت الثقافة وقصورها ومواقعها تعمل بشكل جيد وتؤدى وظيفتها على أكمل وجه،وبنسبة كبيرة أيضا،هناك مشاكل من نوع آخر لاتخص الثقافة مثل توظيف عدد كبير من العاملين خلال العشرين عاما الماضية بشكل مثل عبئا كبيرا على عمل هيئة قصور الثقافة.

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة