الثلاثاء 28 مايو 2024

التجار رفعوا سعر الأردب.. والحكومة تحاول السيطرة الصوامع تستعد لاستقبال ٤,٥ مليون طن قمح

29-3-2017 | 12:58

تحقيق : بسمة أبو العزم 

عدسة: شرين شوقى

 

على قدم وساق.. تجرى الاستعدادات لموسم توريد القمح، وذلك لضمان التخزين دون أى مخالفات، فشبح «التوريد الوهمى» يطارد المسئولين، ما دفع وزارة التموين والتجارة الداخلية لاستنفار كامل طاقتها التخزينية بدخول صوامع المنحة الإماراتية الخدمة لأول مرة، وهو ما كان سببا فى زيادة المساحات التخزينية والتى وصلت إلى ٤ملايين و٢٥٠ ألف طن، إلى جانب تقليل معدلات الاستعانة بصوامع القطاع الخاص.

من جهتها أقرت الحكومة مبكرا نحو ٥١ إجراءً للرقابة على تداول الأقماح المحلية خلال موسم التوريد منعا لخلط القمح المحلى بالمستورد, ومن أهم الضوابط الفرز والاستلام بالصوامع المعدنية الحديثة والشون الأسمنتية أو الأسفلتية المطابقة لشروط التخزين, وعلى الجهات المسوقة استغلال السعات التخزينية لتحقق أعلى كفاءة للتشغيل.

ووفقا لتقارير وزارة التموين التجارة الداخلية فإن السعة التخزينية المتاحة تمثل ٣٤٢ مقرا تخزينيا مابين ١٤٥ شونة و١٠٥  هناجر , و١٠ بناكر إلى جانب ٤٠ صومعة تابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية و١٧ صومعة معدنية، إضافة إلى ٢٥ صومعة إماراتية، ليصل إجمالى الطاقة التخزينية إلى ٤ ملايين و٢٥٠ ألف طن, وبالتالى من المتوقع استعانة محدودة خلال الموسم الجارى بشون وصوامع القطاع الخاص خاصة بعد دخول الصوامع الإماراتية للخدمة فى الموسم الجديد .

رغم إصرار الحكومة على إنهاء موسم التوريد دون أية أزمات، وتوفير السعات التخزينية، إلا أنه فى مقابل هذا، تأتى تحركات التجار لتؤكد أن الأمور لن تكون على ما يرام، فعلى الرغم من اتجاه الحكومة لرفع سعر توريد الأردب ليسجل  ٥٥٥ جنيها بدرجة نظافة ٢٢,٥ بدلا من ٤٢٠ جنيها العام الماضى، إلا أن الفلاحين غير راضين عن السعر الجديد، نظرا لكونه أقل من السعر العالمى بعد تحرير سعر الصرف، وبالفعل هناك محاولات من التجار للتعاقد على القمح من الفلاحين بسعر أعلى من سعر الحكومة لتتكرر كارثة الأرز, ليصبح مصير رغيف العيش المدعم فى يد الفلاح، وهو وضع دافعا بتساؤل وحيد فى صدارة الأزمة.. وهو «هل يخذل الفلاح الدولة لصالح التجار أم يرضى بالزيادة التى تقدمها الحكومة له؟».. وفى جميع الأحوال ١٥ إبريل اليوم الحاسم لتحديد مدى قوة كل طرف - الحكومة أو التجار- فى جذب الفلاحين إليهم.

ولحين بدء موسم التوريد يجب معرفة مدى جاهزية الصوامع لاستقبال موسم القمح، فكانت لنا جولة بصومعة برقاش بالجيزة، وهى واحدة ضمن ٢٥ صومعة أقامتها دولة الإمارات على امتداد ١٧ محافظة بطاقة تخزينية تصل إلى ١,٥ مليون طن، ليكون الموسم الجديد الأول لها على مستوى التشغيل العملى .

من جهته قال المهندس محمد إسماعيل، مدير موقع صومعة برقاش: التجهيزات مستمرة لاستقبال القمح المحلى، وهناك نوعان من الاستعدادات أولا الفنية، وتتم يوميا متابعة صلاحيات المعدات، فقسم الصيانة يمر على المعدات لاختبارها بأحمال ومن دون كذلك تبخير الصوامع من الداخل منعا للإصابة بالحشرات, ثانيا استعداد المعمل بالمعدات والغرابيل والصلاحيات الفنية للميزان .

تضم الصومعة ١٢ خلية سعة الواحدة ٥ آلاف طن بإجمالى ٦٠ ألف طن وهى جاهزة لاستقبال أول موسم لها حيث إن هناك لجانا هندسية قامت بالمرور على جميع الصوامع لجرد المخازن وقطع الغيار ومعدات التبخير ومدى توافرها، وبالفعل تم التأكد من نظام الأمان خاصة ضد الحرائق فالصومعة مزودة بطفايات حريق حديثة بخلاف نظام المياه لإطفاء الحرائق، وجميعها جاهزة لحماية الأجهزة والقمح أيضا .

داخل غرفة تحيطها السرية التامة وكاميرات المراقبة التى ترصد من يدخل إليها، تجلس المهندسة لمياء فى غرفة التحكم؛ حيث أكدت أن تلك الغرفة الصغيرة هى المسئول الأساسى عن أمان الصومعة، وأكملت بقولها: تشغيل جميع المراحل يتم عن طريق الكنترول، فهناك لوحة تحكم يظهر عليها تحذير بالإضاءة حالة حدوث أى عطل فى الصومعة, أيضا هناك أنظمة مساعدة وشاشات لتحديد كميات القمح المتاحة بالصومعة بشكل دقيق, كذلك برامج درجات الحرارة فإذا ارتفعت عن ٤٠ درجة يتم تشغيل نظام التهوية لتقليل التلفيات ومنعا لتكاثر الحشرات  .

وأضافت: لتأكيد اهتمام الحكومة بنجاح موسم التوريد، فوجئنا بزيارة اللواء أسامة شمعة، نائب محافظ الجيزة لصومعة برقاش أثناء وجودنا بها، حيث أكد أن السعات التخزينية  بمحافظة الجيزة أكبر من إنتاجها وبالتالى ستستقبل أقماح المحافظات المجاورة لها, واستعدادا لموسم التوريد تجرى المحافظة جولات يومية على الصوامع والشون والهناجر والبناكر للتأكد من مدى جاهزيتها، والعمل على تذليل أية عواقب لمنع تكرار الكوارث التى شهدها الموسم العام الماضى.

صومعة برقاش واحدة ضمن ٣٤٢ مقرا مستعدا على مستوى الجمهورية، فكما قال  د .على المصيلحى وزير التموين والتجارة الداخلية» وزارة التموين مستعدة بقوة لموسم توريد القمح، وبالفعل هناك خريطة كاملة لجميع المحافظات والمراكز التخزينية بها والصوامع ومراكز التجميع بكل قرية، كما أن النقل من مركز التجميع إلى التخزين مسئولية الوزارة, ولضمان عدم التلاعب تم تحديد لجان الاستلام والتى تضم مندوب التموين والزراعة والرقابة على الصادرات والواردات والجهة المسوقة، وأخيرا أمين الشونة أو مدير الصومعة، ولأول مرة ستكون اللجان خاصة ولن تتحرك من الموقع طول الموسم التوريدى وبالتالى هناك وضوح فى تحديد المسئولية وعدم الهرجلة فى التوريد .

الوزير أوضح أيضا أنه «تمت دراسة بيانات وزارة الزراعة بشأن الكميات المتوقع حصادها، حيث تشير الإحصاءات أن المساحة المزروعة من القمح تتراوح بين ٢,٨ وثلاثة ملايين فدان، وبناءً على حساب السعات التخزينية فى كل محافظة، تبين أن المساحات التخزينية تكفى فى أغلب المحافظات لكن بعض المناطق سيتم نقل إنتاجها من محافظة لأخرى نظرا لزيادة الانتاجية بها فى حين توجد سعات تخزينية فارغة فى محافظات مجاورة؛ حيث تستهدف الوزارة استلام ما بين ٤ إلى ٤,٥ مليون طن قمح مخصص لها ١٦ مليار جنيه, فهى جزء من دعم رغيف العيش والمقرر له بالموازنة القادمة لسنة « ٢٠١٧ - ٢٠١٨ « نحو ٦٠ مليار جنيه .

كما كشف أن  الجهات المسوقة لصالح وزارة التموين تتمثل فى الشركة القابضة والعامة للصوامع والبنك الزراعى مسئول عن التعامل مع الجمعيات الزراعية والشركة القابضة للصناعات الغذائية, وبناء على ما حدث العام الماضى تأتى أولوية التخزين كالتالى بداية بالصوامع, تليها الهناجر المعدة بشكل جيد، ثم البناكر ورابعا الشون المسفلتة والمسورة, وبالطبع الشركة القابضة للصوامع الجهة الرئيسية أمامى لمحاسبتها عن أى مشكلة فهى المسئولة عن تأجير الصوامع من أى جهة أيا كانت تبعيتها سواء وزارة الزراعة والبنك الزراعى أم غيره إذا زادت السعة التخزينية عن المتاح, لكن حتى الآن المساحات التابعة للجهات المسوقة كافية، خاصة أن الصوامع التابعة لشركات المطاحن والمضارب ستتم الاستعانة بها نظرا لعدم استخدامها فى موسم توريد الأرز.  

فى ذات السياق قال حسين بودى، رئيس شعبة مطاحن ٨٢ باتحاد الصناعات: السعات التخزينية التى تمتلكها الجهات المسوقة التابعة لوزارة التموين لن تكفى وبالتالى سيتم اللجوء إلى الصوامع الخاصة، كما أننى أتوقع حدوث عجز بالسعة التخزينية  للجهات الحكومية بنحو مليون و٦٠٠ ألف طن، خاصة أن هناك كميات من القمح المستورد تلتهم جزءا من السعات التخزينية .

«بودى» فى سياق حديثه طالة الجهات المسوقة باستغلال السعات التخزينية لديها حتى آخر كيلو قمح، وإذا اضطرت للقطاع الخاص فمن الأولى الاستعانة بالصوامع التابعة لمطاحن ٨٢ وعددها ٢٣ صومعة وسعتها التخزينية مليون طن، على ألا تتجاوز الكميات المخزنة الحصة المتوقعة للمطحن طوال العام، كذلك التوريد للصوامع  التابعة لمضارب الأرز التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية كخيار أول قبل القطاع الخاص الاستثمارى، والذى تسببت الموسم الماضى فى معاناة شديدة للمطاحن بسبب وجود مشكلات فى مطابقة المواصفات والكميات الموردة, وتأكيدا لعدم التلاعب لا تريد المطاحن التسويق لنفسها بل الجهات المسوقة لها كامل الإدارة ومتابعة التخزين والتسليم للمطحن؛ لكن نطالب بتعديل فئة التخزين وزيادتها بدلا من ٥٠ جنيها إلى ١٢٥ جنيها مقابل تخزين الطن على مدار الموسم .

على صعيد آخر توقع نادر نور الدين، مستشار وزير التموين الأسبق عدم لجوء وزارة التموين لصوامع القطاع الخاص خاصة بعد تأكيدات وزير التموين والتجارة الداخلية أن السعات التخزينية المتاحة تكفى ٤,٢ مليون طن، ومن المنطقى عدم تجاوز هذا الرقم تحت أى ظرف, فأى توريد يزيد على ٣,٥ مليون طن يعد توريدا وهميا، لأن المساحة المزروعة لا تزيد على ٢,٧ مليون فدان .

«د.نادر» لم يخفِ قلقه من تكرار كارثة الأرز بعدم توريد الفلاحين للقمح إلى وزارة التموين وبيعه للتجار، وقال: بالفعل بدأ التجار فى التعاقد مع الفلاحين حاليا بسعر يتراوح بين ٦٠٠ إلى ٦٢٥ جنيها للأردب بدلا من السعر الذى حددته وزارة التموين وهو ٥٥٥ جنيها, فالتاجر هو الكسبان نظرا لارتفاع سعر القمح المستورد الدرجة الثانية عن المحلى الدرجة الأولى بنحو ٨٠٠ جنيه للطن، فبدلا من الاستيراد بتكاليف مرتفعة بخلاف تكاليف النقل البحرى والتفريغ سيلجأ القطاع الخاص بدلا من استيراد احتياجاته من القمح بما يعادل ٧ ملايين طن لإنتاج الخبز الفينو والمكرونة والحلويات سيتم استبدال الجزء الأكبر بالقمح المحلى، خاصة أنه لا يوجد توريد إجبارى للفلاحين، وبالتالى إذا استمرت عروض التجار فى الارتفاع فنحن مهددون بتكرار سيناريو الأرز، وستضطر الدولة وقتها لمطاردة التجار ومصادرة القمح المخزن لكنها لن تكون إجراءات قانونية .