الأحد 19 مايو 2024

هواجس ومخاوف حول قانون التأمين الصحى الجديد

29-3-2017 | 13:03

بقلم –  د. صفوت حاتم

بعد عودتى من رحلة الدراسة والتخصص والعمل فى فرنسا فى نهاية التسعينيات.. قادتنى قدماى لأحد المستشفيات الخاصة الكبرى فى مقابلة مع مدير هذا المستشفى.. وهو طبيب كبير.. فكان سؤاله الأول لي: لماذا عدت من الخارج؟؟!!

فأجبته بما تيسر لي.. آنذاك.. من أسباب.. ليس مهما ذكرها الآن .

فأجابنى الطبيب الكبير بحسم وخشونة أبوية : هل تعلم أنك عدت من مجتمع « منظّم « إلى مجتمع « غير منظّم «.. وأنك عدت من مجتمع « القادر وغير القادر « يجدان العلاج المناسب.. إلى مجتمع « القادر فقط « هو من يجد العلاج المناسب !!!

 صدمتنى المقولة.. فعقلى كان يرفضها.. وما تعلمته من دراسة الطب..كان يرفضها أيضا .

وراحت أيام.. وجاءت أيام.. ودخلت ساحة العمل الصحى فى مصر بأنواعه المختلفة.. مع الفقراء.. ومع الأغنياء .

وبعد مضى عشرين عاما على هذه  الواقعة مع الطبيب .. مازالت الجملة القصيرة التى تلفظ بها ، تدق بعنف فى رأسي.. وتشيع فى روحى يأسا قاتلا من أن يجد الفقراء « يوما العلاج المناسب الكريم .

 ففى الواقع العملي.. القادر ماديا فقط ، هو من ينجح فى إيجاد العلاج « المناسب « له.. ولأسرته !!

 وهكذا.. تحولت مع الوقت.. إلى جزء من “ العالم غير المنظم “  الذى  تحدث عنه صاحبنا .

وأدركت أن الجهود الفردية قد تنجح فى إنقاذ بضعة أفراد من مصيرهم البائس.. لكن هناك عشرات ومئات وآلاف وملايين يذهبون لمصيرهم المحتوم فى مجتمع صُنع من الفوضى والواسطة والمحسوبية والعشوائية، والجهود النبيلة التى تنجح أحيانا فى إنقاذ عشرات من البشر المحظوظين .

 نهايته !!

 قانون التأمين الصحى الجديد

 نأتى لموضوعنا.. وهو مشروع قانون التأمين الصحى الجديد .

 والواقع أن هذا القانون يراوح منذ نهاية التسعينيات فى أدراج الحكومات المتعاقبة ودهاليز البرلمانات.. التى تجد فى الفرقعات الإعلامية مادة للاهتمام أكثر من صحة المصريين .

 ونظام التأمين الصحي.. نظام أصدره الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بقرار جمهورى عام ١٩٦٤ .

 حيث كانت الخدمة الصحية تقدم.. آنذاك.. من خلال مستشفيات الدولة.. فى المدن والمراكز .. والوحدات الصحية الشاملة فى الريف .

 وكان قطاع الدولة مدعوما ببعض المستشفيات والمستوصفات الخيرية ذات المستوى المرتفع من حيث الخدمة والنظافة والترتيب : كمستشفى الجمعية الخيرية فى العجوزة.. ومستشفيات جمعية « المبرة «.. والمستشفى القبطي.. وغيرها من الخدمة الصحية التى كانت تقدمها هذه الجمعيات الخيرية من خلال تبرعات أهل الخير والهيئات الوقفية إسلامية ومسيحية .

 أما مستشفيات القطاع الخاص.. فقد كانت قليلة ويقوم عليها أطباء أجلاء من أساتذتنا فى كليات الطب القليلة آنذاك .

ولم يكن هدف هذه « المستشفيات الخاصة « والصغيرة نسبيا  تحقيق ربح فاحش الربح.. بل تقديم خدمة طبية متميزة « نسبيا « تستقطب أفراد الطبقة الوسطى والشرائح العليا فى المجتمع بأسعار مناسبة .

 حقبة “السداح مداح”

 وظل الحال « معقولا « دون شكوى صارخة حتى النصف الثانى من السبعينيات.. وظهور سياسة الانفتاح وظهور طبقة « القطط السمان « خلال فترة وجيزة من سياسة “ انفتاح السداح مداح « .

 وهكذا انتقل « السداح مداح « لكل شيء فى المجتمع : فى التعليم والصحة والإسكان والاستيراد والتصدير والصناعة والزراعة وتجريف الأراضى الزراعية .

 وبدأ التفاوت الطبقى والتمايز الاجتماعى يظهر فى المجتمع المصرى : بين الأغنياء بقيمهم وثقافتهم وسلوكهم ونمط حياتهم.. وبين الفقراء ببؤسهم « الأبدى “ .

 ولعبت « العشوائية « والفساد الإدارى فى دورها فى تصفية مؤسسات الدولة « شبه المنظمة “ .

 وكان طبيعيا.. والحال هكذا.. أن نسمع عن المستشفيات « الاستثمارية « مع بداية الثمانينيات .

 وخلال فترة قصيرة انتشرت المستشفيات الاستثمارية والمدارس والجامعات الخاصة.. وبدأ النزيف !!

 ففى ظل خدمة متميزة نسبيا  يقدمها القطاع الخاص فى التعليم والصحة والإسكان.. بدأ نزيف الكفاءات والكوادر من قطاع الدولة « شبه المجانى “ باتجاه القطاع « الاستثمارى “ !!

 وفى قطاع الصحة الذى تديره الدولة.. كان « النزيف « مدهشا من البيروقراطية المصرية التى تحولت لورم خبيث يستنزف بالفساد إمكانات الدولة من خلال العلاقة الشائنة بالقطاع الخاص فى مجال تعاقدات الدواء وخدمات الفحوصات مع مراكز الأشعة ومعامل التحاليل الشهيرة .

 وأصبح التأمين الصحي.. ومستشفيات الدولة.. ساحة « لجرجرة « المرضى باتجاه عيادات الأطباء والمستشفيات الخاصة .

 وأمام تدهور قطاع الدولة فى الصحة وشيوع اللامبالاة وعدم النظام.. بدأت كل جهة تبحث للعاملين بها عن حل يتناسب مع دخولهم.. فنشأت « مشاريع العلاج « فى النقابات والوزارات والبنوك وشركات القطاع العام.. من خلال مساهمات إضافية يدفعها العاملون واستقطاعات من صناديق العاملين بتلك الهيئات .

 وساعدت تلك « الصناديق « فى تحقيق تحسن بسيط فى الخدمة الطبية للطبقة الوسطى المصرية التى بدأت فى التدهور بسبب تفاقم التضخم وثبات المرتبات والأجور.. وتغير قيم وثقافة المجتمع.. فقد أصبح القطاع العام وخدماته لصيق « بالفقراء « و « الغلابة «.. وعنوانا على الإهمال واللامبالاة !!

التأمين الصحى فى الممارسة

 وخلال ثمانية عشر عاما.. هى فترة تواجدى فى التأمين الصحى المصري.. أستطيع أن أقول بكل اطمئنان.. أن هناك أمراضا تحتاج للعلاج فى القانون الجديد.. وأخشى أنه لا يتناولها المتحاورون.. فالجدل والانحيازات الأيديولوجية والمزايدات اللفظية لا تفيد ونحن نضع نظاما جديدا لتأمين صحة المصريين .

 إيجابيات التأمين الصحي

ورغم اللغط والمزايدات غير المسئولة  من البعض.. أستطيع أن أرصد لنظام التأمين الصحى الحالى الإيجابيات التالية :

١ - أن ما يقرب من ٤٦ مليون مواطن مازالوا يتمتعون بحد أدنى من العلاج المجاني.. وأغلبيتهم من أصحاب المعاشات والأرامل والمواليد وأطفال المدارس.. وبدون التأمين الصحى “ غير الناجز “ .. يمكن تصور مصير  بائس لهؤلاء .

 ٢ - أن هؤلاء الملايين من البشر  يحصلون على الدواء « المعقول «.. رغم الإمكانيات الضعيفة للتأمين الصحى .

 

ولنأخذ حالة أحد أرباب المعاشات مثلا.. حيث يبلغ معاشه ألف جنيه مثلا.. ولو تخيلنا أن هذا الشخص يحصل على دواء لمرض السكر.. ومرض الضغط .. ومرض القلب.. وأمراض الأعصاب.. وأمراض المفاصل.. وهى كلها أمراض مزمنة.. فيمكن أن نتخيل أن هذا المريض تصل تكلفة دوائه من التأمين الصحى من ألفين إلى ثلاثة آلاف جنيه.. شهريا للأمراض المزمنة فقط.. حيث لا يدخل فى تكلفة العلاج الأمراض الطارئة المؤقتة التى قد يعانى منها ولا تدخل فى “ التموين الشهرى “ الدائم من الأدوية .

٣ -أن هؤلاء الملايين من البشر.. يحصلون على خدمات علاجية باهظة الثمن كالفحوصات والأشعات التشخيصية  والجراحات الدقيقة والعادية فى معامل ومراكز التأمين الصحى أو فى مراكز خاصة متعاقدة مع التأمين الصحي.. وتقدم تلك الخدمات .

-٤ أن هؤلاء الملايين من البشر يحصلون على رعاية طبية يقدمها عدد كبير من الأطباء المتميزين من أطباء التأمين الصحى أو أطباء متميزين متعاقدين مع التأمين الصحى .

,أشهد أن كثيرا من زملائى من الأطباء والممرضات  يحكمهم الضمير والالتزام الأخلاقى والصبر فى التعامل مع هؤلاء المرضى.. ولا ينفى ذلك وجود فئة تتميز باللامبالاة والإهمال.. وهو ما سنعود إليه لاحقا .

 

سلبيات التأمين الصحى الحالي

١- محدودية مراكز ومنشآت التأمين الصحى .. مقارنة بالأعداد الرهيبة المترددة على هذه المنشآت والباحثة عن الخدمة . مما يؤدى للتكدس.. وسوء الخدمة.. وشيوع اللامبالاة والفساد والواسطة والمحسوبية .

٢- تدنى رواتب وأجور العاملين بمنشآت التأمين الصحى من عيادات ومستشفيات ومعامل.. مقارنة بنظرائهم فى القطاع الخاص . ويأتى التكدس  والسلوك الخشن من المواطنين أنفسهم ليجعل من هذه الخدمة سببا فى المشاحنات الدائمة وتوتر العاملين من أطباء وممرضات وكادر إداري.

٣ -سوء وفساد الإدارة.. فمع محدودية و قصور منشآت التأمين الصحى فى خدمات المعامل ومراكز الأشعة والفحوصات والمراكز الطبية شديدة التخصص.. نشأت الحاجة للتعاقد مع المراكز الخاصة.. وهو ما فتح المجال لمراكز ومعامل  شهيرة “ معينة “ فى الحصول على « قضمة كبيرة « من “ كعكة “ التأمين الصحى وأموال المنتفعين .

-٤ الاهتمام بالشكل دون المضمون : ففى السنوات العشر الأخيرة.. بدأت فى الظهور نزعة إقامة المبانى الفاخرة فى منشآت التأمين الصحى ووزارة الصحة.. حيث الواجهات الرخامية.. والأعمدة الفرعونية.. والحوائط من البورسلين الفاخر والتكييفات المستوردة.. بينما القصور واضح فى مجال الدواء والأجهزة الطبية  وعدم توافر عدد مناسب من الأخصائيين والاستشاريين وكادر التمريض اللازم لمواجهة هذه الأعداد الغفيرة . باختصار : بذخ هنا.. وتقتير هناك !!

وهذه الظاهرة لم أشاهدها فى بلاد غنية وتقدم أرفع مستوى صحى لمواطنيها كالسويد وفرنسا .. فالمبانى الطبية من مستشفيات وعيادات ومستوصفات لا يوجد بها هذا البذخ « الإنشائى “ . فهى مبان عادية.. نظيفة وبسيطة.. دون رخام وجرانيت وبورسلين وواجهات فرعونية أو زجاجية فخمة لا تتناسب مع مناخنا الحار .

٥- سوء استخدام المواطنين للخدمة المقدمة  « مجانيا «.. فالكثير من « المنتفعين « يعتبرون الحصول على الدواء هو « حق « لهم.. بغض النظر عن احتياجهم الحقيقى لهذا الدواء.. وقد يصل الأمر ببعضهم للتردد على عيادات التأمين الصحى والشكوى من أعراض غير حقيقية للحصول أدوية غير مجدية.. لمجرد الاعتقاد بالحق فى الحصول على الدواء كما « التموين المجانى “ من سكر وزيت وأرز !!

فالبنية الثقافية والذهنية لدى المواطنين تجعلهم يتعاملون مع المال العام وكأنه « غنيمة «.. من حقهم الاستيلاء عليها .

وقد ساعد على تدهور الوضع.. التدهور الحادث فى السلوك العام وشيوع الخشونة والبلطجة والصوت العالي.. وشيوع إحساس عام بعدم المساواة وانعدام العدالة الاجتماعية...وهكذا !!!

 قانون التأمين الصحى الجديد.. مخاوف جديدة !!

 وبحسب ما فهمنا من مشروع قانون التأمين الصحى الجديد.. أن فكرته تقوم.. أساساً.. على فصل الخدمة الصحية عن الإدارة.. من خلال قيام ثلاث هيئات مستقلة : هيئة للتأمين الصحي.. ومهمتها توفير وإدارة الموارد المالية للتأمين الصحى من اشتراكات المنتفعين من العاملين فى الدولة والقطاع الخاص والموارد الممنوحة من ميزانية وزارة الصحة .. بعد وضع قانون شامل لكل المصريين .

 والهيئة الثانية : مهمتها إدارة المنشآت الصحية التى ستنضم للهيئة الصحية : عيادات ومستشفيات ومستوصفات ومعامل ومراكز طبية . والتى سيتم التعاقد معها من هيئة التأمين الصحى .

 والهيئة الثالثة : ستكون مهمتها تحديد المواصفات القياسية المطلوبة فى المنشآت الصحية المتعاقدة مع التأمين الصحى . لتحسين الخدمة الصحية المقدمة واحترام المواصفات الواجب توافرها فى المنشآت  الصحية من حيث الكفاءة والنظام والنظافة .

 وتأتى مخاوفنا من الآتى :

-١ هل سيكون رفع الخدمة الصحية سيكون مواكبا فعليا لرفع الاشتراكات الخاصة بالتأمين الصحى أم سيكون رفع مستوى الخدمة هو « المبرر الشكلى “  لرفع الاشتراكات ؟؟

٢ -هل ستكون الموارد الجديدة كافية « لتغطية « الفئات الجديدة التى ستدخل ضمن التأمين الصحى كالزوجة والأولاد والأفراد الذين ليس لهم عمل أو لا يتمتعون بالمعاش أو الضمان الاجتماعى ؟؟

 المركزية.. واللامركزية

 ٣ -هل ستدخل كل المنشآت الطبية « المرخصة « من عيادات ومستشفيات ومعامل عامة وخاصة ضمن نظام التأمين الصحى الجديد.. كما هو الحال فى فرنسا مثلا.. أم سيخضع هذا لعمليات « انتقاء « من الهيئة التى تعتمد المواصفات.. وهل ستكون عملية « الانتقاء « مدخلا للفساد الإداري.. تنتهى لصالح الجبابرة فى قطاع الدواء وسلاسل الصيدليات الكبرى أو لصالح المستشفيات والمراكز الخاصة ؟؟

٤ -وماهو مصير المنشآت الطبية التى لم تحصل على «ترخيص المواصفات القياسية «.. هل ستظل فى العمل أم ستغلق أبوابها .. بعد تطبيق القانون الجديد ؟؟

 وماهو مصير المستشفيات الجامعية التابعة لجامعات الدولة أو الجامعات الخاصة ومستشفيات القوات المسلحة والهيئات الخاصة كقناة السويس والسكك الحديدية ومثيلتها.. وهل ستكون خاضعة للتقييم من هيئة الرعاية الطبية.. شأنها شأن باقى المستشفيات.. أم سيكون وضعا خاصا؟؟

٥ -هل سيساعد القانون الجديد على « تفتيت « المركزية فى عملية العلاج الصحى .. أم سيساعد على « اللامركزية «  من خلال فتح مراكز طبية صغيرة يقوم عليها أخصائيون شباب  فى الريف والأحياء الشعبية قريبين من مستهلك الخدمة.. سواء كانت عيادات فردية أو صيدليات صغيرة أو معامل ومراكز أشعة يقوم عليها أخصائيون شباب فى مختلف التخصصات.. كما هو الحال فى فرنسا .

 وفرنسا هى  البلد الذى يقول وزير الصحة أنه رأى وشاهد نظامها الصحي.. بل إنه أرسل وفدا  من وزارة الصحة لدراسة  نظام التأمين الصحى  الفرنسى  فى  الأسابيع الفائتة .

 بل سمعنا أن شركة فرنسية هى التى كُلفت بعمل الدراسة الإكتوارية لدوام موارد التأمين الصحي.. فهل استفادت الوزارة من خبرات الأطباء المصريين الذين تعلموا وعملوا فى نظام التأمين الصحى الفرنسى ويعلمون إيجابياته وسلبياته.. كما يعلمون إيجابيات وسلبيات التأمين الصحى المصري.. وهم الذين يعايشونه ويعرفون أوجه قصوره ويعرفون طبيعة المواطن المصرى ومنظومته الفكرية والسلوكية ؟؟

مستقبل صناديق العلاج الخاصة

 ٦-ما هو مصير « صناديق العلاج « الخاصة المتواجدة فى الوزارات والقطاع الخاص والبنوك والشركات والنقابات.. وهل ستتحول لصناديق تأمينية « تكميلية « للراغبين فى الحصول على خدمة طبية أكثر « تميزا»؟؟ وهو نفس ما نسأله عن شركات التأمين الصحى الخاصة المتواجدة حاليا ودورها فى المنظومة الصحية الجديدة ؟؟

وهل سيضطر المواطن للدفع مرتين للحصول على خدمة طبية « مناسبة «.. مرة من خلال رفع الاشتراكات الإجبارية للتأمين .. ومرة من خلال الدفع “ لصناديق العلاج “ الخاصة .

وهنا يجب أن أذكر : أن شركات التأمين الصحى “ التكميلى “.. المتواجدة بفاعلية فى العملية الصحية.. هى شركات تأمين خاصة.. تتحمل نسبة من العلاج تصل ل ٤٠٪ لبعض الأمراض.. ولبعض الخدمات الطبية التى لا يغطيها التأمين الصحى الأساسى .

ولكونها « اختيارية « فتتراوح مزاياها بحسب المستوى الاجتماعى للمنتفع .

فالمواطنون فى فرنسا لا يتمتعون بـالتأمين بنسبة مائة فى المائة إلا فى الأمراض المزمنة طويلة المدى وأمراض السرطانات المختلفة.. فيما عدا هذا لا يعوض التأمين الصحى الأساسى سوى ٦٠ أو ٥٠ ٪  .. وتقوم شركات التأمين الخاصة المعروفة بإسم “ MUTUELLE “ بباقى الخدمة الصحية من دواء وجراحات وفحوصات وإجازات مرضية.. دون إصابات العمل فهى تعوض مائة فى المائة .. ويحصل صاحبها على إجازات مرضية كاملة الأجر .

وهنا السؤال : ماهو مستقبل تلك الصناديق.. وهل سيكون هناك قانون ملحق بقانون التأمين الصحي.. يجعل من صناديق العلاج وشركات التأمين خاضعة للتنظيم والقانون ؟؟

 السعر الحقيقى للخدمة الصحية

 ٧ - كيف سيتم تقدير وتكلفة الخدمة الطبية مقارنة بتكلفتها الحقيقية.. فى ظل ارتفاع الأسعار والتضخم وأسعار العملة والاستيراد .

وهى إشكالية حقيقية.. فالتقدير السائد لأسعار الخدمة الطبية من استشارات طبية ومعامل وأشعة وفحوصات وجراحات مازال ينتمى لأعوام الثمانينيات.. أو للأسعار المقدمة من المؤسسة العلاجية فى عام ٢٠١٠ على أقصى تقدير . وهى أسعار تجاوزها الثمن.. كما تجاوز الزمن مرتبات وأجور الأطباء والممرضات العاملين فى التأمين الصحى .

 كلمة الختام

  فى ختام هذا المقال : أرجو أن يكون قانون التأمين الصحى الجديد.. خاضعا للحوار والنقاش فى كل وسائل الإعلام.. والهيئات والأشخاص المهتمين بالقضية الصحية.. والابتعاد عن المهاترات الأيديولوجية والسياسية .

ولقد اجتهدت من جانبى فى تقديم الأسئلة والإشكاليات.. بقدر ما لمستها من عملى  فى الخارج وعملى بالتأمين الصحى فى مصر .

 وهناك بالقطع من هم أقدر منى على طرح الإشكاليات الإدارية  من كوادر التأمين الصحى من مديرى العيادات والإداريين.. ويجب أن نسمع رأيهم فى القانون.. فهم المنوط بهم تقديم  الخدمة الطبية فى ظل ظروف تحمى كرامة الطرفين : المرضى والهيئة الطبية ..

 نتمنى أن يخرج قانون التأمين الصحى الجديد فى صورة قريبة من الكمال.. والله الموفق.