الخميس 21 نوفمبر 2024

حسن عماد مكاوى: الفقراء والطبقة الوسطى فى حالة «اصطفاف» وراء الرئيس ضد الخطر..!

  • 29-3-2017 | 13:12

طباعة

حوار: شريف البرامونى

عدسة: حسام عبدالمنعم

 

مصر أم الدنيا وقادرة على تحطيم الصعاب وتحقيق المستحيل شعارات يرفعها الجميع ويتحدث عنها الكثير سواء مسئولين أو شخصيات عامة، أو المواطن العادى فى طرقات المحروسة ولكن عندما تحول الشعار إلى طريقة عملية وعلمية لنهوض بالأوضاع مصر ام الدنيا يقف إمامك الكثير من التحديات والأزمات وخاصة فكرة المشاركة المجتمعية فى إعادة البناء فللأسف أو ربما يكون ميزة أن الفقراء فى مصر هم المهمومون الحقيقيون بالتنمية وسط غياب شبه تام لرجال الأعمال فما سبب ذلك ولماذا غاب عن الإعلام أجندة تحمل رسالة واضحة لدعوة الكبار

« المصور» تحاول البحث عن الإجابة من خلال حوارها مع عميد كلية الإعلام الأسبق الدكتور حسن عماد مكاوى

مصر فى مرحلة إعادة البناء على المستوى الاقتصادى والسياسى والاجتماعى ودعوة المواطنين للمشاركة هو العمود الفقرى لهذا الهدف، ولكن لماذا يتحمل الفقراء الجزء الأكبر من التضحيات فى تلك العملية؟

مصر دولة لها تركيبة ذات خصوصية شديدة على المستوى الاقتصادى والاجتماعى فبرغم أن رجال الأعمال أو الأغنياء استطاعوا تحقيق معدلات مرتفعة من التراكم الرأسمالى عبر العديد من المشروعات الاقتصادية خلال عقود من الزمن وبرغم أن المواطنين بشكل عام ساهموا فى تراكم تلك الثروات إلا أن الأوضاع الاقتصادية للمواطنين منقسمة بشكل كبير فهناك من يزيد غنى، وأيضا من يزداد فقراً. هذا الوضع كان من المتوقع أن يتم تغييره عقب ثورة ٣٠ يونيه وأن تظهر حالة جديدة بين أبناء الوطن الواحد تتمثل فى التلاحم من أجل مواجهة الإرهاب فى الداخل والخارج إلى جانب دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى، التى تتمثل غايتها فى الاصطفاف الوطنى، وكان يجب أن يكون رجال الأعمال فى بداية الصفوف بعدد من الإجراءات أولها التوسع فى المشروعات كثيفة العمالة من أجل مواجهة البطالة، وللأسف الشديد فإن عدداً قليلاً من رجال الأعمال استجاب، ولكن المفارقة الأهم هى استجابة قطاع عريض من المواطنين لتلك الدعوة وآخرها ما قامت به السيدة «سبيلة» من محافظة الدقهلية، التى تبرعت بكل ممتلكاتها لصندوق «تحيا مصر»، التى بلغت ٢٥٠ ألف جنيه فيمكن لنا أن نقول: «إن الفقير الذى يحتاج من يدعمه هو الذى يدعم الدولة ويشارك فى إعادة البناء، أما الأغنياء فالغالبية فلديهم عزوف عن المشاركة».

للإعلام دور مهم فى حث المواطنين على المشاركة فى إعادة البناء خاصة على المستوى الاقتصادى وهذا أمر معمول به فى الكثير من البلدان لأن الوضع فى مصر مختلف فدعوة رجال الأعمال للمشاركة دائماً مرتبطة بالنواحى الدينية فلماذا؟

الإعلام فى مصر يمر بالعديد من المشكلات، فهناك الإعلام الرسمى أو القومى، الذى يعانى من أزمات مالية طاحنة وتضخم فى حجم العمالة إلى جانب ترهل الإدارة، وهو الأمر الذى ينعكس على مستوى المحتوى الإعلامى المقدم للمواطنين، ومن بينها طبيعة تناول الإعلام لمفاهيم المشاركة وطبيعتها، وهناك أيضا الإعلام الخاص، الذى يسيطر عليه رجال الأعمال، الذى يحمل توجهًا خاصة يؤثر على السياسة التحريرية، هذا التوجه ينطوى بالأساس على دعم المصالح الشخصية المباشرة لرجال الأعمال وبالتالى ينعكس بشكل أساسى على طبيعة تناوله للقضايا المختلفة ولكن نحن الآن بصدد صدور القوانين والإجراءات الجديدة والمتمثلة فى الهيئات الإعلامية، التى تم إقرارها، التى من بينها أنه أصبح على كل وسائل الإعلام الإعلان عن سياستها التحريرية ومصادر تمويلها وبالتالى سيكون المواطن على خلفية واضحة بطبيعة السياسات المختلفة لوسائل الإعلام وتوجهاتها وهو أمر غاية فى الأهمية، وسوف يسهم بشكل كبير فى تكوين رؤية واضحة عن ماهية وسائل الإعلام الخاصة المختلفة فى ظل العدد الكبير الموجود على الساحة الإعلامية والأعداد التى سوف تنضم حديثًا، خاصة أنه فى ظل القانون الجديد سيكون إصدار وسائل الإعلام بالإخطار.

لماذا يشارك الفقراء المصريون فى إعادة البناء الاقتصادى للدولة.. هل يعد ذلك توجها من الدولة أو هو الاختيار الحر للمواطن؟

الشعب المصرى له جذور ممتدة عبر تاريخ طويل وهى أحد مميزات هذا الشعب، فالتاريخ الطويل للشعب المصرى جعله يستشعر الخطر ويصطف من أجل مواجهته عبر العصور، وهذا هو الدافع الكبير لمشاركة الفقراء فى إعادة البناء الاقتصادى للدولة بشكل أو بآخر، ولكن المشكلة تكمن فى ضعف مشاركة رجال الأعمال وليس انعدامها، وهناك أيضاً بعض رجال الأعمال الانتهازيين الذين استفادوا ولم يقدموا شياءً لهذا الوطن، وأنا ضد أن تفرض الدولة عددا من الإجراءات، التى يمكن أن تأخذ شكلا إجباريا على المشاركة فهو أمر مرفوض، فيجب أن تكون المشاركة طواعية فهناك بعض تجارب لدول التى فرضت على رجال الأعمال بعض الإجراءات من أجل المشاركة مثلما حدث فى روسيا خلال حكم الرئيس الروسى فلادمير بوتين الذى أصدر عددا من الإجراءات، التى أجبرت رجال الأعمال على المشاركة فى إعادة البناء الاقتصادى لروسيا مثل الإجراءات، التى كان معمولا بها خلال فترة روسيا الاتحادية.

هل يمكن لنا أن نقدم وصفة أو روشتة إعلامية تنطوى على مفاهيم للمشاركة مرتبطة بإعادة البناء لاقتصادى للدولة؟

نحن فى حاجة إلى إعداد برامج إعلامية واضحة ترفع من شأن الحسى الوطنى والانتماء لهذا البلد بشكل كبير فى كافة وسائل الإعلام المختلفة المرئية والمسموعة والمكتوبة، وأن تعتمد بالأساس على إعادة إحياء النزعة الوطنية والارتباط بالوطن، وأن تقدم تصورا واضحا على المردود الإيجابى للمشاركة، وأن يتم التأكيد على أن المشاركة فى إعادة التنمية والإصلاح الاقتصادى هو زيادة ومكسب مباشر لكل رجال الأعمال، فتحسين أوضاع الاقتصاد سينعكس على سعر الصرف، وبالتالى الرفع من قيمة الجنيه المصرى، وسوف يزيد من معدلات الدخل وبالتالى إنعاش الأسواق إلى جانب أنه سيسهم فى الاستقرار الأمنى للدولة، فالدولة التى تمتلك اقتصادا قويا لديها استقرار سياسى وأمنى واجتماعى وكل تلك الأسباب هى عبارة عن مكاسب مباشرة وغير مباشرة لرجال الأعمال، وهنا يجب أن نشير إلى أن الأوضاع الآن تختلف عن الماضى خاصة فى مسألة النزعة الوطنية، فهناك انفتاح على العالم وعولمة ولعديد من وسائل الإعلام المختلفة، التى تقدم أيضا العديد من الأفكار والتوجهات، التى تحمل مفاهيم متعددة تجعل مسألة أن يهتم الإعلام بإنعاش الحس الوطنى أمرا فى غاية الأهمية من أجل مواجهة التحديات الخارجية.

هل مصر فى حاجة إلى رفع شعار وطنى موحد؟

لا.. الأمر لا يحتاج إلى شعارات بل إلى إستراتيجية واضحة فى كل المجالات، إستراتجية تؤكد وترسخ فكرة التعددية السياسية والديمقراطية واستراتجية واضحة تحدد التوجه الاقتصادى للدولة هى هى ضمن منظومة الاقتصاد والسوق الحر أم هى تنتمى إلى مفاهيم الاقتصاد الموجه، ويعقب ذلك وضع إطار زمنى محدد على مراحل من أجل إنجاز المهام والإجراءات، التى تسهم فى تحقيق الإستراتجية دعنى أقول بصراحة إننى اطلعت على إستراتيجية مصر ٢٠٢٠_٢٠٣٠ وللأسف الشديد لم أخرج منها بأى إستراتيجية واضحة يمكن وضع معايير وسقف زمنى لتحقيقها فهى تنطوى على العديد من الشعارات الرنانة دون وضح الآليات تنفيذية حقيقية أو تقييمية هذا التوجه، وهذا وضع يسهم فى حالة التخبط للأسف الشديد، ولكى نكون منصفين فإنه حالة الارتباك أمر طبيعى تمر بها الدول بعد تحولات سياسية كبيرة مرتبطة بالثورات، لكن هناك أيضًا إرث من المفاهيم لابد من تغييره مثل الكسب السريع لابد من إنهاء تلك الحالة وإعادة صياغة الاقتصاد، فالجزء الأكبر من الاقتصاد فى مصر ينتمى إلى القطاع غير رسمى، وهو أمر يسهم بشكل عكسى فى التنمية الاقتصادية، أضف إلى ذلك المفاهيم التى تسهم فى كسل الشباب وعزوفهم عن العمل والبحث عن مساندة الدولة أو رجال الأعمال لهم ففى الواقع المصرى شاهدنا نصف مليون سورى استطاعوا خلق مشروعات ناجحة فى مصر دون مساعدة أحد، وهذا دليل على أن مصر بها فرص عمل، ولكن ليس هناك من يبحث عنها أو يجتهد من أجل الوصول إليها كذلك العادات والتقاليد المرتبطة بطبيعة العمل والوضع الاجتماعى للمواطن وغيرها من الأشكال، التى تكون حائلا بين التوجه نحو تحرر الفرد واختياره لنوعية أعمال مختلفة.

لماذا أصبح الشباب فى مصر مصابين بالكسل؟

هناك العديد من الأسباب التى دفعت الشباب إلى حالة الكسل ومنها انهيار التعليم، الذى أصابه البلادة والتلقين وغابت عنه كل الأفكار الإبداعية والإنتاجية، فالتعليم النمطى يخلق مواطنا نمطيا فقيرا إلى الإبداع والتطوير، أضف إلى ذلك انهيار بعض القيم الاجتماعية المصرية الأصيلة، والتوجه نحو الأفكار الذاتية والفردية وغياب روح الجماعة وغياب روح التفانى والإخلاص فى العمل، فنحن فى حاجة إلى العديد من البرامج سواء على مستوى التعليم أو على مستوى الثقافة الاجتماعية، تعيد مرة أخرى فكرة التفانى والإبداع وربط المصلحة الشخصية بالمصلحة العامة، تأكيد أن النجاح الذاتى مرتبط بالنجاح فى المجتمع بمعنى أنه إذا كانت هناك رغبة فى النجاح على المستوى الفردى، فالأمر مرتبط بمساهمة الفرد فى نجاح مجتمعه بشكل عام.. ملخص الأمر أننا نحتاج إلى إرادة سياسية واجتماعية مكتملة ومجتمعة من أجل النهوض بالأوضاع بشكل عام فى مصر سواء على مستوى التعليم أو الإعلام أو الاقتصاد أو غيرها، فيجب أن نختار للمناصب القيادة من يستحق ويحمل أفكار التطوير وطبيعته وكيفية صنعه، ببساطة أن يكون هناك برامج فى كل المجالات واضحة ومحددة، فاللأسف الشديد هناك غياب للرؤية والبرامج وعزوف من جانب من لديهم تلك الخبرة عن المشاركة لأنهم ينتظرون من يدعوهم، ولن يدعوهم أحد لأنه يجب أولا أن يكون هناك توجه عام، وبالتالى نختار من يستطيع تحقيق وإنجاز هذا التوجه.

    الاكثر قراءة