الجمعة 27 سبتمبر 2024

(واشنطن بوست): تنصيب بولسونارو يدفع البرازيل بشدة صوب اليمين

2-1-2019 | 15:45

ذكرت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية اليوم الأربعاء أن رئيس البرازيل الجديد جايير بولسونارو -العسكري السابق الذي تعهد باتخاذ إجراءات جذرية لكبح معدلات الجريمة والفساد المستشري- أدى اليمين أمس، ليستهل أشد تحول للدولة صوب اليمين منذ عودتها إلى الحكم الديمقراطي قبل ثلاثة عقود.

وقالت الصحيفة إن بولسونارو (63 عاما) أصبح أحدث سياسي يصل إلى الرئاسة في العالم بركوب موجة الانتفاضات الشعبوية ضد الطبقات الحاكمة، وتعهد بولسونارو بأن يمضي بأكبر دولة في أمريكا الجنوبية في اتجاه جديد يتبنى منهج القبضة الحديدية للتعامل مع الجريمة، ودفع عجلة التنمية في منطقة غابات الأمازون المطيرة الحساسة بيئيا، كما تعهد -وهو من أشد المعجبين بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب- بأن ينأى بالبرازيل بعيدا عن السياسة الخارجية يسارية الميل.

وقال بولسونارو - بعد أداء اليمين - "أدعو الكونجرس للانضمام إلى في مهمة استعادة وبناء الوطن وتحريره من الفساد والجريمة والفوضى الاقتصادية والفخاخ الأيديولوجية".

وأضافت الصحيفة أنه مع تنصيب بولسونارو، بات الآن أكبر اقتصادين في أمريكا اللاتينية في يد الشعبويين المناهضين للمؤسسات، إذ تم تنصيب أندريه أوبرادور -وهو يساري- رسميا رئيسا للمكسيك في أول ديسمبر الماضي، لكن الفارق بين الاثنين هو أن رئيس المكسيك صنع لنفسه سمعة كرجل براجماتي عندما كان عمدة للعاصمة مكسيكو سيتي؛ بيد أن رئيس البرازيل الجديد يبدو زعيما يصعب التنبؤ بما سيفعله.

ووصفت الصحيفة بولسونارو بأنه مؤيد قوي للنظام العسكري الذي حكم البرازيل في الفترة من عام 1964 وحتى عام 1985، وهو أشد يميني محافظ يصل إلى السلطة في المنطقة لعقود، كما أن نائبه ووزراء كثيرين في حكومته ضباط سابقون في الجيش، ووجه كثير من النواب الداعمين له التحية أمس الثلاثاء بأن أشاروا له بأصابعهم على شكل مسدس.

وأشارت الصحيفة إلى تشديد الرئيس البرازيلي الجديد - أمس - على التزامه بالحكم الديمقراطي؛ ففي خطابه في الكونجرس (البرلمان)، تعهد بخفض الإجراءات البيروقراطية ودعم سياسة اقتصاد السوق الحر، وألمح إلى أنه سيحاول تخفيف قوانين حمل السلاح، قائلا إن المواطن الجيد يستحق أن يمنح حق الدفاع عن نفسه.

ولفتت (واشنطن بوست) إلى أن هناك مهمة أكثر صعوبة وهي دفع الاقتصاد البرازيلي الخامل، إذ يقول محللون إن هذا الأمر سيتطلب إجراءات تقشف واسعة، وسيتعين على بولسونارو لتحقيق ذلك أن يقرب بين نحو 36 حزبا سياسيا برازيليا.

وقال ماوريسيو سانتورو أستاذ العلوم السياسية في جامعة ريو دي جانيرو إن حكومة بولسونارو ستقيّم بناء على معالجة الاقتصاد والفساد، وهي أمور تستغرق وقتا لمعالجتها، ولكن بوسعه التعامل مع المشكلة الأمنية بشكل سريع، وهذا سيعطي ناخبيه انطباعا أن الأمور تغيرت.

وأشار بولسونارو - خلال حملته الانتخابية - إلى أنه قد يفوض ضباط الشرطة بالقتل خلال أداء مهام عملهم، وهو ما يحميهم من الملاحقة القضائية، وبينما تتطلب هذه الخطوة تعديلات جوهرية للقانون البرازيلي، يخشى كثيرون من أن تفاقم هذه المسألة يعد مشكلة شديدة الخطورة، وهي وحشية الشرطة.

ولفت (واشنطن بوست) إلى أن عشرات الآلاف تجمعوا في ساحة براسا دوس تريس بوديريس الواسعة التي تشبه منتزه الناشونال مول في واشنطن، وذلك للاستماع إلى كلمة بولسونارو إلى الشعب بعد ظهر أمس، وأطلقت الحكومة حملة أمنية واسعة، ونشرت 3 آلاف من ضابط الشرطة ورجال الإطفاء والجنود، خاصة أن بولسونارو تعرض خلال حملته الانتخابية لطعنة من مهاجم، والآن يجلس بولسونارو على كرسي الحكم، بينما تعاني بلاده من استقطاب شديد.

وألمحت الصحيفة إلى أن الكثير من البرازيليين يعارضون بولسونارو - كذلك - على خلفية تاريخه المليء بتصريحات تحريضية، إذ أنه أهان النساء والأقليات، إذ قال بولسونارو أمس - في كلمته أمام الكونجرس - إنه يتعهد ببناء مجتمع لا تفرقة فيه أو تمييز، ولكن في كلمته للشعب في وقت لاحق من نفس اليوم قال إن عصر "الكياسة السياسية" قد انتهى.

وحمل بولسونارو علما برازيليا وهلل مع الحشود قائلا: "علمنا لن يكون أحمر أبدا"، في إشارة إلى الشيوعية.

وقاطع حزب العمال البرازيلي -الذي يقبع زعيمه رئيس البرازيل السابق لولا دا سيلفا في السجن- مراسم تنصيب بولسونارو، ويعد لولا دا سيلفا -المُدان في قضايا فساد- محبوبًا من اليسار العالمي لسياساته التقدمية، وتعرض حزبه لهزيمة قاسية في انتخابات أكتوبر، إذ يلقي كثير من المواطنين اللوم عليه في الركود الاقتصادي المدمر الذي بدأت البرازيل التعافي منه الآن.

وعلى صعيد السياسة الخارجية، أشار بولسونارو إلى أنه يخطط لتغييرات كبيرة، وأنه قد يسير على خطى ترامب في بعض القضايا، إذ هدد على سبيل المثال بالانسحاب من اتفاق باريس للمناخ، وأن ينقل السفارة البرازيلية في إسرائيل إلى القدس من تل أبيب.

وحضر مراسم تنصيب بولسونارو، وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو.