الخميس 13 يونيو 2024

أطالب الرئيس السيسى بمنح العندليب قلادة النيل محمد شبانة: حليم هو الفنان الوحيد الذى كتب تاريخ وطنه بصوته

29-3-2017 | 14:25

حوار: هشام الشريف

 

كتبت عنه صفحات وصفحات فى الجرائد والمجلات، بالإضافة إلى عشرات الكتب التى تتحدث عن حياته وقيمته الفنية، وعلى الرغم من مرور ٤٠ عاما على رحيله، إلا أنه مازال باقياً حتى يومنا هذا، نسمعه بنفس الشغف الذى يحملنا إليه إحساسه الطاغى بالأغنية التى يغنيها، بعد أن يختار كلماتها وألحانها لتصبح قطعة منه.

إنه العندليب الأسمر ، عبد الحليم حافظ، وفى ذكراه الأربعين ، تلتقى «المصور» بابن شقيقه، محمد شبانة، ليحدثنا عن علاقته بعمه، ومشاكل عائلة حليم مع شركة «صوت الفن» التى تحصل على ٤٠ مليون دولار سنويا،ً فى حين أن نصيب ورثته لا يتعدى منها سوى ٢١ ألف جنيه فقط، حسب كلام «شبانة»، الذى طالب الرئيس السيسى بمنح حليم قلادة النيل، فإلى نص الحوار:

 

 

كيف ترى عبدالحليم حافظ بعد مرور ٤٠ عاماً على رحيله؟

أرى أن العندليب الأسمر لازال يغرد منفرداً، فلم أجد حتى الآن أى فنان فى حجم موهبة حليم ولا إحساسه، وهذا بعيداً عن موهبة كوكب الشرق أم كلثوم، والموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب، فموهبتهما لا تقل عن موهبة عمى عبد الحليم الغنائية التى ارتبط بها الناس قبل ارتباطهم بأم كلثوم، وأرى أن محبته داخل قلوب الشعب المصرى أكثر من أى مطرب آخر، والدليل ما شاهدناه من انتحار بعض الناس حزناً على فراقه، وهذه المحبة من عند الله سبحانه وتعالى نتيجة المرض والشقا واليُتم والصبر والكفاح، فعمى كان يعمل مدرساً ومضطراً للسفر لعدة محافظات للحصول على لقمة العيش والحمد لله بعد كل هذه المعاناة اكتسب أفضل شيء فى حياته حب الناس وهى نعمة لا تقدر بثمن، هذا بخلاف المجد والشهرة، والحمد لله على كل شئ.

حدثنا عن حليم الإنسان وذكرياته مع الأسرة والناس؟

عبدالحليم قلب يمشى على رجلين، فأنت تشاهده يغنى وغناؤه مؤثر وفنان رقيق، ولكن كإنسان يشعر بآلام الناس جيداً، حيث كان يتألم عندما يرى شخصاً مكسوراً وفى أشد الاحتياج للمال، وربما حرمانه من الأم والأب هو الذى جعله يشعر بهذه الآلام وكان يعوض هذا الحرمان فى أشقائه بحيث لا يمكن أن يشاهد شقيقه يحتاج شيئاً إلا ويقدمه له، وكذلك الناس كانت لهم معزة خاصة فى قلب حليم، وأنا شخصياً لمست ذلك من خلال زياراتى لبعض الأماكن، فعندما يعلمون أننى ابن شقيق عبدالحليم يتحدثون عن الخير الذى كان يقدمه لهم على مدار حياته، ومنزل عبدالحليم كان مفتوحاً لكل أصدقائه، وأذكر أن أحدهم قام بزيارتنا ولمح لعمى أنه يحتاج مبلغاً من المال، فقال له عبدالحليم أحتاج أن تسلفنى مبلغا من المال، فتعجب الرجل، وبعد دقائق أخذه عمى على انفراد وقال له اذهب إلى هذا الدرج ستجد مبلغاً من المال خذه وإذا احتجت أى مبالغ أخرى أبلغني، فنحن أصدقاء وأخوة.

وعبدالحليم حافظ هو الذى أنشأ جامعة الزقازيق من خلال تبرعه بأموال ٥ حفلات، وكان له الفضل فى إنشاء الوحدة الصحية لقرية الحلوات ودخول الكهرباء إلى القرية، بالإضافة إلى حفلاته التى كان يغنيها للمجهود الحربى للقوات المسلحة، فليست أم كلثوم وحدها التى كانت تساند الجيش المصرى من خلال حفلاتها التى كانت تطوف بها البلاد العربية، عبدالحليم أيضا كان يساهم فى ذلك، ولدى الدليل على ذلك وهى خطابات الشكر التى قدمها له الرئيس جمال عبدالناصر لمساندته للجيش المصرى فى ضحايا العدوان الثلاثى على مصر، بخلاف غنائه على الجبهة وسفره مع قواتنا المسلحة فى حرب اليمن، وأشياء كثيرة تحسب للعندليب لوقوفه بجانب مصر فى كل المواقف، ويكفى أنه الفنان الوحيد الذى كتب تاريخ وطنه بصوته، وهذا لم يحدث لأى مطرب على مستوى العالم.

أما عن إنسانياته لأبناء بلده قرية الحلوات، فكان يخرج شهريات لبعض أبناء القرية، وكان والدى يوصلها بنفسه لبعض الناس، كما كان سائقه الخاص يوصل مساعداته لبعض المعوزين، وهناك مساعدات أخرى كان عبدالحليم هو الذى يشرف عليها بنفسه، وبعد وفاته علمنا أنه كان يقدم خيراً كثيراً لأبناء الحلوات فى السر، وربنا يجعله فى ميزان حسناته.

كيف كان يتعامل معك خاصة أنك الولد الوحيد فى العائلة؟

كنت الطفل الوحيد الذكر فى عائلة شبانة، وكان عمرى ٥ سنوات، لذلك كنت أتعامل معاملة خاصة، فكل يوم نذهب من منزلنا فى العجوزة للزمالك، ولا نترك عمى حليم إلا فى وقت النوم، ومن شدة حبه لى كان يجعلنى أتناول طعام الإفطار معه، وأنا الوحيد الذى كنت أصاحبه فى البروفات وحتى فى اثناء اللبس، وكان عندما يفصل لنفسه مثلا جلبابا مغربيا يصنع لى من نفس القماش جلباباً صغيراً، وأذكر أنه فى أحد الأيام تسببت فى تحطيم عوده الخاص عندما حاولت الإمساك به للعزف عليه، ووقتها لم يغضب، بل على العكس ابتسم واتصل بالعواد ليطلب منه صنع عود خاص بي، عمى حليم تحمّل شقاوتى كثيراً، وكنت سبباً فى أن تفوته الطائرة مرات عديدة بسبب شرائه أشياء لى من السوق الحرة، والحمدلله أنجبت عبدالحليم وعبدالله وزينة وهيا شبانة.

ماذا تعلمت من عبدالحليم حافظ؟

لم أتمكن من التعلم منه كشخص ولكن عندما كبر والدى وعمتى ووالدتى كانوا يذكروننى ببعض الصفات المتشابهة بينى وبين عمى حليم، وأذكر عندما كنت صغيراً حاولت أن أغنى وكان يختبئ خلف الباب ليسمعني، فكنت أقلده فى إحدى أغانيه وأغنى «ميل وحدف منديله»، فكان يضحك كثيراً ويضمنى فى حضنه.

لماذا لم تكمل مشوارك الغنائي؟

للأسف مشاكل شركة «صوت الفن» معنا لم تنته، ونحن نحارب من أجل حقوقنا لديهم منذ ١٧ عاماً، حيث يحصل القائمون على هذه الشركة على ٤٠ مليون دولار فى العام، نصيبنا منها ٢١ ألف جنيه مصرى فقط حتى الآن.

ألا ترى أن مبلغ ٤٠ مليون دولار مبلغ كبير فى السوق الغنائي؟

أغانى عبد الحليم توزع فى كل أنحاء العالم وليس مصر والدول العربية فقط، والغريب أن هذا المبلغ اكتشفناه بالصدفة لأن العقود لم تظهر للنور إلى عام ٢٠٠٦، حيث إن أحد الأشخاص قام باستئجار شركة صوت الفن من الحارس القضائى بمليون جنيه فى العام، وللأسف يستغل عدم خلفية الحارس القضائى بقيمة فن عبدالحليم ويقوم بتأجيرها لإحدى شركات الإنتاج فى دبى بمبلغ ٤٠ مليون دولار سنويا، ولم نحصل على نصيبنا من هذه الشركة إلا على مبلغ ٢١ ألف جنيه مصري، فالحارس القضائى يحرمنا من حصولنا على حقوقنا فى شركة «صوت الفن»، ونحن نحارب فى هذه القضية لأكثر من ١٧ سنة داخل المحاكم، وفى النهاية لم نتمكن من الحصول على شيء.

ما التكريم الذى تنتظره أسرة عبدالحليم من الدولة المصرية الآن؟

الرئيس عبدالفتاح السيسى رجل غير عادي، فهو يعمل ليل نهار من أجل الوطن ويتمنى أن تكون مصر فى مصاف الدول العظمى، لذلك أطالبه بتطهير الفن من الدخلاء وسن قوانين يحصل من خلالها أصحاب الحقوق على حقوقهم، وللأسف حق الأداء العلنى يطبق فى معظم دول العالم ونحتاج أن يطبق فى مصر، فنحن أسرة الفنان عبدالحليم حافظ نتمنى أن يطبق هذا القانون سريعاً.

وعلى الجانب الآخر أرى تلوثاً كبيراً فى الساحة الغنائية، والذوق العام اختلف، وأحد أسباب تراجع الفن المصرى هو توقف الدولة عن الإنتاج، والذى ساعد القطاع الخاص أن يحتل الساحة الغنائية وتصديره لأغان متدنية المقصود منها الربح وليس تقديم فن راق، كما كان يحدث فى الماضي، فالفن هو القوى الناعمة للدولة المصرية، وأذكر عندما كانت هناك خلافات بين مصر والدول الأخرى كان الفن له دور فى تقريب وجهات النظر، وذلك من خلال الشعوب عندما تتلاقى مع بعضها البعض، ونأمل أن يعاد النظر فى بعض القوانين، ويكون الحارس القضائى على القضايا الفنية من نفس التخصص لسرعة إنهاء الإجراءات.

هل أسرة حليم تحتاج تطبيق حق الأداء العلنى فى الوقت الحالي؟

بكل تأكيد، فنحن منهوبون منذ ١٧ عاماً، ولدينا عروض كثيرة يمكن أن تدر لنا دخلاً، منها عمل متحف لعبدالحليم حافظ فى الدول العربية نحصل من خلاله على مبالغ مالية كثيرة، وأتمنى أن نحصل على هذا الحق.

الراحل وجدى الحكيم عرض فكرة إقامة معرض متنقل للعندليب الأسمر والبداية كانت فى دولة الكويت.. هل هذا المشروع مازال قائماً؟

ليست دولة الكويت فقط هى التى تسعى لعمل معرض لعبدالحليم حافظ، العديد من الدول العربية الأخرى كالإمارات والسعودية، وغيرهما من الدول تسعى أن تقيم متحفاً خاصاً بمقتنيات العندليب وعرضها للجمهور، ومن خلال منبركم أطالب الرئيس السيسى منح عبدالحليم قلادة النيل تقديرا على ما قدمه من أجل الوطن وخاصة الجيش المصري.

ما الذى تريد أن تقدمه الدولة لعبدالحليم فى ذكراه الأربعين؟

- أتمنى أن تتبنى الدولة والقطاع الخاص معا فكرة عمل متحف، ليس لعبدالحليم حافظ، فقط بل لكل الأشخاص الذين أثروا فى الوطن العربي، سواء الرؤساء والكتاب والفنانين والرياضيين والأطباء والعلماء وعمل كتيب صغير لتعريف الناس بما قدمه كل هؤلاء للوطن، فلو حدث ذلك سيكون أعظم تكريم، بخلاف العائد المادى الذى سيعود على الجميع.