كشفت تحقيقات نيابة أمن الدولة في قضية رشوة الشركة القابضة للصناعات الغذائية التي أحالها النائب العام للمحاكمة، تفاصيل وملابسات احتساب قيمة الرشوة بزيادة سعر المنتجات لصالح المتهم الأول مناصفة مع 3 متهمين وتحميلها على سعر البيع للمواطن، في مقابل إسناد التوريدات المباشرة لشركات وسرعة صرف مستحقاتها المالية جراء تلك التوريدات، كما طلب رئيس مجلس الإدارة السابق كريمته وظيفة في إحدى الشركات بمرتب 20 ألف جنيه، بالإضافة إلى خاتم من الألماس بقيمة 25 ألف جنيه هدية زفافها، وتأجير سيارة لعقد زفاف كريمته وجهاز تلفاز ومعدات صوت رقمية.
وقرر النائب العام المستشار نبيل صادق إحالة رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الغذائية السابق، وآخرين إلى محكمة الجنايات لاتهامه بطلب وتقاضي عطايا تمثلت في مبالغ مالية وفوائد لنفسه ولغيره على سبيل الرشوة؛ مقابل أدائه أعمال وظيفته وقيام بقية المتهمين بتقديم العطايا والفوائد على سبيل الرشوة والتوسط في تقديمها.
وباشرت نيابة أمن الدولة العليا تحقيقاتها فيما أسفرت عنه تحريات هيئة الرقابة الإدارية أن رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الغذائية قد طلب وأخذ مبالغ مالية على سبيل الرشوة من نائب مدير مبيعات شركة (جرين لاند جروب)، وصاحب شركة (الفرح للتجارة والتوزيع) بوساطة سكرتير مكتب رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة الذي كان قد طلب أيضا مبالغ مالية على سبيل الرشوة من صاحب شركة (دلة مصر) بوساطة كل من مستشار وزارة التموين والتجارة الداخلية لشؤون الاتصال السياسي، والمستشار الإعلامي لوزارة التموين والتجارة الداخلية؛ مقابل تسهيل إجراءات إسناد عمليات توريد السلع الغذائية لتلك الشركات، وموافقة على صرف مستحقاتها المالية الناشئة عن التوريد.
وكشفت تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا، أنه جرى الاتفاق بين الوسطاء والمتهمة مالكة شركة (دلة مصر) على تقديمها مبالغ الرشوة احتسابا من الكميات التي سيتولى المتهم الأول إسناد توريدها إلى شركتها على أن تتقدم شركتها إجراءات الإسناد لدى لجنة الشراء المباشر بعرض سعر تزيد قيمته على 14.5 جنيه كثمن للعبوة الواحدة؛ ليأخذ المتهم الأول فارق ما زاد على تلك القيمة لنفسه على سبيل الرشوة، بينما أبلغ الوسطاء المتهم الأول اعتزام المتهمة التقدم بعرض سعر بقيمة 15.5 جنيه كثمن للعبوة الواحدة (خلافا للحقيقة)،
و قد جرى الاتفاق على اقتسام مبلغ الرشوة مناصفة فيما بينهم؛ ليحصل هو على نصف المبلغ، بينما يجري تقسيم النصف الآخر بين ثلاثتهم، إضافة إلى استئثارهم بمبلغ جنيه واحد عن كل عبوة موردة، نظير توسطهم وسعيا لزيادة أرباحهم من اتفاقات الرشوة.
وأوضح عضو الرقابة الإدارية خلال التحقيقات، أن المتهم الأول باشر بنفسه إجراءات الإسناد بلجنة الشراء المباشر بالشركة، وأسند إلى شركتي المتهمة توريد 3 ملايين و600 ألف عبوة بقيمة 16.25 جنيه للعبوة الواحدة ليتحدد على إثر ذلك مبلغ الرشوة بمليون و700 ألف جنيه.
وأضاف، أن المتهم الأول عجل صرف المستحقات المالية لشركتي المتهمة على دفعات متتالية، وقامت الأخيرة بتسليم مبالغ الرشوة في أعقاب صرفها تلك المستحقات؛ حيث كلفت الشاهد التاسع بتسليم مبالغ الرشوة دون علمه بطبيعتها إلى المتهم التاسع الذي توسط في تَسلُمها ومن ثم تسليمها للمتهمين الثالث والرابع والثامن؛ ليتولوا بدورهم اقتطاع أنصبتهم منها وتسليم المتهم الأول دفعات من المبالغ محل طلبه.
وجاء خلال التحقيقات إقرار كل من مالكة شركة (دلة مصر)، وإقرار كل من مستشار وزارة التموين والتجارة الداخلية لشؤون الاتصال السياسي، ومستشار الوزارة الإعلامي، ومالكي شركة (أرزاق للتجارة والتوريدات العمومية)، وصاحب شركة (الفرح للتجارة والتوزيع)، ومدير مبيعات شركة (جرين لاند جروب) ونائبه بالتحقيقات، ومن خلال التسجيلات الهاتفية المأذون بها وشهادات الشهود والمستندات والمبالغ المالية المضبوطة عن طلب رئيس الشركة القابضة للصناعات الغذائية السابق من مالكة شركة دلة مصر مبلغ 2.7 مليون جنيه، وأخذه مبلغ 224 ألف جنيه على سبيل الرشوة مقابل إسناد عمليات توريد منتجات شركتها إلى الشركة رئاسته، وسرعة صرف المستحقات المالية الناشئة عن التوريد.
كما تضمنت التحقيقات طلب المتهم الأول رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الغذائية من مالكي شركة (أرزاق للتجارة والتوريدات العمومية) مبلغ 7 ملايين و500 ألف جنيه، أخذ منه مبلغ 375 ألف جنيه على سبيل الرشوة مقابل إسناد عمليات توريد منتجات شركتهما إلى الشركة رئاسته، وسرعة صرف المستحقات المالية الناشئة عن التوريد، وكذا طلبه وأخذه من صاحب شركة (الفرح للتجارة والتوزيع) مبلغ 270 ألف جنيه وعطايا عينية بقيمة 61 ألف جنيه على سبيل الرشوة مقابل إسناد عمليات توريد منتجات شركته إلى الشركة القابضة للصناعات الغذائية وسرعة صرف المستحقات المالية الناشئة عن التوريد.
كما كشفت التحقيقات، عن طلبه وأخذه عطايا عينية أخرى بقيمة 28 ألف جنيه من مدير مبيعات شركة جرين لاند جروب، وطلبه لكريمته قلادة من الذهب والألماس بقيمة 24 ألف جنيه أخذتها الأخيرة، وطلبه تعيين كريمته بشركة (جرين لاند جروب) براتب شهري 20 ألف جنيه على سبيل الرشوة مقابل موافقته على صرف المستحقات المالية لشركته لدى الشركة رئاسته.
وثبت من التحقيقات حصوله على كسب غير مشروع بلغ مقداره 982 ألف جنيه نتيجة ارتكابه جرائم الرشوة.
واعترف المتهم الأول، خلال التحقيقات التي باشرتها نيابة أمن الدولة العليا أنه تولى رئاسة مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الغذائية في يوليو 2017 التي تعمل على تدبير احتياجات المواطنين من السلع التموينية والاستراتيجية من خلال عمليات توريد تلك السلع عبر الشركات المقيدة بسجلات الموردين بالشركة، والتي تختص لجنة الشراء المباشر بإتمام إجراءات إسنادها.
وقال إنه كرئيس مجلس إدارة الشركة يحق له حضور جلسات لجنة الشراء المباشر ووتوجيه أعضائها بشأن قبول عروض الأسعار المقدمة من الشركات المتقدمة للجنة، واعتماد صرف المستحقات المالية للشركات، الناشئة عن عمليات التوريد وفق سلطة تقديرية منح بمقتضاها ما مكنه من تعيين مقدار المبالغ المنصرفة لكل شركة على حدة وفقا لاعتبارات السيولة المتاحة لدى الشركة عمله.
وتابع أنه خلال سبتمبر 2017 جرى تعيين المتهم الثامن بالشركة القابضة ككاتب لدى مدير مكتبه، واختصاصه في هذا الإطار بالأعمال الخدمية التي يكلفه بها، وأنه كلفه بشراء خاتم الألماس قيمته 25 ألف جنيه اعتزم تقديمه لكريمته بمناسبة زواجها إذ سلم المبلغ آنف البيان للمتهم الثامن الذي استعان بالمتهم الخامس لانتقاء الخاتم.
وأضاف أنه تعرف بالمتهمين الثالث والرابع في أعقاب صدور قرار وزير التموين والتجارة الداخلية بتعيينهما مستشارين إعلاميين للشركة القابضة، وجمعت بينهم عدة لقاءات، منها لقاء بأحد المطاعم بمصر الجديدة دُعيت فيه المتهمة الثانية مالكة شركة (دلة مصر)، وقف من خلاله على صلتها بالمتهم الثالث واعتزامهما توريد منتجات شركتها من السلع الغذائية إلى الشركة عمله، والتي تقدمت بإجراءات الإسناد لتوريد منتجات شركتها إلى الشركة القابضة بعرض سعر قيمته 16.75 جنيه للعبوة الواحدة فحضر المتهم لتلك الجلسة ووجه رئيس اللجنة (الشاهد الرابع) لمفاوضتها بشأن السعر المقدم من شركتها طالبا تعديله إلى 16.25 جنيه للعبوة الواحدة فلاقى ذلك قبولا لديها، وجرى الإسناد إلى شركتها لتوريد كميات من سلع السمن بينما اختص المتهم الأول بالموافقة على صرف دفعات من مستحقات شركتها الناشئة عن التوريد.
وأوضح أن اللجنة باشرت إجراءات إسناد عمليات توريد كميات من سلع غذائية إلى كل من شركة الفرح للتوريدات المملوكة للمتهم الخامس وكذا شركة أرزاق للتوريدات المملوكة للمتهمين الثالث والرابع، بينما اختص باعتماد صرف مبالغ مالية من مستحقات الشركتين الناشئة عن التوريد.
كما أقر المتهم الأول بقيام شركة جرين لاند بعرض لتوريد بعض منتجاتها إلى الشركة القابضة وبسعي كل من المتهمين السادس والسابع إلى إنهاء إجراءات صرف مستحقات مالية متأخرة لدى الشركة عمله، بلغت قيمتها 85 مليون جنيه، نشأت عن عمليات توريدات تم تنفيذها لصالح الشركة القابضة، وبتردد المتهم السابع غير مرة على محل عمله سعيًا لتقديم طلبات بصرف جزء من تلك المستحقات المتأخرة.
وأوضح المتهم أن لقاء جمعه بالمتهمين السابع والثامن بمكتبه بالشركة أبلغه خلالها المتهم السابع بسعي ممثلي شركة جرين لاند جروب لتعيين كريمته بتلك الشركة، وطلب منه تسليم الأوراق اللازمة لإتمام إجراءات التعيين فوقف على أن تعيين كريمته فائدة قدمت بغرض الحصول على موافقته على صرف جزء من مستحقات الشركة المتأخرة فلاقى ذلك قبولا لديه.
وأقر بأن المتهم الثامن أبلغه اعتزام ممثلي شركة جرين لاند لقاءه وكريمته بغرض تقديم إحدى العطايا العينية له لمباركة زواجها؛ وتمهيدا لإتمام إجراءات تعيينها بالشركة ونفاذا لذلك دعي إلى لقاء بمطعم بالتجمع الخامس بحضور المتهمان السادس والسابع، والعضو المنتدب المالي بشركة جرين لاند.