الجمعة 27 سبتمبر 2024

في عيدها 67.. مبدعون من أصحاب البدلة الميري

24-1-2019 | 17:39

من الطبيعي أن يتسم رجل الشرطة بالجدية والحزم والإنضباط، فالفئة التي يتعاملون معها معظمها خارجة على القانون، وهناك بعض الحالات التي تثبت برائتها بعد التحري عنها، إذن فالجدية والحزم لابد أن يواجه بها من يهدد أمن المجتمع أو يروع الآخرون، ورغم تلك السمات التي تبدو على رجل الشرطة، فهو في الأصل إنسان لديه كل المشاعر الطبية والرأفة، ورصد التاريخ أن العديد من رجال الشرطة يمتلكون مواهب أخرى فنية وأدبية، وأشهرهم الفنان صلاح ذو الفقار ويليه الفنان عبد الخالق صالح ثم الكاتب ممدوح الليثي والشاعر مجدي النجار.

 

دموع صلاح ذو الفقار

ثلاثة أيام كاملة قضاها رائد الشرطة والأستاذ في كلية البوليس صلاح ذو الفقار، يحاول اتخاذ قرار إما أن يظل في وظيفته التي يحبها وإما أن ينخرط في عالم التمثيل، فمعظم إخوته كانوا ضباطاً في الحربية ووالده لواء في الشرطة، وقد اتجه شقيقاه محمود وعز الدين إلى مهنة الفن وعمل محمود ممثلاً ومخرجاً وأصبح عز الدين من أشهر مخرجي السينما، وكانت الميول الفنية تملأ وجدان صلاح شقيقهما الأصغر، فأثناء دراسته في كلية الشرطة كان يقضي أجازته في مشاهدة أفلام السينما .. وبعد أن تخرج صلاح في كلية الشرطة ضابطاً، مارس أول مهامه في مركز شرطة شبين الكوم لمدة أربعة أشهر انتقل بعدها ليعمل ضابطاً بمصلحة السجون لمدة عامان، ثم نال رتبة النقيب وعمل مدرساً في كلية البوليس .

 

وحدث أن طلبه شقيقه عز الدين ليقوم بدور في فيلمه الجديد "عيون سهرانة" مع الفنانة شادية، واستأذن عز الدين وزير الداخلية في أن يسمح لشقيقه بالتمثيل، وبالفعل قام صلاح بدور البطولة في الفيلم ثم قام بدور بارز أيضاً في فيلم "رد قلبي"، وفي 27 يونيه 1957 قدم صلاح ذو الفقار استقالته وكان قد وصل إلى رتبة الرائد، ولم يكن القرار سهلاً، فالشرطة هي عالم المثالية والإنضباط الذي يحبه والفن أيضاً عالم ساحر ملئ بالأضواء والشهرة، وبعد أن قدم صلاح استقالته ذهب إلى كلية الشرطة كي يسلم عهدته ويخلي طرفه، ولم يصدق زملائه وطلبة الكلية ما أقدم عليه الرائد صلاح الذي ظل متماسكاً ويحاول رسم الإبتسامة وهو يودعهم، وعند خروجه على باب الكلية أطلق لدموعه العنان .. فقد مضى في الشرطة أجمل سنوات عمره.

 

الرجل الأول .. لواء شرطة

لا يعلم الكثيرون أن من قام بدور الرجل الأول أو زعيم العصابة في فيلم "الرجل الثاني" هو اللواء عبد الخالق صالح، فقد ولد في 21 يونيه 1913 بالقاهرة، واثناء دراسته بالمرحلة الثانوية التحق بفرقة التمثيل وزامل الفنان فاخر فاخر وقدم معه العديد من المسرحيات المدرسية، والتحق بكلية الشرطة ليتخرج فيها، وكان قد نمى هوايته في التمثيل  بالمسرح العسكري، وفور تخرجه عمل ضابطاً بسلك الشرطة وتدرج بها حتى وصل إلى رتبة اللواء، وقد اختاره المخرج عز الدين ذو الفقار للقيام دور صغير في فيلم "الرجل الثاني" لكن العيون كانت تتوق لرؤية ذلك الممثل ، فالدور كان لزعيم عصابة يتسم بالذكاء الشديد، وقد ظهر اللواء عبد الخالق بكامل صورته في نهاية الفيلم، ويعتبر هذا الدور من أشهر أفلامه في السينما المصرية، وقد بلغت مجمل أفلامه 96 فيلماً منها في "بيتنا رجل" و"السلم الخلفي" و"ليل وقضبان" و"بداية ونهاية".. ورحل في 14 مارس 1978 وقد أورث الفن لنجله وأصبح من أشهر المخرجين وهو المخرج على عبد الخالق.

 

الليثي من الشرطة لنقابات المهن الفنية

تمتد رحلتنا من السينما إلى الأدب حيث نجد أحد ضباط الشرطة المهتمين بالصحافة والكتابة السينمائية وهو ممدوح الليثي الذي تخرج في كلية الشرطة عام 1960 ، وقد ظهرت ميلوه الأدبية أثناء دراسته في كلية الشرطة، فكتب القصة لمجلتي صباح الخير وروز اليوسف، وقدم المقال بجريدة الشعب ومجلة الشرطة، وبعد تخرجه عمل ضابطاً للشرطة بين القاهرة والفيوم حتى عام 1967 بعدها قدم استقالته ليتجه إلى عالم الكتابة والإنتاج السينمائي والتليفزيوني، فقد قام بكتابة السيناريو والحوار للعديد من الأفلام الشهيرة في السينما ومنها السكرية وثرثرة فوق النيل وميرامار وأميرة حبي أنا والكرنك .. أما في مجال التليفزيون فقد كتب أيضاً العديد من السيناريو والحوار وأنتج قرابة 72 مسلسلاً وفيلما تليفزيونياً أهمها الثعلب وأنا لا أكذب ولكني أتجمل وفوزية البرجوازية وفيلم أيوب والمدمن وعريس لفاطمة وضمير أبلة حكمت .. وتقلد عدة مناصب منها مدير عام الأفلام في التليفزيون ثم رئيس قطاع الإنتاج، وأصبح نقيباً للمهن السينمائية ثم أختير رئيساً لاتحاد النقابات الفنية.

 

عميد تفرغ للشعر الغنائي

أما الضابط مجدي النجار فقد ولد بالقاهرة في 23 سبتمبر 1956 والتحق بكلية الشرطة وتخرج فيها ليعمل ضابطاً من عام 1979 حتى عام 2004 حيث تقاعد من العمل برتبة عميد ليتفرغ لكتابة الشعر الغنائي وأصبح مفكراً متصوفاً وعين عضواً بلجنة النصوص الشعرية باتحاد الاذاعة والتليفزيون، وتزوج من الكاتبة عبير عبد الفتاح ، أما معظم أشعاره الغنائية فقد كتبها للفنان عمرو دياب وللفنان هاني شاكر ومحمد فؤاد وإيهاب توفيق وغيرهم من نجوم الفن الحاليين، وقد أصيب النجار بذبحة صدرية رحل على أثرها في 9 مايو 2014.